محللون: كلمة أبو عبيدة رد على ألاعيب نتنياهو وهذه أبرز دلالاتها
تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT
يعتقد محللون وخبراء سياسيون وعسكريون أن كلمة أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أتت ردا على ألاعيب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأكدوا أنها حملت رسائل ودلالات ميدانية وسياسية وتفاوضية.
ووفق الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري، جسدت كلمة أبو عبيدة الواقع الميداني، وعكست مدى الإرادة والتصميم والقدرة التنفيذية على مواجهة جيش الاحتلال والمرتزقة وإيقاعهم بين قتيل أو جريح أو هارب.
وأوضح الدويري -خلال حديثه لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟"- أن إعادة بناء الكتائب التابعة للقسام، وتجنيد آلاف المقاتلين خلال الحرب وانتظار مقاتلين آخرين تؤكد أن كتائب القسام أصبح عددها مشابها لما قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأشار إلى أن إعادة بناء الكتائب على المستويين البشري والمادي تعني أنها أصبحت بقتالية عالية، مستدلا بالمعركة الثالثة في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، وتفوق أداء المقاومة فيها على المعركتين السابقتين.
وحول انعكاسات الكلمة على المسار التفاوضي، يلفت الدويري إلى أن اليد الطولى في أرض المعركة هي من تملي شروطها في المفاوضات خاصة في ظل حرب غير متناظرة.
وخلص إلى أن إعادة بناء الكتائب وتأهيلها بشريا وماديا، مع استمرار التصنيع العسكري بالاستفادة من تدوير مخلفات الحرب وتفكيكها وأخذ المتفجرات تؤكد أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهداف الحرب.
رد على نتنياهو
بدوره، يرى الكاتب والباحث السياسي ساري عرابي أن ظهور أبو عبيدة يعد حدثا بحد ذاته بعد 9 أشهر كاملة من الحرب والتحول في مجرياتها، مضيفا أنه يعد من رموز المعركة التي يلتف حولها أنصار المقاومة في فلسطين والعالمين العربي والإسلامي.
وأشار إلى أن ظهوره يحمل دلالات ميدانية وعسكرية مثل تأكيد القسام على تجديد قدراتها البشرية والدفاعية وترميم بعض ما فقدته وتدوير مخلفات الحرب وتجنيد الآلاف كقوات إسناد في ظل زعم الاحتلال تفكيك كتائب القسام في القطاع.
ووفق عرابي، لا تزال غرف القيادة والسيطرة والاتصال التنظيمي والتحكم القيادي تعمل وفاعلة وتتجلى بظهور أبو عبيدة.
ويوضح -أيضا- أن ظهور أبو عبيدة ينسجم مع الأداء التفاوضي لحماس والتحول داخل المجتمع الإسرائيلي ومؤسساته بفضل أداء المقاومة وصمودها ميدانيا في غزة، إضافة إلى الأداء الإعلامي لها وخاصة كتائب القسام وناطقها.
وبشأن رسائل كلمة أبو عبيدة إلى إسرائيل، يلفت عرابي إلى تطرق المتحدث باسم القسام إلى نتنياهو وتأكيده بأنه يتلاعب بالجميع في إسرائيل، ويضع مصلحته الشخصية قبل الأسرى المحتجزين.
وأضاف أن حماس تفهم نتنياهو جيدا وتعرف أنه يشتري الوقت، ويريد إثارة اللبس والغموض، لذلك فإن "خطاب أبو عبيدة رد على ألاعيب نتنياهو".
سياسة نتنياهومن جانبه، يرى الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى، أن كلمة أبو عبيدة تأتي في سياق مباحثات مقترح وقف إطلاق النار، وتضمنت محددات أساسية وهي عدم قابلية تحقيق فكرة القضاء على حماس بل وبقائها رغم كل العمليات العسكرية الإسرائيلية.
كما تضمنت كلمة أبو عبيدة -وفق مصطفى- التأكيد أن نتنياهو يتلاعب بملف الأسرى، وغير جاد في حله لكونه هامشيا بالنسبة له، مضيفا أن هذا ما يفهمه كل الإسرائيليين.
ويشير إلى أن إطلاق نتنياهو تصريحات تعطي انطباعا للطرف الآخر في المفاوضات بأن إسرائيل لن توقف الحرب "أمر متوقع"، وأرجع ذلك إلى أنه يتبع سياسة مبنية على وضع عراقيل أمام التوصل لاتفاق، ولديه هدف إستراتيجي بعدم إيقاف الحرب للبقاء في السلطة.
