احتلال مصر.. لماذا نجح البريطانيون فيما أخفق فيه الفرنسيون؟
تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT
في صيف عام 1798 تمكنت القوات الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت من دخول مصر، لقد سحقت هذه القوات عساكر المماليك في العديد من المعارك كان أشهرها وآخرها معركة الأهرام.
بقي الفرنسيون في مصر لمدة 3 سنوات تالية، ورغم هزيمة المماليك وهروب أكثرهم إلى الصعيد والسودان، واجه الفرنسيون مقاومة عنيفة وغير متوقعة من كافة طبقات المجتمع.
وكما أوضح مؤرخ ذلك العصر نقولا الترك إن شيوخ الأزهر أرسلوا منادين في شوارع القاهرة ليجتمع الناس في الجامع الأزهر ليبدؤوا في إعلان الثورة والمقاومة الشعبية ضد الفرنسيين.
ولئن تمكن الفرنسيون بمدافعهم وبنادقهم وآلاتهم العسكرية المتطورة بل وخيانة المعلم يعقوب القبطي والجيش الذي كوّنه لمساعدة الفرنسيين ودعمهم ضد أبناء وطنه؛ فإن النفوس ظلت متقدة غضبًا، وتتحرق شوقًا للثورة على الفرنسيين.
واشتعلت ثورة القاهرة الثانية في مارس/آذار 1800، وهي صفحة من صفحات المجد؛ إذ قبل ذلك بساعات قليلة كان الفرنسيون قد هزموا جيشًا عثمانيا قادما من إسطنبول لنجدة مصر.
ولكن كليبر وجيوشه المنتصرة حين عادت إلى القاهرة بعد المعركة مع العثمانيين فوجئوا بثورة عارمة استمرت 5 أسابيع مستمرة، كانت كما يقول المؤرخ والكاتب محمد جلال كشك: "أول ثورة في الشرق تواجه الاستعمار الغربي بهذا الشمول والصمود الذي دام أكثر من شهر كامل"، حيث انطلقت الجموع الثائرة إلى معسكرات الفرنسيين في حي الأزبكية ومقر قيادتهم الرئيسي بها.
كان عدد الثوار كما تقدّرهم مصادر الحملة الفرنسية بـ10 آلاف ثائر، قابلهم الفرنسيون بوابل من نيران المدافع والبنادق، فاضطر الثوار للتقهقر واحتلوا بعض المنازل المجاورة لميدان الأزبكية، وأطلقوا النار منها على المعسكر الفرنسي، وامتدت الثورة إلى كثير من النواحي وتضاعف عدد الثوار الذين انضموا إليها.
ونشط دعاة الثورة من الأزهريين الشبان الذين كانوا يحرّضون الأهالي على الانضمام إلى الانتفاضة، وامتلأت شوارع القاهرة وميادينها حتى بلغ عدد الثائرين والمقاومين 50 ألف شخص حاملين البنادق والأسلحة والعصي، وانضم إليهم كثير من النساء والأطفال، ويذكر الجبرتي أن "معظم أهل مصر ما عدا الضعيف الذي لا قوة له للحرب" اشترك في هذه الثورة.
كانت أحلام نابليون في مصر عريضة؛ فقد أرادها دُرة الإمبراطورية الفرنسية كما كانت الهند درة الإمبراطورية البريطانية، وكان الفرنسيون يعملون على الاستيطان الإحلالي كما فعلوا في الجزائر فيما بعد، فقد كتب كبير علماء الحملة الفرنسية مونج يقول "لو أن 20 ألف أسرة فرنسية استوطنت هذه البلاد ليعمل أفرادها بالمشروعات التجارية، والمؤسسات الصناعية؛ لأصبح هذا البلد أجمل مستعمراتنا وألمعها وأفضلها موقعًا".
ولكن هذه الأحلام راحت أدراج الرياح بسبب المقاومة الشعبية المصرية الباسلة؛ فضلا عن التحالف البريطاني العثماني الذي جرّع الفرنسيين الهزيمة في معارك الشام والإسكندرية، فكسر كثيرا من قوتهم العسكرية، واضطرهم في نهاية المطاف للانسحاب مدحورين عائدين لبلادهم.
