لم تعلق الولايات المتحدة على التطورات والتصريحات المتلاحقة بخصوص التطبيع بين تركيا والنظام السوري، في حين تتزايد الانتقادات للمعارضة السياسية السورية، والاتهامات بعدم الخروج بردود فعل "رافضة" لهذا المسار، رغم أن المضي فيه يضعها في خانة أكبر الخاسرين.

وفي تفسيره لموقف واشنطن قال مدير البرنامج السوري في "المجلس الأطلنطي" (مؤسسة بحثية أمريكية)، قتيبة إدلبي، إن البيت الأبيض لم يغير موقفه من مسألة التطبيع مع النظام السوري، حيث تقول واشنطن إنها متمسكة بموقفها الذي لا يشجع ولا يعارض قيام بعض الدول بتطبيع علاقتها مع بشار الأسد.



وأضاف لـ"عربي21": أن واشنطن تأخذ موقف المبتعد عن الملف السوري، مع الحفاظ على نفوذها العسكري في سوريا.

وعن احتمال تضرر قوات سوريا الديمقراطية "قسد" من التطبيع التركي مع النظام السوري، وخاصة أن من أبرز أهداف أنقرة من هذا المسار مكافحة التنظيمات الكردية التي تصنفها "إرهابية"، يقول إدلبي: إن واشنطن شجعت "قسد" على محاولة إيجاد مع تركيا، وهذا الأمر يبدو مستحيلاً بسبب سيطرة "العمال الكردستاني" على قرار "قسد".

وبحسب إدلبي، طلبت واشنطن من "قسد" الحوار مع النظام السوري، ما يعني حكماً أن "واشنطن لا تعارض أي انفتاح لقسد على كل الأطراف المختلفة".

ومن الواضح أن واشنطن قد أعطت الدول التي ترغب بالتطبيع مع النظام السوري موافقة مبدئية، ويمكن تلمس ذلك من خلال عدم تمرير مشروع قانون "مناهضة التطبيع مع نظام الأسد" ضمن حزمة القوانين التي أقرها الرئيس الأمريكي جو بايدن.

لكن مع ذلك، تخرج الأصوات الأمريكية الرافضة للتطبيع مع النظام السوري، مثل السيناتور الجمهوري، جو ويلسون، الذي انتقد نية تركيا تطبيع علاقاتها مع النظام السوري، معتبراً أن "التطبيع مع الأسد تطبيع مع الموت نفسه".

وتُقسر مصادر سبب عدم خروج واشنطن بمواقف واضحة من التطبيع التركي مع النظام السوري، إلى الانشغال بالانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة.


ماذا عن إيران؟
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد طالب الولايات المتحدة وإيران بدعم مسار التطبيع مع النظام السوري لإنهاء "المعاناة في سوريا"، وقال: "على واشنطن وطهران أن تكونا سعيدتين بالتقارب المرتقب بين بلاده والنظام".

ويؤشر ذلك، إلى حالة "عدم ارتياح" إيرانية، من الاندفاعة التركية نحو التطبيع مع النظام السوري، وهي الحالة التي فسرتها المصادر ذاتها إلى "برود" ردود النظام على كلام أردوغان بخصوص التطبيع، والاجتماع مع بشار الأسد.

وفي هذا الجانب، يرى الباحث المختص بالشأن الإيراني، مصطفى النعيمي، أنه يمكن من خلال قراءة مواقف النظام السوري الأخيرة، واشتراط النظام السوري سحب القوات التركية من الشمال السوري قبل التطبيع، أن إيران هي من تدير قرار مسار التطبيع.

وتابع في حديثه لـ"عربي21"، أن إيران تستثمر في المناخ الدولي، ويبدو أنها لم تحسم أمرها بعد من مسار التطبيع التركي مع النظام السوري، بدلالة تفاوت الإشارات الصادرة عن النظام السوري بخصوص هذا الملف.

وكان رئيس النظام السوري بشار الأسد، قد أعلن استعداده للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "إذا كان في ذلك مصلحة للبلاد"، معتبراً أن "المشكلة ليست في اللقاء بحد ذاته إنما في مضمونه".

