تحديات الأمن السيبراني بشركة أميركان إيرلاينز.. معركة جانيش جايارام الدائمة
تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT
يواجه جانيش جايارام، مدير قسم المعلومات والشؤون الرقمية في شركة أميركان إيرلاينز، تحديا واحدا رئيسيا يجعله ينام وإحدى عينيه مفتوحة خلال الليل وهو: الأمن السيبراني، بحسب تقرير لوكالة الأنباء الألمانية.
وذكرت صحيفة دالاس مورنينغ نيوز أن الأمن السيبراني يمثل منذ وقت طويل تهديدا لأنظمة تكنولوجيا المعلومات، وظهرت تداعياته بصورة أكبر في الداخل إثر هجوم باستخدام برامج الفدية استهدف خوادم مدينة دالاس العام الماضي، مما دفع أعضاء مجلس المدينة للموافقة على تخصيص نحو2.
وهذا العام، تسربت البيانات الشخصية لنحو 73 مليون عميل حالي وسابق بشركة " إيه تي أند تي" للاتصالات على شبكة الويب المظلم. وتعد هذه أكبر مشكلة لفريق التكنولوجيا بالشركة، ولكنها واحدة من آلاف المشاكل التي يحاول فريق جايارام لحل المشاكل التكيف معها كل يوم في عالم المسافرين المتغير.
وطورت شركة أميركان إيرلاينز أداتين لمساعدتها في أداء أعمالها: "إتش إي إيه تي" التي تعني مركز أداة الكفاءة التحليلية والبوابة الذكية.
وتساعد هذه الأداة في أحوال الطقس الحادة، في حين تعد البوابة الذكية أداة يتم استخدامها لتقليص وقت سيارات الأجرة.
ويقوم فريق تكنولوجيا المعلومات بالشركة بتبسيط بعض أبسط الأسئلة، ويوجد نحو ألفي موظف في مقر فورت وورث، كما يعمل البعض بمقر الشركة في فينيكس. وهناك مساحة تتيح التعاون بين المشاريع الرئيسية التي يعمل عليها موظفو تكنولوجيا المعلومات.
تعقيدات التكنولوجيا وحلولهاوفي ضوء تعرض شركات طيران كبرى مثل ألاسكا إيرلايند وساوث ويست إيرلاينز مؤخرا لاضطرابات تشغيلية بسبب مشاكل فنية، سألت صحيفة دالاس مورنينغ -جايارام الذي انضم لشركة أميركان إيرلاينز منذ سبتمبر/أيلول 2022- عن مقدار مساهمة تكنولوجيا المعلومات بهذه الاضطرابات، وما الذي يبحث عنه.
وسألته الصحيفة "إذا كنت تعلم أن هناك ظاهرة مناخية ستحدث، على سبيل المثال عاصفة ثلجية ستهب. كيف يمكن التخطيط لذلك؟" ليجيب جايارام "بالنسبة لنا، أولا وأخيرا، السلامة هو العمل الأول، والأمر الثاني التأكد من أننا نخطط للتعافي سريعا".
وأوضح أن الأمر الثاني هو التأكد من الاستثمار في التكنولوجيا بانتظام واستمرار. وأضاف جايارام "في حالتنا، لقد قمنا باستثمارات كبيرة في التكنولوجيا، وساعدتنا للخروج من جائحة كورونا، ونحاول زيادة الإنفاق عاما بعد عام في التكنولوجيا".
وأضاف جايارام "لقد استثمرنا المزيد في التكنولوجيا، ونحن ندرك أن بعض الأمور التي نقوم بها مازالت يدوية أو شبه يدوية، ولكن يمكننا أتمتة بعض هذه الأعمال، ويمكننا الاستمرار في تحديث حزمة التكنولوجيا وبناء المزيد من المرونة".
وقال "لا يعني ذلك أن الأجهزة لن تفشل، والبرامج لن تتعطل. ولكن هناك أمرين يتعين أن يتم إتمامهما بسرعة: الأول التمكن من الرصد بمجرد وقوع الحادث. وبمجرد معرفة ذلك، أحتاج لأشخاص لديهم خبرة بحيث يمكنهم العمل والتأكد من التعافي السريع".
