سياسة نتنياهو من أجل إطالة الحرب
تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT
تواصل دولة الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب الجرائم والمجازر في غزة، ولم يعد خافيًا على أحد أن رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، لم يكتفِ بعدم التجاوب مع النداءات المطالبة بوقف إطلاق النار، بل استبق أي أجواء إيجابية بارتكاب المجازر الجماعية بحق النساء والأطفال، أو لجأ إلى التصعيد الإقليمي قبل كل عملية تفاوض، بهدف إفشالها.
مراجعة سريعة لمجريات الأحداث تكشف الحقيقة السابقة:
مجزرة المعمدانيفي 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بينما كان الرئيس الأميركي جو بايدن يستعد للتوجه إلى الأردن لحضور قمة رباعية حول غزة بمشاركة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والملك الأردني عبد الله الثاني، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، نفّذ الجيش الإسرائيلي مجزرة في ساحة المستشفى الأهلي العربي "المعمداني" وسط مدينة غزة، أوقعت 500 شهيد من النازحين الذين لجؤُوا إليها، ونتيجةً للغضب الإقليمي والدولي بعد المجزرة، اعتذر عدد من هؤلاء الزعماء عن الحضور وألغيت القمة.
لم يحاسب أحد نتنياهو على ما فعل، بل بدأ داعموه في ترويج أكاذيب لتبرئة ساحته، فقال الرئيس الأميركي جو بايدن للإسرائيليين: "يبدو أن الجانب الآخر وراء ذلك وليس أنتم". واعتبرت حكومة رئيس الوزراء البريطاني السابق ريشي سوناك "أن الانفجار في المشفى ناجم عن صاروخ أطلق من غزة"، وصرحت مديرية المخابرات العسكرية الفرنسية أن السيناريو الأرجح هو أن سبب الانفجار صاروخ فلسطيني تعطل عند إطلاقه. وزعم وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني أن "الصاروخ خلّف 50 قتيلَا لا 500".
اجتياح رفح بعد موافقة حماس على اقتراح الوسطاءوفي مطلع مايو/أيار 2024، وبعد أن وافقت حركة المقاومة الإسلامية حماس على الورقة التي قدمها الوسطاء لوقف إطلاق النار، قرّر مجلس الحرب الإسرائيلي بالإجماع مدّ العمليات إلى رفح بالرغم من كل النداءات الدولية والإقليمية. وبالفعل، احتلّ الجيش الإسرائيلي معبر رفح ومحور فيلادلفيا على الحدود مع مصر.
ورغم صدور قرار لمحكمة العدل الدولية – بعد ذلك بأيام- يطالب إسرائيل بوقف عملياتها في رفح، فقد تواصل تدمير المدينة ووقعت فيها عشرات المجازر، أبرزها "محرقة الخيام" في 26 مايو/أيار 2024 غرب رفح، حين شنت المقاتلات الإسرائيلية غارات على خيام النازحين قرب مخازن الأونروا، مما أسفر عن استشهاد 45 فلسطينيًا، أغلبهم من النساء والأطفال.
اغتيال هنية وشُكروفي مطلع أغسطس/ آب 2024، أقدم الاحتلال الإسرائيلي على تنفيذ عمليتَي اغتيال متتاليتين طالت القائد العسكري لدى حزب الله فؤاد شُكر، ثم زعيم حركة حماس إسماعيل هنية أثناء وجوده في إيران لحضور مراسم تقليد المنصب لرئيسها الجديد.
وكما هو النهج، فقد جاء هذا التصعيد الإسرائيلي بعد إبداء حركة حماس خلال شهر يوليو/ تموز مرونة وإيجابية لتسهيل التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، فقبلت بصياغة جديدة للمادة الثامنة من مشروع الاتفاق المقترح من الجانب الأميركي، وهو ما قابله نتنياهو بالمماطلة وتأخير إرسال وفد التفاوض الإسرائيلي، قبل أن يسافر هو إلى واشنطن لإلقاء خطابه في الكونغرس الأميركي.