يأتي ذلك بعد أيام من تجديد وزارة خارجيته مطلب "الانسحاب" التركي من سوريا قبل إجراء إي لقاءات مع الأتراك.


المعارضة السورية في مأزق
ويضع التطبيع بين تركيا والنظام السوري المعارضة السورية في موقف صعب للغاية، وخاصة أن أنقرة تعد من الأطراف الدولية القليلة الداعمة للمعارضة.

ومقابل التصريحات التركية وردود النظام السوري، لم تُسجل أي مواقف واضحة للائتلاف السوري الذي يمثل المعارضة سياسيا، واقتصرت الردود على بيان أصدره الائتلاف بعد إغلاق مقره في أعزاز من قبل الجموع الغاضبة، دعا فيه "إلى التحلي بالحكمة وعدم الانجرار وراء الإشاعات والأخبار المزيفة التي يسعى نظام الأسد إلى نشرها من أجل تفريق أبناء الشعب الواحد".

وشدد على أن "جوهر الثورة سوري وجوهر الحل سوري، ولا يمكن تحقيق السلام المستدام من دون تحقيق العدالة لضحايا جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ومن دون إطلاق سراح المعتقلين ومعرفة مصير المغيبين قسرياً"، معتبراً أن "قرار مجلس الأمن رقم 2254 هو الحل الوحيد القادر على تعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين، وتحقيق السلام المستدام".

من جهته، قال الباحث في مركز "جسور للدراسات" وائل علوان إن المعارضة السورية على تواصل مع المسؤولين الأتراك، ومع مراكز الدراسات التركية، ما يعني أنهم على إطلاع كامل على دوافع أنقرة للتطبيع، وكذلك على الفرص الضئيلة لنجاح هذا المسار.

وأَضاف لـ"عربي21"، أن السياسيين والمسؤولين في المعارضة لا يريدون أن يتعارض موقفهم على الإعلام، مع التوجه الإعلامي التركي، أو الهدف الذي تريده تركيا من "المناورات" التفاوضية.

لكن علوان اعتبر في الوقت ذاته أن المعارضة "مقصرة" في اللقاءات مع الفعاليات الشعبية، ومع الناشطين بعيداً عن الإعلام، لبحث التحديات وأجندات الفترة الماضية، مثل توجيه الرأي العام.

والاثنين قال بشار الأسد، من أحد المراكز الانتخابية في العاصمة السورية دمشق، إنه "عندما نتحدث عن بلد، فيجب أن تكون العلاقات طبيعية، وإذا أردنا أن نصل إلى ذلك، وهذا ما نسعى إليه في سوريا، بغض النظر عما حصل، هل يمكن أن يكون الاحتلال جزءا من هذه العلاقات الطبيعية بين الدول أو دعم الإرهاب جزءاً منها.. هذا مستحيل"، وذلك في تعليقه على تصريحات أردوغان.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية تركيا الأسد سوريا إيران أردوغان إيران سوريا الأسد تركيا أردوغان المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التطبیع مع النظام السوری بشار الأسد

إقرأ أيضاً:

ثمن التطبيع سياسة التجويع

 

لم يكن التطبيع مجرد توقيع على ورقة ولم تكن المؤتمرات والابتسامات والبيانات الرسمية سوى خنجر مسموم في خاصرة فلسطين، اليوم يتضح الثمن بوضوح فادح وسياسة التجويع التي يُمارسها الاحتلال على غزة ليست فقط من فعل الصهاينة بل من صمت المطبعين الذين باعوا أنفسهم بثمن بخس .

كيف نتحدث عن سلامٍ مزعوم وأطفال غزة يموتون جوعًا بين الأنقاض كيف يمكن أن نُبرر هذا الصمت المريع ونخدع أنفسنا باسم المصالح والمفاوضات أي مصالح تُقدم على أرواح الرضع وأمعاء الأمهات الخاوية أي مبرر أخلاقي أو سياسي يُغطي على بشاعة أن تفتح أبوابك للمحتل وتُغلقها في وجه الجائعين .

