الجزيرة:
2025-07-08@07:01:49 GMT

ذريعة نتنياهو للانطلاق في مغامرة حربية جديدة

تاريخ النشر: 13th, August 2024 GMT

ذريعة نتنياهو للانطلاق في مغامرة حربية جديدة

ثمة قناعة راسخة لدى الأطراف الفاعلة في الشرق الأوسط أنّ رئيس حكومة الحرب الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، يدفع بالأوضاع المعقدة في المنطقة إلى مزيد من التصعيد الخطر، وصولًا لتحقيق أهداف إستراتيجية أساسية، وهي ضرب القدرة العسكرية لإيران، بما فيها المنشآت النووية، وتوجيه ضربة عسكرية ضد حزب الله، وإبعاده نهائيًا عن الحدود اللبنانية بعمق لا يقلّ عن عشرة كيلو مترات.

مغامرة جديدة

لذا، فإن نتنياهو يتعاطى مع التطورات الحاصلة ميدانيًا، وكأنها باتت تصبّ في مصلحته، وهو يتعامل على أن الظرف الداخلي فتح له المجال للتحرّك، واتخاذ قرارات أوسع بكثير؛ بسبب حالة الحرب والطوارئ.

وعلى المستوى الخارجي، فإن التحديات الانتخابية في الولايات المتحدة تتخذ منحًى متسارعًا مع انسحاب بايدن، وترشّح كامالا هاريس، وهذا الإطار ظهر خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن وخطابه في الكونغرس، حيث ركز بشكل رئيسي على أهمية توجيه ضربة عسكرية لإيران.

بالمقابل، فإن نتنياهو بات يدرك بالتوازي أن الوقت يمر بشكل متسارع، وهو غير مفتوح إلى ما لا نهاية، ويمكن التدليل على ذلك بما قاله الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب: "لا أريد أن تكون الحرب مستمرة لدى عودتي إلى البيت الأبيض". أي أن لدى نتنياهو أشهرًا قليلة لإنهاء الحرب.

وبدا أن لدى رئيس حكومة الحرب أهدافًا أخرى، وهي ما يتعلّق بمستقبله السياسي، وضمان خروج آمن له من السلطة السياسية الإسرائيلية؛ لأنه يدرك جيدًا أن الرأي العام الإسرائيلي لا يزال – رغم كل الجرائم الحاصلة والاغتيالات – يحمّله مسؤولية عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأن هذه العملية ما كانت لتحصل لولا "غض النظر" عن تطوير حماس بنيتها العسكرية؛ للقيام بالضربة التي هزّت الكيان الإسرائيلي في الصّميم.

لذا، فإن نتنياهو بدأ بالتحضير للمرحلة الجديدة من الحرب الطويلة، وذلك خلال زيارته واشنطن ولقاءاته الباردة مع أركان الحكم الأميركي، ومن هنا فإن صاروخ "مجدل شمس" الذي تهرب الجميع من إعلان المسؤولية عنه، أعطى نتنياهو ذريعة للانطلاق نحو مغامرة حربية جديدة، لكن تداعياتها باتت ستشمل كل المنطقة.

لذلك حصل النزاع السياسي بين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، بعدما حاول الأخير إدارة الردّ العسكري على صاروخ "مجدل شمس"، لكن نتنياهو تصدّى لغالانت، بعدم اتخاذ أي قرار، وتجميد كل شيء إلى حين عودته. ومع تنفيذ الضربات الإسرائيلية أصبح المشهد أكثر وضوحًا، وهو أن نتنياهو بات أكثر قلقًا من علاقة خَصمه مع الإدارة الاميركية.

فالضربات الإسرائيلية تخطّت سقف المعركة القائمة، وتجاوزت قواعد الاشتباك المرسومة، إن من خلال اغتيال فؤاد شُكر في الضاحية الجنوبية لبيروت، أو باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، بعد ساعات معدودة داخل أهم أحد مقرات "الحرس الثوري"، عشية مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد.

وهذان الاغتيالان بما يحملان من دلالات على تهور نتنياهو الميداني، استُتبعا بعد أقل من يوم بضربات شملت فصائل متمركزة في القصير في سوريا، وجرف الصخر في العراق، ولا شك في أن نتنياهو يهدف إلى توجيه ضربات استفزازية لا يمكن لإيران ولا لحزب الله أن يتجاوزاها من دون حصول ردّ في المقابل.