البريطانيون يحتلون مصروإذا كانت هذه الحملة قد فشلت، فإنها في الوقت نفسه لفتت الأنظار إلى الموقع الإستراتيجي لمصر، وكشفت للبريطانيين خاصة أن مصر هي عُنق الهند الذي يمكن أن تخنق به الإمبراطورية، وأصبحت هذه الحقيقة أشد وضوحًا عند افتتاح قناة السويس بعد 68 عامًا من انسحاب الفرنسيين من مصر، الأمر الذي جعلهم يتخذون إستراتيجية طويلة الأمد في إخضاعها لهم في نهاية الأمر.
لقد عمل البريطانيون في هذه الإستراتيجية على تحطيم القوة البشرية والعسكرية لمصر في حملات فريزر ومعركة نفارين في اليونان التي دمّرت الأسطول المصري، ثم بعد حفر قناة السويس وتعثّر الخديوي إسماعيل في دفع فوائد الديون التي أخذها من البنوك الأوروبية وجدت بريطانيا الفرصة سانحة للاستيلاء على النصيب الأكبر من أسهم قناة السويس، وكما يقول الكاتب البريطاني هـ.ل.فيشر، كانت بريطانيا "كمن تعثّرَ صُدفة في ثروة ضخمة ظلّ غيره يكدحُ فيها (فرنسا) فالتقطها هو ببساطة".
وبعد ذلك دمر البريطانيون الجيش المصري في معارك الإسكندرية وكفر الدوار ثم كانت قناة السويس المعبر الذي دخلت منه الأساطيل البريطانية ليتم القضاء نهائيا على قوات أحمد عرابي وزير الحربية المصري الوطني، وكذلك على المقاومة الباسلة للجيش والشعب على السواء في سرعة لافتة.
وهو أمر جعل بعض المؤرخين والمفكرين يقفون متسائلين حول أسبابه؛ لماذا فشل الفرنسيون في احتلال مصر وبقوا فيها 3 سنوات فقط، بينما بقي البريطانيون فيها 70 سنة؟!
يجيب المفكر جمال حمدان عن هذا التساؤل بشيء من التأمل والتحليل فيقول إن بريطانيا كانت قد تلقت درسًا من المقاومة الشعبية في بداية القرن التاسع عشر في حملة فريزر حيث هُزمت قواتها حتى انسحبت في رشيد.
وحين عادت بعد 80 عاما نزلت أولا بالإسكندرية في صيف 1882، لكنها تلقّت الدرس ثانية في كفر الدوار حيث عجزت عن التقدم، ثم استدار الاحتلال إلى بورسعيد والقناة ليطعن مصر من الخلف بعيدًا بقدر الإمكان عن كتلة كثافة السكّان الرئيسية وعن أكثف إمكانيات المقاومة الشعبية.
وكانت فرنسا التي تسيطر على إدارة القناة قد خدعت الجيش المصري حين قالت إنها ستقف على الحياد ولن تفتح القناة أمام الأساطيل والجيوش البريطانية، ودخل الإنجليز وهزموا جيش أحمد عرابي في معركة التل الكبير في سبتمبر/أيلول 1882.
وعلى هذا فإن إستراتيجية البريطانيين في دخول مصر آثرت المجيء من الشرق بعيدا عن السُّكان، بينما دخل الفرنسيون من الغرب من الإسكندرية ودمنهور حتى إمبابة وكلها مناطق شعبية كبّلت الفرنسيين عن سرعة التحرك.
ويضيف جمال حمدان في كتابه "شخصية مصر" قائلا "ولو قد ردمت العُرابية (قوات الجيش بزعامة القائد أحمد عرابي) قناة السويس لسدّت الطريق على الأسطول البريطاني ولربما تغيّر مصير الغزو والمعركة ومصر جميعًا".
يتأمل حمدان أيضًا في التنافس الفرنسي البريطاني على تركة مصر طوال القرن التاسع عشر، وأن البلاد كانت مستفيدة منه سواء في زمن الاحتلال الفرنسي بقيادة نابليون أو في الـ25 عاما الأولى للاحتلال البريطاني، ولكن اتفاقهم في نهاية المطاف فيما عُرف "الاتفاق الودي" سنة 1904 الذي بمقتضاه أُطلقت يد بريطانيا في مصر، في مقابل إطلاق يد فرنسا في المغرب الأقصى "مراكش" جعل الصراع الإمبريالي يُحسم لصالح البريطانيين.
