صحيفة الاتحاد:
2025-05-31@16:11:35 GMT

الرياح في التراث الإماراتي.. كل هوى وله شراع

تاريخ النشر: 1st, August 2024 GMT

محمد عبدالسميع
الرياح مفردةٌ طبيعيّةٌ لافتة، نظر إليها الإنسان الإماراتيّ ووجدها على علاقةٍ وتفاعلٍ مستمرٍ معه، فهي إمّا أن تكون نذير خطرٍ مُحدق، أو وسيلةً رومانسيةً للذكرى واستجلاب الأخبار، حين تهبُّ مع هبوبها على الشعراء والنواخذة والعاملين في البحر رياحُ الحنين وآمال اللقاء، وحين «تسفو» هذه الرياح غبار الصحراء فتحرّكها وتهزّ جذوع الأشجار، فيكون بقدومها المطر وما تحمله من سحابٍ يفرح به الشاعر تماماً مثل فرحة من ينتظر الماء لتعشب الأرض وتنمو الحياة ويخضرّ وجه الأرض.


لكنَّ هذه الرياح، بما هي عنصرٌ من عناصر الطبيعة، وبِغضِّ النظر عن تسمياتها وفق مكان هبوبها أو درجة حرارتها أو نَسِيمِها، أو صفاتها المؤثّرة في الإنسان والزرع والبحر والصحراء والجبل وغيرها من البيئات، .. تدخل بقوّة في المكوِّن الاجتماعي والنفسي الإماراتي، فتحرِّض على الشوق والوصف والتحوّط لها، بل والخوف منها، ولهذا فقد دخلت بسهولة وانسابت في الذهنية الإماراتية والوجدان الشعريّ والمَثل الشعبيّ، بل وفي ثنايا الأغنية التي ما نزال نرددها، فنشعر بجمال البوح ومخاطبة هذه الرياح بأسمائها وطلب الأخبار أو البشرى منها، أو العمل على «أنْسَنتها»، بحوارها ورجائها أن تتلطف أو تحمل الخير، ومن يفعل ذلك فإنّه في النهاية يصف وصفاً له وجاهة أن نحتفي معه بهذا العنصر الطبيعيّ، فنقرأ حضوره ونترك أثره للأجيال لمعرفة المعاناة مع الرياح والتصالح معها، أو تجنّبها، أو قصّ الحكايات والأساطير في ثناياها ومع كل هبّةٍ منها، فهي طقسٌ مثله مثل طقوس المطر والشمس والقمر والنجوم والأشجار، ارتبط معها الإنسان بعلاقةٍ حميمةٍ فشاركته الحياة والمسكن وظلّت ترافقه ويشعر حيالها بحضورها وسطوتها وما تثيره من أشواق ومتاعب وقلق وخوف.

