لجريدة عمان:
2025-12-02@06:59:55 GMT

خطر التضليل الإعلامي على تماسك المجتمعات

تاريخ النشر: 7th, July 2024 GMT

خطر التضليل الإعلامي على تماسك المجتمعات

هذا العصر الذي نعيشه هو عصر المعلومات بامتياز، تتدفق فيه كميات فظيعة في كل جزء من الثانية بشكل منطقي أو غير منطقي، تحمل معها المعرفة كما تحمل معها نقيضها. ومع ظهور ثورة الذكاء الاصطناعي صار توليد المعلومات يحدث بشكل جنوني.. كل فرد في هذا العالم يستطيع أن يولد كميات هائلة من المعلومات ويوجهها في المسار الذي يريده ويصبغ عليها رداء الصدق وهي في الكثير من الأوقات منه براء.

وأمام هذا الجنون المعلوماتي يصبح دور دور وسائل الإعلام في تشكيل الوعي العام أكثر أهمية من أي وقت مضى. لكنّ الأمر لا يبدو بهذه البساطة التي نتوقعها، فتأثير وسائل الإعلام التقليدية والحديثة يأخذ مسارين اثنين، أو يمكن استعارة مقولة «سيف ذو حدين»؛ فمن ناحية، يمكن للصحافة المسؤولة أن تقوم بدور التنوير والتثقيف، والمساهمة في بناء مجتمع مستنير.. ومن ناحية أخرى، يمكن للمعلومات المضللة في وسائل الإعلام، وبشكل خاص الحديثة، أن تشوه الحقائق، وتؤدي إلى تآكل ثقة الجمهور، وتقوض التقدم المجتمعي.. بل وتقوض الوعي الجمعي.

إن أحد أكبر التحديات التي تواجهها الدول في هذا الوقت يتمثل في تحدي المعلومات المضللة التي تنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام، وهذه القضية منتشرة في كل المجتمعات ولها عواقب بعيدة المدى.

قبل عقود من الزمن كانت المعلومات حكرا على فئات قليلة في كل مجتمع، وتتحكم فيها الدول والحكومات، لكنّ العصر الرقمي الذي نعيشه فرض «ديمقراطية» الوصول إلى المعلومات أو أغلبها وصارت متاحة أمام الجميع، ولكن في الوقت نفسه سهّل عملية انتشار التضليل والأكاذيب والتلاعب بالعقول وبناء وعي جمعي مزيف في بعض الأحيان. ومن القصص الإخبارية الملفقة إلى الإحصائيات المضللة، يمكن لسيل جارف من المعلومات المضللة أن يؤثر على استقرار المجتمعات ويثير القلاقل السياسية التي قد تؤدي إلى الذعر في بعض الأحيان وإلى عمليات الاستقطاب في الكثير من المجتمعات، وما حدث خلال جائحة كورونا ليس بعيدا عنا.. وهذا المثال وغيره الكثير يؤكد على الإمكانية التدميرية للمعلومات المضللة وقدرتها على تفكيك الوعي وتسطيحه.

وأمام كل هذه الحقائق التي لم تعد خافية على أحد يبرز الوعي الحقيقي المعتمد على المبادئ العلمية والتفكير النقدي باعتباره الحل الأمثل لهذه المشكلة المتفشية. تستطيع المعرفة العلمية مساعدة الأفراد في تمييز المعلومات الموثوقة من الادعاءات الزائفة، وتقييم صحة أي معلومة تصلهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشكل خاص. إن الجميع اليوم في أمس الحاجة إلى تعلم المبادئ البسيطة لعلم المنطق حتى نستطيع جميعا تحليل الحجج وتحديد المغالطات المنطقية، وتقييم مدى موثوقية المصادر، وكل هذه المهارات ضرورية خلال هذه الثورة المعلوماتية التي تزداد ضراوة كل يوم.

إن المجتمعات التي تستطيع إعمال المنطق خلال عملية فرز الكم الهائل المتدفق من المعلومات اليومية تزداد قوة وقدرة على التغلب على التحديات اليومية والأزمات الكبرى. كما يستطيع مثل هذا المجتمع الذي يستند على المنطق أن يصنع قراره بناء على أدلة علمية، وهذا يضمن له سياسات مستنيره وممارسات إدارية أكثر قوة.

وهذا مطلب أساسي لهذه الأجيال التي تلقت تعليما متقدما في أرقى الجامعات ومارست أعمالا لا تستقيم دون التفكير النقدي ودون الاتكاء على المنطق في اتخاذ القرارات. ومن المخيف جدا أن تترك هذه الأجيال المتعلمة هذا النوع من التفكير وتنخدع بالتضليل الإعلامي الذي يأخذ مساحة لا بأس بها في وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام التقليدي. فالمتعلم الممسك بمهارات التفكير النقدي أكثر استعدادا لتحدي المعلومات الخاطئة والمساهمة في كشفها وحماية المجتمع منها.

