استعرض الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، تقريرًا حول "صناعة التعهيد في مصر"، أعدَّه الدكتور  أسامة الجوهري، مساعد رئيس الوزراء، رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء. 


وتناول التقرير بالشرح والتحليل صناعة التعهيد في مصر، موضحًا أن مصر تُعدُّ واحدة من أفضل مقاصد تقديم خدمات التعهيد، وخدمات تكنولوجيا المعلومات العابرة للحدود والمنوطة بها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وقد تمكنت من اجتذاب العديد من الشركات العالمية لإنشاء فروع لها في مصر، نتيجة ما تتمتع به من سمات فريدة، ومنها توافر الكوادر الشابة التي تمتلك المهارات اللغوية، والرقمية، بالإضافة إلى البنية التحتية الداعمة لصناعة التعهيد في مصر، فضلًا عن المزايا التنافسية التي تمتلكها الدولة المصرية، والتي تدعم قدرتها على تحقيق ريادة عالمية في مجال صناعة التعهيد؛ مما عزز مكانتها كسوق جاذبة، ومستهدفة لصناعة التعهيد.


وأشار التقرير إلى أنه خلال العام المالي 2023/2022 بلغت القيمة المضافة لقطاع تكنولوجيا المعلومات في مصر 275.5 مليار جنيه، مُقارنة بــ 209.5 مليار جنيه مصري للعام المالي 2022/2021، بنسبة نمو تصل إلى 31.5%.


وأضاف التقرير أن هيئة "إيتيدا" قد قامت بالتعاون مع "الجمعية الألمانية للتعهيد" بإطلاق "دليل مصر كمقصد لخدمات التعهيد"، ويشتمل الدليل على الإمكانات التي تتمتع بها مصر في هذا المجال، واستعراض الميزات التنافسية للدولة كوجهة جاذبة للاستثمارات.


بالإضافة إلى ما تقدَّم، أفاد التقرير بأن مصر وضعت قوانين، وآليات تنظيمية واضحة؛ لإنشاء بيئة مواتية للاستعانة بمصادر خارجية، بهدف حماية مقدمي الخدمات وعملائهم، فضلًا عن اتخاذ العديد من الإجراءات؛ لدعم صناعة تكنولوجيا المعلومات، وتيسير الإجراءات، وكان من أبرزها: قانون الملكية الفكرية رقم (82) لسنة 2002، وقانون العمل رقم (12) لسنة 2003، وقانون تنظيم الاتصالات رقم (10) لسنة 2003، وقانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017، وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، وقانون حماية البيانات الشخصية رقم 151 لسنة 2020، وكذا توقيع بروتوكول تعاون بين الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة والهيئة العامة للرقابة المالية وهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات في أبريل 2022، وإعادة تشكيل المجلس الأعلى للمجتمع الرقمي في أكتوبر 2022.


وأوضح التقرير أن صناعة التعهيد تُعد من الصناعات الهامة، كما أنها ركيزة أساسية في استراتيجية وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرية التي تهدف من خلالها إلى التوسع في الأسواق الخارجية، وتنمية الصناعة بشكل منهجي، ومُنظم من أجل زيادة الصادرات الرقمية، والمنافسة عالميًّا، ودعم عمليات التحول الرقمي. 


كما تستعد مصر لكي تصبح الوجهة التجارية الكبرى القادمة، ومركزًا عالميًا لخدمات التعهيد، وذلك من خلال استراتيجية مصر الرقمية لصناعة التعهيد (2022- 2026)، والتي تستهدف جذب كبرى الشركات العالمية العاملة بهذه الصناعة للاستثمار بمصر، وتنمية صادرات مصر الرقمية، وتوفير فرص عمل للشباب في الاقتصاد الرقمي؛ لذا أطلقت مصر استراتيجيتها الرقمية لصناعة التعهيد في فبراير عام 2022، بالتعاون مع الشركات المحلية، والعالمية العاملة في هذا القطاع؛ لتحقيق المزيد من النمو في صناعة التعهيد بمصر.