ويلفت مصطفى إلى أن الاحتجاجات بداخل إسرائيل وصلت إلى مرحلة ضرورة الذهاب لصفقة وإنهاء الحرب، لكن نتنياهو لا يريدها ويسعى لتعطيلها واتهام حماس بإفشال المفاوضات.
وخلص إلى أن نتنياهو يريد كسب الوقت لإرضاء قطاعات بالمجتمع الإسرائيلي، مضيفا أنه "إذا لم يتصاعد الاحتجاج في إسرائيل نحو نوع من العصيان المدني فإن نتنياهو لن يتزحزح عن موقفه".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات کلمة أبو عبیدة کتائب القسام إلى أن
إقرأ أيضاً:
إلى أين يتجه الصراع بين إسرائيل وغزة؟ محررون بواشنطن بوست يجيبون
في حوار سياسي وفكري معمّق، ناقش 3 من كتّاب صحيفة واشنطن بوست البارزين، وهم دامير ماروشيك، وماكس بوت، وشادي حميد، مآلات الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، وأسباب تعثر وقف إطلاق النار، وخيارات الخروج المتاحة من صراع بات يحمل طابع العبث والمأساة الطويلة.
واستهلت الصحيفة الأميركية تقريرها الذي تناول تفاصيل ما دار في الحوار بين الكُتّاب بالقول إن الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) لا تُظهر أي مؤشرات على قرب نهايتها، في وقت تؤكد فيه تقارير دولية حدوث مجاعة على نطاق واسع في القطاع المحاصر.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ليبراسيون: هذه حكاية محتال انتحل صفة وزير دفاع دولة نووية وسرق الملايينlist 2 of 2كاتب إيطالي: لماذا محادثات روسيا وأوكرانيا ليست مفاوضات حقيقية؟end of listوأضافت أن تلك التقارير دفعت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى إصدار أمر بوقف القتال مؤقتا في بعض المناطق لإفساح المجال لوصول المساعدات.
لكن المتحاورين الثلاثة يرون أن هذا التراجع من قبل نتنياهو لا ينطوي على نية إسرائيلية حقيقة لإنهاء الحرب، بل يعكس محاولة للتهدئة أمام ضغط دولي متصاعد.
انهيار المسار السياسي وتفاقم الكارثة الإنسانية
ويؤكد شادي حميد -الذي يعمل أيضا أستاذا باحثا في الدراسات الإسلامية في كلية فولر اللاهوتية بولاية كاليفورنيا- أن دوافع استمرار الحرب لم تعد عسكرية، بل سياسية بحتة، حيث يقاتل نتنياهو من أجل بقائه في السلطة وحتى لا يفقد دعم حلفائه في اليمين المتطرف.
وينتقد حميد الدور الأميركي، معتبرا أن واشنطن -رغم امتلاكها النفوذ الأكبر على إسرائيل- ترفض استخدامه بفعالية. ويرى أن تعليق الرئيس دونالد ترامب على صور الأطفال الجائعين كان لافتا، لكن التعويل على تقلبات مزاجه غير المتوقع ليس إستراتيجية جادة.
لكن ماكس بوت -وهو زميل أول في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي- يقول إنه لا يشعر بالتفاؤل إزاء الصراع لأن ديناميكياته الجوهرية لم تتغير، ذلك أن نتنياهو يعتمد على وزراء متشددين للبقاء في السلطة، وهؤلاء يطالبون باستمرار الحرب في غزة دون رحمة، بغض النظر عن التكلفة البشرية.
إعلانوأضاف أن معظم الإسرائيليين باتوا مستعدين لإبرام صفقة تنهي الحرب مقابل استعادة الرهائن المتبقين. لكن نتنياهو يرفض ذلك، سعيا وراء "هدف خيالي" يتمثل في القضاء التام على حركة حماس، دون تقديم أي خطة واقعية لما بعد الحرب.
ويُشبّه بوت هذا المسار بسياسات ترامب وأنصاره الجمهوريين في الولايات المتحدة، الذين يتبنون قرارات غير شعبية لترضية قواعدهم الانتخابية. كذلك يفعل نتنياهو، الذي يستمد بقاءه السياسي من دعم قاعدته اليمينية، رغم أن سياساته باتت محل رفض متزايد داخل المجتمع الإسرائيلي.
