لجريدة عمان:
2025-06-13@13:18:32 GMT

فرنسا وبريطانيا تتبادلان المواقع

تاريخ النشر: 27th, July 2024 GMT

جيديون راكمان

ترجمة: قاسم مكي

في الانتخابات الأخيرة، بريطانيا وفرنسا تبادلتا مواقعا سياسية متعارضة. فبعد ثلاثة أيام من انتخاب بريطانيا لحكومة وَسَطية وبراجماتية بأغلبية ضخمة ذهبت فرنسا إلى الاتجاه المعاكس. فقد جاءت نتيجة انتخاباتها التشريعية بانسداد برلماني مع تقدم لأقصى اليمين وأقصى اليسار.

في بريطانيا ربما انتهت أخيرا فترة الفوضى السياسية التي بدأت بالتصويت على البريكست (الخروج من الاتحاد الأوروبي) في عام 2016.

وفي فرنسا من المحتمل أن فترة مديدة من عدم الاستقرار السياسي قد بدأت لتوِّها.

فلا يمكن أن يُخفي الارتياحُ من الأداء الأسوأ من المتوقع لحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف في الجولة الثانية من التصويت حقيقةَ أن الوسطية في السياسة الفرنسية تنحسر وتتقلص معها أيضا سلطة الرئيس ايمانويل ماكرون.

كان الهدوء في لندن ليلة الانتخابات البريطانية الماضي يتباين بشدة مع أجواء باريس المحمومة مساء انتخاباتها البرلمانية.

من المؤسف أن الدورتين السياسيتين في فرنسا وبريطانيا غير مُتَّسقتَين. فعلى الرغم من التنافس الفطري بينهما من المعقول أن تتعاونا. إنهما جارتان وتتزاملان في اتباع النظام الديمقراطي ومتماثلتان في عدد سكانهما. كما تحتفظ كل منهما ببعض رموز مكانة القوة العظمي كالأسلحة النووية والعضوية الدائمة في مجلس الأمن رغم أنهما لم تعد لديهما القوة الاقتصادية التي تدعم تلك المكانة.

لقد حاولت كل من فرنسا وبريطانيا لعب دور قيادي في الجهود الدولية لمعالجة التغير المناخي. وكلتاهما تعاملتا بجدية بالغة مع تهديد روسيا وتدعمان أوكرانيا بقوة. وفي العقود الأخيرة ظلت فرنسا وبريطانيا أيضا القوتين العسكريتين الرئيسيتين في أوروبا على الرغم من أن إعادة التسلح الألماني قد يغير ذلك بمرور الزمن.

لكن قدرة بريطانيا على فرض نفوذها في تقرير مستقبل أوروبا حدَّ منها خروجها من الاتحاد الأوروبي والذي وضعها خارج الهياكل السياسية المفتاحية للقارة وخلَّف وراءه إرثا من عدم الثقة.

في غياب بريطانيا انتهز ماكرون الفرصة لوضع رؤية طموحة لمستقبل أوروبا. لكن قدرة الرئيس الفرنسي على ادعاء القيادة الفكرية لأوروبا من المرجح أن تختفي الآن جنبا إلى جنب مع اختفاء تفويضه السياسي الداخلي (بعد الانتخابات البرلمانية الفرنسية).

مع ذلك، التحديات العالمية التي واجهتها بريطانيا وفرنسا وأوروبا يُرجَّح أن تزداد حدتها خلال العام القادم. هنالك حاليا انسداد في حرب أوكرانيا ويشتد التوتر حول اختراق روسي محتمل. وإذا تولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة للمرة الثانية سيشكل ذلك مخاطر واضحة لحلف الناتو ونظام التجارة العالمية. هذا بدوره سيعرِّض للخطر ازدهار وأمن أوروبا في المستقبل.

نظريا، سيكون الرد الواضح لهذه المهددات المشتركة بالنسبة لفرنسا وبريطانيا العمل معا بقدر أكبر والسعي للمزيد من التعاون الأوروبي للتقليل من ضعف القارة أمام عالم أكثر خطورة.