وكانت لتربع الإنجليز في مصر آثار كارثية على الشرق الأوسط بل وأفريقيا؛ فقد تحوّلت البلاد إلى أكبر قاعدة حربية للإمبراطورية البريطانية عبر البحار، وثانية أكبر مستعمراتها بعد بريطانيا.
وخلال الحربين العالميتين تحوّلت مصر إلى أرض معركة رئيسية بل ونقطة تحول حاسمة في مصيرهما ابتداء من سيناء والحملة العثمانية الأولى والثانية في عامي 1915 و1916 لاسترداد مصر من البريطانيين، وانتهاء بمعارك العلمين في الحرب العالمية الثانية والتي أدّت إلى كسر قوات المحور (الألمان والإيطاليين) واندحارهم من الشرق الأوسط.
والأخطر من ذلك أنها تحولت لتصبح خزّانًا بشريًّا ضخمًا؛ فقد استغل البريطانيون الكثافة السكّانية في مصر لدعم نفوذهم وقواتهم وقت السلم ووقت الحرب، على غرار ما كانت تعمل فرنسا في الجزائر والسنغال كبديل عن نقص القوة البشرية في جيوشهم.
وأبسط وأبشع مثال على ذلك فرقة "العمال المصرية" أو أنفار السلطة، وهؤلاء انتزعهم البريطانيون قسرًا من بين الفلاحين وأبناء مصر وحشدتهم أثناء الحرب العالمية الأولى تحت ظروف أسوأ من عصور السخرة والكرباج، في معارك سيناء وفلسطين والعراق وجزيرة مودروس ببحر إيجة وفي الجبهة الفرنسية.
وفي كتابه "فيلق العمل المصري" يرصد المؤرخ الأميركي كايل أندرسون التقنيات التي استخدمها الإنجليز في إجبار الفلاحين المصريين على التجنيد في فرق الجيش البريطاني على مختلف الجبهات، وسنرى أن الموظفين المصريين والبريطانيين الذين كُلّفوا بتجميع هؤلاء العمال من القرى والحقول كانوا يستخدمون أساليب الشدّة والسُّخرة.
وجاء في تقرير رُفع للمندوب السامي في مصر في مايو/أيار 1916 أن "المآمير (ضباط الشرطة) والعُمَد (المخاتير) يستخدمون الإكراه المحض لأجل تحقيق أرقام تجنيد جيدة".
وصدرت في صيف عام 1918 تعليمات للمفتشين البريطانيين تحظر ممارسة خطف الرجال من الطرقات، ولكن استمر نمط التجنيد هذا حتى وصل إلى حد خطف الشباب وهم يمشون مطمئنين وإرسالهم إلى الحرب.
وبلغ عدد الفلاحين والجنود المصريين الذين أجبرتهم بريطانيا على دخول الحرب العالمية الأولى كجنود أو عُمّال في خدمة الجيش إلى أرقام ضخمة تُقدر ما بين 250 إلى 500 ألف مصري، بل بلغ تقدير المؤرخ الإنجليزي بي. جي. إلجود في كتابه "مصر والجيش" إلى رقم لا يكاد يُصدّق وهو مليون و170 ألف شخص لم يعُد بعضهم إلى الوطن، وكانت الخسائر في الأرواح فادحة.
ومن مصر أيضًا لم تشدد بريطانيا هيمنتها على الهند والشرق الأقصى فقط، بل اتخذتها قاعدة هجومية لمزيد من التوسع الاستعماري الدائري في الشرق الأوسط.
فكما اتخذت فرنسا من الجزائر قاعدة ارتكاز دوّارة للتوسع الاستعماري شرقا في تونس وغربا في المغرب، اتخذت بريطانيا من مصر قاعدة مماثلة يصفها جمال حمدان بـ"الصينية" (الدائرية) زحفت منها جنوبًا إلى السودان ثم شمالا إلى فلسطين والأردن ثم استدارت منها فيما بعد غربا إلى ليبيا، وكان التوسع البريطاني في فلسطين والأردن سببا في اتصال مستعمراتها من مصر والسودان (البحر المتوسط) إلى العراق والخليج.