وكانت عملية الاغتيال، التي طالت المسؤول الأول عن التفاوض من طرف حماس، رسالة واضحة أن حكومة الاحتلال لا تريد وقف إطلاق النار، بل تسعى إلى التصعيد الإقليمي بعد أن ضاق هامش النقاش بخصوص بنود الاتفاق.
مجزرة مدرسة "التابعين"بعد أن أشعلت حكومة الاحتلال الإسرائيلي البيئة الإقليمية وجعلتها على شفا حرب حتمية، حاولت الإدارة الأميركية تخفيف التوتر الإقليمي، والقيام بمبادرة لإعادة الزخم للمفاوضات بعد أن أفسدت حكومة الاحتلال أجواءها، فعملت على ضخ مياه جديدة عبر الدعوة لتطبيق الاتفاق دون تأجيل.
ولم تكد تمر 24 ساعة على بيان ثلاثي صدر عن الولايات المتحدة ومصر وقطر يقول إن الوقت حان لإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار دون إضاعة مزيد من الوقت ودون أعذار للتأجيل، إلا أن العالم استيقظ صباح 10 أغسطس/آب على مجزرة إسرائيلية في "مدرسة التابعين" بحي الدرج في مدينة غزة، والتي استشهد فيها قرابة 100 نازح فلسطيني ممن لجؤُوا إلى المدارس بعد أن دمر الاحتلال منازلهم. وكانوا يؤدون صلاة الفجر في مصلى المدرسة حين استهدفهم القصف.
نحن أمام سياسة مستمرة تتخذ من جرائم الحرب والتهجير والتجويع والحصار الكامل نهجًا، ولا توجد موانع حقيقية تردع دولة الاحتلال عن ذلك مستقبلًا، فلا هم داخليًا يملكون الوازع الأخلاقي الكافي، ولا هم خارجيًا يواجهون ضغوطًا حقيقية من حلفائهم الكبار، بل على العكس من ذلك يشعرون بالدعم، كما حصل مثلًا عندما أحبطت واشنطن بيانًا أمميًا يحمل إسرائيل مسؤولية مجزرة شارع الرشيد التي طالت نازحين فلسطينيين كانوا ينتظرون وصول شاحنات المساعدات.
وما لم يكن هناك ضغط حقيقي مؤثر، سيكون من العبث انتظار أي تغيير في موقف نتنياهو وحكومته. لقد لاحظنا أن هناك خطًا ثابتًا ومتصاعدًا تسير عليه هذه الحكومة، وهو خط استمرار الحرب وتجاهل كل دعوات وقف إطلاق النار والتحايل على المبادرات لكسب مزيد من الوقت.
وبينما تعتبر المفاوضات وسيلة للتوصل للتهدئة ووقف إطلاق النار، فإن حكومة نتنياهو تستخدمها كأداة للتضليل ومواصلة الحرب والمجازر.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات إطلاق النار بعد أن
إقرأ أيضاً:
عاجل. الجيش الإسرائيلي يُعلن تفاصيل أنشطته العسكرية في لبنان.. ومصادر رويترز: حزب الله يرفض تسليم سلاحه
أكد الجيش الإسرائيلي أن الجيش السوري الجديد يقوم بمهاجمة القوافل التي تحاول تهريب الأسلحة من سوريا إلى حزب الله، مما يضع مزيدًا من العقبات أمام الحزب في تجديد مخزونه العسكري. اعلان
أصدر الجيش الإسرائيلي تقريرًا مفصلًا عن أنشطته العسكرية ضد حزب الله في لبنان خلال فترة وقف إطلاق النار الممتدة 243 يومًا، في وقت تكثف فيه واشنطن ضغوطها على بيروت للإسراع بإصدار قرار رسمي من مجلس الوزراء اللبناني يلزم الحكومة بنزع سلاح الحزب، بحسب ما ذكرت مصادر لوكالة "رويترز"
تنفيذ مئات الغارات وتدمير آلاف الصواريخأشار الجيش الإسرائيلي إلى أنه نفذ حوالي 500 غارة جوية في لبنان خلال فترة 243 يومًا من وقف إطلاق النار. وذكر أنه قضى على أكثر من 230 عنصرًا من حزب الله ودمر قرابة 3 آلاف صاروخ تابعة للحزب خلال نفس الفترة. كما أشار إلى أن العديد من الصواريخ التي تم تدميرها هي صواريخ قصيرة المدى.