وأضاف جايارام "الأمر الثالث هو عملية التدريب. وعندما يكون أمامنا مشكلة، وهكذا هو الحال دائما، وما نحاول القيام به هو تقليص التأثير. فإنك لا تريد أبدا أن تواجه هذه الأمثلة التي تطرحها. إذا تمكنا من التأكد أن العميل لا يعاني، فهذا يعد انتصارا".
وأوضح "كل أسبوع يجتمع فريق القيادة ويراجع جميع الحوادث التي وقعت عند مستوى شدة معين كان يمكن أن يكون له تأثير كبير على مستوى العمليات وتجاريا وفي بعض الحالات، يجد بائعونا الحل".
واستطرد "نحن ندعوهم ليكونوا جزءا من هذه العملية. نقول لهم أخبرونا ما حدث ونحن نتعلم من ذلك". وأضاف "حين ذلك يمكننا إدخال تغيرات على العملية واستخدام أدوات مثل التعويضات والتكنولوجيا لدى التعامل مع أي حالة كانت، للتأكد من عدم تكرار الأمر".
ولدى سؤال جايارام عن كيفية متابعة تهديدات الأمن السيبراني في شركة كبيرة مثل أميركان إيرلاينز، قال "عندما نفكر في المرونة، هناك نوعان: أحدهما أننا لا نستطيع التعامل بسبب التغيرات التي أدخلناها. والثاني أننا لا نستطيع أن نشغل النظام لأن شخصا ما اخترق أنظمتنا".
وأوضح أن هناك عوامل في الكثير من الحالات يفرضها علينا طرف ثالث. وأشار إلى أنه في حال كانت هناك نقطة ضعف تتعلق بطريقة تصميم طلب أو بسبب تشغيل نظام قديم، فإنه تكون هناك فرصة لتدخل طرف ثالث.
وقال جايارام "إن الناس يزدادون ذكاء، كما أن المجرمين أصبحوا أكثر ذكاء في مهاجمتنا" مضيفا أنه "علينا دائما توخي الحيطة".
وأضاف "لدينا أدوات استثمرنا فيها، هذه الإنذارات التي تحذرنا عندما تقع هذه الأنشطة.. تسرع فرقنا لمحاولة إصلاح الأمر في أسرع وقت ممكن. نحن نتعلم ونصبح أفضل".
وعند سؤاله عما يؤرقه في الليل خلال موسم ذروة السفر، قال جايارام إن الأمن السيبراني بالنسبة له هو الوظيفة الأولى.
وأضاف "ما يؤرقني في الليل هو ضمان ألا تسبب التكنولوجيا ضعف أداء عملنا أو أن يبتلى عملاؤنا بتجربة سيئة خلال أي جزء من عملية البيع أو تقديم الخدمة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات تکنولوجیا المعلومات الأمن السیبرانی فی التکنولوجیا
إقرأ أيضاً:
فيروسات المستقبل.. السلاح الخفي في معركة البقاء
لم تعد الحروب الحديثة تُخاض على جبهات واضحة أو بخطوط تماس تقليدية، بل أصبحت مختبرات الأبحاث البيولوجية والجينية جبهات متقدمة في صراع القوى الدولية، ومع تسارع وتيرة التقدم في علوم الوراثة والتكنولوجيا الحيوية، تلوح في الأفق ملامح عصر جديد من الحروب، الحروب البيولوجية المستقبلية، التي قد تُعيد تشكيل النظام العالمي وتُحدث تحولات جذرية في مفاهيم الأمن القومي والسيادة.
التحول الجوهري في طبيعة الحرب البيولوجية المستقبلية يكمن في دقتها الانتقائية، ففيما كانت الأسلحة البيولوجية التقليدية تُطلق في نطاق واسع غير موجه، بات الآن بالإمكان استخدام أدوات مثل تقنية "كريسبر" لتعديل الجينات وتصميم فيروسات موجهة تصيب فئة بشرية معينة بناءً على خصائص وراثية محددة، كالسلالة أو العرق أو حتى التكوين الجيني لسكان منطقة بعينها.