ويُعقِّب حميد على هذا الحديث بأن المشكلة لم تعد محصورة في الحكومة وحدها، مشيرا إلى نتائج استطلاعات حديثة تُظهر أن غالبية الإسرائيليين اليهود يؤيدون الطرد الجماعي للفلسطينيين من قطاع غزة، مما يعكس تحوّلا أكثر تشددا في الرأي العام.
يتساءل دامير ماروشيك، المحرر المسؤول عن تكليف الصحفيين بتغطيات إخبارية في قسم الآراء بواشنطن بوست، عما إذا كان هناك سيناريو يستطيع نتنياهو من خلاله إنهاء الحرب والبقاء بالسلطة في الوقت ذاته، معربا عن اعتقاده بأن ذلك هو أكثر الطرق ترجيحا لوضع حد للصراع في غزة.
ويرى أن السبيل الواقعي الوحيد لإنهاء الحرب هو أن يجد نتنياهو طريقة تُمكّنه من الحفاظ على موقعه السياسي دون الاعتماد على اليمين المتطرف.
بوت: الحكومة الإسرائيلية الحالية باتت حكومة أقلية بعد انسحاب حزبين دينيين منها، مما قد يفتح الباب أمام تحالف جديد مع الوسط ينهي الحرب دون المساس ببقاء نتنياهو في السلطة
ويلتقط بوت خيط الحوار مشيرا إلى أن الحكومة الإسرائيلية الحالية باتت حكومة أقلية بعد انسحاب حزبين دينيين منها، مما قد يفتح الباب أمام تحالف جديد مع الوسط ينهي الحرب دون المساس ببقاء نتنياهو في السلطة.
لا استسلام من حماس.. ولا بديل جاهزويتفق المشاركون على أن الرهان على استسلام حماس أمر غير واقعي. فالحركة، كما يقول بوت، ذات طبيعة عقائدية لا تقبل الهزيمة، لكنها أيضا تستمد مشروعيتها من غياب البدائل السياسية، ومن تصاعد مشاعر الظلم والاضطهاد لدى الفلسطينيين.
ويعرض بوت تصورا لحل انتقالي يتمثل في نشر قوة حفظ سلام عربية، وتأسيس صندوق دولي لإعادة الإعمار، ومنح السلطة الفلسطينية دورا محدودا في إدارة قطاع غزة رغم ما تعانيه من ضعف وفساد. وهو حل لا يعد مثاليا، لكنه أفضل من استمرار الفوضى الحالية، من وجهة نظره.
دامير: حماس تبدو وكأنها نابعة من نسيج الحركة الوطنية الفلسطينية، وما تفعله إسرائيل لا يزيدها إلا شرعية بين الفلسطينيين
ومن جانبه، يقول دامير إن حماس تبدو وكأنها نابعة من نسيج الحركة الوطنية الفلسطينية، وما تفعله إسرائيل لا يزيدها إلا شرعية بين الفلسطينيين. ويصفها بوت بأنها قوة كبيرة في غزة، وأن من مصلحة إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والعالم العربي، أن يعملوا على استحداث بديل لها، خصوصا بعد أن بدأت تفقد الدعم العربي، على حد زعمه.
إبادة جماعية وصمة أخلاقية دائمةوفي أكثر فقرات الحوار إثارة للجدل، يصف شادي حميد النهج الإسرائيلي تجاه غزة بأنه يقترب من تعريف الإبادة الجماعية، قائلا إن القضاء على حماس كما يُصوَّر إسرائيليا يتطلب قتل كل من له أدنى صلة بالحركة، وهو ما لا يمكن تحقيقه دون حرب مفتوحة بلا نهاية.
ويأمل حميد أن يدرك مؤيدو إسرائيل في الغرب أن ما يجري يُلحق وصمة أخلاقية دائمة بمشروع الدولة الإسرائيلية، ويطالبهم بإعادة النظر في مواقفهم قبل فوات الأوان.
إعلانواتفق ماكس بوت مع حميد في هذا الرأي، إلا أنه -وهو المعروف بتأييده لإسرائيل- يعبّر عن "اشمئزازه" من أفعال دولة الاحتلال في غزة حاليا، معتبرا أنها تجاوزت حدود الأخلاق والقانون الدولي.
ويختم ماروشيك الحوار بنبرة واقعية، قائلا: "أكره أن أُنهي الحديث بهذا الشكل، لكنه يبدو مناسبا، فلا جدوى من اصطناع أمل أكبر مما تسمح به الوقائع "المأساوية" القائمة، فالمسار للخروج واضح منذ زمن، ولنأمل في أن يُسلك قريبا".