وترتكز الاستراتيجية على ثلاثة أهداف رئيسة، هي: زيادة إيرادات صادرات مصر الرقمية بمقدار ثلاثة أضعاف بمعدل نمو سنوي مُركب 19% خلال الفترة (2026- 2022)، وخلق فرص عمل متزايدة ومستدامة في صناعة التعهيد مع التركيز على الخدمات ذات القيمة المضافة العالية ومن المستهدف خلق 215 ألف فرصة عمل لقطاع التعهيد، وأخيرًا إنشاء اسم تجاري معروف لمصر في الخدمات والتقنيات الرقمية الجديدة والناشئة في مجالات الذكاء الاصطناعي والبيانات التحليلية المتقدمة.


وأشار التقرير إلى أن قيمة صادرات مصر الرقمية بلغت 6.2 مليار دولار أمريكي خلال العام المالي 2023/2022، مقابل 4.9 مليار دولار في العام المالي 2022/2021، بنسبة ارتفاع 26.5%، وذلك في إطار جهود الدولة المصرية لتعزيز ودعم صناعة التعهيد في مصر، وتتضمن مجالات الصادرات الرقمية في مصر تقديم خدمات التعهيد للشركات مثل خدمات الموارد البشرية، وخدمات مراكز الاتصال، كما تتضمن خدمات تطوير البرمجيات والدعم الفني، والنظم المدمجة وتصميم الإلكترونيات، وتصميم الدوائر الإلكترونية.


وأضاف التقرير أن معدل نمو قطاع خدمات التعهيد في مصر بلغ 54.2% في العام المالي 2023/2022، لتسجل قيمة مضافة للقطاع بنحو 3.7 مليار دولار، مقارنة بــ 2.4 مليار دولار في العام المالي 2022/2021، والجدير بالذكر أن الدولة المصرية تستهدف الوصول بقيمة صادرات خدمات التعهيد إلى 9 مليارات دولار بحلول عام 2026.


ولفت التقرير أيضًا إلى أن مراكز خدمات التعهيد في مصر بلغت 199 مركزًا خلال عام 2022/ 2023، مقابل 160 مركزًا في عام 2021/2020، بنسبة ارتفاع قدرها 24.4%، بالإضافة إلى ارتفاع عدد الشركات العاملة في مجال خدمات التعهيد لتسجل نحو 185 شركة في عام 2022/ 2023، مقابل 148 شركة في عام 2021/ 2020، بنسبة ارتفاع قدرها 25%.


وأوضح التقرير أن قيمة الاستثمارات المخصصة لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات قد بلغت 83.3 مليار جنيه بخطة العام المالي 2024/2023، مقارنة بنحو 56 مليار جنيه في عام 2023/2022، وبمعدل نمو 48.8%، مع تخطي استثمارات القطاع الخاص نحو 52.3 مليار جنيه، بما يعادل 63% من الإجمالي، مقابل 31 مليار جنيه استثمارات عامة، بنسبة 37% من الإجمالي.


كما استعرض التقرير أهم محاور التطوير فيما يتعلق بصناعة التعهيد وهي: "البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات"؛ ففي عام 2023، حقق الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات خطوات ملحوظة عبر العديد من الركائز الأساسية، حيث اعتمد الجهاز ستة أطر تنظيمية تتمثل في: الإطار التنظيمي لمراكز الاتصال، والإطار التنظيمي لخدمات الجيل الخامس (G5)، والإطار التنظيمي لإنترنت الأشياء، والإطار التنظيمي لمشغلي الأقمار الصناعية، والإطار التنظيمي للتأسيس، والإطار التنظيمي لتشغيل مراكز البيانات، وتقديم خدمات الاستضافة والحوسبة السحابية.


وتتضمن محاور التطوير أيضًا "بناء القدرات"، حيث أنه في إطار السعي نحو بناء مصر الرقمية، أطلقت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عددًا من المبادرات والمشروعات التي تستهدف بناء الإنسان المصري، والتي تهدف إلى توفير فرص تدريبية للشباب لتأهيلهم لدخول سوق العمل المحلي والدولي، الأمر الذي يسهم في بناء قاعدة من الكفاءات في تخصصات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وبناء مجتمع رقمي قائم على العلوم والتكنولوجيا، ورفع القدرة التنافسية للكفاءات المصرية.