يُرجع جمال حمدان السبب الرئيسي في الهزيمة السريعة للمصريين وقت دخول المحتل البريطاني إلى خيانة الخديوي توفيق وحكومته وتواطئه مع البريطانيين ضد الجيش المصري بقيادة الزعيم أحمد عرابي، ولكن ثمة أمورا لافتة حصلت ما بين خروج الحملة الفرنسية من مصر عام 1801 ودخول المحتل البريطاني عام 1882.
لقد أدرك المؤرخ والمفكر طارق البشري أن نقطة التحول في التغيير الدرامي الذي حصل للشخصية المصرية كان بعد فشل الحملة البريطانية بقيادة الجنرال فريزر على مدينة رشيد سنة 1807، والتي كانت تهدف إلى دخول مصر واحتلالها وطرد محمد علي وإعادة المماليك لحكم البلاد.
فعلى الرغم من المقاومة الباسلة للمصريين في رشيد، وهي المقاومة التي تشبه ما حدث في ثورتي القاهرة الأولى والثانية (1798 و1800) ضد الفرنسيين، فإن محمد علي باشا أدرك خطورة حمل الشعب المصري للسلاح وعندها أمر بحظر حمل السلاح إلا للجنود فقط، وأن يتحمل الشعب "علوفة" الخيل وحيوانات الحرب وفقط.
وكما يقول الجبرتي في تاريخه "وليتَ العامة شُكروا على ذلك (مقاومة الإنجليز في رشيد) أو نُسب إليهم فعل، بل نُسب كل ذلك للباشا وعساكره، وجُوزيت العامةُ بضدّ الجزاء بعد ذلك".
وفي أوائل القرن العشرين وقف مفتي الديار المصرية الشيخ محمد عبده (ت 1905) موقف المتأمل في طبيعة الشخصية المصرية، والتغييرات النفسية العميقة التي حصلت فيها طوال القرن التاسع عشر والتي أدت إلى انكسارها، بحيث انقلبت من مقاومة المحتل الفرنسي إلى خانة المشاهد للاحتلال البريطاني.
فكتب الشيخ يقول "ما الذي صنع محمد علي؟ لم يستطع أن يُحيي، ولكن استطاع أن يُميت. كان معظم قوة الجيش معه، وكان صاحب حيلة بمقتضى الفطرة.. فأخذ يستعين بالجيش، وبمن يستميله من الأحزاب على إعدام كل رأس من خصومه، ثم يعود بقوة الجيش وبحزب آخر على مَن كان معه أولاً، وأعانه على الخصم الزائل، فيمحقه.. وهكذا".
ويكمل محمد عبده سرده "حتى إذا سُحقت الأحزاب القوية، وجَّه عنايته إلى رؤساء البيوت الرفيعة، فلم يدعْ منها رأسًا يستتر فيه ضمير (أنا) واتخذ من المحافظة على الأمن سبيلاً (ذريعة) لجمع السلاح من الأهلين، وتكرر ذلك منه مرارًا حتى فسد بأسُ الأهالي، وزالت مَلَكة الشجاعة منهم، وأجهَز على ما بقي في البلاد من حياة في أنفس بعض أفرادها، فلم يبقَ في البلاد رأس يعرف نفسه حتي خلعه من بدنه أو نفاه مع بقية بلده إلى السودان فهلك فيه".
