لجريدة عمان:
2025-07-29@20:06:21 GMT

سياسة أمريكا مع إيران فاشلة بشكل تام

تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT

يرجع تفسير الصراع بين إسرائيل وإيران، والذي تصاعد في الأشهر الأخيرة بشكل كبير، إلى اعتباره امتدادًا للحرب التي تشنها إسرائيل المحتلة على غزة، وقوى المقاومة حماس، فإدارة حماس لديها علاقات قوية مع إيران، وكلاهما يهدف إلى تحقيق غاية مشتركة وهي القضاء على إسرائيل.

إلا أن الأمر أكبر من ذلك، فباعتباري مختصًا في الدراسات الأمنية، وقد قمت بالبحث في الصراعات الدائرة في الشرق الأوسط لأكثر من 20 عامًا، أزعم بأن سنوات طويلة من السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط قد باءت بالفشل، خاصة في احتواء طموحات إيران، بل إن السياسة الخارجية الأمريكية ساهمت في تصعيد التوترات التي تشهدها المنطقة حاليًا.

وكما هو واضح من الأحداث الأخيرة، التي تشهدها المنطقة الحدودية الشمالية لإسرائيل، فإن قدرة واشنطن على فرضها للقوة ومحاولة إدارة مصالحها في الشرق الأوسط قد تآكلت وبشكل كبير منذ عام 2010، حتى إن إيران لا تخاف إلا من بعض الأشياء المحدودة مثل العواقب المترتبة على مهاجمة «وكلائها» لأمريكا وحليفتها إسرائيل.

وتعمل إيران على توسيع نفوذها الإقليمي، وذلك من خلال تمويل وكلائها في الدول المجاورة لها، ويقوم وكلاؤها بدورهم بمهاجمة أعدائها.

ولربما يمكننا القول إن هذه السياسة الإيرانية قد صنعت لها، على مدى العقد الماضي، دولة تعتبر القوة العظمى الأكثر نفوذًا في منطقة الشرق الأوسط.

وإلى غاية الفترة الأولى من القرن الواحد والعشرين، كان الوكيل الأقوى والحقيقي لإيران في منطقة الشرق الأوسط هو «حزب الله»، الجماعة السياسية العسكرية، أما اليوم فقد توسعت الدائرة لتشمل «الحوثيين» في اليمن، وجماعات أخرى في العراق، بل حتى في سوريا.

وفي الأحداث الأخيرة، التي اندلعت في السابع من أكتوبر 2023، بين إسرائيل وحماس، فقد قامت الجماعات الموالية لإيران، بشن هجوم على إسرائيل وعلى عدد من القواعد والأهداف الأمريكية، وتكرر هذا الهجوم أكثر من 170 مرة، ما أدى إلى زعزعة استقرار البلدان الحاضنة لتلك الجماعات مثل لبنان وسوريا واليمن والعراق إلى الحد الذي جعل بعض المسؤولين الأمريكيين يصفونها بأنها دول أصبحت ضحية لأفعال إيران، وفي ذات الفترة أصبحت إيران تملك برنامجًا نوويًا عسكريًا متقدمًا جدًا أكثر من أي وقت مضى، ففي يوليو 2024، أي بعد ست سنوات من انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي الدولي، هذا الاتفاق الذي كان يهدف إلى عرقلة تطور الأسلحة الإيرانية وإبطاء تقدمها، حذَّر وزير الخارجية الأمريكي «أنتوني بلينكن» من أن إيران لا تملك سوى أسابيع لإتمام ترسانتها الضخمة من الصواريخ الباليستية ذات الرؤوس النووية.

رغم هذا التطور الإيراني في امتلاك الأسلحة، وهيمنتها على الجماعات في الشرق الأوسط، إلا أن الحكومة الأمريكية لا تزال تقلل من شأن إيران وطموحات طهران في الهيمنة الإقليمية، وتقوم بذلك باستمرار، ولكن في تقديري أرى أن الولايات المتحدة قد بالغت في جدوى سياسات «القوة الناعمة» التي تنتهجها في العادة لاحتواء التصعيد، لذلك نرى في الفترة الماضية أن واشنطن دائمًا ما تعطي الأولوية للإجراءات التي من شأنها تجنب المواجهات العسكرية مع إيران، وبدلاً من ذلك قامت الولايات المتحدة بحظر بيع الأسلحة والتكنولوجيات العسكرية لإيران، بهدف احتواء النفوذ الإيراني المتزايد في الإقليم، كما فرضت عقوبات اقتصادية قوية على طهران، وجمدت الأصول المالية وأبعدت الدبلوماسيين الإيرانيين منها.