في الواقع، ستجعل التحولات السياسية الأخيرة في كل من فرنسا وبريطانيا ذلك النوع من التعاون أشد صعوبة. فإذا عكست السياسة الخارجية الفرنسية أولويات التطرف السياسي سيوجد ذلك صداما واضحا مع آراء حكومة ستارمر في بريطانيا.

اليسار المتطرف واليمين المتطرف في فرنسا كلاهما أكثر تعاطفا وبقدر كبير مع روسيا من ماكرون أو ستارمر. ومن الواضح أن مقاربة ستارمر للسياسة الخارجية والمتأثرة بالاعتبارات المناخية تتناغم مع السياسات الحالية للائتلاف الحاكم في ألمانيا والذي يقوده الديمقراطي الاشتراكي أولاف شولتز. وفي الواقع في ثاني يوم له في الوزارة سافر ديفيد لامي وزير الخارجية البريطاني الجديد إلى برلين حيث استُقبل بحفاوة يُقابَل بها عادة وزير خارجية فرنسا.

ستارمر ووزير خارجيته لامي سياسيان منحازان بطبعهما إلى أوروبا ويلزمهما الآن التعامل مع حقيقة أن بريطانيا لم تعد عضوا في الاتحاد الأوروبي. وهذا وضع تعهدت الحكومة العمالية بعدم التراجع عنه.

هدفهما بدلا عن ذلك التفاوض حول اتفاقية أمنية جديدة مع الاتحاد لكن بتعريف أوسعَ جدّا للأمن بحيث يمكن أن يشمل نطاقا عريضا من القضايا مثل الطاقة والمناخ والمعادن بالغة الأهمية.

ذلك بدوره ربما يصبح الوسيلة التي يمكن بها فتح الباب لمزيد من التعاون مع الاتحاد الأوروبي في كل شيء وبدون المَسِّ بالقضايا الحساسة والبالغة الأهمية لعضوية بريطانيا في السوق الموحدة أو الاتحاد الجمركي لبلدان الاتحاد الأوروبي.

قوبلت أفكار حزب العمال حول تعاون أوثق بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بترحيب شديد أثناء زيارات لامي إلى ألمانيا وبولندا والسويد. لكن رد فعل فرنسا تجاه مقترح الحزب بعقد اتفاقية أمنية جديدة يظل حيويا. أثناء المفاوضات المطوَّلة حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كان دور الحكومة الفرنسية حاسما في الصمود أمام محاولات من بريطانيا لانتقاء العناصر الأكثر جاذبية لعضوية الاتحاد الأوروبي وفي ذات الوقت تجنب التزاماتها.

من المؤسف أن فرنسا توشك على الانشغال بنفسها. وقد تمرُّ شهور عديدة قبل أن تصبح لديها حكومة قادرة على تقديم ردود متماسكة على الأسئلة الأوروبية. تلك ستكون مشكلة ليس فقط لبريطانيا ولكن للاتحاد الأوروبي بأجمعه.

بعثت انتخابات فرنسا أيضا برسالة مثيرة حول الانتخابات الرئاسية الأمريكية فحواها «لا تثقوا باستطلاعات الرأي العام». فكل الاستطلاعات المحترمة أشارت إلى أن اليمين سيخرج من الانتخابات بأكبر كتلة في البرلمان الفرنسي. لكن ما حدث أن حزب لوبان «التجمع الوطني» جاء في المركز الثالث. وقد يكون تقدم ترامب المطرد ولو بهامش ضيق في استطلاعات الآراء أقل موثوقية مما يبدو.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبی فرنسا وبریطانیا

إقرأ أيضاً:

الاتحاد الأوروبي يعلن عن حزمة عقوبات جديدة ضد روسيا

أعلن الاتحاد الأوروبي، اليوم الثلاثاء، عن حزمة عقوبات جديدة ضد روسيا، مشيرًا إلى أن الهجمات المميتة اليومية على أوكرانيا تُظهر أن روسيا غير جادة في سعي للسلام رغم الجهود الدبلوماسية الأخيرة.