في قلب هذه الحرب القادمة تقف البيانات الوراثية للبشر، باعتبارها الوقود الحقيقي للصراعات، ملايين الأشخاص أرسلوا عينات حمضهم النووي إلى شركات لتحليل الأنساب أو الأمراض الوراثية، هذه الشركات، رغم ما تعلنه من التزام بالخصوصية، قد تكون في يوم ما هدفًا للاختراق أو الشراء من قِبل جهات أمنية.
ويمكن استهداف مجموعات بشرية معينة بفيروسات مصممة بدقة. ويمكن معرفة نقاط ضعف الشعوب صحيًا، وتطوير أدوات قتل صامتة، وهذا النوع من الأسلحة يُحدث ثورة في موازين القوى، لأنه يتيح لدولة صغيرة أو تنظيم مسلح امتلاك قدرة تدميرية تضاهي النووي، ولكن دون الدمار الشامل للبنية التحتية أو الحاجة إلى جيوش ضخمة.
التهديد لا يأتي فقط من الدول العظمى التي تستثمر في البحث البيولوجي، بل من تعدد اللاعبين غير التقليديين، شركات التكنولوجيا الحيوية العابرة للحدود، التي تُجري تجارب على الجينات، أصبحت تملك بنوك بيانات ضخمة يمكن استخدامها لأغراض هجومية، كما أن السوق السوداء للفيروسات والمُعدلات الجينية باتت متاحة عبر الشبكة المظلمة.
والتقارير الاستخباراتية تؤكد أن بعض الدول استثمرت ملايين الدولارات في أبحاث الجينوم البشري بهدف جمع قاعدة بيانات جينية عالمية، يمكن من خلالها تطوير فيروسات مخصصة وهي ليست مجرد خيال علمي، بل مشروع يُطبخ في الخفاء على نار باردة.
والتنظيمات المتطرفة قد تستخدم فيروسًا مُهندَسًا كأداة إرهاب واسعة النطاق، بل إن بعض الفرضيات الاستخباراتية تتوقع هجمات بيولوجية بوساطة طائرات درون صغيرة تنشر رذاذًا معديًا في أماكن التجمعات.
وقد أظهرت جائحة كوفيد-19 هشاشة البنية الصحية العالمية، حتى في الدول المتقدمة، وكشفت مدى تداخل الأمن الصحي مع الأمن الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، والجائحة كانت، في نظر كثير من المحللين الاستراتيجيين، محاكاة عملية لحرب بيولوجية محدودة.
فحرب بيولوجية واحدة قد تُسقط دولة قوية دون طلقة واحدة هذا يجعل بعض الدول تفكر بالبيولوجيا كأداة للانتقال من وضعية القُطر الصغير إلى لاعب إقليمي أو عالمي فإذا استطاعت دولة ما توجيه ضربة بيولوجية تُحدث انهيارًا اقتصاديًا في دولة عظمى، دون أن تُكتشف، فقد تحقق نفوذًا غير مسبوق دون الحاجة لمواجهة مباشرة.
ولو ظهر الآن فيروسًا أكثر فتكًا، مُصممًا في مختبرات عسكرية، لا يُظهر أعراضه إلا بعد أسبوعين من العدوى، يُصيب فئة عمرية منتجة، ويُطلق بهدوء في أحد المطارات الدولية لن يكون حجم الخسائر يُقاس بالموتى فقط، بل بالانهيار الكلي لسلاسل الإمداد، والثقة المجتمعية، وحتى استقرار الأنظمة السياسية.
وفي السنوات الأخيرة، ومع تنامي الصراعات الجيوسياسية وحمى سباق التسلح الصامت، تصاعد الحديث في أوساط المخابرات والمراكز البحثية عن تجارب بيولوجية سرية تجريها بعض الدول الكبرى، هدفها ليس العلاج، بل تطوير فيروسات معدلة وراثيًا لتُستخدم كأسلحة دمار شامل.
ويؤكد تقرير صادر عن "معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي" أن هناك دلائل متزايدة على أن بعض الدول تسعى لخلق "فيروسات ذكية"، يصعب اكتشافها، وتتميز بسرعة الانتشار، وارتفاع معدل الوفاة، وإمكانية برمجتها لاستهداف جينات معينة.