وأضاف التقرير أنه في إطار اهتمام الدولة المصرية بتعزيز نمو صناعة التعهيد، وتدريب الكوادر البشرية، تم توقيع 74 اتفاقية مع شركات عالمية ومحلية، للتوسع في إنشاء 85 مركز تعهيد، وتعيين 60 ألف متخصص في التعهيد منذ نوفمبر 2022، وخلال ثلاث سنوات أصبح هناك أكثر من 20 شركة تستثمر لأول مرة في مصر، فيما تتوسع الشركات الأخرى في أعمالها بمصر، ويوجد 12 شركة من كبرى الشركات عالميًا في صناعة التعهيد والتي لها مراكز للتعهيد خارج القاهرة، كما من المستهدف أن يبلغ عدد المتخصصين بصناعة التعهيد 336 ألف متخصص بحلول عام 2026، ومُستهدف أيضًا تنمية أعداد المهنيين المستقلين بنسبة 30% مُقارنة بنحو 15% على المستوى العالمي، في سبيل زيادة أعدادهم من 80 ألف مهني مستقل في 2022 إلى 220 ألف مهني مستقل في 2026.


وقد استعرض التقرير أهم المبادرات والمشروعات لتأهيل الكوادر البشرية في مجالات التكنولوجيا الرقمية وهي: مبادرة "مستقبلنا.. رقمي" (EGYPT FWD)، ومبادرة أجيال مصر الرقمية، ومنصة مهارة – تك، ودعم الإبداع الرقمي وتنمية الشركات الناشئة.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الاتصالات وتکنولوجیا المعلومات تکنولوجیا المعلومات صناعة التعهید فی مصر الدولة المصریة خدمات التعهید العام المالی ملیار دولار مصر الرقمیة ملیار جنیه التقریر أن فی عام مرکز ا

إقرأ أيضاً:

القمع العابر للحدود من أكواد الإرهاب إلى النشرات الحمراء

اتخذ المجتمع الدولي خطوات جادة نحو دعم "حقوق الإنسان" وأصدر مواثيق معتبرة، وأنشأ مجالس دولية لحماية هذا الشأن، لكن على الجهة الأخرى تفننت الدول في قمع الحقوق والحريات على المستوي الداخلي، حيث طورت آليات قضائية وأمنية، سمحت بالفتك بالمعارضين السياسيين، حتى أصبح السجن جزاء الكلمة، والحكم بالإعدام جزاء المعارضة السياسية.

دفعت تحركات السلطة كثيرا من المعارضين إلى الهجرة، وأصبحت دول المهجر مكان طبيعي تمارس فيه بعض الشخصيات المعارضة هامشا ضيّقا من حرياتهم السياسية عبر كتابات بوسائل التواصل، أو التجمع في ندوات وأنشطة اجتماعية، أو المساهمة في تظاهرات سياسية وفق ضوابط البلاد المضيفة. ورغم هذا السقف المنخفض من الأعمال، ضاقت السلطات بهذه الفاعليات ومن ثم استهدفت أشخاص المعارضين في تواصلاتها السياسية والدبلوماسية، واستخدمت ثقل هذه العلاقات في كبح المعارضين أو المطالبة بطردهم أو تسليمهم، وصارت الإجراءات القضائية المحلية غطاء قانونيا لإجراءات قمعية عابرة للحدود، تضع أكواد الإرهاب، وقوائم التتبع، والنشرات الحمراء في مكاتب الإنتربول الدولي.

ما أبعاد هذه المشكلة؟ وما أنماط الإجراءات التي تتخذها الدول بخصوص القمع العابر للحدود؟

تكمن الإشكالية الكبرى في مسألة "القمع العابر للحدود" في خطورة الأفعال التي قد تلجأ إليها الحكومات بقصد التعرف على معارضيها، وتحديد أماكنهم، ومن ثم التضييق عليهم، عبر مراقبتهم والتجسس عليهم، والتي تصل استهدافهم بقصد اغتيالهم أو إعادتهم لموطنهم، وهي بلا شك عمليات من شأنها ترتيب مخاطر شديدة على الأشخاص المستهدفين.