ما يعني أنه يريد رد فعل يفتح له الباب ويعطيه ذريعة للذهاب في الحد الأقصى من إثارة التوتر؛ لتحقيق أهدافه بحشد الجميع خلفه بضرب إيران وحزب الله.

استنفار عسكري

وثمة من يعتبر أن نتنياهو المترقب للردود على استهدافَي الضاحية وطهران، يعمل على حشد الجبهة الداخلية، فهو على سبيل المثال لا الحصر عمل على نقل جزء من المنتجات الزراعية من مدن شمالية باتجاه المدن الداخلية، إضافة لإزالته نترات الأمونيوم والمواد السريعة الاشتعال من معامل المنطقة الشمالية.

قبل ذلك كانت الطائرات الحربية الإسرائيلية قد وجّهت ضربة لهدف بعيد، هو ميناء الحُديدة اليمني. وأكدت يومها إسرائيل أن العملية أنجزها سلاح الجو الإسرائيلي من دون مساعدة أحد، والمقصود بهذا الكلام أن إسرائيل باتت قادرة على توجيه ضربة مماثلة في منطقة بعيدة مثل إيران.

وفي الوقت نفسه حصلت على قنابل كبيرة تحدث دمارًا واسعًا، إضافة إلى الأسلحة الذكية والانشطارية والتي تسعى لاستخدامها في لبنان، كما استخدمتها في قطاع غزة.

لكن اللافت هو حالة الاستنفار العسكري الأميركي والبريطاني في مياه المتوسط قبالة لبنان، والخليج العربي، وعلى الرغم من أن الطابع العسكري لهذه القطع البحرية "دفاعي"، كونها مجهزة بصواريخ متخصصة في إسقاط الصواريخ الباليستية الموجهة في اتجاه إسرائيل، فإنّ الجميع بات مقتنعًا بأن الإدارة الديمقراطية حريصة على عدم التورط بمستنقع الحرب في  المنطقة، ولو أنها باتت غير قادرة على لجم اندفاع نتنياهو.

من هنا تجري في الأروقة الدبلوماسية اتصالات ولقاءات ومحاولات لسحب الجميع من حافة الهاوية عبر الذهاب لمفاوضات جدية تمنع الانفجار. وزيارة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إلى طهران تندرج في هذا الإطار، على الرغم من حالة البرودة والتوتر بين الجانبين، والاتهامات المستمرة الأردنية لإيران بزعزعة أمن الأردن.

وظهر أن الصفدي الذي عاد أدراجه لم يتمكن من إحداث ما يمكن اعتباره خرقًا يذكر بجعل إيران تتجاوز قرارها بالردّ على اغتيال الشهيد هنية، وهذا الأمر أعلنته طهران خلال زيارة الصفدي في جلسة البرلمان الإيراني، عبر التأكيد على دعوة القيادة السياسية إلى "ردّ مزلزل على إسرائيل"، رغم ذلك كانت هنالك إشارات مرنة ولو صامتة من قبل طهران تجاه واشنطن، عبر إبقاء قناة التواصل مفتوحة بينهما، إما عبر قطر أو سلطنة عُمان.

سياسة الاستفزاز والاستهداف

كلّ هذه الوقائع، تجعل المنطقة تعيش على الهوى الشخصي لنتنياهو، الذي لا أحدَ بات قادرًا على توقع أفعاله وتصرفاته والجرائم المتخيلة التي قد يجري ارتكابها. لكن من الواضح أن الرجل يبدو مستعدًا لإدخال المنطقة كلها في دُوامة صراع لا ينتهي، ولو استدرج معه كل القوى والدول، خصوصًا أنه في حال تطوّرت الوقائع العسكرية إلى ضربات مضادة ومتبادلة بين طهران وتل أبيب، فإن ذلك سيكون في سماء الكثير من الدول العربية التي سترى نفسها أصبحت في قلب الصراع الميداني، ما يرفع احتمالات مخاطر تفجُّر الأوضاع الإقليميّة كلها.

