قصف مكثف على غزة والمقاومة تواصل استنزاف الاحتلال بالشجاعية
تاريخ النشر: 1st, July 2024 GMT
نفذ الجيش الإسرائيلي فجر اليوم الاثنين والليلة الماضية قصفا مكثفا على مناطق عدة في قطاع غزة، في حين تواصل المقاومة الفلسطينية لليوم الخامس حرب استنزاف ضد قواته المتوغلة في حي الشجاعية بمدينة غزة.
وعلى مدى ساعات نفذ جيش الاحتلال قصفا مدفعيا وغارات جوية على أحياء في مدينة غزة، بينها حي الشجاعية ومخيما البريج والنصيرات وسط القطاع، كما شمل القصف مدينة رفح جنوبا.
ويأتي القصف الليلي بعد ساعات من غارات على مناطق متفرقة في القطاع أسفرت عن استشهاد أكثر من 20 فلسطينيا وإصابة عشرات آخرين.
وقال مراسل الجزيرة إن مدفعية الاحتلال استهدفت فجر اليوم مناطق في حيّي الشجاعية والتفاح بمدينة غزة.
من جهتها، ذكرت قناة الأقصى الفلسطينية أن طائرة مسيرة إسرائيلية أطلقت النار الليلة الماضية في محيط "سوق البسطات" بحي الشجاعية.
وقالت القناة إن مدفعية الاحتلال واصلت بالتوازي قصف شارع المنصورة في الشجاعية.
وكانت قوات الاحتلال بدأت الخميس الماضي عملية عسكرية هي الثالثة منذ بدء الحرب على غزة في هذا الحي الذي يقع شرقي مدينة غزة، ودفع الهجوم آلاف الفلسطينيين إلى النزوح، في حين بات آخرون محاصرين في منازلهم.
قصف عنيف وإصابات
وفي التطورات الأخيرة، أفادت قناة الأقصى بإصابة عدد من الفلسطينيين في وقت مبكر اليوم إثر انفجار قنبلة ألقتها طائرة مسيرة إسرائيلية على محيط مسجد المجمع الإسلامي في حي الصبرة بمدينة غزة.
وكان الطيران الإسرائيلي استهدف أمس الأحد فلسطينيين في حي الصبرة، مما أسفر عن استشهاد عدد منهم -بينهم ضابط في الدفاع المدني- كما أصيب 20 آخرون.
وقال مراسل الجزيرة إن غارة إسرائيلية استهدفت فجر اليوم منزلا في مخيم البريج وسط قطاع غزة، في حين أفادت مواقع إخبارية فلسطينية بأن مناطق وسط القطاع تعرضت لقصف عنيف.
وذكرت مصادر فلسطينية أن انفجارات دوت في وقت مبكر اليوم بمخيم النصيرات، مشيرة إلى أن قصفا مدفعيا استهدف منطقة قرب المخيم.
كما قالت مواقع إخبارية فلسطينية إن جيش الاحتلال الإسرائيلي قصف الليلة الماضية المناطق الشرقية لمدينة خان يونس.
وفي الإطار، أفادت قناة الأقصى بأن مدفعية الاحتلال استهدفت فجر اليوم وسط وغرب مدينة رفح التي تتعرض منذ أسابيع لهجوم إسرائيلي تسبب في تهجير مئات الآلاف من السكان.
وأسفر العدوان الإسرائيلي المستمر منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن استشهاد أكثر من 37 ألف فلسطيني وإصابة أزيد من 86 ألفا آخرين -معظمهم نساء وأطفال- وسط دمار هائل في البنية التحتية ومجاعة متفاقمة.
عمليات المقاومة
في غضون ذلك، أعلنت المقاومة الفلسطينية أمس الأحد أنها نفذت عمليات جديدة ضد قوات الاحتلال في حي الشجاعية ومحاور أخرى بقطاع غزة وأوقعت خسائر جديدة في صفوفها.
وقد أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) استهداف مقاتليها دبابتي ميركافا بقذائف "الياسين 105" في حي الشجاعية، وأكدت أيضا أنها حققت إصابات مباشرة بقصفها للمرة الثانية بقذائف الهاون الثقيل حشود الاحتلال المتوغلة في الحي.
وفي حي تل الهوى جنوب غرب مدينة غزة أعلنت القسام استهداف ناقلة جند من نوع "شيزاريت" وجرافة عسكرية بقذائف "الياسين 105".
كما أعلنت القسام قصفها غرف قيادة للجيش الإسرائيلي في محور نتساريم بصواريخ "رجوم" قصيرة المدى من عيار 114 مليمترا.
بدورها، أعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي أن مقاتليها قصفوا موقع ناحل عوز العسكري في غلاف غزة بصواريخ من عيار 107 مليمترات.
كما بث الإعلام الحربي التابع لسرايا القدس مشاهد قال إنها لعملية الإجهاز على قوة إسرائيلية داخل مبنى في كمين معد مسبقا بحي الشجاعية شرقي غزة.
في المقابل، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي إصابة 33 عسكريا خلال نهاية الأسبوع، 22 منهم أصيبوا في غزة.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن عملية الجيش في الشجاعية ستستمر أسابيع عدة، مضيفة أن هدف العملية هو جمع معلومات لاستعادة المختطفين.
وفي جنوب القطاع، أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأن الجيش الإسرائيلي يوسع المنطقة العازلة على طول 14 كيلومترا من محور فيلادلفيا لتدمير الأنفاق والحفاظ على "إنجازاته" في رفح.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حی الشجاعیة مدینة غزة فجر الیوم
إقرأ أيضاً:
الشتات الفلسطيني والمقاومة ضد التحيزات الإعلامية في أميركا اللاتينية
في كتابه “الشتات الفلسطيني في أميركا اللاتينية- دراسات في الإعلام والهوية”، يقدّم الباحث أحمد الزعبي دراسة معمقة تنطلق من أطروحة الدكتوراه التي ناقشها في برنامج الدراسات العليا في الاتصال الاجتماعي بجامعة الميثودية في ساو باولو.
ويعتمد الكتاب على مقاربة بحثية متعددة المستويات، تمزج بين الصرامة الأكاديمية والحس الأخلاقي، وتُوظّف أدوات الصحافة الإنسانية ونظريات الهوية الثقافية لتفكيك كيفية تناول الإعلام اللاتيني للقضية الفلسطينية في 5 دول: الأرجنتين، البرازيل، تشيلي، السلفادور، وهندوراس. ويتتبع المؤلف التأثيرات العميقة لهذه التغطيات على تمثيلات الشتات الفلسطيني وإدراكه لذاته، وصراعه من أجل البقاء والاعتراف في بيئات اجتماعية وثقافية متداخلة.
ويكشف هذا الكتاب عن تحيزات إعلامية بنيوية في ما يقدمه من تأريخ شفهي ورؤية داخلية لمجتمعات الشتات، من خلال 40 مقابلة معمقة مع شخصيات فلسطينية مؤثرة في أميركا اللاتينية. ويسلط الكتاب الضوء على إستراتيجيات المقاومة الثقافية والسياسية التي ابتكرها الفلسطينيون في المهجر، ضمن بيئة إعلامية تخضع لتأثيرات محلية ودولية، وتُعيد إنتاج الرواية الرسمية المنحازة.
ويمثل الكتاب أيضا شهادة تاريخية على لحظة مفصلية في نضال الشعب الفلسطيني، إذ كُتب في ظل إحدى أكثر الفترات مأساوية من حيث تصاعد المجازر، ولم يكتفِ بوصف الواقع الإعلامي والسياسي، بل يقترح سبلا بديلة للتفكير في دور وسائل الإعلام ضمن صراعات الهوية والانتماء والنسيان القسري.
إعلانوفي لقاء أجرته الجزيرة نت مع المؤلف -أستاذ الصحافة والإعلام الرقمي بجامعة لوسيل- نُوقشت أبرز ما ورد في الكتاب من محاور، مثل حضور فلسطين في الإعلام اللاتيني، وتحولات نظرة المجتمعات المضيفة، وأشكال التفاعل ما بين الشتات الفلسطيني وحركات التضامن، إلى جانب خصوصية كل مجتمع من مجتمعات الشتات، وارتباطه بالأصول، واللغة، والانتماء، والهوية الوطنية.