ويختتم رسالته قائلا: "أخذ يرفع الأسافل ويعليهم في البلاد والقرى، كأنه كان يحن لشبه فيه ورثه عن أصله الكريم حتى انحطَّ الكرامُ، وساد اللئام، ولم يبقَ في البلاد إلا آلات له يستعملها في جباية الأموال وجمع العساكر بأية طريقة، وعلى أي وجه.. فمَحق بذلك جميع عناصر الحياة الطيبة من رأي وعزيمة واستقلال نفسي؛ ليصير البلاد المصرية جميعها إقطاعًا واحدًا له ولأولاده، على أثر إقطاعات كثيرة كانت لأمراء عدة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المقاومة الشعبیة الشرق الأوسط الجیش المصری قناة السویس الإنجلیز فی أحمد عرابی جمال حمدان فی البلاد محمد علی فی مصر من مصر
إقرأ أيضاً:
غزة على المحك.. تحولات دولية ومخططات احتلال تهدد المستقبل
تتصاعد الأزمات في قطاع غزة على وقع تحولات دولية جديدة، حيث تستعد دول كبرى للاعتراف بالدولة الفلسطينية، في ظل عزلة دبلوماسية متزايدة لإسرائيل وتصاعد الأزمة الإنسانية وسط مخاوف من مخطط احتلال شامل،وسط هذه التطورات، تتوالى شهادات عن انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، بينما تبقى أنظار العالم شاخصة نحو تسوية سلمية تبدو أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
في السياق، كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الخميس، عن رأيه بشأن أسرع طريقة لإنهاء الأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة.
وقال ترامب، عبر منشور على صفحته الرسمية في منصة “تروث سوشيال”، إن “الطريق الأسرع لإنهاء أزمة غزة هي استسلام حركة حماس، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين من القطاع”.
البرتغال تعلن نيتها التشاور مع الرئيس والبرلمان بشأن الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر
أعلن مكتب رئيس الوزراء البرتغالي، لويس مونتينيغرو، اليوم الخميس، أن الحكومة البرتغالية ستبدأ مشاورات مع الرئيس والبرلمان بشأن مسألة الاعتراف بدولة فلسطين في الأمم المتحدة خلال شهر سبتمبر المقبل.
وأضاف البيان أن البرتغال “تدرس الاعتراف بالدولة الفلسطينية كجزء من إجراء قد يُختتم خلال الأسبوع الرفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة الثمانين”، والذي من المقرر عقده في نيويورك في سبتمبر، وفقًا لما نشرته صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.
وزير الخارجية الألماني: إسرائيل تواجه عزلة دبلوماسية متزايدة بسبب أزمة غزة وحان وقت الاعتراف بدولة فلسطين
صرّح وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول، اليوم الخميس، أن إسرائيل تعاني من عزلة دبلوماسية متزايدة نتيجة الأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، مشيرًا إلى تغيّر المواقف الدولية تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وفي تصريحات نشرتها صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، قال فادفول قبيل توجهه إلى إسرائيل في زيارة رسمية تستمر يومين، إن تل أبيب باتت تمثل “أقلية” على المستوى الدولي فيما يخص موقفها من القضية الفلسطينية، لا سيما بعد نتائج مؤتمر الأمم المتحدة الأخير الذي ناقش حل الدولتين، وشاركت فيه معظم الدول الكبرى، باستثناء الولايات المتحدة وإسرائيل.
وأكد فادفول أن المؤتمر كشف بشكل واضح مدى عزلة إسرائيل على الصعيد الدولي، داعيًا إلى بدء عملية الاعتراف بالدولة الفلسطينية، موضحًا أن “الاعتراف الرسمي يجب أن يكون جزءًا من مفاوضات شاملة تهدف إلى تنفيذ حل الدولتين”.
وأضاف: “حل الدولتين المتفاوض عليه هو السبيل الوحيد الذي يمكن أن يوفر للفلسطينيين والإسرائيليين حياة يسودها السلام والأمن والكرامة”، مؤكدًا التزام ألمانيا بهذا الإطار الدولي.
في السياق ذاته، أعلن رئيس الوزراء الكندي، مارك كارني، اليوم الخميس، أن كندا ستعترف بدولة فلسطين رسميًا خلال الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة المقررة في سبتمبر 2025.
وأوضح كارني أن القرار جاء بشكل مستقل عن موقف الولايات المتحدة، وقال خلال مؤتمر صحفي: “كندا تتخذ قراراتها في السياسة الخارجية باستقلالية، وحين نرى أن الوقت مناسب لاتخاذ خطوة ذات تأثير، نتحرك”.