وهنا لا يمكن القفز فوق ما تبثّه وسائل إعلام مقربة من الجمهوريين الأميركيين والتي تتحدّث عن موجة ثورات محتملة إثر ما يجري في المنطقة.

لكن وعلى جانب حزب الله، فإن الحزب الذي فصل بين الرد على اغتيال القيادي شُكر، وبين جبهة الإسناد ضمن قواعدها التقليدية، يؤكد أن رده على ضرب الضاحية الجنوبية لبيروت سيكون مؤكدًا. وهذا الرد سيكون كافيًا لإعادة قواعد الردع إلى سابق عهدها؛ كي لا يستمر نتنياهو في مواصلة سياسة الاستفزاز والاستهداف بلا رادع.

من هنا، فإنّ الحزب تلقى رسائل من واشنطن عبر وسطاء من دول عدة للتأكيد على ثابتة رئيسية، وهي أن الإدارة الأميركية لم تكن على علم بالضربة الإسرائيليّة التي استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت، وأن واشنطن لا علاقة لها بما جرى وغير راغبة بالحرب، لكن الحزب يعتبر أنّ الأميركيين وحدهم القادرون على وقف إسرائيل للحرب، لو أرادوا ذلك.

وقد يكون رئيس حكومة الحرب، ومعه كل قوى اليمين الإسرائيلي المتطرف يرون أنّ الظروف تلعب لمصلحة الذهاب نحو لعبة تغيير المعادلة الإقليمية القائمة، وقد تكون واشنطن التي تعيش أدقّ استحقاق انتخابي ترى أن لا شيء يمنع من إعادة تغيير ملامح المنطقة ونفوذ الأطراف فيها، ما دامت المفاوضات السياسية لا تحدث أيّ خرق، ولم تصل بعدُ إلى النتائج المرجوّة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات

إقرأ أيضاً:

كيف سعت إيران لتجنيد جواسيس داخل إسرائيل؟ تقرير لـ”الغارديان”: “طلبت اغتيال نتنياهو”

قبل أن تشن إسرائيل حربها على إيران الشهر الماضي، كانت أجهزتها الأمنية قد كشفت عن شبكة واسعة من مواطنيها المتجسسين لصالح طهران، على نطاق فاجأ البلاد.

وحسب ما جاء في تقرير لصحيفة “الغارديان”:

منذ أول وابل صاروخي إيراني على إسرائيل في أبريل 2024، تم توجيه اتهامات لأكثر من 30 إسرائيليا بالتعاون مع الاستخبارات الإيرانية.

في العديد من الحالات، بدأت الاتصالات برسائل مجهولة تعرض المال مقابل معلومات أو مهام بسيطة. ثم تصاعدت المدفوعات تدريجيا بالتوازي مع مطالب تزداد خطورة.

وبحسب وثائق المحكمة، فإن موجة التجسس الإيرانية خلال العام الماضي لم تحقق سوى القليل، إذ فشلت طموحات طهران في تنفيذ اغتيالات رفيعة المستوى لمسؤولين إسرائيليين.

ومع ذلك، فإن عدد الإسرائيليين الذين كانوا على استعداد لتنفيذ مهام متواضعة كان كافيًا ليجعل من حملة التجسس ناجحة جزئيا، بوصفها وسيلة لجمع معلومات حول مواقع استراتيجية، قد تصبح لاحقا أهدافا للصواريخ الباليستية الإيرانية.

في المقابل، تجسست إسرائيل على إيران بشكل “مدمر”، مما مكن جهاز الموساد من تحديد مواقع واغتيال عدد كبير من قادة إيران وعلمائها النوويين دفعة واحدة في ساعات فجر الجمعة 13 يونيو، إلى جانب أهداف أخرى.

ومنذ بداية الحرب، اعتقلت السلطات الإيرانية أكثر من 700 شخص بتهمة التجسس لصالح إسرائيل، وفقا لوكالة أنباء فارس. وفي ما لا يقل عن ست حالات، أفضت المحاكمات إلى إعدامات فورية.

من جهتها، السلطات الإسرائيلية قدّمت لوائح اتهام مفصلة بحق المتهمين بالتجسس لصالح إيران. ورغم صدور إدانة واحدة فقط حتى الآن ضمن موجة الاعتقالات الأخيرة – ما يعني أن الذنب الفردي لا يزال قيد التقييم – فإن وثائق المحكمة رسمت صورة واضحة عن الكيفية التي استخدمتها إيران لاصطياد عملاء محتملين.