بداية، الكتاب هو نتاج أطروحة الدكتوراه التي أعددتها في تخصص الإعلام بجامعة الميثودية في مدينة ساو باولو البرازيلية. ويتكون الكتاب من 4 فصول:
الفصل الأول يتناول تاريخ القضية الفلسطينية، وهو تاريخ معروف بالنسبة لنا، لكنه جديد على القارئ البرازيلي، لذا رأيت من المهم أن أقدمه له بتسلسل موضوعي. تحدثتُ فيه عن مؤتمر بازل الأول، والكتاب الأبيض، ووعد بلفور، وثورة البراق، والانتفاضتين، وصولا إلى السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
أما الفصل الثاني، فيركّز على الجاليات الفلسطينية في 5 دول من أميركا اللاتينية: تشيلي، السلفادور، هندوراس، البرازيل، والأرجنتين. هذه الدول تمثل أبرز مراكز الشتات الفلسطيني في تلك المنطقة، سواء من حيث العدد أو من حيث التأثير السياسي والاجتماعي.
وتشيلي مثلا تضم أكبر جالية فلسطينية خارج الوطن، يقدّرها البعض بنحو 500 إلى 900 ألف فلسطيني. أما في البرازيل، حيث قُدّر عددهم بين 40 و60 ألفا، فلها أهمية سياسية خاصة كونها عاصمة أميركا اللاتينية سياسيا. وهناك أيضا السلفادور وهندوراس، وهما من دول أميركا الوسطى، وتحضنان جاليات نشطة. كذلك الأرجنتين، التي كانت ذات يوم مطروحة كموقع محتمل لإقامة وطن قومي لليهود، قبل أن يقع الاختيار على فلسطين.
إعلان كيف تشكّل الوجود الفلسطيني في هذه الدول؟ وهل كان وجودا لاحقا للنكبة فقط، أم أقدم من ذلك؟وجود الفلسطينيين في أميركا اللاتينية يعود إلى ما قبل النكبة، بل إلى أواخر القرن الـ19، وفقا لما وثّقه الباحث المغربي المتخصص في شؤون أميركا اللاتينية عبد الواحد أكمير.
فالهجرة الأولى كانت لأسباب اقتصادية، في ظل ضعف الدولة العثمانية وتدهور الأوضاع المعيشية وفرض الضرائب. وهاجر الناس جماعات، وكثير منهم خرج بجوازات عثمانية. وكان هناك أيضا ما يُعرف بـ”فلسطينوفوبيا” و”تركوفوبيا” في تلك المجتمعات، بسبب الصورة النمطية السلبية التي رُوّجت عن العرب والمسلمين.
View this post on InstagramA post shared by Monitor do Oriente (@monitordooriente)
هل تعرض الفلسطينيون في تلك الدول للتمييز أو التضييق بسبب هوياتهم؟نعم، بالفعل. كان هناك عنصرية مبكرة تجاه الفلسطينيين، لدرجة أن بعض الدول مثل تشيلي والأرجنتين سنت قوانين في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الـ20 تمنع دخولهم. واضطر كثيرون إلى تغيير أسمائهم وأزيائهم وحتى دياناتهم المعلنة لتسهيل دخولهم. كانوا يقولون مثلا إن دينهم “بلدين” حتى لا يُصنّفوا ضمن الأديان الرسمية المفروضة.
لكنهم، رغم كل التحديات، تمكنوا من التكيف، وحققوا نجاحا اقتصاديا كبيرا، وأسّسوا مجتمعات قوية ما زالت حاضرة وفاعلة.
هل يمكن القول إن هذه الجاليات حافظت على هويتها الفلسطينية؟نعم، بدرجات متفاوتة. هناك جاليات فلسطينية في أميركا اللاتينية حافظت على انتمائها القومي والديني والثقافي، وبعضها أذابته ثقافة البلد المُضيف. في تشيلي مثلا، نجد جاليات فلسطينية مسيحية، وأخرى مسلمة، وثالثة كردية أو أرمنية. هذا التنوع انعكاس طبيعي لتاريخ الشتات الطويل والمعقد، وكذلك نتيجة القوانين التي كانت سائدة حينها، والتي فرضت دينا رسميا للدولة، كما كان الحال في تشيلي حتى عام 1920.
