تعرف على الحكمة من تحريم الربا
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
اكل الحلال من صفات المتقين وعلى المسلم أن يمتثل لأمر الله؛ سواءً عَلِم الحكمة من الأمر، أم لم يعلمها، قال الله -تعالى-: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّـهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)،ومع ذلك فقد اجتهد العلماء في بيان الحكمة من تحريم الربا، ويُذكَر من تلك الحِكم:
الحَدّ من الإسراف، والرفاهيّة المُبالغ فيهما، وتجنُّب الإفراط في استهلاك الأصناف التي تعتمد عليها حياة الناس؛ فالإسراف من الأمور المذمومة.
تجنُّب غِشّ الناس لبعضهم البعض، والحرص على حفظ الأموال من الهلاك، أو الضياع. منع الاحتكار؛ إذ إنّ شيوع التقايُض في أصنافٍ مُعيَّنةٍ يُؤدّي إلى حصر التبادُل فيها. تشجيع الناس على استخدام النقود كوسيطٍ للتبادل، فإن ترتّب الربا على كلّ معاملةٍ ماليّةٍ، فإنّه يُؤدّي بالتالي إلى انعدام المعاملات الماليّة، وممّا يُؤيّد ذلك قول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (بعِ الجَمْعَ بالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا، وَقالَ في المِيزَانِ مِثْلَ ذلكَ).
مَنع ما يُؤدّي إليه ارتكاب نوعٍ من الربا إلى الوقوع في نوعٍ آخرٍ؛ فعلى سبيل المثال قد تؤدّي الزيادة في أحد البدلَين، مع التقابُض في مجلس العقد إلى الزيادة الكُبرى مقابل تأخير التقابُض؛ أي أنّ ربا الفضل قد يُؤدّي إلى ربا النسيئة؛ ولهذا تُحرَّم أيّ وسيلةٍ تُؤدّي إلى الوقوع في مُحرَّمٍ. مَنع الظلم؛ إذ إنّ في الربا أخذٌ للمال من غير عِوَضٍ، وأكلٌ لأموال الناس بالباطل، كما أنّ آخذ الربا ينال المال دون تعبٍ أو جهدٍ، وإنّما يحصل عليه مقابل تعب الآخر، ودون أن يتعرّض ماله لربحٍ، أو خسارةٍ.
مَنع القعود عن العمل، والسَّعي، والاكتساب بالمنافع المُباحة، كالتجارة، والزراعة، والصناعة، وغيرها من الأموال، الأمر الذي من شأنه تحقيق الغاية من عمارة الأرض، وهو ما لا يؤدّي إليه التعامل بالربا. الحثّ على البِرّ، والخير، والمعروف بين الناس؛ فالربا يؤدّي إلى قَطع التراحُم، وعدم التعاون، أو المواساة بينهم.
ورد تحريم الربا في عدّة آياتٍ قرآنيّةٍ، وفيما يأتي تفصيل تلك المواضع: استنكر الله -سبحانه- الربا في القرآن، وبيّن أنّه مُنافٍ للفطرة السليمة، وفي المقابل استحسن الزكاة، قال -تعالى-: (وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّـهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّـهِ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ).بيّن الله -تعالى- في قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ*وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ*وَأَطِيعُوا اللَّـهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).
تحريم الربا قَطعاً، وبيَّن قُبحه، والآثار المُترتِّبة عليه؛ من ظلمٍ، وأكلٍ لحقوقٍ الآخرين، وغيرها من الآثار. قال الله -تعالى-: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّـهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّـهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)، فقد بيّن الله أنّ البيع يختلف اختلافاً قاطعاً لا رَيب فيه عن الربا، إذ إنّ أيّ زيادةٍ على رأس المال مُحرَّمةٌ؛ سواءً أكانت قليلةً، أم كثيرةً.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ؤد ی إلى
إقرأ أيضاً:
لو دعيت بحاجة معينة تحصل هل هذا اشتراط على ربنا؟ داعية يجيب
أجاب الدكتور رمضان عبد الرازق، الداعية الإسلامي، عن سؤال ورد اليه خلال فيديو منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، مضمونه : لو دعيت ربنا بحاجة معينة تحصل هل هذا اشتراط على ربنا ؟.
ليرد “عبد الرازق”، قائلاً:" ليس اشتراط على الله تبارك وتعالى، أطلب من ربنا ما تريد بحاجة معينة، فكثير من الأنبياء طلبوا أمور معينة، دعا سيدنا سليمان ربنا عز وجل وقال {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأحَدٍ مِنْ بَعْدِي}، ودعا سدينا زكريا ربه قال { رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ}، وسيدنا إبراهيم عندما دعا المولى جل شانه قال { رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ}.
وتابع: أطلب وأدعو الله بأدعية معينة، اطلب اللى نفسك فيه اطلب المستحيلات، لو انت مش قادر هو على كل شيء قدير، ولكن إن أعطاك فأنت راضٍ وإن لم يعطك فأنت راضٍ، فالخيره فيما اختاره الله فانا اطلب ما اريد وهو يعطيني ما يريد وانا راضٍ بما يريد.
سرار استجابة الدعاء
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن تحري أوقات وأماكن وأحوال نفحات الله لاستجابة الدعاء ضرورة على كل مسلم، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن لله نفحات، فتعرضوا لنفحات الله».
وبيّن الدكتور علي جمعة، في تصريحات سابقة له، أن هذه النفحات الإلهية تتوزع في مواطن متعددة، على النحو الآتي:
أولاً من حيث الزمان: هناك أوقات مباركة يستحب فيها الإكثار من الدعاء والعبادة، مثل ثلث الليل الأخير، وليلة القدر، والعشر الأوائل من ذي الحجة، ويوم عرفة، ويوم عاشوراء، وليلة النصف من شعبان، وليلة الإسراء والمعراج، وغيرها من الأزمان التي تفتح فيها أبواب الرحمة وتُستجاب فيها الدعوات.
ثانيا من حيث المكان: تضاعف الأعمال الصالحة وتُرجى الإجابة في المساجد، والأماكن الطاهرة، والحرمين الشريفين، فهي بقاع اختصها الله ببركة ومكانة عظيمة.
ثالثًا من حيث الأحوال: تتجلى النفحات عند نزول المطر، أو وقت الشدة والضرورة، أو حين يتعرض الإنسان للظلم، أو عندما يعلو الهم والرجاء في القلب، فهذه أحوال تفتح باب القرب من الله وتُلين القلب للدعاء.
رابعًا من حيث الأشخاص: حث الإسلام على طلب الدعاء من الصالحين، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لسيدنا عمر رضي الله عنه: «أشركنا يا أخي في دعائك»، فدعاء المؤمن لأخيه بظهر الغيب مستجاب.
أفضل سورة لاستجابة الدعاء قبل الفجرورد في أفضل سورة لاستجابة الدعاء قبل الفجر ، أن العلماء وجدوا معادلة أو خطة للدعاء من الله تعالى، في سورة الأنبياء، حيث إن شفرة استجابة الدعاء، في سورة الأنبياء، في قول الله تعالى "فَاسْتَجَبْنَا"، وتكررت 4 مرات في أربع آيات، بعد حدث جلل وضيق عظيم، في الآيات رقم ٧٦ و٨٤ و٨٨ و٩٠، العلماء لفت نظرهم هذا واعتبروا أرقام هذه الآيات هي تليفون إجابة الدعاء من الله عز وجل".
وجاء في الآيات التي ذكر فيها قوله تعالى: "فَاسْتَجَبْنَا"، وهي قول الله تعالى: «وَنُوحًا إِذْ نَادَىٰ مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ » (٧٦ الأنبياء)، و«فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ» (٨٤ الأنبياء)، «فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَٰلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ » (٨٨ الأنبياء)، «فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ» (٩٠ الأنبياء)، حيث إن هذه الآيات تدل على أن الأنبياء تعرضوا للبلاء.
واستجاب الله تعالى لهم، وليس معنى إصابة الإنسان بالابتلاءات دليلًا على أنه غير صالح، فالله تعالى إذا أحب عبدًا سمع من مناجاته، فعلينا الإكثار من الدعاء والتوبة وإخراج الصدقة، فسورة الأنبياء تتحدث عن الأنبياء، وتتحدث عن الابتلاءات والأمراض، والكروب التي تعرضوا لها، وكانوا يدعون الله تعالى يفرج عنهم.