عادةً ما تبدأ العملية برسالة نصية من مرسل مجهول. إحدى هذه الرسائل، من جهة تُدعى “وكالة أنباء”، سألت: “هل لديك معلومات عن الحرب؟ نحن مستعدون لشرائها”. وأخرى، أُرسلت من جهة تُدعى “طهران – القدس” إلى مواطن فلسطيني يحمل الجنسية الإسرائيلية، كانت أكثر وضوحا: “القدس الحرة توحد المسلمين. أرسل لنا معلومات عن الحرب”.

وتضمنت الرسالة رابطا لتطبيق تلغرام، حيث يبدأ حوار جديد، أحيانا مع شخص يستخدم اسما إسرائيليا، مع عرض مالي لتنفيذ مهام بسيطة على ما يبدو. وإذا أبدى المتلقي اهتماما، يُنصح بتنزيل تطبيق “باي بال” وتطبيق لاستلام الأموال بالعملات الرقمية.

في حالة أحد المشتبه بهم الذين تم اعتقالهم في 29 سبتمبر، كانت أول مهمة مطلوبة هي الذهاب إلى حديقة والتأكد من وجود حقيبة سوداء مدفونة في مكان معين، مقابل مبلغ يقارب 1000 دولار أمريكي. لم تكن هناك حقيبة، وأرسل المجند مقطع فيديو لإثبات ذلك.

فيما بعد، أوكلت إليه مهام أخرى مثل توزيع منشورات، وتعليق لافتات، أو رش كتابات على الجدران، معظمها بشعارات ضد بنيامين نتنياهو، مثل “كلنا ضد بيبي” (لقب نتنياهو)، أو “بيبي جلب حزب الله إلى هنا”، أو “بيبي = هتلر”.

ثم جاء دور التصوير. إسرائيلي “من أصول أذرية” تم تجنيده لالتقاط صور لمنشآت حساسة في أنحاء البلاد، ويبدو أنه حول الأمر إلى “عمل عائلي”، إذ شاركه أقاربه في التقاط صور لمرافق ميناء حيفا (والذي استُهدف لاحقًا بصواريخ إيرانية في الحرب التي استمرت 12 يوما)، وقاعدة “نفاتيم” الجوية في النقب (التي ضُربت بوابل من الصواريخ في أكتوبر)، بالإضافة إلى بطاريات القبة الحديدية المنتشرة في البلاد، ومقر الاستخبارات العسكرية في غليلوت شمال تل أبيب.

المجند ذاته الذي كُلّف بالبحث عن الحقيبة السوداء، طُلب منه لاحقًا تصوير منزل عالم نووي يعمل في معهد وايزمان، وهو المركز العلمي الأهم في إسرائيل، الذي كان محل اهتمام بالغ من قبل إيران. فعلى مدى 15 عاما سبقت الحرب، تم اغتيال خمسة علماء نوويين إيرانيين، ويرجّح أن الموساد كان وراء تلك العمليات. وفي صراع طويل حول ما إذا كانت إسرائيل ستحتفظ باحتكارها للسلاح النووي في الشرق الأوسط، سعت طهران للرد.

وقد استهدفت إيران معهد وايزمان بصواريخ باليستية خلال الحرب التي استمرت 12 يومًا، ومن المرجح أن الصور التي التقطها عملاؤها ساهمت في توجيه تلك الضربات. غير أن محاولة اغتيال العلماء فشلت. في الواقع، لا يبدو أن وزارة الاستخبارات الإيرانية أو الحرس الثوري قد نجحوا في اغتيال أي من أهدافهم خلال هذه الحرب الخفية الطويلة.

بينما اعتمد الموساد على زرع مجموعة من العملاء المدربين تدريبا عاليا داخل إيران، فإن الاستخبارات الإيرانية اتبعت أسلوبا مختلفا يتمثل في اختبار مدى استعداد “المجندين الجدد” للمضي قدما. ووصف خبير الاستخبارات الإسرائيلي يوسي ميلمان الأمر نقلا عن مسؤول في الشاباك بأنه “نهج الرشّ والدعاء” (spray-and-pray)، أي محاولة تطوير عدد محدود من العملاء الموثوقين من خلال استثمار منخفض المخاطر في عدد كبير من المجندين الآخرين.

