بلومبيرغ: الرأسمالية الحكومية تبتلع الاقتصاد العالمي
تاريخ النشر: 11th, August 2024 GMT
في مقالته الأخيرة في بلومبيرغ، يشير الكاتب المختص بالاقتصاد العالمي أدريان وولدريدغ إلى تحول كبير في الاقتصاد العالمي يتمثل في عودة الحكومات كلاعب رئيسي بالأسواق العالمية، حيث تلعب دورا واضحا كمالكة وممولة ومستثمرة ورأسمالية شاملة.
ويقترح وولدريدغ تسمية هذه الفترة "عصر الرأسمالية الحكومية" وهي حقبة تتسم بنمو سريع للدور الحكومي في الاقتصاد العالمي.
وتُظهر البيانات التي أوردها إلياس علامي وآدم ديكسون مؤلفي كتاب "شبح الرأسمالية الحكومية" أن صناديق الثروة السيادية تحكمت في أكثر من 11.8 تريليون دولار العام الماضي، بزيادة هائلة مقارنة بما قيمته تريليون دولار فقط كانت تتحكم به هذه الصناديق عام 2000.
وهذا النمو السريع يجعل صناديق الثروة السيادية تتفوق على صناديق التحوط وشركات الأسهم الخاصة مجتمعة، وفق وولدريدغ.
كما ارتفعت أصول الشركات المملوكة للدولة "إس أو إي إس" (SOEs) إلى 45 تريليون دولار عام 2020، أي ما يعادل نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بزيادة كبيرة عن 13 تريليونا فقط عام 2000.
شركات الدول.. توسع عالميويوضح وولدريدغ أن الشركات المملوكة للدولة في العصر الحديث تختلف بشكل كبير عن البيروقراطيات الحكومية التقليدية. فبدلا من أن تكون الحكومات مديرة مباشرة لهذه الشركات، تعمل اليوم مالكة غير ناشطة غالبًا، مع حصص غالبا ما تكون أقلية.
ويدير هذه الشركات مديرون تنفيذيون يحملون شهادات ماجستير في إدارة الأعمال من كليات مشهورة، وغالبا ما يتمتعون بخبرات واسعة في القطاع الخاص.
ورغم ذلك، فإن هذه الشركات تختلف في مستويات الأداء والشفافية. فقد تشمل بعض الشركات واجهات للبيروقراطيين الفاسدين أو أدوات للسياسيين المتحالفين مع الحكومة. في المقابل، هناك شركات حكومية تعمل بشكل محترف وناجح في الأسواق العالمية.
ويشير الكاتب إلى أن الحكومات أصبحت تستخدم الشركات المملوكة للدولة للسيطرة على شبكات الإنتاج العالمية. مثلا، عندما استحوذت شركة الطاقة الصينية الحكومية "سي إن أو أو سي" على شركة "نيكسن" الكندية عام 2013، لم تكتفِ بالوصول إلى النفط من 4 قارات فحسب، بل وسعت استثماراتها في النفط الرملي والغاز الصخري.
ومثل هذه الصفقات تعكس التوسع الحكومي في الصناعات الإستراتيجية على المستوى العالمي.
دوامة الرأسمالية الحكوميةابتكر علامي وديكسون مفهومًا مثيرًا للاهتمام يُعرف باسم "دوامة الرأسمالية الحكومية" مشيرا إلى أن التوسع في الرأسمالية الحكومية يؤدي بشكل طبيعي إلى زيادة هذا النوع من الرأسمالية بشكل أكبر.
وهذا النمط يوضح كيف أن الدول، مثل ألمانيا في أوروبا، بدأت إنشاء "أبطال وطنيين" لمواجهة سياسات دعم البطاريات الكهربائية التي قدمتها إدارة بايدن بالولايات المتحدة.
كذلك، هناك حماسة متزايدة في أفريقيا لإنشاء صناديق ثروة سيادية، حيث يوجد حاليًا 22 صندوقًا قيد التشغيل و7 أخرى قيد التخطيط، متأثرة بنجاح صناديق الثروة شرق آسيا والشرق الأوسط.
تحديات الرأسمالية الحكوميةورغم أن الرأسمالية الحكومية تبدو أداة قوية لتعزيز الاقتصاد الوطني، إلا أنها تأتي مع مجموعة من التحديات الكبيرة.
وأحد هذه التحديات هو مشكلة التركيز والاحتكار، حيث تسيطر الشركات المملوكة للدولة على جزء كبير من الاقتصاد العالمي. ووفقا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية "أو إي سي دي" (OECD) فإن نصف أكبر 10 شركات في العالم و132 من أكبر 500 شركة مملوكة للدولة.
كما يبرز الكاتب مشكلة الشفافية كتحد كبير، فمثلا اللجنة الصينية للإشراف على الأصول المملوكة للدولة "إس إيه إس إيه سي" (SASAC) تعد من أقوى المؤسسات في العالم، لكنها غير معروفة لمعظم الناس.
وهذه اللجنة تمتلك بشكل حصري 96 شركة قابضة تسيطر على الشركات التابعة لها المدرجة في بورصة شنغهاي والأسواق الدولية.
الحاجة إلى إدارة حكيمةيتطلب إدارة هذا العملاق الناشئ في الرأسمالية الحكومية قدرا كبيرا من البراعة والابتكار، ويرى وولدريدغ أننا بحاجة إلى التخلص من الفكرة القائلة إن الرأسمالية الحكومية هي بقايا من ماضي سيطرة الدولة أو أنها مجرد ظاهرة مرتبطة بالقوة الصينية.
وفي الواقع، تزداد الرأسمالية الحكومية قوة وانتشارا، حيث إن بعض أنجح الشركات المملوكة للدولة وصناديق الثروة السيادية تقع في الدول المتقدمة.
ويشدد وولدريدغ على ضرورة تعزيز دور المؤسسات التكنوقراطية العالمية، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، في ضبط هذا النظام العالمي المتنامي، ووضع حدود واضحة بين الرأسمالية الحكومية "الجيدة والسيئة" وهي مهمة ليست سهلة في عصر بدأت تهيمن فيه الحكومات الشعبوية على المشهد السياسي العالمي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الشرکات المملوکة للدولة صنادیق الثروة السیادیة الرأسمالیة الحکومیة الاقتصاد العالمی
إقرأ أيضاً:
شاهد.. حفرة ضخمة تبتلع سيارة في أحد شوارع سنغافورة
في حادثة غريبة أثارت دهشة السكان، ابتلعت حفرة ضخمة -ظهرت بشكل مفاجئ على أحد الطرق في سنغافورة- سيارة كانت متوقفة بالقرب من موقع أعمال صيانة، دون تسجيل أي إصابات خطيرة.
ووفقًا لتفاصيل الحادث، فقد نُقلت امرأة إلى المستشفى بعد أن سقطت سيارتها في حفرة مملوءة بالمياه انهارت فجأة في شارع مزدحم بجنوب طريق تانجونج كاتونج، وذلك نحو الساعة الخامسة مساءً أول أمس السبت، حسب ما أفادت به قناة "أخبار آسيا".
Singapore Sinkhole: A woman was taken to the hospital after her car was swallowed up by a sinkhole in Tanjong Katong, Singapore. She was fortunately rescued conscious by several workers using a rope. The appearance of the sinkhole was attributed to a water main pipe burst. pic.twitter.com/0YONNzX0yl
— John Cremeans (@JohnCremeansX) July 27, 2025
من جهتها، أعلنت الهيئة الوطنية للمياه في سنغافورة، المعروفة باسم هيئة المرافق العامة، أن الانهيار الأرضي الذي أدى إلى ابتلاع سيارة في حفرة ضخمة وقع بالقرب من أحد مواقع العمل التابعة لها. وأوضحت أن المنطقة المتضررة تم إغلاقها على الفور كإجراء احترازي، بانتظار الانتهاء من أعمال الإصلاح والتحقيق في أسباب الحادث.
من جهتها، أكدت إدارة خدمات الطوارئ العامة أن فرق الدفاع المدني السنغافوري تمكنت من إنقاذ السائقة التي كانت داخل السيارة لحظة الحادث، مشيرة إلى أنه تم نقلها فورًا إلى مستشفى رافلز وهي في كامل وعيها لتلقي العلاج اللازم.
وفي بيان رسمي، قالت الإدارة: "سقطت مركبة في حفرة مملوءة بالمياه. وقد تدخلت قوات الدفاع المدني سريعًا وأنقذت السائقة، وتم نقلها إلى مستشفى رافلز لتلقي الرعاية الطبية".
وأضافت: "تضرر أنبوبان رئيسيان للمياه في الحادث. وتقوم إدارة خدمات الطوارئ العامة بعزل الأنابيب المتضررة".
إعلانوراجت صور صادمة نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ظهرت السيارة مغمورة بالكامل تقريبا في الحفرة، التي امتلأت بالمياه بسرعة. وأدت قوة الانهيار إلى إخفاء مقدمة السيارة بالكاد عن السطح، مما أثار القلق والاستغراب بين مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي.