فاطمة الزهراء.. مدرسة الجهاد الأولى وصانعة أبطال تاريخ الإسلام
تاريخ النشر: 7th, July 2025 GMT
(ما رأيت إلا جميلا) تلك الكلمات التي هزت بها “بطلة كربلاء” زينب عليها السلام، أركان الدولة الأموية في أوج قوتها وظلمها وواجهت بها طغيان “يزيد بن معاوية” في عقر قصره، لم تأت من فراغ.. إنما تدل على عظمة مدرسة الجهاد الأولى التي صنعت أبطال تاريخ الإسلام من أهل البيت عليهم السلام بلا منافس، متمثلة بفاطمة الزهراء عليها السلام، والذي سجل التاريخ لها مواقف عديدة.
يمانيون| أعد المادة للنشر: محسن علي الجمال
ولادتها
ولدت عليها السلام في عام البعثة’ واختصت الزهراء في حال ولادتها بخصوصية إرضاع أمها خديجة لها، وبرعاية رسول الله المنفردة وإعدادها ثم إناطتها بأعمال وأدوار استثنائية أنجزتها في حياة والدها وبعد وفاته، وكانت أم المؤمنين خديجة إذا ولدت ولدا دفعته إلى من يرضعه، فلما وضعت فاطمة الزهراء لم ترضعها امرأة غيرها.
والدتها جدة آل البيت الكبرى (خديجة)
تنتمي الزهراء عليها السلام لمكة مكانا، أمها خديجة بنت خويلد من عقيلات قريش المبرزات، وأعظمهن شرفا، أكرمها الله تعالى بأن جعل من نسلها فاطمة الزهراء التي حفظ الله في نسلها ذرية الحبيب المصطفى، لذا فهي جدة آل البيت الكبرى وأمهم الأولى، توفيت في السنة العاشرة من البعثة بعد أن عاشت مع رسول الله صلى الله عليه وآله حوالي ربع قرن كانت له فيها الزوجة الحبيبة والسند القوي والظهير الرائع.
صنعاء تدعو الأمة للعمل على رفع يد السعودية عن المقدسات بعد منعها الحج للعام الثاني
نشأتها
قدمت فاطمة إلى هذه الدنيا مع قدوم الإسلام وبزوغ فجره، الذي دفن ثقافة براثن الجاهلية وكل مآثرها ونظرته للمرأة باعتبارها عارا وهونا، وجريمة وعارا، فنشأت على يد أمها خديجة وأبيها محمد، وترعرعت في كنف أبوين طاهرين، تحفها تعاليم جبريل عليه السلام، وتحط فيه آيات التنزيل، ورسول الله يعوذها وذريها من الشيطان الرجيم.
كما نشأت في بيت ربته تاجرة ذكية وعاقلة حصيفة، ورئيس هذا البيت قد كلف بمهمة عظيمة وجليلة ومقدسة وهي أن يخرج الناس من الظلمات إلى النور، تعلمت وهي في بيئتها الأولى: القراءة والكتابة والحساب والمعارف الأولية، وفي دور أبويها تعلمت ما لم تتعلمه طفلة غيرها في مكة.
جهادها صغيرة
في غضون ظروف الإسلام الأولى في مكة’ رأت أباها كل يوم يحمل على عاتقه مسؤولية تبليغ الإسلام بإصرار عجيب، فتعلمت منه قوته في ذلك، وإصراره وأنسه بالله’ واستشعرت معية الله، وذاقت معه طعم الألم في سبيل الله، فكانت حريصة على نصرة أبيها.
أسماؤها وألقابها
لفاطمة 8 أسماء كما روي عن الصادق عليه السلام وهي (الصديقة، الزهراء، الطاهرة، الزكية، الرضية، المرضية، البتول، فاطمة) ولكل من هذه الأسماء والألقاب دلالات خاصة تشير إلى أوصافها العظيمة، منها ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال (إنما سميت ابنتي فاطمة، لأن الله تعالى فطمها وفطم من أحبها من النار) , وكانت تسميتها من الله أوحى به إلى نبيه.
وصفها الخلقي
شاء الله أن تكون هذه الأنثى امتداد أبيها، وتحمل في جيناتها أعلام الهدى الذين يخلفون رسول الله في أمته قائمين بالحق، ولهذا منحها الله خصوصية استثنائية أخرى، ألا وهي شبهها القوي برسول الله حتى في مشيتها, ويمكن استيحاء شخصيتها الجسمانية والخلقانية من صفات والدها الرسول الأنور وصاحب الجبين الأزهر.