بعد تنفيذهم مهام بسيطة مثل تعليق لافتات والتقاط صور، يُطلب من المجندين القيام بأعمال أكبر مقابل مزيد من المال. فعلى سبيل المثال، بعد أن التقط صورا لمنزل عالم نووي في معهد وايزمان، “عُرض على أحدهم مبلغ 60 ألف دولار لاغتيال العالم وأسرته وحرق منزلهم”.

وبحسب لائحة الاتهام، فقد وافق العميل و”بدأ بتجنيد أربعة شبان من عرب إسرائيل”. وفي ليلة 15 سبتمبر، وصل فريق الاغتيال المفترض إلى بوابة معهد وايزمان، لكنهم لم يتمكنوا من تجاوز الحرس الأمني وغادروا بهدوء.

في اليوم التالي لتلك الفضيحة، طلب المشغّلون الإيرانيون من المجند العودة إلى المعهد والتقاط صور جديدة. وبفضل كونه “يهوديا إسرائيليا”، تمكن من إقناع الحراس بالسماح له بالدخول نهارا، وصوّر سيارة العالم. دُفع له مبلغ 709 دولارات، وسُئل عمّا إذا كان مستعدًا لوضع جهاز تتبع GPS على السيارة، لكنه رفض.

وقد تكرر هذا النمط في لوائح الاتهام مرارا وتكرارا. ورغم أن المجندين الإيرانيين أثبتوا فعالية في العثور على إسرائيليين مستعدين لالتقاط الصور وتوزيع المنشورات مقابل المال، إلا أن مسؤولي التجنيد في طهران “كانوا على ما يبدو متسرعين جدا في تحويلهم إلى عملاء طويلَي الأمد”.

فقد طُلب من عدة مجندين – بعد أيام فقط من تنفيذ مهامهم الأولى – التفكير في تنفيذ اغتيالات لمسؤولين كبار. و”طُلب من مجموعة الأذريين” البحث عن قاتل مأجور لكنهم رفضوا. أما المجند الذي رفض وضع جهاز تتبع على سيارة العالم، فقد سُئل بعد أيام عما إذا “كان يوافق على رمي زجاجة حارقة على سيارة نتنياهو”.

حتى الآن، لم يُدان سوى مشتبه به واحد وتم الحكم عليه بالسجن، بعد أن اعترف بالتهم المنسوبة إليه.

طلب بمليون دولار

عندما اقتربت الاستخبارات الإيرانية من مردخاي “موطي” مامان (72 عامًا) في ربيع العام الماضي، كان قد تزوج حديثًا من امرأة أصغر سنا، وكان في حاجة ماسة إلى المال بعد فشل عدة مشاريع تجارية.

كان مامان قد أمضى “سنوات في مدينة سامانداج” بجنوب تركيا، وفي أبريل تواصل مع شقيقين من رجال الأعمال يعرفهما هناك، بحثا عن فرص ربح. قال له الشقيقان إن لديهما “شراكة تجارية مربحة مع إيراني يُدعى “إدي”، يعمل في استيراد الفواكه المجففة والتوابل”، واقترحا أن يلتقي به.

في أبريل، سافر مامان إلى سامانداج عبر قبرص، لكن “إدي” أرسل اثنين من زملائه بدلا منه، قائلا إنه لا يستطيع مغادرة إيران لأسباب بيروقراطية. وفي الشهر التالي، دُعي مامان مجددا إلى تركيا، إلى بلدة يوكسكوفا في الجنوب الشرقي، حيث نزل في فندق على نفقة “إدي”.

مرة أخرى، قال “إدي” إنه لا يستطيع العبور إلى تركيا، لكنه أبلغ مامان أن “هناك وسيلة لتهريبه إلى داخل إيران”. وافق، وفي 5 مايو، تم تهريبه داخل شاحنة.