ورغم ذلك لا يزال نفوذ إيران يتوسع، وبحسب تقديري للمجريات، فإن سياسة الاحتواء ومحاولة الحد من التصعيد لا يمكن أن توقف إيران عن أهدافها التي تنبع من آيديولوجية دينية، فالشهادة في الحرب قناعة دينية ستكون دافعًا لمواصلة النضال ومحاولة تدمير إسرائيل وقد قال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي في عام 2015: «لن يكون هناك نظام صهيوني خلال 25 عامًا»، وقد وصف القتال من أجل إبادة إسرائيل بأنه مسألة تتعلق بـ«المعنويات الجهادية». ومن خلال خبرتي أجد أن دبلوماسية التفاوض وفرض العقوبات القانونية والمقاطعات الاقتصادية هي عبارة عن حلول أفضل من الحروب، وذلك في أغلب الصراعات العالمية، ولكن هذه السياسات لا تُجدي مع الأنظمة غير الديمقراطية.

وتشير الدراسات المتعلقة بالجماعات المسلحة إلى أن الولايات المتحدة ارتكبت خطأً في التعاطي مع وكلاء إيران، بدلاً من التعامل مع هؤلاء الوكلاء كجزء من شبكة معادية واحدة، كانت الإستراتيجية الأمريكية تتمثل في التعامل مع كل وكيل على حدة، متجاهلة الربط بينهم كجزء من تهديد متكامل، هذا النهج كان يعني أن الولايات المتحدة سعت فقط لاحتواء أو تهدئة تصعيد تهديدات كل وكيل بشكل منفصل.

في اليمن، على سبيل المثال، لم تمنع الولايات المتحدة الحوثيين من السيطرة على أراضٍ وإزاحة الحكومة هناك، ومع بدء حرب غزة، بدأ الحوثيون بإطلاق صواريخ على السفن الغربية في البحر الأحمر، ولم تواجه الولايات المتحدة الحوثيين إلا في أوائل عام 2024، عندما ردت على اعتداءاتهم بضربات عسكرية ضد قواعدهم.

وفي العراق، تجاهلت الولايات المتحدة لفترة طويلة دعم إيران للميليشيات العراقية التي تقاتل داعش، طالما أن هذه الميليشيات شاركت في القتال. ولكن هذا التجاهل كانت له عواقب طويلة الأمد، حيث هاجمت هذه الميليشيات القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة.

وفي سوريا، على الرغم من تنامي النفوذ الإيراني بعد الحرب الأهلية، خفضت الولايات المتحدة تدريجيًا دعمها للمتمردين المناهضين للنظام وقوات الأكراد الديمقراطية.

هذه السياسات أدت إلى انهيار فعالية الردع الأمريكي في الشرق الأوسط. لم تعد الولايات المتحدة تمتلك القدرة الكافية لوقف التصعيد الإيراني، وفي أبريل 2024، بعد هجوم إسرائيلي على مسؤولين إيرانيين في سوريا، شنت إيران هجومًا صاروخيًا كبيرًا على إسرائيل، وهو الهجوم الأول من نوعه، رغم ذلك، كانت العواقب هامشية، حيث اقتصرت على العقوبات الاقتصادية والاستنكار الدبلوماسي.

وأظهرت الولايات المتحدة مجددًا تفضيلها لتجنب التصعيد، حيث دعمت حلفاء إسرائيل في اعتراض معظم الصواريخ الإيرانية، واعتبرت الإدارة الأمريكية أن القليل من الصواريخ التي وصلت إلى إسرائيل كان «انتصارًا». كما رفضت الولايات المتحدة الانضمام إلى أي رد انتقامي ضد إيران.

تزايد النفور الأمريكي من التصعيد أصبح واضحًا بعد عمليات قتل قادة حزب الله وحماس. في يوليو 2024، قُتل قائد حزب الله فؤاد شكر في غارة جوية إسرائيلية، وقتل زعيم حماس إسماعيل هنية في تفجير داخل إيران. إيران ألقت باللوم على إسرائيل، وتعهدت بالرد. وفي الوقت نفسه، مارست الولايات المتحدة ضغوطًا على إسرائيل لتجنب المزيد من الخسائر المدنية في حرب غزة، التي أسفرت عن مقتل آلاف الأشخاص.

