أثار تعديل مقترح على قانون الأحوال الشخصية العراقي مخاوف ناشطين حقوقيين يرون أنه يحرم المرأة من مكتسبات وحقوق وقد يؤدي أيضا لفتح الباب أمام زواج القاصرات.

ويمنح التعديل العراقيين عند إبرام عقود زواج الحقّ في الاختيار في تنظيم شؤون أسرهم بين أحكام المذهب الشيعي أو السني أو تلك التي ينصّ عليها قانون الأحوال الشخصية النافذ والمعمول به منذ عقود.



ويُعمل بقانون الأحوال الشخصية الحالي الذي يعدّ متقدما وسط مجتمع عراقي محافظ، منذ العام 1959 بعيد سقوط النظام الملكي، ويحظّر الزواج دون سن 18 عاما ويمنع خصوصا رجال الدين من مصادرة حقّ الأهل بالتوجّه إلى محاكم الدولة المدنية.

وفيما يخشى ناشطون أن يتيح التعديل الجديد زواج القاصرات، ينفي نواب مؤيدون له الأمر تماما.

وتقول المديرة التنفيذية لشبكة "النساء العراقيات" أمل كباشي لوكالة "فرانس برس": إن التعديل المطروح "يوفّر مساحة واسعة لهيمنة الرجال على قضايا الأسرة في مجتمع لا يزال محافظاً إلى حدّ كبير"، ما يثير الخشية من "سحب حقوق وفّرها القانون الحالي للمرأة من ناحية الحضانة وحق السكن" ومسائل عديدة أخرى.


ويدعم نواب شيعة محافظون التعديل الحالي الذي يأتي على ذكر المذهبين الشيعي والسني فقط من دون ذكر الأديان والمذاهب الأخرى في العراق.

وفي نهاية تموز/ يوليو، سحب البرلمان التعديل من الطرح بعد اعتراض نواب كثر عليه، إلا أنه عاد مجددا إلى الطاولة وحظي بقراءة أولى في جلسة في الرابع من آب/ أغسطس بعد تلقّيه دعم تحالف أحزاب شيعية يتمتّع بالغالبية داخل البرلمان العراقي.

وليس واضحاً حتى الآن ما إذا كانت محاولات تعديل القانون ستنجح بعد محاولات عدّة خلال العقدين الماضيين لتغييره، إلا أن كباشي تُشدّد على رفضه قائلة "كما تصدّينا لهم كحركة نسوية في السابق، سنتصدّى لهم مرة أخرى".

وتقول الباحثة في شؤون العراق في منظمة العفو الدولية رازاو صالحي: إن الموافقة على التعديل تعني أن "العراق يغلق حلقة نار حول النساء والأطفال"، مضيفة "يجب وقف تلك التعديلات وعدم تحويلها إلى ضربة أخرى لحقوق النساء والفتيات".

"خطوة إلى الوراء"
بالإضافة إلى اختيار أحكام بين شرعية ومدنية، يجيز التعديل للمتزوجين التقدّم بطلب أمام محكمة الأحوال الشخصية لتطبيق الأحكام الشرعية عليهم بدلا من قانون العام 1959 النافذ.

وينصّ على مصادقة محكمة الأحوال الشخصية على "عقود الزواج التي يبرمها الأفراد البالغون من المسلمين، على يد من لديه تخويل شرعي أو قانوني من القضاء أو من ديواني الوقفين الشيعي والسني".

ويقول الخبير الدستوري زيد علي أن قانون العام 1959 "جمع أكثر الأحكام التقدمية من المذاهب كافة"، ويعدّ من قوانين الأحكام الشخصية الأكثر تقدّما في المنطقة. ولطالما رفضته السطات الدينية، لذلك جرت محاولات عدّة لتغييره منذ الغزو الأميركي في العام 2003 الذي أطاح بنظام صدام حسين.


لكن هذه المرة، وبدلا من تغيير القانون النافذ، أبقى داعمو التعديل عليه خياراً، أي أن على العراقي أو العراقية عند الزواج الاختيار ما بينه وما بين أحكام شرعية لتنظيم مسائل أسرهم.

مع ذلك، يرى الخبير علي أن المشرعين يأخذون "خطوة أبعد من الدولة المدنية".