وفي أوائل عام 2024، أعلنت منظمة الصحة العالمية حالة التأهب القصوى بعد ظهور سلالة متحورة من فيروس "ماربورغ" في وسط إفريقيا، أُطلق عليها اسم “ماربورغ 2.0”، السلالة الجديدة لم تكن طبيعية في نمط تطورها، وهو ما أثار شكوكًا حول تدخل بشري في تعديل بنيتها الجينية.
وتمتاز هذه النسخة بسرعة الانتشار عبر الهواء وهو تطور خطير مقارنة بالسلالة الأصلية التي كانت تنتقل عبر سوائل الجسم فقط، ومع معدل وفاة يصل إلى 85% في الحالات المصابة، وغياب لقاح فعال حتى اللحظة، بدا العالم وكأنه على شفا كارثة بيولوجية.
لكن ما أثار الجدل أكثر، هو تسريب وثائق من مركز أبحاث في أوروبا الشرقية، تشير إلى تجربة سرية كانت تهدف لاختبار قدرة الفيروس على الانتشار في بيئات مغلقة كالمطارات والسجون، وهو ما أعاد إلى الأذهان كابوس "مختبرات الموت".
وفي جنوب آسيا، رُصدت حالات لفيروس "نيباه" المتحور، والذي تم تطويره في ظروف غامضة ليصبح أكثر مقاومة للأدوية وأسرع في الانتقال من إنسان لآخر والنسخة الجديدة، التي أُطلق عليها اسم "نيباه X"، تتسبب في تورم دماغي حاد يودي بحياة الضحية خلال أقل من 48 ساعة من ظهور الأعراض.
اللافت أن التحاليل الجينية أظهرت تلاعبًا واضحًا في الشيفرة الوراثية للفيروس، مما دفع جهات استخباراتية غربية إلى اتهام أطراف غير معلومة بتطوير الفيروس داخل مختبرات عسكرية، ربما بغرض اختباره كسلاح كتمهيد لحرب بيولوجية محتملة.
ما يجعل هذه الأسلحة البيولوجية الفيروسية أكثر خطورة من غيرها، هو أن اكتشافها يتم بعد فوات الأوان، فغالبًا ما يُعتقد أن انتشار الفيروس هو وباء طبيعي، حتى تتضح الحقيقة، ولا يمكن مواجهة هذه الفيروسات بأسلحة تقليدية، ولا حتى بالجيوش، مما يجعل الدول أمام خيارين الانهيار أو العزلة، ولعل ما حدث في أعقاب جائحة "كوفيد-19" يُعد تحذيرًا مبكرًا لما هو قادم لكن الفرق أن الفيروسات التي ظهرت مؤخرًا أكثر خبثًا، وأسرع فتكًا، وربما للأسف أكثر ذكاءً.
وفرض التوازن النووي حالة من الردع بين القوى العظمى، والعالم الآن بحاجة إلى مفهوم جديد للردع البيولوجي لكن التعقيد في الأسلحة البيولوجية يكمن في إمكانية إنكار استخدامها، وصعوبة تتبع مصدرها، مما يجعل المحاسبة الدولية شبه مستحيلة.
من هنا تنبع الحاجة إلى معاهدة دولية مُلزمة تُعزز الشفافية في الأبحاث البيولوجية، وتُنشئ هيئة تحقيق عالمية لديها صلاحية التفتيش الفوري على المختبرات، تمامًا كما هو الحال مع وكالة الطاقة الذرية.
وسيحتاج الأمن القومي في العقود القادمة إلى إعادة تعريف جذري. الجيوش التقليدية، مهما كانت قوتها، لن تستطيع حماية دولة من فيروس موجه، والمطلوب هو بنية تحتية للذكاء الحيوي، تُراقب التغيرات البيولوجية غير المعتادة، وتحلل التسلسل الجيني للفيروسات الجديدة فور ظهورها.
الدول الذكية لن تستثمر فقط في الطائرات والسفن، بل في قدرات رصد بيولوجي مبكر، وفي العلماء باعتبارهم جنود الخط الأمامي في الحروب القادمة والتي قد لا تصدر عنها أصوات انفجارات، ولا ترفع فيها رايات، لكنها ستكون الأكثر تأثيرًا في تاريخ البشرية، حرب تُخاض داخل خلايا الجسد، وميادينها مجهرية، ولكن عواقبها عالمية.