إذا كانت الولايات المتحدة تهدف إلى تحقيق سلام دائم في الشرق الأوسط، يجب عليها أولاً أن تعترف بفشل سياساتها خلال العقد الماضي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی الشرق الأوسط على إسرائیل المتحدة ا

إقرأ أيضاً:

المجموعة الدولية لإدارة الأزمات: إسرائيل تمارس سياسة تجويع ممنهجة

غزة (الاتحاد)

أكدت المجموعة الدولية لإدارة الأزمات في بروكسل، أن إسرائيل تمارس سياسة تجويع ممنهجة بحق سكان قطاع غزة منذ تراجعها عن اتفاق وقف إطلاق النار في مارس الماضي، مشيرة إلى أن القطاع بات على شفا مجاعة شاملة وسط قيود مشددة على دخول المساعدات الإنسانية والإمدادات التجارية. وحذرت المجموعة، في بيان لها، من أن هذه السياسة تترك آثاراً مدمرة على 2.1 مليون فلسطيني محاصرين، يعانون يوميًا من انعدام الأمن الغذائي والانهيار الصحي.
وشددت المجموعة على أن ما يحدث في غزة لم يكن مفاجئًا، بل تم التحذير منه مسبقاً من قبلها ومن قبل الأمم المتحدة وجهات إنسانية أخرى.
وأوضحت أن سياسة «التجويع المتحكم به»، التي تسعى إلى إبقاء السكان على حافة المجاعة دون السقوط الكامل فيها، لم تأخذ بالحسبان مدى هشاشة سكان غزة الذين أنهكتهم الحرب والحرمان.
ودعت المجموعة، مع ارتفاع عدد الوفيات بسبب الجوع يومياً، إلى رفع الحصار فوراً، مؤكدة أن «كل شاحنة إغاثة مهمة، وكل سعرة حرارية تحتسب»، لكن الحل الحقيقي يبدأ بوقف إطلاق النار.
وفيما يتعلق بتوزيع الغذاء، أفادت المجموعة بأن النظام الجديد الذي فرضته إسرائيل في مايو الماضي، والمتمثل في «مؤسسة غزة الإنسانية»، أثبت فشله الذريع، فبدلاً من التعاون مع وكالات الأمم المتحدة التي تمتلك البنية التحتية والخبرة، اختارت إسرائيل توزيع المساعدات عبر متعاقدين أمنيين وبطرق فوضوية تفتقر إلى الشفافية.
وبحسب المجموعة، فإن الادعاء بتوزيع 87 مليون وجبة يفتقر إلى التوثيق والتعريف الدقيق، ولا يرقى إلى تلبية الحد الأدنى من احتياجات السكان.

أخبار ذات صلة الأمم المتحدة تحذر من تفاقم أزمة «الجوع المميتة» في غزة الوسطاء يدعون لاستئناف المفاوضات حول غزة

مقالات مشابهة

  • الأسباب مجهولة .. إلغاء اجتماع “الرباعية الدولية” بشأن السودان
  • باحث: مصر رفضت عروضًا اقتصادية ضخمة مقابل تمرير مخطط الشرق الأوسط الجديد
  • جوتيرش: سلام الشرق الأوسط يتحقق بحل الدولتين
  • غوتيريش: حل الدولتين هو المسار الوحيد لتحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط
  • «لسنا إسرائيل أو إيران».. روسيا لـ ترامب: نهجك يؤدي لحرب تشمل أمريكا
  • سي إن إن: الولايات المتحدة خسرت ربع صواريخها في الحرب مع إيران
  • سي إن إن:الولايات المتحدة استنفدت نحو ربع مخزونها من صواريخ ثاد خلال حرب إسرائيل مع إيران
  • عطاف يستقبل المستشار الرفيع لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية لإفريقيا
  • ما هي الخيارات الأخرى التي تدرسها الولايات المتحدة وإسرائيل ضد حماس؟
  • المجموعة الدولية لإدارة الأزمات: إسرائيل تمارس سياسة تجويع ممنهجة