تكمن الإشكالية الكبرى في مسألة "القمع العابر للحدود" في خطورة الأفعال التي قد تلجأ إليها الحكومات بقصد التعرف على معارضيها، وتحديد أماكنهم، ومن ثم التضييق عليهم، عبر مراقبتهم والتجسس عليهم، والتي تصل استهدافهم بقصد اغتيالهم أو إعادتهم لموطنهم، وهي بلا شك عمليات من شأنها ترتيب مخاطر شديدة على الأشخاص المستهدفين
الفئات المستهدفة

تضم عريضة من البشر تشمل عشرات الآلاف عبر العالم، من معارضين السياسيين، إلى صحفيين وناشطين، ومنتسبي الأقليات العرقية أو الطائفية، وكذا المنشقين عن أجهزة الدولة ومؤسساتها، حتى أنها قد تشمل أقارب كبار المسئولين الفارين من القمع الأسري.

تقوم الدول حيال هذه الفئات المستهدفة بإجراءات بسيطة متراكمة، وأخرى معقدة صادمة، تشمل صورا متعددة من القمع العابر، قد تراقب الدول التظاهرات التي يقيمها المعارضون في الخارج للتعرف على المشاركين ومن ثم مضايقتهم فيما بعد. وقد تقوم إجراءات القرصنة التكنولوجية محل الرقابة البشرية، للابتزاز بالمعلومات أو الاستهداف بما يعرف بالقمع الرقمي، وربما يؤدي لتخريب الأنظمة الرقمية التي تضر المستهدف في شئونه الخاصة، أو أعماله المهنية والاستثمارية.

تشمل آليات القمع العابر للحدود قسمين رئيسيين من الإجراءات، الأول يمثل إجراءات قانونية طبيعية لكنها تتحول لانتهاكات وقمع لأن الدولة تقوم بها في غير موضعها، والثاني إجراءات غير قانونية تقوم بها النظم السياسية عبر آليات استثنائية.

آليات قانونية مستحدثة للقمع

ابتكرت الدول إجراءات قانونية بمثابة فيتو على حق مواطني المهجر في الحصول على حقوقهم، تحتاج لإزالتها مسارا قضائيا طويلا وشاقا ومكلفا لا يطيقه المواطن المهاجر الذي يحيا حياة استثنائية بحسب الأصل.

أبرز تلك الآليات كالتالي:

حجب الأوراق الثبوتية وجوازات السفر

تتضمن جميع دساتير العالم مواد تضمن للمواطنين حقوقهم الأساسية، وتنظّم علاقاتهم بالحكومات ومؤسساتها المختلفة، يأتي على رأس هذه الحقوق تنظيم حصول المواطن على أوراقه الثبوتية من قيد الميلاد، وبطاقة الهوية، ووثائق الزواج وإثبات النسب، وكذلك جوازات السفر، ولا يحق للدول بأي حال حجب هذه المنظومة أو منع بعض الفئات من الحصول عليها لسبب سياسي، لما لذلك من آثار على المستوى المحلى، والمجتمع الدولي فيما، بعد عبر مسائل انعدام الجنسية وقضايا اللجوء والإقامة الآمنة.

بالرغم من المحاذير الدولية، والنص على تلك الحقوق بالدساتير والقوانين المحلية، تقوم الدول بحجب الوثائق الثبوتية عن مواطني المنفي، أو المهاجرين من الفئات المستهدفة بالقمع، وذلك بغية التضييق على تحركاتهم، ودفعهم للمغادرة أو العودة الجبرية لبلادهم، وفي أغلب الأحيان تترتب على ذلك أمور فرعية تؤدي لصعوبة الالتحاق بالعملية التعليمية، وصعوبة الحصول على أشغال، وقد تؤثر في الحصول على مسكن آمن، وتنقلات سلسة. كما قد تصل الأمور في بعض الأحيان إلى إسقاط الجنسية ذاتها أو التهديد بها.

القمع القنصلي

تحجب الدول خدماتها القنصلية على أرضيات سياسية، وتتراوح هذه الإجراءات بين حجب جميع الخدمات القنصلية عن قوائم تشمل أسماء بعينها، أو حجبها بالكلية في محيط دول معينة، وقد لا تمنعها وتكتفي بالمبالغة في الرسوم التي تتقاضاها لاستخراج الوثائق ما يؤدي لصعوبة استخراجها.