فاطمة في القرآن
تحدث القرآن الكريم عن الزهراء باعتبارها من أهل بيت نبيها المصطفى وذوي قرباه ونسائه ومن الأبرار الزاكين ومنها قول الله:
-آية التطهير (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)
-آية المباهلة (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم)
– (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)
– (إنا أعطيناك الكوثر)
– (إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافوا عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا…)
فاطمة في كلمات الرسول وتعاملاته
-عن أمير المؤمنين علي عليه السلام قال: قال رسول الله لفاطمة (إن الله تعالى يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها)
-قال رسول الله (فاطمة بضعة مني فمن أغضبها فقد أغضبني)
-قال رسول الله (أفضل نساء أهل الجنة، وخير نساء العالمين أربع: , خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم)
– قوله صلوات الله عليه وآله (فاطمة حوراء إنسية، كلما اشتقت إلى الجنة قبلتها)
-قوله صلوات الله عليه وآله (كل بني أنثى ينتمون إلى أبيهم إلا ابني فاطمة فأنا أبوهما وعصبتهما)
-كما أن رسول الله بتعاملات مميزة وكثيرة منها:
– أنه كان إذا دخلت عليه قام إليها فقبلها، ورحب بها كما كانت تصنع به
-إذا سافر رسول الله يجعلها آخر الناس عهدا به، وإذا قدم قدم إلى بيتها أولا
– كان إذا بكت يمسح الدموع من عينها بطرف ثوبه واستمر على ذلك حتى مرضه الأخير
-كانت تضع خدها على خده، وإذا دعاها أجلسها بالقرب منه وأسر إليها دون من سواها،
-أمر رسول الله بسد أبواب بيوت الصحابة المشرعة إلى مسجده إلا باب على وفاطمة
-زوجها وصيه وخليفته من بعده من وصفه بقوله (سيد في الدنيا والآخرة)
– كناها بأم أبيها، وتولى الله أمر زواجها حيث كان بأمر منه سبحانه، وانقطع نسل رسول الله إلا منها،
علمها
كانت الزهراء عليها السلام تحمل علما جما ’ إذا أنها كانت تغرف من بحر مدينة العلم, فاستوعبت القرآن بشكل عميق, ووعت سنة أبيها وسيرته فكانت فقيهة عالمة, فامتلكت قدرة فائقة على التعامل مع مصادر التشريع , وكانت تتميز بقدرة أسلوبها الخطابي الذي يشبه إلى حد كبير أسلوب زوجها الإمام علي في نهج البلاغة, ولعل خطبتها البليغة العصماء “الشقشقية” التي أنكرت فيها على أبي بكر استيلاءه على املاكها في فدك ومواجهتها له والتي ابتدأتها(الحمد لله على ما أنعم, وله الشكر بما ألهم , الممتنع عن الأبصار رؤيته, ومن الألسن صفته’ ومن الأوهام الإحاطة به) وكذلك نكرانها على المسلمين تخاذلهم عن نصرة ابن عمها وزوجها في تضييع مبدأ ولايته, خير دليل وأنصع برهان, كما أنها أيضا كانت تمتلك مهارات تربوية , كما بلغ من حصافتها وحنكتها السياسية والاجتماعية أنها صارت مستشارة الإمام علي حين بويع أبو بكر, وفكرها الإبداعي حيث تعد أول من استحدث النعش للجنائز في الإسلام.
من مروياتها الحديثية
-روى عنها ولدها شهيد الكربلاء الإمام الحسين عليه السلام أنها قالت ” خرج رسول الله صلى الله عليه وآله عشية عرفة فقال: (إن الله باهى بكم، وغفر لكم عامة، ولعلي خاصة، وإني رسول الله إليكم غير محاب لقرابتي فقال: إن السعيد كل السعيد حق السعيد من أحب عليا في حياته وبعد مماته).
– روت رضوان الله عليها عن أبيها أنه قال (يحفظ المرء في ولده)
-وقولها عن رسول الله (ألا لا يلومن امرؤ إلا نفسه، يبت وفي يده ريخ غمر) وغيرها من الأحاديث الكثيرة.
جهادها
كان الجهاد يحتل مكانة مقدسة في وعي فاطمة، فكانت سلام الله عليها على علاقة خاصة بوالدها، وهي بضعة منه في كل شيء حتى في جهاده، ورغم صغر سنها , غير أن التاريخ سجل لها مواقف رائدة، منها:
-أن هذه الفتاة في عمر السادسة عشرة أنه: لما جرح رسول الله في معركة أحد، وظل جرحه ينزف، استطاعت أن توقف ذلك النزيف بفضل خبرتها الجراحية.