وأشار إلى أن الاعتراف بدولة فلسطين هو خطوة ضرورية لإحياء حل الدولتين، والذي شهد تراجعًا خطيرًا خلال السنوات الأخيرة.
“أكسيوس”: أستراليا ونيوزيلندا تعتزمان الانضمام للدول التي تنوي الاعتراف بالدولة الفلسطينية
ذكر موقع “أكسيوس” أن حليفتي الولايات المتحدة، أستراليا ونيوزيلندا، تعتزمان الانضمام إلى الدول التي ستعلن اعترافها بالدولة الفلسطينية خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأوضح الموقع أن بالإضافة إلى فرنسا والمملكة المتحدة وكندا، هناك عدة دول أخرى تدرس أيضًا مسألة الاعتراف بفلسطين خلال الجمعية العامة.
ومن بين هذه الدول حليفان رئيسيان للولايات المتحدة، وهما أستراليا ونيوزيلندا، كما أعلنت فنلندا والبرتغال ولوكسمبورغ، أعضاء الاتحاد الأوروبي، أنها تدرس اتخاذ هذه الخطوة، بينما أعلنت مالطا عزمها الاعتراف بفلسطين.
وأشار الموقع إلى أن حوالي ثلاثة أرباع دول أعضاء الأمم المتحدة تعترف بالفعل بفلسطين.
مرصد الأزهر يحذر من مخطط إسرائيلي خطير وقابل للتنفيذ تجاه غزة
أصدر مرصد الأزهر الشريف تحذيراً من خطة إسرائيلية متطرفة تتعلق بمستقبل قطاع غزة، مستنداً إلى تقرير صادر عن معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي (INSS).
وأكد المرصد أن هذا التقرير، الذي أعده خبراء أمنيون بارزون مثل كوبي ميخائيل ويوسي كوبرفاسر، يمثل توجهًا قد تحظى بموافقة المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، مما يجعله قابلاً للتنفيذ في الوقت الحالي.
التقرير الإسرائيلي يقترح احتلال كامل قطاع غزة وفرض حكم عسكري مؤقت لمدة عامين، بهدف إعادة تشكيل الواقع السياسي والاجتماعي في القطاع، على غرار سياسة الاحتلال في الضفة الغربية المعروفة بـ”جز العشب”.
وأشار الأزهر إلى خطورة هذه الخطة التي ستؤدي إلى:
استمرار الحصار الخانق، والتحكم في دخول الغذاء والدواء، مما قد يؤدي إلى مجاعة أشد وطأة. تهجير داخلي واسع داخل القطاع، في ظل اكتظاظ المناطق الجنوبية. تحويل غزة إلى “سجن كبير” تحت ذريعة إنشاء “مدينة إنسانية”. إطالة أمد الحرب، وتكريس الاحتلال بدل إنهائه. تعميم العنف والقتل ضد الفلسطينيين، ليصبح أمرًا اعتيادياً.ودعا المرصد المجتمع الدولي إلى العمل الجاد لإنهاء ما وصفه بـ”حرب الإبادة”، ومواجهة مخططات الاحتلال التي تستغل مأساة الفلسطينيين كورقة سياسية داخل إسرائيل لضمان بقاء الحكومة الحالية.
بلجيكا تحيل جنديين إسرائيليين إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب في غزة
أعلنت النيابة العامة البلجيكية إحالة ملفي جنديين إسرائيليين إلى المحكمة الجنائية الدولية، بعد توقيفهما في مدينة بوم خلال مشاركتهما في مهرجان “تومورولاند” يومي 18 و19 يوليو الجاري، وذلك بناء على شكاوى مقدمة من مؤسسة “هند رجب” التي تتخذ من بروكسل مقراً لها.
وأوضحت النيابة في بيانها أن القرار جاء في إطار التزامات بلجيكا الدولية، ومن أجل ضمان سير العدالة بشكل صحيح، عقب دراسة الشكوى التي تتهم الجنديين بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة.
وكانت الشرطة البلجيكية قد أوقفت الجنديين وحققت معهما في 21 يوليو، وفقاً لما أعلنته مؤسسة هند رجب، فيما أكدت وزارة الخارجية الإسرائيلية توقيف اثنين من مواطنيها في بلجيكا والتحقيق معهما، دون الإفصاح عن تفاصيل التهم.
تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل تواصل منذ 7 أكتوبر 2023 حرباً واسعة على قطاع غزة، تسببت في مقتل وإصابة أكثر من 206 آلاف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى آلاف المفقودين وموجات تهجير قسري، وسط تجاهل لأوامر محكمة العدل الدولية والنداءات الدولية بوقف الحرب.
“أمير غزة الصغير”.. قصة الطفل الذي قبّل يد من قدم له الطعام وقُتل بدم بارد على يد الجيش الإسرائيلي
كشف جندي أمريكي سابق، أنتوني أغيلار، كان يعمل في أحد مراكز توزيع المساعدات في غزة، شهادة مؤلمة حول مقتل الطفل الفلسطيني “أمير غزة” الذي قُتل برصاص الجيش الإسرائيلي في 28 مايو بينما كان يسعى للحصول على الطعام.
روى أغيلار تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة أمير الذي قطع مسافة 12 كيلومترًا تحت حرارة الشمس الحارقة حافي القدمين وجسده نحيل، محاولًا الحصول على لقمة تسد رمقه بعد ساعات طويلة من الانتظار. قال الجندي: “أمير لم يجد سوى حفنة من الأرز والعدس على الأرض، وعندما اقترب مني وضع أغراضه على الأرض وقبّل يدي شاكراً، ثم عاد للحشد.”
لكن بعد دقائق من ذلك، أطلق الجيش الإسرائيلي الغاز والرصاص على المدنيين، فأصيب أمير وسقط قتيلاً.
وأضاف أغيلار أن الجيش الإسرائيلي ارتكب جرائم حرب بحق المدنيين في غزة، وشهد إطلاق نار عشوائي على حشود من المدنيين، وتدمير مركبات كانت تقل مدنيين، بالإضافة إلى استخدام قذائف مدفعية ودبابات وقذائف هاون بطريقة وصفها بـ”غير المدربة وعشوائية”.
وأشار إلى أن القوة المستخدمة ضد المدنيين العزل، الذين يعانون من الجوع، كانت وحشية وغير مبررة، مؤكداً أنه شهد جرائم حرب واضحة ارتكبها الجيش الإسرائيلي في غزة.
تأتي شهادة أغيلار ضمن سلسلة تقارير وأدلة على ما يتعرض له المدنيون الفلسطينيون من انتهاكات خلال الحرب الأخيرة.
الولايات المتحدة تفرض عقوبات على مسؤولين فلسطينيين وتنتقد مؤتمر دعم حل الدولتين في الأمم المتحدة
صرحت وزارة الخارجية الأمريكية، اليوم الخميس، بأن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات على مسؤولين في السلطة الفلسطينية وأعضاء في منظمة التحرير الفلسطينية، متهمة إياهم بتقويض جهود السلام في المنطقة، وتشمل العقوبات منع المستهدفين من الحصول على تأشيرات سفر إلى الولايات المتحدة، بحسب وسائل إعلام غربية.
وجاء في بيان الخارجية الأمريكية: “من مصلحة أمننا القومي فرض عواقب ومحاسبة منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية على عدم الامتثال بالتزاماتهما وتقويض آفاق السلام”.
وكانت الولايات المتحدة قد قللت، الاثنين الماضي، من أهمية مؤتمر عُقد في الأمم المتحدة برعاية فرنسية سعودية لدعم حل الدولتين بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ووصفت الخارجية الأمريكية المؤتمر، الذي استمر ثلاثة أيام، بأنه “غير مثمر وفي وقت غير مناسب”، واعتبرته مجرد “خدعة دعائية” من شأنها عرقلة جهود إحلال السلام.
كما انتقدت الخارجية الأمريكية تعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالاعتراف بدولة فلسطينية، واعتبرته قد يؤدي إلى “نتائج عكسية”، ووصفت هذه الخطوات بأنها “مكافأة للإرهاب”.
وفي سياق متصل، يعاني قطاع غزة من أزمة إنسانية حادة، حيث تواجه المنطقة مجاعة شديدة في ظل الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ 7 أكتوبر 2023.