محرك ومحفز
ولو قمنا بإحصاء الرياح والأهوية بمسمّياتها، وما قيل فيها من أشعار، فإنّ هذه العجالة ربما لا تكفي للحديث عن علاقة الإنسان الإماراتيّ بها وحضورها الأثير لديه، ومداليل هذه التسمية والأوصاف، لدرجة أنّنا نكتشف كم هو الإنسان على تفاعلٍ وتماس معها، فمن الطبيعيّ إذن أن تشغل فكره وعقله ووجدانه وتتخلل أشعاره، فيناديها بأسمائها، ويطلب منها، ويعاتبها ويتساءل أمام قسوتها ويفرح بقدومها، .. وهكذا.
ويحسن بنا في هذا المجال أن نتخيَّر أكثر من غرضٍ يؤكد ما نحن بصدده من محاولة فهم دلالة هذه الرياح ومصاحباتها النفسيّة لدى الإنسان الرفيق معها، والشاعر بوجودها، والخائف منها في الوقت ذاته، فلقد دخلت الرياح في الأغنية والفنّ وفي القصّة والكتابة والدراما والمسرح، وفي الحكاية الشعبيّة والأهازيج، وفي كلّ ما يستثير الذائقة البشريّة ويخاطب أحاسيسها ونوازعها، باعتبارها محرّكاً ومحفّزاً يتنافذ على الكثير.
وفي الشعرّ الشعبيّ، بوصفه أدباً دؤوباً في الاحتفاء بالرياح ومغازلتها، تطالعنا عيون القصائد الشعبيّة والنبطيّة بحضور الرياح والذهاب إليها عن قصدٍ من الشاعر وحركةٍ جميلةٍ منه نحوها، فكم قرأنا لشعراء النبط وهم ينثرون دموعهم مع الرياح لسببٍ أو لآخر، في قصائد ما تزال ماثلةً بيننا حتى اليوم بكلّ ما فيها من خوفٍ أو تحوّطٍ أو رجاء.
فهذه الشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي- فتاة العرب- تقول في وصف رياح «المزر»:
يت بالصبا سرّايه
قزرٍ تلاها غيم
في حين يتألّق الشاعر «بن هتاي» في التمنّيات تجاه هذه الرياح ومصاحباتها، حيث يقول:
يعل المزون البيض لي رظوفها زرق
تمزِر ويزغاها هبوب الشروقي
وهذا شاعرٌ مجهولٌ يقول على لسان النوخذة في البحر
دامنه يا دامنه والبحر لا تامنه 
حيث ذكر «الدامنة» كمتعلق من حبال السفينة، مخوِّفاً ومحذِّزاً من البحر، بل إنّ من الشعراء من كان يحاور الرياح بكلّ إحساس، طالباً منها التوقّف، كمحاورة أحد الشعراء لرياح «الكوس» بشكل قاسٍ ربما، حيث يقول:
يالكوس بسّك بسّك
ماخذ هواك مديب
واليوم شِ اللي دسّك
يوم الغربي صليب
ومثلما كانت الرياح سبباً في البشرى، فقد كانت محلاًّ للعتاب والتخوّف، حيث يصف الشاعر راشد بن حميد المزروعي رياح الكوس بقوله:
يا الكوس جيت بغير برهان
عقب العقل باداك لجنون
عقب العشا سويت ريعان
مويك تبنّا مثل الحصون
خلّيت لي في الدار حيران
حيران يرقب باسك يهون
ومن جماليات الرياح، كخطابٍ للشعراء في الإمارات، أنهم اتخذوها لتبلّغ المحبوب وتحمل إليه المكتوب، كما في قول الشاعر خليفة بن مترف مخاطباً «نسيم البر»:
يا نسيم البر يا النودي
يا مخفّف طلة النادي
من حسانك يعلك تعودي
بلّغ المكتوب يا غادي
للذي عنْوي ومقصودي
ومْعناي وغاية مرادي
إن لفيت الدار قل هودي
وينكم يا نسل المجادي
ويقول المغفور له الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، مخاطباً رياح الكوس:
يا الكوسه لِاعشويّه 
ما يبتي لي سداد
بي مقرون الاِحيه
بو شارعٍ منقاد
زاد الحمى عليّه
وتزيد بي الايهاد
وتقول الشاعرة عوشة السويدي أيضاً في قصيدتها المشهورة:
هبّ شرتًا لافح ترسا
من فيوي دبيّ نسناسه
ياب لي في مسمعي همسا
حركت في قلبي جراسه
كما تقول أيضاً:
هلا بك عدّ نسناس الصبا والمطلعي والياه
ويهلا عد مويات البحر عبر الغبيب السود
وتقول:
مرحبا ما هبّ ذعذاع الجنوب
بارد النسناس لي صوبي حمل
ومن أغراض قول الشعر في الرياح تبيان العدد بحجم هذه الرياح، وهو ما يدلّ على المحبة واختتام القصيدة، كما في قول الشاعر سالم الجمري:
والختم صلّوا عدد ما لاح برّاق
واعداد ما هبّت شمالٍ عقب دوق
ويقول الشاعر سالم الدهماني:
تمّت عدد ما خط كتّيب
واعداد ما صلّب هوى الكوس