-عند فتح مكة خرجت مع أبيها وزوجها حيث تحكي السير أنه قد ضرب للنبي خباء بالبطحاء وجلس فيه يغتسل، وكانت فاطمة معه تستره، وامرها فسكبت له غسلا فاغتسل.
– هروعها مع أخريات من المدينة بعد معركة أحد لمعالجة الجرحى فعالجت النبي المصطفى، وحملها للطعام والشراب على ظهورهن للمجاهدين.
_إقبالهم على أبيها بأقراص الخبز إذا جاع كما فعلت في يوم الخندق.
– لما استشهد عم أبيها حمزة بكت، وتحركت في أنشطة عملية لتخليد ذكرى الشهداء وتقديس قضاياهم، وتأتي لزيارة قبور الشهداء غداة كل سبت.
زواجها من علي ووليمة عرسها
بعد تجاوز عمرها الخمسة عشر سنة, حيث تم ذلك بتوجيهات من الله كما روي عن رسوله أنه قال ( إن الله أمرني أن أزوج فاطمة من علي ) عليهما السلام’, بعد أن تقدم لخطبتها أمير المؤمنين وآذنها أبيها, وبصداق خمس مئة درهم’ وزفت إلى منزل كان فرشه جلد كبش, وأرضه رمل من بطحاء الروحاء, ووسادة من أدم جلد, وقربة من جلد للشرب، وأما وليمة العرس الذي أقامه الإمام علي فكان : آصا من شعير، وتمر، وحيس، وكبش، فبارك لهما النبي وقال ( جمع الله شملكما وأسعد جدكما وأخرج منكما كثيرا طيبا).
الزوجية المثلى
ضربت فاطمة عليها السلام في بيت زوجها الأمثلة العالية للزوجة المثالية في الطاعة وحسن العشرة، معينة له في طاعة الله، تؤثره على نفسها، ولذا فقد وصفها سيد الوصيين بقوله (والله ما أغضبتها ولا أكرهتها على أمر حتى قبضها الله عز وجل، ولا أغضبتني ولا عصت لي أمرا، ولقد كنت أنظر إليها، فتكشف عني الهموم والأحزان)، ولقد كانت أيضا تطحن وتعجن وتستقي وتخبز وتربي الأولاد وتغزل الملابس وتسعد زوجها وتكرم ضيفها وتتفقد أباها وتصلح أمره وتقوم بأدوارها الجهادية والاجتماعية والتعليمية بأفضل ما يمكن.
تربية الأولاد
لقد أنشأت فاطمة بطريقتها التربوية أعلى مدرسة مثالية تخرج منها الحسنان وزينب العقيلة عليهما السلام, وكانت تحرص على اصحابهم إلى محراب عبادتها وتعلمهم أنواع التبتل والتهجد، وكذلك خطب رسول الله, وهما لم يبلغا الخامسة من أعمارهما، وأما أولادها فهم (الحسن, الحسين, زينب, ام كلثوم, المحسن).
دورها الاجتماعي والسياسي
كان للزهراء عليها السلام دور رائد في الدفاع عن قضايا الإسلام الكبرى, وتحرك جاد في الجانب الاجتماعي بين نساء المدينة المنورة، وفي مواجهة أول انحراف في الإسلام بما يخص الجانب السياسي، حيث صرخت بقوة في وجه السلطة الجديدة التي انحرفت بمسار الحكم عمن اختاره الله وأعلن ولايته رسول الله في أكثر من موقف، ولم تكتف بذلك بل دارت في بيوت الأنصار تحرضهم على الثورة في نصرة الحق واتخاذ الموقف الصحيح، وخطبتها في مسجد رسو الله بشأن الإمامة وفدك تسمى بالخطبة الكبرى.
وفاتها
بعد ان اتخذت المواقف القوية ضد السلطة الجديدة، هاجمها المرض, وكان قد أخبرها رسول الله بأنها أول اللاحقين به من أهل بيته، إذ أنها كانت قد عافت الدنيا،لموت أبيها، ثم لحصول الانحراف الخطير في حق الإسلام، ولحقت برسول الله بعد ستة أشهر، وأوصت أن تدفن سرا ودفنت بالبقيع بالمدينة المنورة عن 23 سنة., حيث دفن سبطها الحسن عليه السلام وآخرون من ذريتها.
الإمام علي ينعيها ببيت شعري:
لكل اجتماع من خليلين فرقة .. وكل الذي دون الممات قليل
وان افتقادي فاطما بعد أحمد .. دليل على ألا يدوم خليل.
وكان عليه السلام يزور قبرها في كل أسبوع مرة وينشد:
إلى الله أشكوا لا إلى الناس إنني.. أرى الأرض تبقى والأخلاء تذهب
أخلاي لو غير الحمام أصابكم.. عتبت ولكن ما على الموت معتب.
المصدر: اقتباسات من بحث علمي أكاديمي للدكتور حمود الأهنومي.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الله علیه وآله فاطمة الزهراء علیها السلام علیه السلام الإمام علی رسول الله الله فی
إقرأ أيضاً:
العاصمة صنعاء تشهد مسيرة جماهيرية كبرى إحياء لذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام
الثورة نت /..
شهدت العاصمة صنعاء اليوم، مسيرة جماهيرية كبرى في شارع المطار إحياءً لذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام (عاشوراء) تحت شعار “هيهات منا الذلة”.
وأكدت الحشود أن إحياء الشعب اليمني لهذه الذكرى الأليمة والفاجعة الكبرى في تاريخ الأمة، هو من منطلق انتمائه وهوية الإيمانية، وولائه الراسخ للرسول صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعلى آله وسلم وآل بيته الأطهار.
وجددت العهد والولاء لسبط رسول الله الإمام الحسين عليه السلام، والتمسك بالقيم والمبادئ التي ضحَّى من أجلها، واستلهام الدروس والعبر من مواقفه وشجاعته وتضحياته في مواجهة قوى الطغيان والاستكبار أمريكا وإسرائيل.
وأكدت أن موقف اليمن في مساندة ونصرة الأشقاء في غزة وفلسطين يمثل امتداداً لنهج الإمام الحسين عليه السلام، والقيم والمبادئ التي ضحى من أجلها في سبيل نصرة الدين والمظلومين والمستضعفين ورفض الذل والخضوع لأعداء الأمة.
وجددت الحشود التأكيد على أن الإمام الحسين عليه السلام يمثل رمزا عظيما من رموز الإسلام ولا يخص مذهبًا ولا طائفة، وأن ذكرى عاشوراء تمثل ثورة في وجه الطغاة والمستكبرين.
ورددت بهتاف البراءة من أعداء الله، وشعار الحسين “هيهات منا الذلة” وهتفت بعبارات (عاشوراء يوم الأحرار.. زلزل عروش الفجار)، (صرختنا كل الأوقات.. هيهات الذلة هيهات)، (غزة كربلاء العصر.. مظلومية معها النصر)، (في غزة أو كربلاء.. نفس العزة والإباء)، (من نصروا ابن رسول الله.. ما خذلوا غزة والله).
كما هتفت (الحسين في كل زمان.. ثورة في وجه الطغيان)، (ما وقف الحسين وقام.. إلا ليصون الإسلام)، (في غزة أو كربلاء.. يتجلى صدق الولاء)، (يا غزة يا فلسطين.. معكم كل اليمنيين)، (الجهاد الجهاد.. كل الشعب على استعداد).
وأكدت الجماهير المحتشدة أن الأشقاء في غزة وفلسطين يعيشون كربلاء العصر كما عاشها الإمام الحسين عليه السلام.. مؤكدة مواصلة التعبئة العامة والتحشيد ورفع الجهوزية لمواجهة أي تصعيد أو عدوان صهيوني.
كما جددت التأييد والتفويض لقائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، في اتخاذ الخيارات المناسبة لردع العدوان ونصرة الشعب الفلسطيني.. مؤكدة ثبات موقف اليمن في دعم ومساندة غزة حتى إيقاف العدوان ورفع الحصار عن القطاع.
وفي المسيرة، أكد مفتي الديار اليمنية العلامة شمس الدين شرف الدين، أن احياء هذه المناسبة العظيمة ليس من باب إحياء الطائفية أو المذهبية أو العنصرية أو المناطقية كما يحلو للبعض أن يسميها، وإنما إحياء ركن من أركان الدين ومنهجاً وضعه الله تعالى كأساس لاستقامة هذا الدين وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وأشار إلى أن الإمام الحسين أراد بنهضته أن يكسر حاجز الخوف وأن يبدد حالة الخنوع الذي أصاب الأمة، وأن يحيي ما أسسه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كمبدأ إسلامي ومفهوم ايماني أصيل وهو شرعية الخروج على الظالم ومواجهة السلطان الجائر، بعد أن عمل النظام الأموي طيلة عقدين من الزمن على ترويج دعوى حرمة الخروج عن النظام الحاكم ولو كان ظالمًا أو مفسدًا أو متجبرًا ومتغطرسًا، وسخر له مأجورين من علماء السوء وغيرهم.
وأوضح مفتي الديار اليمنية، أن هذه الثقافة الخطيرة لن يكن من الممكن نسفها ولا تغييرها، لو لم يتصدى لها رجالا بحجم الإمام الحسين عليه السلام، ولو لم تكن تلك التضحية بحجم التضحية التي ضحها الإمام الحسين.
وذكر أن الإمام الحسين عليه السلام، بين سبب خروجه بعد أن رأى الظلم والمنكرات، وبعد أن رأى التغير والتحول في أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بعد تلك التضحيات الجسيمة التي بذلها رسول الله، وأهل البيت عليهم السلام، وصحابة النبي النجباء رضوان الله عليهم، من أجل هذا الدين.
ولفت إلى أن الإمام الحسين نهج منهج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهو الذي أمر الله تعالى به رسله وسائر المؤمنين، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. مشيرا إلى أن الإمام الحسين بين سبب خروجه حين خطب في الناس “أني سمعت جدي رسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله ناكثا لعهد الله مخالفا لسنة رسول الله يعمل بين الناس بالإثم والعدوان ثم لا يغير عليه بفعل ولا قول إلا كان حقا على الله أن يدخله مدخله”.
وأوضح أن هذا الحديث يؤكده قول الحق سبحانه وتعالى “لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ”.. مشيرا إلى أن الخروج على السلطان الجائر، لم يقيد بزمان ولا بمكان ولا بشخصية معينة، بل إن الأمر منوط بمدى وجود المنكر.
ولفت العلامة شرف الدين إلى أن الإمام الحسين، رأى أن من واجبه أن يتحرك ولو كان في ذلك ذهاب روحه ما دام في سبيل الله وإعلاء كلمته.
وقال” هذا المفهوم الذي خرج من أجله الحسين وقد طعن في حق الحسين وأسيء فهمه وشكك في مبدأ الحسين كما شكك اليوم في مبدأ محور المقاومة وأحرار هذه الأمة، فقيل في طوفان الأقصى إنه كان مغامرة، وقيل في حرب حزب الله مع إسرائيل أنها مغامرة، وقيل فيما نقوم به من مواجهة أمريكا وإسرائيل أنه مغامرة وانتحار”.
وأضاف “هذا هو الفارق بين مفهوم أئمة أهل البيت عليهم السلام وأحرار هذه الأمة، وبين مفهوم من يريد هذه الحياة، فحاولوا أن يطوعوا القرآن على حسب أهواهم”.. مؤكداً أن الجهاد لن يكون أبدا إلقاء بالنفس إلى التهلكة.
وأوضح أن ” هناك اليوم مدرسة تدعوا إلى السكوت والخنوع والتسليم للأمر الواقع والخضوع لشروط أمريكا وإسرائيل، وهذا الأمر الذي اليوم يخير به المسلمون كما خير الإمام الحسين عليه السلام آنذاك وقال قولته المشهورة (أما إن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين: بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة)”.
وتابع “يأبي الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون وأنوف حمية ونفوس آبية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام، هذه المدرسة العظيمة هي التي اخرجت هؤلاء الرجال الذين يواجهون اليوم الطغاة والمجرمين أمريكا وإسرائيل وأعوانهم، بينما المدرسة الأخرى ما زالت منذ ذلك الحين إلى يومنا تدعو إلى الخضوع والذلة وحرف الناس عن مسار الله سبحانه وتعالى”.
وقال العلامة شمس الدين شرف الدين “نحمد الله أن كنا من أهل مدرسة الجهاد والاستشهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإعلاء كلمة الله، أما المثبطون فلا عزاء لهم”.
وأكد أن أمريكا وإسرائيل ومن ورائهم لا يمكن أن يثنوا الشعب اليمني عن مساره وصموده وثباته في مناصرة الأشقاء في غزة.. مبينا أن كرباء اليوم موجودة في غزة، ومن ينصر غزة اليوم هو ينصر الإمام الحسين، ومن يرفع منار وشعار هذا الدين ويعلي كلمة الحق، ومن هو مع غزة هو الصادق والمؤمن والمجاهد.
وأكد أن المعية ليست معية مكان ولا زمان وإنما هي معية منهج ولذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ” حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً، الحسين سبط من الأسباط”.. موضحاً أن هذا الحديث يبين صوابية مشروع الإمام الحسين عليه السلام، وصوابية مشروع كل من خرج ضد الطغاة والمجرمين.
وقال” ما نراه اليوم من الانحلال والانفلات والفسق والفجور من ولاة الظلم والفجور في الأمة، يدل بشكل واضح على مدى انحرافها عن مسار نبيها، وأنها بحاجة إلى أن تصحح مسارها وأن تعود إلى رشدها، وأن تتبرأ من الطغاة والمجرمين، وتنهج نهج الصالحين الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر”.