ويرى كثيرون أن الأحكام الشرعية بشكل عام قد تحدّ من حقوق المرأة. ويقول علي إن داعمي التعديل يعطون "الرجال فرصة اختيار ما يقع في صالحهم، ما يعني سلطة أكبر على النساء، على الثروة، على حضانة الأطفال"، بالإضافة الى قضايا متعددة أخرى.

ويشير علي إلى أن محاولات تعديل القانون السابقة فشلت لأن هدفها كان كسب الناس والإيحاء لهم بأن المشرعين الداعمين للتعديلات هم أفضل من يمثّلهم في مجلس النواب. لكن هذه المرة، "أعتقد أنهم يحاولون اليوم من خلال منح الناس فرصة الاختيار زيادة فرص تبني التعديل".

"تقويض المساواة"
ويمنح التعديل ديواني الوقف الشيعي والسني مهلة ستة أشهر لوضع "مدوّنة الأحكام الشرعية في مسائل الأحوال الشخصية" لتقديمها الى مجلس النواب للموافقة عليها.

وترى الباحثة في منظمة "هيومن رايتس ووتش" سارة صنبر، أن منح المؤسسات الدينية السلطة في مسائل الزواج والإرث، من شأنها أن "تقوّض مبدأ المساواة بحسب القانون العراقي، بالتعامل مع المرأة على أنها أدنى من الرجل".


وتضيف "قد يضفي هذا التعديل شرعية على زواج الفتيات اللاتي لا تتجاوز أعمارهن تسع سنوات، ما يسرق مستقبل عدد لا يحصى منهنّ"، موضحة أن "الفتيات مكانهن في الملعب وفي المدرسة، وليس في فستان الزفاف"، وتقول إن التعديل "يعيد البلاد إلى الوراء".

وتقدّر منظمة الأمم المتحدة للطفولة أن 28 في المئة من الفتيات في العراق يتزوجنّ دون سن الـ18. كما كشف تقرير العام الحالي لمنظمة "هيومن رايتش ووتش" أن "رجال الدين في العراق يعقدون آلاف الزيجات سنوياً، بما فيها زيجات الأطفال التي تخالف القوانين العراقية وغير المسجّلة رسمياً".

ويُعدّ زواج الأطفال، بالنسبة لمنظمات حقوقية، انتهاكا لحقوق الإنسان كونه يحرم الفتيات من حقهنّ في التعليم والعمل وغيره، ويعرضهنّ للعنف.


ونفى النائب رائد المالكي الداعم لمقترح التعديل "نفياً قاطعاً" أن تكون التغييرات المطروحة تسمح بزواج القاصرات، حتى أنه أبدى استعداده لإضافة فقرة تؤكد ذلك.

وقال في مقابلة تلفزيونية إن الاعتراضات على القانون تستند على "أجندة مشبوهة وخبيثة هدفها حرمان طائفة كبيرة من الشعب العراقي من حقهم الدستوري (...) بأن تكون أحوالهم الشخصية وفق معتقداهم ومذاهبهم".

في المقابل، حذّرت صالحي من منظمة العفو الدولية، من أن ثمن ترسيخ الحرية الدينية في القانون لا ينبغي أن يكون ب"لغة غامضة وغير محدّدة" من شأنها أن "تحرم النساء والفتيات من الحقوق والسلامة التي يجب أن تضمنها هذه القوانين".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية العراقي زواج القاصرات عقود زواج العراقيات العراق زواج القاصرات الاحوال الشخصية العراقيات عقود زواج المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قانون الأحوال الشخصیة زواج القاصرات

إقرأ أيضاً:

انهيار أسهم تسلا بسبب تصاعد الخلافات بين ترامب وماسك

شهدت الساحة السياسية والاقتصادية في الولايات المتحدة تصعيدًا حادًا في التوتر بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والملياردير إيلون ماسك، وذلك على خلفية انتقادات الأخير لمشروع قانون الضرائب والإنفاق الذي يدعمه ترامب بقوة، في مشهد يكشف عن انهيار غير مسبوق في العلاقة بين الطرفين بعد تعاون وثيق استمر لأشهر.

ماسك: "اقتلوا مشروع القانون"

أطلق إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، سلسلة من التغريدات النارية على منصّة "إكس" هاجم فيها مشروع قانون الإنفاق المقترح، واصفًا إياه بأنه "قبيح وكارثي"، مضيفًا "مشروع القانون القبيح الكبير سيزيد العجز إلى 2.5 تريليون دولار"، قبل أن يضيف بعدها بدقيقة واحدة "اقتلوا مشروع القانون".