قوائم الإرهاب والكود الدولي والقوائم الحمراء

عمدت بعض الدول لاستغلال الحالة العالمية المعنية بمكافحة الإرهاب في تضمين قوانينها المحلية كثير من آليات الاتهام للفئات المستهدفة بالقمع وإلحاقها بأوصاف وتدابير الإرهاب، مستغلة في ذلك عدم انضباط وصف الإرهاب نفسه، وعدم استقلال الجهات القضائية، وسيولة القوانين التي سنتها الدول في هذا الشأن، فتنتقل الدول من مرحلة "الوصم بالإرهاب" لمرحلة أخرى متقدمة تشمل إدراج المستهدف على قوائم الإرهاب المحلية، وإصدار إجراءات قضائية غيابية من أجل إدراج هذه الأسماء في القوائم الدولية للإرهاب عبر علاقاتها الدبلوماسية المختلفة، ويتم ذلك دون توثيق أو تدقيق.

توقيع الاتفاقيات الثنائية لتتبع المعارضين ومحاكمتهم وتسليمهم

تُبرم الدول المعنية بالقمع العابر اتفاقيات دولية ثنائية وجماعية تمكنها من تجاوز القوانين المحلية للدول المستضيفة، والتي تعيق حركة تسليم المعارضين أو محاكمتهم، عبر التعلل بأن الإجراء نابع من اتفاقية دولية ملزمة، ومن ثم تسليم المستهدفين بإجراءات سريعة لا تراعي حقوقهم الإنسانية أو التأكد من جدية الاتهامات بشأنهم.

الاشتراك في عضوية الهيئات الدولية الأمنية والقضائية

تمارس بعض الدول وصاية على الهيئات الدولية الأمنية والقضائية مثل "الإنتربول"، عبر التمويل الرسمي، أو العضوية المؤثرة، أو ربما رئاسة هذه الهيئات، وتحويلها لما يشبه المصيدة، أو دوائر تقنين إجراءات القمع، بعدما كانت إجراءات لضبط عمل الشرطة الدولية والتحقق من جدية الاتهامات.

آليات غير قانونية للقمع العابر للحدود
تمارس بعض الدول وصاية على الهيئات الدولية الأمنية والقضائية مثل "الإنتربول"، عبر التمويل الرسمي، أو العضوية المؤثرة، أو ربما رئاسة هذه الهيئات، وتحويلها لما يشبه المصيدة، أو دوائر تقنين إجراءات القمع، بعدما كانت إجراءات لضبط عمل الشرطة الدولية والتحقق من جدية الاتهامات
إطار آخر للإجراءات التي تقوم بها الدول يتمثل في الإجراءات الاستثنائية التي تستخدمها الدول عبر مؤسساتها الأمنية والمخابراتية، قد تصل لاستدراج المواطن والقبض عليه بقنصلية بلده ومن ثم القيام بعمليات من شأنها الإضرار بحياته أو حريته بترحيله خلسة بعمليات مخابراتية، أو عمليات "شراء" ولاء بعض الموظفين النظاميين في بعض الدول لتسريع إجراءات ترحيل المواطنين حال تنقلهم في المطارات ومنافذ العبور.

أضيفت مؤخرا آليات القمع الإلكتروني والتكنولوجي، عبر مشاركة الدول في تطوير خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي، أو استقبال مقراتها الإقليمية في أراضيها، وكذا الاستعانة بجهود مؤسسات فنية محترفة وبيوت خبرة دولية تتعاقد معها الدول في إدارة كتائب الذباب الإلكتروني، أو إدارة حملات ما يعرف بـ"التحرش الإلكتروني"، لكن الخطير في هذه المسألة هو إتاحة الدولة استخدام سجلات المواطنين الرسمية، وإفشاء معلوماتهم وبياناتهم الشخصية التي تمتلكها مؤسسات الدولة بشكل طبيعي.

قدمت إسرائيل نموذج لتتبع النشطاء الداعمين للقضية الفلسطينية، مستفيدة بتقنيات الـ"GPS" في جوجل، وخوارزميات فيسبوك وإكس، وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي الطبيعية، فيما استفادت بهذه البيانات في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي للفتك والقتل بالصواريخ والمسيرات، وهو ما صار نموذجا قد تستعين به الدول القمعية.