التطبيع جريمة مكتملة الأركان وثمنه يُدفع من دماء وأحشاء وأعمار شعب لا يملك إلا الصبر والحجارة، اليوم نرى نتائجه بوضوح، فالاحتلال يشعر أنه مُحصن لأن خلفه عربًا لا يهددون ولا يضغطون بل يبررون ويُديرون ظهورهم ويوقعون على مذابح غزة بصمتهم .

سياسة التجويع سلاح أرخص من القنابل لكنه أشد فتكًا، يقتل ببطء، ينهك بعمق، يُحاصر الحياة ويحولها إلى جحيم وبدلًا من أن تكون الأمة في خندق غزة أصبحت غزة وحدها في وجه الجوع والطغيان والطعنات .

من يطبّع اليوم سيجد نفسه غدًا هدفًا لأن الجوع الذي صمتنا عنه لن يبقى في حدود غزة سيصل إلى كل بيت خذل فلسطين، لأن الجوع لا يرحم والمتواطئين لا يُغفر لهم في ذاكرة التاريخ.

اليوم لا مجال للحياد فإما أن تكون في صف الإنسان في صف الجائعين في صف أطفال يُصارعون الموت كل يوم بلا خبز ولا ماء وإما أن تكون في صف المحتل في صف الخذلان في صف من باعوا القضية بأوهام اتفاقيات ووعود جوفاء .

غزة تكشف الحقيقة تفضح الأقنعة تسقط الشعارات الرنانة التي طالما صدحت بها الأنظمة العربية وهي اليوم عاجزة حتى عن إصدار بيان واحد يحمل الكرامة، إن صمت الأنظمة جريمة وإن السكوت على سياسة التجويع مشاركة في المذبحة.

التطبيع ليس سلامًا إنه استسلام مطلق واختناق بطيء لفلسطين والقبول به يعني القبول بالموت البطيء لأمة بأكملها فليس الجوع في غزة صدفة وليس الحصار قدرًا بل نتيجة واضحة لمعادلة خيانة وتواطؤ وتشويه للوعي .

ما يحدث في غزة الآن هو اختبار حقيقي لكل من يدّعي الإنسانية والعدالة والعروبة، جوع غزة ليس مؤقتًا إنه رسالة دامغة بأن الكيان لا يعرف الرحمة ولا يفهم إلا منطق القوة والموقف والمواجهة .

فلتُسقط كل أوراق التوت عن تلك الأنظمة التي تُدير ظهرها لجوع غزة بينما تفرش السجاد الأحمر لمجرمي الحرب، لا تبرير ولا عذر ولا حياد أمام مشهد أمعاء خاوية وقلوب تصرخ وسماء تعج بصواريخ الاحتلال وأرض تئن من الحصار

غزة لن تسقط ما دام فيها من يقاتل بالجوع، وما دام فيها من يُشعل شمعة في قلب الظلام لكن عروشًا ستسقط يوم يُحاسب التاريخ وتُفتح دفاتر الصمت والخيانة والخذلان.

مقالات مشابهة

  • طارق الزمر لـعربي21: التغيير في مصر بات قريبا.. وسقوط السيسي بدأ من داخل النظام
  • مراسل سانا: افتتاح خط النقل الإقليمي للغاز الذي يربط سوريا بتركيا بحضور وزير الطاقة السوري المهندس محمد البشير ووزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار ووزير الاقتصاد الأذربيجاني ميكائيل جباروف وممثلين عن صندوق قطر للتنمية
  • تفسير حلم البحر للعزباء والمتزوجة والحامل
  • لافروف يلتقي نظيره السوري في موسكو ويدعو الشرع لحضور القمة الروسية العربية
  • تفسير رؤيا قص شعر الرأس في المنام لـ ابن سيرين.. تغييرات داخلية أو خارجية
  • روسيا تنفض يدها من الدم السوري وتصافح الإدارة الجديدة.. نخبرك ما نعرفه
  • روسيا تنفض يدها من الدم السوري وتصافح الإدارة الجديدة.. نخبرك مع نعرفه
  • أنباء عن ظهور إعلامي قريب لرئيس النظام السوري المخلوع بشار الأسد
  • ثمن التطبيع سياسة التجويع
  • هآرتس: لا تمنحوا نتنياهو صكّ براءة حيال ما يفعله بغزة