وأكد الجيش الإسرائيلي أن حزب الله يواجه حاليًا صعوبات كبيرة في ملء المناصب القيادية، وهو غير قادر على تنفيذ توغلات داخل الأراضي الإسرائيلية أو الدخول في مواجهة طويلة الأمد مع الجيش الإسرائيلي. ويعود ذلك إلى الضغوط المستمرة التي يتعرض لها الحزب من عمليات الاستهداف والمراقبة.
Related "الكلمات لن تكون كافية"... باراك ينبه لبنان وحزب الله من استمرار الجمود في ملف السلاحالأمين العام لحزب الله يُحذّر من "ثلاثة مخاطر" ويؤكد: جاهزون للمواجهةشحنات الأسلحة مستمرة إلى اليمن ولبنان.. إيران تعزز قوة الحوثيين وترمم ترسانة حزب الله؟ تمركز الأسلحة ومحاولات إنتاج المسيّراتوأوضح الجيش الإسرائيلي أن حزب الله نقل معظم أسلحته إلى شمال الليطاني، ولا يزال بحوزته آلاف الصواريخ، معظمها قصيرة المدى. لكن الجيش لفت إلى وجود نقص في منصات إطلاق الصواريخ، حيث أن مئات من هذه الصواريخ قادرة فقط على الوصول إلى وسط إسرائيل، ما يحد من قدرة الحزب على التصعيد.
كما نفى وجود شبكة أنفاق متصلة تابعة لحزب الله، موضحًا أن الأنفاق الموجودة هي محلية وغير متصلة بشكل واسع. وأشار إلى أنه رصد مؤخرًا محاولات لاستئناف إنتاج الطائرات المسيّرة (الدرونز) في ضاحية بيروت الجنوبية، مما يشكل تحديًا جديدًا في مراقبة القدرات العسكرية للحزب.
تعطيل تهريب الأسلحةأكد الجيش الإسرائيلي أن الجيش السوري الجديد يقوم بمهاجمة القوافل التي تحاول تهريب الأسلحة من سوريا إلى حزب الله، مما يضع مزيدًا من العقبات أمام الحزب في تجديد مخزونه العسكري.
هذه المعطيات تعكس استمرار التوتر على الحدود اللبنانية الإسرائيلية رغم اتفاق وقف إطلاق النار، وتوضح التحديات التي تواجه حزب الله في ظل الضغوط العسكرية المتواصلة من قبل الجيش الإسرائيلي.
الضغوط الأميركية متواصلة وحزب الله يرفض تسليم سلاحهفي سياق متصل، كشفت مصادر مطلعة لوكالة رويترز عن تكثيف واشنطن لضغوطها على الحكومة اللبنانية من أجل الإسراع بإصدار قرار رسمي من مجلس الوزراء يلزمها بنزع سلاح حزب الله. وأوضحت المصادر أن المبعوث الأميركي توماس بارّاك لن يتوجه إلى بيروت ما لم تقدّم الحكومة التزامًا علنيًا تجاه هذا الملف.
وأكدت المصادر أن حزب الله رفض علنًا تسليم ترسانته بالكامل، لكنه يدرس سرًا تقليصها، في حين طلب رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه برّي من واشنطن ضمان وقف إسرائيل ضرباتها كخطوة أولى نحو التنفيذ الكامل لوقف إطلاق النار.
في المقابل، أفادت رويترز بأن إسرائيل رفضت قبل أيام اقتراح برّي بوقف ضرباتها تمهيدًا لتطبيق وقف إطلاق النار في لبنان، مما يبرز تعقيدات ملف الهدنة على الأرض.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة