الجهاد في معادلة الصراع العالمي من مربع الإسناد إلى فضاء المواجهة المباشرة والتصعيد الشامل
تاريخ النشر: 13th, August 2024 GMT
في خطابه المتلفز، على قناة المسيرة الفضائية – وعدد من القنوات الفضائية العالمية – الذي لم يتجاوز نصف ساعة من الزمن، بتاريخ الخميس 26 محرم 1446، الموافق 1 أغسطس 2024م، قدم سماحة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله تعالى – كعادته في إطلالته الأسبوعية – إحاطة شاملة ومقتضبة، لمجريات ومتغيرات وحصيلة الأحداث الميدانية والسياسية، وما تمخضت عنه تداعيات العدوان الإسرائيلي – المدعوم من الغرب وأوروبا – على أبناء قطاع غزة، مستعرضاً طبيعة المجازر الوحشية الإجرامية، وحرب الإبادة الشاملة، بحق المدنيين المستضعفين، التي عكست طبيعة العدو الإسرائيلي العنصري المتغطرس، ونزعته الإجرامية الوحشية المتأصلة، ونفسيته الحاقدة الخبيثة، وكشفت زيف الوجه الحضاري للغرب وأوروبا، وسقوطهم القيمي والأخلاقي والإنساني، وشراكتهم الفعلية في كل جرائم الكيان الوظيفي، بحق أبناء فلسطين خاصة، والعرب والمسلمين عموماً، وأنهم لا يقلون عن الكيان الغاصب، إجراماً وحقداً وعنصريةً وانحطاطاً، كما فضحت حقيقة بعض الأنظمة العربية، التي اختارت العمالة والنفاق والتطبيع، ووقفت سراً وعلانية، إلى جانب الكيان الإسرائيلي المحتل، وقدمت له كل وسائل الحماية والمساعدة والإسناد، وحالت دون تعجيل سقوطه، وكسرت الحصار الاقتصادي، الذي فرضته عليه القوات المسلحة اليمنية، وقامت بتغطية وتلبية كل احتياجاته، الغذائية والتموينية والعسكرية، عبر جسور برية وبحرية وجوية، وفي المقابل نفذت حصاراً حديدياً مطبقاً، على أبناء قطاع غزة، وأقامت الجدران الفاصلة الشاهقة دونهم، ونقاط الحراسة والمراقية المشددة عليهم، لتمنعهم – بذلك – حتى من حقهم الإنساني، في اللجوء إلى دول الجوار، هرباً من جحيم الحروب والصراعات، وهو الحق المؤكد والمكفول، في قوانين ومواثيق وأعراف واتفاقيات الأمم المتحدة.
كان مفهوم الجهاد، هو المرتكز الأساس، في كلمة سماحة السيد القائد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي – يحفظه الله – حيث استطاع توظيفه، في أبعاده الدينية والتاريخية والقيمية والإنسانية – بحكمة واقتدار – وتقديمه بوصفه الحل الوحيد والأخير، وفعل الضرورة الذي لا بديل عنه، سواء في سياقه المرجعي، بوصفه أمراً إلهياً، وما يترتب عليه من الثواب والعقاب، أو في سياقه الوظيفي، بوصفه نهجاً عملياً، أثبت التاريخ فاعليته ونجاحه المؤكد، أو في سياقه الواقعي، بوصفه الخيار الوحيد، والطريقة الأمثل والأنسب، لردع وكسر جموح وتوحش وإجرام، العدو الإسرائيلي الأزلي، بعد سقوط كل الخيارات، وانسداد كل الآفاق، وفشل نظريات السلم والسلام، المخدوعة بوهم السلامة، والمخدرة بأحلام المفاوضات والمعاهدات والاتفاقيات، مع عدو نكث عهوده مع الله تعالى، ولم يرع مقام أنبيائه، بل سارع إلى قتلهم ظلماً وعدواناً.
ومن خلال الربط المنطقي والتسلسلي المنهجي البديع، في الطرح والتناول، خلص السيد القائد عبدالملك الحوثي – يحفظه الله – إلى نتيجة مطلقة، تؤكد حتمية الجهاد، كونه الخيار الأول والأخير، في مواجهة عدو أزلي، والاستراتيجية الوحيدة الكفيلة بحسم الصراع الأزلي، حسب الوعود الإلهية الضامنة لذلك، ومصاديق الأحداث التاريخية الشاهدة بذلك، مؤكدا بنا لا يدع مجالا للشك، أن النهج الجهادي القرآني، هو المصداق الرئيس لحقيقة وتحقق الحتميات الثلاث.