View this post on Instagram
A post shared by Monitor do Oriente (@monitordooriente)
كيف تتابع النخب الثقافية والسياسية والإعلام في أميركا اللاتينية الواقع الفلسطيني، وما تأثير وجود الشتات الفلسطيني في تشكيل هذا التصوّر؟إعلان
بشكل عام، لا يمكن إنكار أن الإعلام في أميركا اللاتينية منحاز إلى السردية الاستعمارية الإسرائيلية، وهذا أمر مؤسف. ولا يوجد في المناطق الفلسطينية مثل غزة أو القدس أو رام الله أي مراسل دائم يتبع لوسائل إعلام رئيسية من أميركا اللاتينية. معظم ما يُنشر في الصحف والمجلات الكبرى هناك مثل فوليا دي ساو باولو أو لا برينسا أو إلغرافيكو، مصدره وكالات أنباء دولية، خاصة الغربية والأميركية منها.
لذلك فإن الجاليات الفلسطينية -سواء من ذوي التوجهات اليمينية أو اليسارية- تعتمد في متابعتها لما يحدث في فلسطين على أقاربها، أو على وسائل إعلام عربية مثل قناة الجزيرة، أو منصات إلكترونية مثل العربي الجديد وميدل إيست آي. وهناك اهتمام واضح بمتابعة ما يجري، ويصل أحيانا إلى إرسال أبنائهم لتعلم اللغة العربية، أو إبرام زيجات داخل فلسطين، أو الاستثمار الاقتصادي هناك، كما فعل بنك فلسطين بفتح فرع له في تشيلي، إلى جانب مشاريع تعليمية وصحية أخرى أقامها أبناء الشتات.
لكن ماذا عن الرأي العام في مجتمعات أميركا اللاتينية ذاتها؟ هل يتأثر هذا الرأي بوجود الجالية الفلسطينية الكبيرة؟بالتأكيد. أصبح الوجود الفلسطيني هناك مصدر اعتزاز، بعدما كان في الماضي يواجه نوعا من العنصرية و”الفلسطينوفوبيا”. فاليوم توجد شوارع ومؤسسات ومدارس ومطارات تحمل أسماء فلسطينية. في تشيلي مثلا، الجالية الفلسطينية أثّرت على السياسات الرسمية، وساهمت في سحب استثمارات من الاحتلال الإسرائيلي، والاعتراف بحدود الرابع من يونيو/حزيران وحل الدولتين، وبحق الشعب الفلسطيني.
الشعوب اللاتينية عموما مؤيدة للقضية الفلسطينية، لأنها عانت تاريخيا من الاستعمار، وبالتالي لديها حس تضامني كبير. لكن هذا التأييد يواجه تحديين: أولهما صعود الجماعات الإنجيلية، التي تتبنى الرواية الصهيونية، وثانيهما ضعف العلاقة بين العالم العربي وهذه المنطقة، بسبب حاجز اللغة وبعد المسافة.
نعم، إلى حد كبير. هناك مظاهر ثقافية واضحة للوجود الفلسطيني، مثل الدبكة والفلافل والحمص، والكوفية الفلسطينية التي تُرتدى في المناسبات التضامنية. في يوم النكبة أو يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، تُنظم فعاليات في معظم دول القارة، ويحضر الفلسطينيون والعرب والسكان المحليون.
والكتاب الأخير بعنوان “الشتات الفلسطيني في أميركا اللاتينية: دراسات في الإعلام والهوية”، وهو أول عمل أكاديمي متخصص يتناول هذا الموضوع بعمق. يتناول الكتاب تأثير الإعلام على الجاليات الفلسطينية، ودور الفلسطينيين في الاقتصاد والسياسة والثقافة، ويُظهر كيف تحوّل الفلسطيني من مهاجر فقير إلى شخصية مؤثرة في المجتمعات المضيفة.
صدر الكتاب باللغتين البرتغالية والإسبانية، وهناك مشروع لترجمته إلى الإنجليزية. ومن المشاريع البحثية الأخرى التي أعمل عليها: رواية الهيكل في أميركا اللاتينية، حيث بُني هيكل ضخم شبيه بـ”هيكل سليمان” في البرازيل بالحجارة المستوردة من الخليل، والزيتون القادم من القدس. إنها محاولة واضحة لترويج الرواية الصهيونية دينيا وثقافيا، وهذا أحد محاور بحثي المستمر.
هل تحتفظ الجاليات الفلسطينية بلغتها وهويتها الثقافية؟نعم، ما زال كثير من أبناء الشتات يتحدثون باللهجات القروية الفلسطينية، وبعضهم يحافظ على مفردات فلاحية موروثة من أجدادهم. وهذا يُثبت أن الفلسطيني، رغم بعده الجغرافي، ما زال متمسكا بجذوره.