تفاصيل العقوبات الجديدة

ووفقًا لـ"سي أن أن" فإن الحزمة الجديدة، وهي الحزمة رقم 18 منذ إطلاق روسيا اجتياح واسع النطاق على جارتها الأوكرانية في عام 2022، تهدف لتقويض قدرة الكرملين على كسب المال من إنتاج النفط والغاز.

يتضمن الاقتراح خفض السقف السعري لصادرات النفط الروسي من 60 إلى 45 دولار أمريكي للبرميل الواحد، بجانب حظر كامل على المعاملات المالية مع البنوك والمؤسسات المالية في الدول التي تستخدمها روسيا للتحايل على العقوبات القائمة.

ويقترح الاتحاد حظر استخدام البنية التحتية الروسية للطاقة، حيث يُمنع على الجهات العاملة داخل الاتحاد الأوروبي أن تشارك بشكل مباشر أو غير مباشر في أي تعاملات بخصوص خطوط أنابيب "نورد ستريم".

عقبات محتملة في طريق إقرار الحزمة

وتحتاج تلك الحزمة الجديدة أن يوافق عليها الدول الأعضاء الـ27 في الاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يشكّل تحديًا في ظل التحفظات السابقة التي أبدتها بعض الحكومات الموالية لروسيا، مثل المجر وسلوفاكيا، بشأن فرض عقوبات إضافية تستهدف موسكو. وعلى الرغم من تهديد كلا البلدين بوقف العقوبات الجديدة، فإنهما صوتا في نهاية المطاف لصالحها.

فون دير لاين: القوة هي اللغة الوحيدة التي تفهمها روسيا

أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أن العقوبات ضرورية "لأن القوة هي اللغة الوحيدة التي تفهمها روسيا".

وصرحت فون دير لاين في مؤتمر صحفي في بروكسل: "نريد السلام لأوكرانيا. وعلى الرغم من أسابيع من المحاولات الدبلوماسية، ورغم عرض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لوقف إطلاق نار غير مشروط، تواصل روسيا جلب الموت والدمار إلى أوكرانيا. إن هدف روسيا ليس السلام، بل فرض منطق القوة. ولذلك، نحن نزيد الضغط عليها".

بوتين يتجاهل الإنذار الأوروبي ويقترح محادثات مباشرة

وأبلغ قادة ألمانيا، وفرنسا، والمملكة المتحدة، وبولندا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يوافق على وقفٍ لإطلاق النار لمدة 30 يومًا، أو سيواجه عقوبات "هائلة".

 وفي المقابل، تجاهل بوتين الأنذار الأخير مُقترحًا بدلًا من ذلك "محادثات مباشرة" بين موسكو وكييف.

ولكن بعد جولتين من المحادثات في إسطنبول بتركيا، كشفتا بوضوح أن روسيا متمسكة بمطالبها القصوى، والتي تعني عمليًا استسلام أوكرانيا.

طباعة شارك الاتحاد الأوروبي روسيا أوكرانيا الكرملين النفط الروسي البنية التحتية الروسية للطاقة المجر سلوفاكيا موسكو رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بروكسل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وقف إطلاق نار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كييف نورد ستريم

مقالات مشابهة

  • محافظ الفيوم يستقبل وفد الاتحاد الأوروبي لبحث آفاق التعاون التنموي والخدمي
  • وزير الزراعة يلتقي مفوض الاتحاد الأوروبي للثروة السمكية
  • العلية استقبل ممثلي بعثة الاتحاد الأوروبي
  • اتفاق تاريخي بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بشأن جبل طارق
  • ماكرون يهدد بحظر استخدام الأطفال لوسائل التواصل الاجتماعي
  • غداً... هيئة الشراء العام تستضيف وفداً من بعثة الاتحاد الأوروبي
  • الاتحاد الأوروبي يخطط لخفض سقف سعر النفط الروسي إلى 45 دولارًا
  • الاتحاد الأوروبي يحذف الإمارات من القائمة المالية «عالية المخاطر»
  • الاتحاد الأوروبي يعلن عن حزمة عقوبات جديدة ضد روسيا
  • من بينها لبنان... الاتحاد الأوروبي يضيف هذه الدول إلى قائمة المخاطر المالية!