إن إعادة ربط الأمة بربها ودينها ونبيها، وربط ماضيها بحاضرها، بذلك الأسلوب الراقي، ينعكس إيجاباً على عملية تهيئتها النفسية، ويكسبها الطمأنينة والثقة والقوة، في مواجهة عدوها، والسعي إلى قطع شره وخطره ومكره، انطلاقاً من الإيمان الراسخ واليقين المطلق، بوعد الله تعالى لعباده وجنوده، بالنصر والغلبة، على عدوه وعدوهم.
يمكن القول إن هذه الكلمة/ الخطاب السياسي، يعد بمثابة البيان التمهيدي، المؤسس لصورة المرحلة القادمة، من المعركة الكبرى، بما يعكس طبيعة التصعيد القادم، الذي سينتقل من مربع الإسناد والدعم، لفصائل الجهاد والمقاومة في فلسطين، إلى إعلان تبني المواجهة المباشرة، الفعلية الجمعية الشاملة، ودعوة كافة الشعوب العربية والإسلامية، إلى النفير العام، والجهاد في سبيل الله، كونه فرض عين، واجب على كل مسلم، استجابة لأمر الله تعالى، القائل:- “وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل”، والقائل سبحانه وتعالى:- “انفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون”، والقائل جل وعلا:- “وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين”، خاصة وأنه سبحانه وتعالى، قد وعد جنده بالنصر، وضمن فوز وفلاح المجاهدين في سبيله، وعلى أساس الدعوة العامة إلى الجهاد، سيكون فرز الناس في مواقفهم، بوصفه سنة إلهية لا بد منها، ليميز الله
الخبيث من الطيب، ويمتاز طرفي معادلة الصراع، بين حدي الحق والباطل، وتصبح المواجهة حتمية ومصيرية، لا مجال لأي هدنة أو حلول وسطية فيها، ولا يمكن إيقافها إلّا بالحسم المطلق، أي أن المرحلة القادمة ستشهد تصعيداً مفتوحاً، ومعركة واسعة النطاق، شاملة لكل فضاءات العمران والحياة، بين معسكري الحق والباطل، حيث تُغلق فيها أبواب المفاوضات الترقيعية، والهدن الزائفة، والاتفاقيات الكاذبة، ليشهد العالم – في أيام معدودة وميادين متعددة – أعنف وأقسى ضربة ضد الباطل، لأن إعلان الجهاد، معناه انتهاء وقت إقامة الحجة، وانقضاء زمن الفرصة الأخيرة، وكذلك ستكون نهاية بني إسرائيل، لكنها لن تكون نهاية التاريخ، كما روَّج لذلك فكرهم المريض، ونفسيتهم المصابة بعقدة النقص المركبة، وإنما ستكون فاتحة لسيادة الحق والعدل والسعادة، والخير والصلاح والفلاح، وفي نفس الوقت، لن تغلق أبواب عودة المواجهة المتوقعة، وستبقى معادلة الصراع الحتمي، مرهونة بمدى عودة بني إسرائيل، إلى صدارة المشهد، بأجرامهم وعلوهم مرة أخرى، عندها سيكون الله تعالى لهم بالمرصاد، خاصة بعد رفضهم عرض الفرصة الأخيرة من رحمته، لتكون نهايتهم الحتمية، متحققة في قوله تعالى:- “وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيراً”. صدق الله العلي العظيم.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
أجمل ما قيل في التضرع إلى الله.. 6 دعوات لا تهدر ثوابها
أجمل ما قيل في التضرع إلى الله، يغفل الكثيرون عن أهمية التضرع وفضله خاصة في الثلث الأخير من الليل وفي موعد النزول الإلهي الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم، ونحن إذ نتسابق إلى الطاعات في هذا الوقت المبارك من الليل نرصد لك أجمل ما قيل في التضرع إلى الله.
أجمل ما قيل في التضرع إلى اللهالتضرع إلى الله -عز وجل- والتذلل له سبحانه ينبغي أن يكون بقلب حاضر يملؤه الشعور بالضعف والتذلل إلى الخالق، وإدراك أنه بيده وحده سبحانه رفع البلاء وتفريج الكرب وكشف الغمة، فباستشعار هذه المعاني يدرك المسلم معنى الربوبية وتتحقق فيه مقتضيات العبودية بالتسليم والخضوع التام لله -عز وجل-، يقول تعالى:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ . فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام:42-43].