الأمثال الشعبية
دخلت الرياح في الأمثال الشعبية والعبارات الموجزة الدالّة على تجربة الحياة عند الكبار وأصحاب التجربة والمعرفة، كما في قولهم: (السبعين اذا يت ليلة الجمعة اتسبّع)، أي أن رياح السبعين الباردة حين تأتي ستستمرّ أسبوعاً، وقولهم: (برد الطّلوع يثّر في الضلوع)، وقولهم: (العقرب يسقي بر وبحر)، وقولهم كذلك: (كل هوى وله شراع)، .. وهكذا من الأقوال والأمثال والعبارات.
وتدخل الرياح بطبيعة الحال في الأعمال التشكيلية الإماراتيّة، كما هو الحال عند الفنان التشكيلي الإماراتي الدكتور محمد يوسف، الذي يرى أنّ العمل الفني يكون أفضل وأجمل عند وجود صوت، ليصل للمشاهد إحساسٌ معين، مثل عمله الفني «النعاشات»، الذي يعبّر عن علاقة الريح بالشّعر، حيث يشعر بالعمل أكثر إذا كان فيه حركة، مثل صوت المدّ والجزر وحركة الموج وضجيج الأطفال، وهو الفنان المهتمّ بتحويل الموسيقى إلى أعمال فنيّة، في أعماله التركيبية، المبنيّة على خامة الخشب المأخوذ من شجرة النخيل، حيث تجسّد الريح ارتباطه بالبيئة الطبيعية بريح الشمال والكوس والغربي، من خلال الإيقاع القادم من الطبيعة، والذي يوحي بدلالات الزمن.
ومن الطبيعي أن تحمل الرياح أفكاراً تثير المخاوف وتنقل الإنسان الحسّاس إلى عوالم غيبية وأرواح ربما تكون شريرة، حيث يوحي صفير الرياح بحضور الجنّ والعالم الآخر، وهو ما يدخل في أعمال الدراما والمسرح والسينما، كمؤثر صوتي قوي يستدعي الكثير من محفّزات الذات الإنسانيه على التخيّل والمتابعة.
وبالطبع، فإنّ الرياح، ولكثرة هبوبها، ربما تزيح عن كاهل الأرض أتربةً ورمالاً، فتترك المختصين والباحثين أمام آثار غافية تحت هذه الأتربة والرمال، ولهذا فهي عنصرٌ مهمٌّ في الاكتشافات والبحوث الأثرية.

أخبار ذات صلة «البيت الأولمبي».. ضيافة إماراتية في باريس محمد الشرقي يلتقي فريق نادي الفجيرة لـ«فورمولا المستقبل»

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الأمثال الشعبية التراث الإماراتي التراث الإمارات الموروث الإماراتي الرياح الشعر النبطي هذه الریاح

إقرأ أيضاً:

إحسان عباس و«معرفة» التراث العربي

(1)

ظللتُ عمرًا لا أقارب بين المرحوم الدكتور شوقي ضيف، وغيره من كبار الدارسين والمتخصصين في آداب اللغة العربية وعلومها؛ فالرجل مؤسسة أكاديمية ثقافية «تاريخية» كانت تسير على قدمين؛ قدَّم للمكتبة العربية أكبر مجموعة مؤلفة باللغة العربية تقريبا تغطي كل مجالات وفروع الدراسة الأدبية والنقدية واللغوية والبلاغية؛ ويكفي فقط أن نشير إلى موسوعته المذهلة (تاريخ الأدب العربي) بأجزائها العشرة التي تغطي عصور وحقب الأدب العربي (العصر الجاهلي، والعصر الإسلامي، والعصر العباسي الأول، والعصر العباسي الثاني.. إلخ).

إلى أن بدأت أتصل بتراث المرحوم الدكتور إحسان عباس؛ الذي كان التلميذ الأنبه والأنبغ لشوقي ضيف والأكثر تمثلًا لأفكاره حول «الموسوعية» و«شمولية» التأليف والإنتاج، والجمع بين الحديث والقديم، التأليف والتحقيق والترجمة، وكذلك الجمع بين الكتب التي يصح القول عنها: إنها وضعت لأغراضٍ «تعليمية» أو غيرها التي يصح أن يقال عنها: إنها وضعت لأغراض «بحثية» أو «نظرية» أو «تأريخية».. إلخ.

ولا أنسى أبدًا دراسته التي لم يكتب مثلها أحد إلى اليوم، سواء في موسوعيتها، أو شمولها، أو عمق نظراتها، أو حداثة مقارباتها. أعني دراسته عن «تاريخ النقد الأدبي عند العرب: نقد الشعر من القرن الثاني حتى القرن الثامن الهجري» التي تعد أشمل وأكمل مرجع في موضوعها إلى اليوم.

وأقيس على ذلك دراساته الكاشفة عن «تأثير الأدب اليوناني في الأدب العربي». وهي الدراسات التي تكشف عن تأصُّل عنصر «المقارنة» في إنجازات إحسان عباس التأليفية في الدراسات الأدبية والنقدية، الأمر الذي ساعده عليه معرفته العميقة بالآداب الأوروبية القديمة، وتعمقه في دراسة الأدب العربي ونقده قديمًا وحديثًا.

(2)

والمرحوم الدكتور إحسان عباس (1920-2003) واحدٌ من الأساتذة الأكاديميين والنقاد النادرين الذين لا يوجدون في ثقافتنا العربية إلا على سبيل الاستثناء، وفي «الفرط بعد الفرط» كما يقول القدماء.

أول ما يميز إحسان عباس «الناقد» هو جمعه بين الخبرة التراثية بعلوم العرب القديمة والوعي المعاصر بتيارات الأدب والنقد في العالم الأوروبي - الأمريكي، وهو الأمر الذي جعله يجمع ما بين أصالة المعرفة ومعاصرة المعالجة والاختيار، إضافة إلى درجة عالية من الرهافة في معالجة النصوص الإبداعية وتناولها.

وتقترن هذه الرهافة العالية، بحسب جابر عصفور، بنوعٍ من الحدس النفاذ الذي يبين عن العلاقات الخفية التي تنبني عليها الأعمال والظواهر، والذي يكشف عن الظلال المتدرجة من المعاني والإيحاءات التي تشعها النصوص في كل اتجاه.

ولا ينفصل ذلك كله عن وعي «نظري» يتسم برحابة الأفق وشمول النظرة والمرونة الفكرية التي لا تسجن نفسها في أي إطار ضيق أو جامد. وإذا كان ناقدًا عالميًا كبيرًا مثل بول دي مان قد تحدث عن العمى والبصيرة في ممارسة النظريات النقدية أو الأدبية، فإن بصيرة إحسان عباس النقدية ظلت تنقذه دائمًا من عمى النظريات المحدودة الرؤية، وتفتح وعيه على الجديد دائمًا لكن بما لا يتنكر للقديم، أو يتعارض مع تنوع المجالات التي عمل بها إحسان عباس. كانت هذه إطلالة مركزة على قيمة إحسان عباس أستاذا أكاديميا وناقدا ممتازا.. فماذا عن إحسان عباس محقق التراث الفذ الذي قدم للثقافة العربية وللمكتبة التراثية مجموعات رائعة من الكتب التي عكف على تحقيقها ونشرها والتقديم بين يديها للقارئ المعاصر؟

(3)

في مقال الأسبوع الماضي من (مرفأ قراءة) توقفتُ عند واحد من أعمال إحسان عباس الكبرى؛ وحاولتُ أن أبيِّن إلى أي حد كان هذا الكتاب العظيم في «تاريخ النقد الأدبي عند العربي» أهم كتاب كتب باللغة العربية (فيما أرى) في دائرة البحث النقدي والمنهجي عند العرب، لم يسبق إلى تبويب وتفصيل وتفريع وترتيب للمسائل والموضوعات مثلما قدم، ولم أقرأ ما يجاوزه أو يتفوق عليه عرضا وتحليلا ويسرا وانسيابية وشمولا إلى هذه اللحظة. هذا فضلا على جلائه الكامل لما أسداه العرب في النقد الأدبي من خلال الرؤية العصرية واكتشافه أنهم قاموا بدور كبير جدًّا لا يقل عن دور أية أمة أخرى في هذه الدائرة.

لكن إحسان عباس فضلًا على موسوعيته في التأليف والترجمة؛ وكل كتاب قام بتأليفه في هذه الدائرة أو تلك، وكذلك في الترجمة، يمثل ركنًا من أركان المجال المعرفي الذي كتب فيه هذا الكتاب أو ذاك المرجع، فإنه بالإضافة إلى ذلك، قد قدَّم للمكتبة العربية مجموعات من كتب التراث العربي المحققة أوفى تحقيق وأكمله، وكل كتاب منها كان يمثل حلقة من حلقاتنا التراثية (الأدبية كانت، أم التاريخية، وفي كتب الطبقات والتراجم، وفي علوم اللغة والبلاغة، وفي مجموعات الشعر الكبرى ودواوينه البارزة.. إلخ) التي لا غنى عنها ولا بديل لها لمن أراد أن يطلع على عيون التراث العربي، ويبدأ رحلة مقاربته وقراءته بغية التعمق فيه والوصول إلى جواهره الدفينة وجوهره أيضًا.

(4)

هذا وتكشف سيرة إحسان عباس الذاتية عن استغراقه في تحقيق كتب التراث منذ كان شابا يافعا وكان ينطوي على عشقه منذ سنواته الجامعية الباكرة، في أواخر الأربعينيات ومطالع الخمسينيات من القرن الماضي، فقد تخرج في قسم اللغة العربية بكلية الآداب، جامعة القاهرة، سنة 1949، قبل أن يحصل على درجة الدكتوراه من القسم نفسه سنة 1952.

وقد عمل إحسان عباس ضمن فريق (تحقيق التراث) الذي أشرف عليه طه حسين، ورعاه أحمد أمين، وضم إلى جانب إحسان عباس أسماء أعلام بارزين من أبناء جيله؛ مثل شوقي ضيف، وعبدالحميد عابدين، وعبدالعزيز الأهواني، ولطفي عبدالبديع، ومصطفى ناصف، وعبدالقادر القط.. وغيرهم.

ونظرة على قائمة أعمال إحسان عباس في دائرة تحقيق التراث، والدراسات التراثية، تدلك على غزارة التحقيق، وعمق التناول، وفرادة التأليف في الموضوعات؛ وهذه مجرد عينة وليس إحصاء استقصائيا دقيقا:

كتب عن «فن السيرة» (1956)، وكتب في التراث عن الحسن البصري (1952) وأبي حيان التوحيدي (1956) والشريف الرضي (1959) والأدب الأندلسي (1962)، وحقق ما حقق من «رسائل أبي العلاء المعري» النثرية (1950) و«رسائل ابن حزم الأندلسي» (1955) وكتاب «التقريب» لابن حزم الرصافي البلنسي (1960) وديوان القَـتَّال الكلابي (1961) وديوان لبيد بن ربيعة العامري (1962) وشعر الخوارج (1963).

فإذا أضفنا إلى ما سبق تحقيق «الكتيبة الكامنة» لابن الخطيب (1963) والأجزاء الثمانية من كتاب «وفيات الأعيان» لابن خلكان (1968-1972) و«طبقات الفقهاء» للشيرازي (1970) ناهيك عن «التذكرة الحمدونية» لابن حمدون، و«معجم الأدباء» لياقوت الحموي، و«كتاب الخراج» لأبي يوسف.

وفي هذه الدائرة أيضًا، دائرة تحقيق وإخراج كتب التراث القيمة، لا يمكن إغفال التحقيقات التي اشترك فيها مع أساتذته، أو زملائه من مجايليه، مثل تحقيق «خريدة القصر» (قسم مصر) للعماد الأصفهاني الذي اشترك في تحقيقه (1952) مع أستاذيه أحمد أمين، وشوقي ضيف، وكذلك كتاب «فصل المقال في شرح كتاب الأمثال» للبكري (1958) بالاشتراك مع زميله عبدالمجيد عابدين، و«جوامع السيرة» لابن حزم الأندلسي بالاشتراك مع ناصر الدين الأسد.

(5)

وقد ظل إحسان مترهبنًا للعلم وحده، لا يشغله عنه شاغل إلى أيامه الأخيرة، ويروي المرحوم الدكتور جابر عصفور عنه أنه ما من مرة قابله فيها إلا وحدثه عن مشروع يشغله، تحقيقًا أو تأليفًا، خصوصًا بعد أن ترك هموم الترجمة لشقيقه بكر الذي كان لوفاته أعمق الأثر في نفسه، واكتفى هو بما ترجم من أعمال تدخله في دائرة المترجمين العظام. يقول جابر عصفور: «وقد أبلغني -قبل أن يشتد عليه المرض، ويقعده عن متابعة إنجازاته- أنه يعمل في كتابة تاريخ شامل لبلاد الشام، شرع في كتابته منذ أن استقر به المقام في العاصمة الأردنية، وأنجز منه ثمانية أجزاء، وصلت بتاريخ بلاد الشام إلى مشارف العصر العثماني». ولا أعلم حتى كتابة هذه السطور إن كان قد أنجز هذا المشروع الضخم أم لا.

مقالات مشابهة

  • إحسان عباس و«معرفة» التراث العربي
  • حكم سب الرياح وماذا نقول لحفظ النفس منها؟ .. بما علق الفقهاء
  • عيد الإعلاميين.. جمال الشاعر يتحدث عن تجربته في برنامج صباح الخير يامصر
  • د. عبدالله الغذامي يكتب: ماذا لو كنت مخطئاً
  • أمسية شعرية وإنشادية للثورة والوطن في قصر الثقافة بحمص
  • إغلاق معرض مدريد للكتاب بسبب الرياح وإرتفاع درجات الحرارة
  • الشاعر حامد بن سمحه يتحدث عن وفاة ابنته.. فيديو
  • «الشارقة لريادة الأعمال» ينظم «مرسى شراع الاستثمار»
  • بيت الشعر العربي يستعيد طاهر أبو فاشا ويحتفي بشعراء دمياط في أمسية خاصة
  • استشاري: مصر تتصدر دول منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في مجال طاقة الرياح