تحتاج المعلومات المضللة التي تجتاح مجتمعاتنا إلى استجابة مجتمعية قوية تركز على الثقافة العلمية والتفكير النقدي. ومن خلال إعطاء الأولوية لهذه المهارات، يمكن بناء مجتمعات قوية قادرة على التغلب على تعقيدات العالم الحديث. ومن الضروري أن تدرك المؤسسات التعليمية وصناع السياسات على حد سواء أهمية تعزيز ثقافة الاستقصاء والشك واتخاذ القرارات القائمة على الأدلة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: وسائل الإعلام

إقرأ أيضاً:

الحزب الجمهوري: الشركات الإعلامية في أمريكا تعادي ترامب وتنشر الأخبار الكاذبة

قال روب أرليت، عضو الحزب الجمهوري، إنّ إطلاق البيت الأبيض موقعًا إلكترونيًا مخصصًا لرصد الأخبار الكاذبة يأتي في سياق ما تعرض له الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من هجمات إعلامية مستمرة منذ خوضه السباق الانتخابي عام 2015.

في الاحتفال باليوم العالمي لذوي الهمم.. سهير عبّد القادر : جميع أجهزة الدولة تدعم أولادنا من ذوي الهممعمرو أديب: معرض إيديكس حاجة مشرفة لكل المصريين

وأشار إلى أن وسائل الإعلام الأمريكية كانت تُبدي إعجابًا بترامب قبل ترشّحه، بل إن الديمقراطيين أنفسهم كانوا ينظرون إليه بإيجابية، إلا أن موقفهم تغيّر تمامًا عندما قرر خوض الانتخابات بصفته مرشحًا جمهورياً.

وأضاف في مداخلة مع الإعلامية مارينا المصري، مقدمة برنامج "مطروح للنقاش"، عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، أنّ الشركات الإعلامية في الولايات المتحدة بدأت منذ ذلك الحين في مهاجمة ترامب بصورة منهجية، لأنها اعتبرت مواقفه السياسية مناقضة لمصالحها، مما دفعها إلى تصنيفه خصماً مباشراً لها.

وتابع، أن ما يمكن وصفه بالأخبار الكاذبة هو ما دأبت عليه هذه المؤسسات الإعلامية من خلال تقديم روايات منحازة ومضللة تستهدف ترامب لمجرد أنه بات يخالفها الرأي.

وفي رده على سؤال حول ما إذا كان هذا يدخل في إطار حرية الرأي، شدد أرليت على أن حرية التعبير حق مكفول، إلا أن الإعلام يتحمل مسؤولية أساسية في تقديم معلومات صحيحة وموثوقة.

وأكد أن وسائل الإعلام الأمريكية، بحسب تقييمه، لم تلتزم بهذه المسؤولية، بل تورطت في بث أخبار كاذبة ومعلومات غير دقيقة تتعارض مع معايير المهنية.

وأشار أرليت إلى أن ما يحدث اليوم ليس جديدًا، إذ توجد أمثلة عديدة على وسائل إعلامية في الولايات المتحدة تمتلك تاريخًا طويلاً من التضليل والكذب على الشعب الأمريكي.

وأكد أن هذه الممارسات تكررت عبر سنوات طويلة، مما يعزز ضرورة الرقابة المهنية والشفافية، سواء من قبل المؤسسات المستقلة أو من خلال مبادرات تُطلقها جهات حكومية مثل الموقع الذي دشنه البيت الأبيض مؤخرًا.

طباعة شارك الحزب الجمهوري عضو الحزب الجمهوري ترامب

مقالات مشابهة

  • الحزب الجمهوري: الشركات الإعلامية في أمريكا تعادي ترامب وتنشر الأخبار الكاذبة
  • "القومي للمرأة" يهنئ الدكتورة سوزان القليني لتوليها منصب المستشار الإعلامي لرئيس جامعة عين شمس
  • القومي للمرأة يهنئ سوزان القليني بمنصب المستشار الإعلامي لرئيس جامعة عين شمس
  • 5 مؤشرات تبعث على التفاؤل بشأن مستقبل الصحافة
  • نائب إطاري:(4) مرشحين فقط لرئاسة الحكومة الجديدة
  • نائب إطاري:(4) مرشجين فقط لرئاسة الحكومة الجديدة
  • الاستشراق الرقمي: كيف تصنع وسائل الإعلام الغربية شرقاً جديداً؟
  • جامعة أبوظبي تدعم الابتكار الإعلامي في قمة «بريدج» 2025
  • مؤتمر الإعلام والحرب على غزة: تراجع الهيمنة الغربية ودعوات لمحاسبة المنصات الرقمية
  • حرب غزة في الإعلام الدولي.. مؤتمر يفكك السرديات الغربية وآليات الإبادة الإعلامية