وابتلاء الإنسان بالفقر والضيق في العيش و الأمراض والأسقام والآلام؛ لا يرفع إلا بالتضرع إلى الله والخشوع إليه، والتقرب منه بالعبادات والطاعات، والابتعاد عن المحرمات وكل ما يلهي العبد عن عبادة الله.
وللدعاء منزلة عظيمة في الإسلام، وهو من أفضل العبادات؛ وذلك لِما فيه من التضرع والتذلل والافتقار إلى الله تعالى؛ لذا أوصانا الله تعالى بالحرص على الدعاء، وحثَّنا عليه في محكم آياته؛ قال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾[البقرة: 186].
ويستجيب الله دعاء أشخاص كثيرين، منهم (المضطر، المظلوم، الوالدان لأولادهما، الإمام العادل، الرجل الصالح، الولد البار بوالديه، المسافر، الصائم حين يفطر، المسلم لأخيه بظهر الغيب، المسلم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ، التائب، الحاج والمعتمر، المجاهد والمرابط في سبيل الله، الذي يقوم من الليل يدعو).
ويعد الثلث الأخير من الليل من أفضل أوقات الدعاء والتقرب إلى الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لأن الله عز وجل ينزل في هذا التوقيت وينادي هل من داعيا فأجبه، هل من مستغفر فأغفر له، ودعاء قيام الليل مستجاب بإذن الله عز وجل طالما لديك اليقين الكامل، وحسن الظن بالله، ودعاء قيام الليل مستجاب بشرط أن تحسن الظن بالله عز وجل.
كما يعد دعاء جوف الليل أحد الأمور المستحبة بل الواجبة على كل مسلم، حيث ثبت في شأن قيام الليل العديد من الأحاديث النبوية الصحيحة ومنها أن الله تبارك وتعالى ينزل إلى السماء في هذا الوقت، يقول الله تعالى: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ".
أجمل ما قيل في التضرع إلى اللهوالإلحاح فى الدعاء أمر مشروع، وقد ثبت ذلك من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دعا دعا ثلاثا، وإذا سأل سأل ثلاثا" (صحيح مسلم :1794)، والدعاء بصفة عامة من العبادات التي حض عليها الشرع الحنيف، فقال المولى جل وعلا:" ادعوني أستجب لكم"، وقال تبارك وتعالى:"وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان"، وعن الصادق المعصوم صلى الله عليه وسلم:" الدعاء هو العبادة".
كما أن الاستغفار مسلك الأبرار، والساهرين للأسحار، وتوبة المذنبين بالليل والنهار، كما أن الاستغفار عبادة اللسان، وتوبة المقال، والاعتذار في الحال، والنجاة في المآل، وفيه صلاح الأهل والمال، والاستغفار أيضا سم الشيطان، وترياق الإنسان، وطرد للنسيان، ويرد للقلب أساريره، ويعيد النور للوجوه العابسة، ويخلص البال من شغله، والفكر من همه، ومن المعلوم أن في هذا الوقت من الليل ينزل المولى تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا كما هو ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فينادي على عباده فيستجيب للداعي ويعطي السائل ويعفو عن المستغفر.
يقول الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، إن القلب الضارع يظهر في الحج بشدة، وهو المفتاح الذي يضمن للشخص حجًا مقبولًا.
أوضح «جمعة» خلال برنامج «والله أعلم»، أن القلب الضارع يُعيد الشخص من الحج خاليًا من ذنوبه كيوم ولدته أمه، ويجعله يلجأ إلى الله تعالى، ومترصدًا لجمع الحسنات والثواب بصالح الأعمال، محسنًا مع الناس، منوهًا بأن الحاج يفوز بالقلب الضارع بأن يكون على ذكر دائم لله تعالى.
وأضاف أنه بالقلب الضارع يتحلى الحاج بالحلم، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الْحِلْمُ، وَالأَنَاةُ»، منوهًا بأن هذه أيام ذكر، لذا كثر الله تعالى ثواب العبادة في مكة، لأن لأنها محل نظر الله ، ولأنها أول بيت وضع للناس.
وبين علي جمعة أن رفع اليدين إلى السماء عند الدعاء من أشكال التضرع الى الله تعالى ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في الدعاء حتى يظهر بياض إبطيه، موضحاً: السماء قبلة الدعاء كما أن الكعبة قبلة الصلاة والتضرع إلى الله برفع اليد مستحب.