التقى به “إدي” ومسؤول إيراني آخر في فندق فاخر داخل إيران، وقدما له عرضا بمبالغ ضخمة مقابل ثلاث مهام: “أن يترك أموالا أو أسلحة في أماكن محددة داخل إسرائيل، أن يلتقط صورا لأماكن مزدحمة، وأن ينقل تهديدات إلى عملاء آخرين، تحديدا فلسطينيين إسرائيليين تلقوا أموالا من إيران لتنفيذ مهام عدائية لكنهم لم ينفذوها”.

قال مامان إنه سيُفكر بالأمر، وتم تهريبه مجددا إلى تركيا. وهناك، سُلم له مبلغ 1300 دولار نقدا كدفعة أولى.

في أغسطس، عاد مامان إلى تركيا، وتم تهريبه مرة أخرى للقاء “إدي” ومساعده. هذه المرة، كانت المهام أكثر جرأة. عرض الإيرانيون مبلغ 150 ألف دولار مقابل اغتيال أي من نتنياهو أو رئيس الشاباك رونين بار، أو وزير الدفاع آنذاك يوآف غالانت.

وبحسب الادعاء، ذكر مامان أن له علاقات في العالم السفلي قد تساعده في تنفيذ المهمة، لكنه طلب مليون دولار. وهو مبلغ اعتبره الإيرانيون مرتفعا جدا، واقترحوا هدفا أقل شأنا: رئيس الوزراء الأسبق نفتالي بينيت، مقابل 400 ألف دولار. لكن مامان أصر على مطلبه، ولم يتم التوصل إلى اتفاق.

تلقى مامان 5000 دولار، وسافر إلى قبرص، ثم في 29 أغسطس عاد إلى تل أبيب، حيث كانت عناصر الشاباك بانتظاره.

في 29 أبريل، حُكم على مامان بالسجن 10 سنوات بعد أن أقر بالذنب في التهم الموجهة إليه، وهي الاتصال بوكيل أجنبي والدخول غير القانوني إلى دولة عدوة. ووصف محاميه، إيال بيسيرغليك، الحكم بأنه قاس للغاية وقدّم استئنافا.

وقال بيسيرغليك إن موكله اعتقد حتى اللحظة الأخيرة أن “إدي” مجرد رجل أعمال إيراني يعمل في تجارة الزبيب والتوابل، وإنه لم يكن يعلم أنه يُنقل إلى داخل إيران حين أُدخل الشاحنة. وينفي أن مامان طلب مليون دولار، ويؤكد أن موكله اضطر إلى التظاهر بالموافقة على مخططات الإيرانيين خوفا من أن يؤدي الرفض المفاجئ إلى قتله.

وصرح بيسيرغليك لصحيفة الغارديان: “ما البديل؟ أن يُختطف داخل شاحنة أو يُقتل؟” وأضاف أن مامان تعرّض للضرب في السجن واحتُجز في زنزانة قذرة مليئة بالبراز.

وتابع المحامي: “لقد ارتكب خطأً جسيمًا، لكنه لا يجب أن يموت بسببه، لأنه في النهاية لن يكون هناك أحد لمحاسبته”.

المصدر: “الغارديان”

مقالات مشابهة

  • هدنة على حافة الانفجار.. نتنياهو في واشنطن وإيران تحذر من حرب بلا سقف |تقرير
  • من واشنطن.. نتنياهو: وجود دولة فلسطينية يعني منصة لتدمير إسرائيل
  • أكد الاستعداد للتفاوض مع واشنطن.. الرئيس الإيراني يتهم إسرائيل بمحاولة اغتياله
  • بزشكيان يتهم إسرائيل بمحاولة اغتياله ويشترط للتفاوض مع واشنطن
  • نتنياهو في واشنطن.. ملفات عديدة على طاولة المباحثات بينها إيران وغزة
  • واشنطن رفضت الصيغة الاولى للرد اللبناني.. اجتماعات متلاحقة لتفادي أي ذريعة قد تستغلها إسرائيل
  • كيف سعت إيران لتجنيد جواسيس داخل إسرائيل؟ تقرير لـ”الغارديان”: “طلبت اغتيال نتنياهو”
  • مناقشات مكثفة في إسرائيل قبل ساعات من توجّه نتنياهو إلى واشنطن
  • هل تستطيع أمريكا دعم إسرائيل وأوكرانيا في ذات الوقت؟
  • إسرائيل تدرس رد حماس مساء قبل توجه نتنياهو إلى واشنطن