ويشمل القمع العابر أمثلة ونماذج شهير، منها الإجراءات التي تقوم بها الصين ضد أقلية الأويجور، وما تقوم به الإمارات وبعض دول الخليج ضد ناشطي الربيع العربي، وما تقوم به مصر وتونس ضد نشطاء ثورتيهما، وما تقوم به بعض النظم السياسية ضد جماعات الإسلام السياسي وعلى رأسها الإخوان المسلمين، سواء في الدول التي وصلت فيها للحكم مثل مصر وتونس والمغرب، أو تلك التي كانت شريك شعبي برلماني كما في الأردن، أو قريبة من صانع القرار كما في السودان.

مؤخرا بدأت بعض الدول الأوروبية التي كانت تتميز بضمان إجراءات عادلة في ملفات اللجوء السياسي بالتخلي عن تلك الإجراءات مقابل مزايا اقتصادية وسياسية في ملفات موازية، من ذلك تصنيف الاتحاد الأوروبي لبعض الدول التي تنتهج القمع الداخلي والقمع العابر كدول آمنة، واتخاذ إجراءات وفق هذه القرارات بطرد بعض اللاجئين أو المهاجرين أو تحويلهم لما يعرف بمراكز العودة أو مراكز اللجوء البديلة في دول لا تستطيع توفير الحماية للاجئ في دول آسيا وأفريقيا.

ما ينبغي على المجتمع الدولي فعله تجاه القمع العابر للحدود

ينبغي بداية إبعاد التصنيفات السياسية عن منابر العدالة الدولية وفي مقدمتها الإنتربول الدولي، فلا ينبغي أن يكون التصنيف عاما على أرضية العِرق أو الدين أو اللغة أو التوجه السياسي، ويتم ذلك عن طريق إيجاد آلية رقابة قضائية لعمل البوليس الدولي، فلا تتم عمليات تسليم المواطنين إلا عبر إجراء قضائي من جهة أعلى، في المقابل يجب أن ينتبه النشطاء في مجالات حقوق الإنسان لما تبرمه دولهم من اتفاقيات ثنائية، وتنقيتها من البنود التي تجعل الدولة آلة ضغط على معارضي الدول المتعاقدة، والإبلاغ عن هذه البنود للجهات القضائية المحلية لعدم الوقوع في أخطاء إجرائية قد تودي بحياة إنسان أو تحبس حريته.

أخيرا، يجب على مجاميع المهاجرين أو الفئات المرشحة للقمع أن تتحد في تجمعات قانونية وفق أطر إجرائية تسمح بها دول المهجر، تشرح قضيتهم للدول المستضيفة وتعمل على تقريب وجهات النظر بشأن حقوقهم، كما تمارس عملا سياسيا وقانونيا يحقق مستوى معقولا من الأمن وسقفا مقبولا من الاعتراف يمكن صاحبه من ممارسة حياته الطبيعية.

مقالات مشابهة

  • التحالف الذي لم تطأ اقدامه أرض السودان لا يحق له التقرير بشان أهله
  • «هاري بوتر».. سرد قصصي مشوّق وتكنولوجيا مبتكرة
  • تاليافيكو يجدد عقده مع ليون إلى 2027
  • القمع العابر للحدود من أكواد الإرهاب إلى النشرات الحمراء
  • أيهما أفضل ليلة الجمعة.. قيام الليل أم الصلاة على النبي؟
  • "وقاء" يطلع على أفضل الممارسات لتطوير قطاع الدواجن في السعودية
  • في ذكرى التأميم.. رئيس هيئة قناة السويس يدعو لتخفيض تأمين السفن العابرة بالبحر الأحمر
  • بالتعاون مع الجامعة البريطانية.. النيابة العامة تنظم تدريبا للأدلة الرقمية ومصادر المعلومات
  • شعبة الاقتصاد الرقمي وإيتيدا تطلقان دورة حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي
  • النيابة العامة تُجدد التزامها الدولي بـ«مكافحة الاتجار بالبشر»