وتفرض إسرائيل إغلاقًا تامًا على المعابر مع القطاع، مما يمنع دخول معظم المساعدات الغذائية والطبية، ما أدى إلى تفشي المجاعة.
ووفقًا لوزارة الصحة في غزة، فقد أسفرت الحرب عن مقتل أكثر من 59 ألف فلسطيني وإصابة نحو 143 ألف آخرين حتى يوليو2025.
نائب الرئيس الفلسطيني يشيد بدعم مصر والأردن للقضية الفلسطينية ووزير الخارجية المصري يؤكد جهود بلاده لوقف النار وفتح المعابر لمساعدة غزة
قال حسين الشيخ، نائب الرئيس الفلسطيني، اليوم الخميس، إن “الهجوم على مصر والأردن ليس عفوياً بل جزء من محاولات خبيثة لإضعاف مواقفهما وضرب أي توازن عربي”.
وأضاف أن من يهاجم البلدين يتجاهل دورهما الحيوي في دعم القضية الفلسطينية ووقوفهما كدرع قوي أمام تهجير الفلسطينيين ودعم صمودهم على أرض وطنهم.
وأشار الشيخ إلى الجهد السياسي المشترك مع الأشقاء والأصدقاء لوقف حرب الإبادة والتجويع، وتوسيع دائرة الدول التي أبدت استعدادها للاعتراف بدولة فلسطين، موجهاً تحية خاصة لمصر والأردن قيادةً وشعباً على مواقفهم الراسخة والثابتة في دعم حق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.
في سياق متصل، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أن “معبر رفح مفتوح من الجانب المصري، بينما تغلق إسرائيل جانبه الفلسطيني”، موضحاً أن مصر تعمل على فتح المعابر البرية الخمسة لضمان دخول المساعدات إلى غزة.
وأكد عبد العاطي أن مصر تجري اتصالات يومية مع أمريكا وقطر لوقف النار فوراً وتضغط بقوة لإنجاح مفاوضات وقف إطلاق النار.
وأشار إلى أن 70% من المساعدات التي دخلت غزة سابقاً كانت مصرية، معتبراً أن إسرائيل تستخدم الغذاء كسلاح، ووصف ما يحدث في غزة بأنه “يفوق الخيال”.
كما لفت إلى وجود تغير جوهري في الرأي العام العالمي ضد الانتهاكات الإسرائيلية، واعتبر اعتراف فرنسا بالدولة الفلسطينية في سبتمبر المقبل خطوة شجاعة.
من جهته، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على رفض التهجير الذي يحول دون إقامة دولة فلسطينية، مؤكداً حرص مصر على المشاركة الإيجابية مع قطر والولايات المتحدة لإيقاف الحرب وإدخال المساعدات والإفراج عن الرهائن.
وأوضح وجود حجم ضخم من شاحنات المساعدات المصرية التي تستعد لدخول قطاع غزة، مع التأكيد على ضرورة فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني.
الجيش الإسرائيلي يعلن سحب ألوية من قطاع غزة وسط تعثر المفاوضات ورفض مطالب “حماس”
أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الخميس، سحب عدد من الألوية العسكرية من قطاع غزة، في ظل تعثر مفاوضات تبادل المحتجزين وانتهاء عملية “عربات جدعون”.
وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن الفرقة 98، التي شاركت في العمليات العسكرية في شمال قطاع غزة، أنهت مهامها في منطقتي الشجاعية والزيتون وغادرت القطاع.
وأوضحت الإذاعة أن لواء المظليين ولواء الكوماندوز غادرا أيضًا في الأسابيع الأخيرة، حيث جرى نقل المظليين إلى مهام في الضفة الغربية، بينما تم إرسال الكوماندوز إلى الجبهة الشمالية.
وأشارت إلى أن الفرقة 98 تستعد الآن لمهام عسكرية وأمنية جديدة، بعد تنفيذها عمليات استهدفت البنى التحتية ومقاتلي حركة “حماس”.
وفي السياق ذاته، رفضت إسرائيل مطلب “حماس” بالانسحاب من محور فيلادلفيا، معتبرة أن ذلك من شأنه تقويض أمن التجمعات السكانية الجنوبية.