إيلون ماسك يُلمّح إلى تأسيس حزب سياسي جديد بعد خلافه العلني مع ترامبترامب: ماسك جن جنونه .. وطالبت مغادرته البيت الأبيض

دعا ماسك متابعيه، الذين يتجاوز عددهم 220 مليون شخص، إلى الضغط على ممثليهم في الكونغرس لعرقلة تمرير المشروع، متهمًا التشريع بأنه محمّل بـ"جبل من المصالح المقززة" ومبالغ فيه من حيث النفقات، ولا يحقق أي توازن اقتصادي.

ترامب يرد: ماسك “فقد صوابه”

في المقابل، لم يتأخر رد ترامب، الذي عبّر عن غضبه مما اعتبره "خيانة" من ماسك، إذ صرّح بأن الأخير "أصيب بالجنون"، واقترح في لهجة عقابية خفض المساعدات الفيدرالية التي تحصل عليها شركات ماسك، وعلى رأسها تسلا وسبيس إكس، خاصة في ما يتعلق بحوافز الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية.

ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، فإن إدارة ترامب فوجئت بحدة انتقادات ماسك، لا سيما بعد تعاون وثيق بين الطرفين في الشهور الأربعة الماضية، ضمن لجنة خاصة لتخفيض الإنفاق الحكومي.

دوافع الخلاف: ناسا والولاءات السياسية

كشفت مصادر للصحيفة ذاتها أن جزءًا من إحباط ماسك يعود إلى قرار ترامب الأخير بسحب ترشيح جاريد إيزاكمان – أحد أبرز حلفاء ماسك – لرئاسة وكالة ناسا، وهو ما اعتبره ماسك "طعنة في الظهر"، خاصة بعد أن ضخ مئات الملايين من الدولارات لدعم حملة ترامب الانتخابية، بحسب تسريبات من مقربين منه.

الأسواق تتأثر... وسهم تسلا ينهار

تزامن هذا الخلاف مع تدهور ملحوظ في سهم شركة تسلا، الذي سجل تراجعًا حادًا بنسبة 13.37% ليصل إلى 287.50 دولار عند الساعة 22:02 بتوقيت السعودية، وسط حالة من القلق لدى المستثمرين حول مستقبل العلاقة بين إدارة ترامب المحتملة وشركات ماسك.

ورغم سنوات من التصريحات الودية والتقارب العلني بين ترامب وماسك، يبدو أن الخلافات الأيديولوجية والاقتصادية قد فجّرت هذا التحالف، في مشهد يعكس طبيعة العلاقات المتقلبة بين أقطاب المال والسياسة في أمريكا.

وبينما يواصل ماسك حملته ضد مشروع القانون، يُنتظر أن تتخذ الأيام القادمة طابعًا أكثر تصعيدًا، سياسيًا واقتصاديًا.

طباعة شارك الولايات المتحدة دونالد ترامب إيلون ماسك قانون الضرائب الملياردير إيلون ماسك شركة تسلا إيلون ماسك دونالد ترامب

مقالات مشابهة

  • الحبس وغرامة 200 ألف جنيه.. احذر إقامة محاجر على الأراضي الزراعية
  • ما علاقة حق الحاضنة فى الأجور وفقا لقانون الأحوال الشخصية؟
  • احذر .. ارتكابك هذا الفعل حال استخدامك البطاقة الشخصية يغرمك 100 جنيه
  • 4 أفعال تعرضك للغرامة بقانون الاستيراد والتصدير.. احذرها
  • غرامة 500 جنيه عقوبة طبع مطبوعات بدون ترخيص في القانون
  • صراعات بأركان محكمة الأسرة.. العقوبة القانونية لمن يمنع الأب من رؤية أطفاله
  • لو شغال فى عيد الأضحى .. القانون يتيح العمل بالإجازات بضعف الأجر
  • مواطن يتزعم مبادرة زواج من ذوات الاحتياجات الخاصة
  • القنبلة الكبرى..إيلون ماسك يتهم ترامب بالتورط في قضية استغلال القاصرات
  • انهيار أسهم تسلا بسبب تصاعد الخلافات بين ترامب وماسك