الاقتصاد الباكستاني بين مطرقة صندوق النقد وسندان الشعب
تاريخ النشر: 29th, August 2024 GMT
إسلام آباد– يستمر الضغط على الحكومة الباكستانية احتجاجا على زيادة الضرائب وارتفاع الأسعار وفواتير الكهرباء بشكل كبير في وقت تسعى فيه الحكومة للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي، لإنعاش اقتصاد البلاد المنهك.
وشهدت باكستان الأربعاء إضرابا شاملا، حيث شهدت المدن الرئيسة في البلاد إغلاقا للمحال التجارية بجميع أنواعها.
توافقت الدعوة للتظاهر في 28 أغسطس/آب الجاري التي أطلقتها الجماعة الإسلامية في وقت سابق مع الدعوة إلى الإضراب التي دعت إليها جمعية تجار عموم باكستان، مما أدى إلى توسع الإضراب في جميع المدن الباكستانية، من بينها كراتشي التي تعتبر العصب التجاري لباكستان والعاصمة إسلام آباد.
احتجاجات وتفاوضفي أواخر يوليو/تموز الماضي، نظمت الجماعة الإسلامية اعتصاما مفتوحا في مدينة روالبندي المجاورة للعاصمة إسلام آباد، مطالبة الحكومة بتنفيذ عدد من المطالب الاقتصادية للتخفيف على الشعب الباكستاني.
شكل الاعتصام ضغطا على الحكومة التي أبدت استعدادها لإجراء محادثات مع الجماعة الإسلامية لإنهاء اعتصامهم.
وقد تصاعدت وتيرة الاعتصام بعد الجولة الأولى من المحادثات بين الحكومة والجماعة، حيث دعا أمير الجماعة حافظ نعيم الرحمن إلى توسيع الاعتصامات لتشمل المدن الرئيسية بما في ذلك كراتشي حيث نظمت الجماعة بعد ذلك اعتصاما أمام منزل حاكم إقليم السند في كراتشي.
ومن بين أهم مطالب الجماعة الإسلامية ما يلي:
إلغاء ضريبة البترول على جميع المنتجات البترولية. خفض أسعار السلع الغذائية ورسوم الكهرباء والغاز بنسبة 20%. إعادة التفاوض على الاتفاقيات مع منتجي الطاقة المستقلين وإنهاء بند الدفع بالدولار. خفض الضرائب على القطاعين الزراعي والصناعي، بالإضافة إلى تقليل العبء المالي عليهما بنسبة 50%. سحب الزيادة في الضرائب على العمال وسحب الضرائب على القرطاسية.بعد أسبوعين من استمرار اعتصام الجماعة الإسلامية، توصلت الحكومة والجماعة الإسلامية في التاسع من أغسطس/آب إلى اتفاق لإنهاء الاعتصامات في روالبندي وكراتشي حيث قبلت الحكومة مطالب الجماعة، من بينها مراجعة الاتفاقيات مع منتجي الطاقة المستقلين.
وقد صرح أمير الجماعة أنهم "سيؤجلون" الاعتصام حتى تنفذ الحكومة مطالب الجماعة، وأنها ستعود للاعتصام ما لم تقم الحكومة بتنفيذ ما وعدت به.
نص اتفاق الحكومة والجماعة الإسلامية على إعطاء مهلة 45 يوما لتنفيذ الحكومة لوعودها، لكن دعوة الجماعة الإسلامية للإضراب جنبا إلى جنب مع جمعية التجار تشير إلى عدم رضا الجماعة عن تحركات الحكومة.
وفي هذا السياق قال أمير الجماعة الإسلامية حافظ نعيم الرحمن إن الجماعة مستعدة للتأكد من أن الحكومة ستفي بوعودها، وأكد إيمانهم بالتعاون مع كل خطوة صحيحة في الاتجاه الصحيح.
وفي حديث خاص بالجزيرة نت أشار نعيم الرحمن إلى أن مهلة الـ45 يوما لم تنته بعد، ولكن لا بد من بذل الجهود من جانب الحكومة.
من جهته، قال المحامي عقيل مالك المتحدث باسم رئيس الوزراء الباكستاني للشؤون القانونية والعدالة إن الحكومة سعت لتوسيع شبكة الضرائب لتشمل التجار الصغار والمتوسطين، بهدف توليد المزيد من عائدات الضرائب للحكومة لتحسين الاقتصاد، وهي جزء من أجندة الإصلاح الضريبي التي قدمتها الحكومة.
وأضاف مالك الذي يشغل عضوية البرلمان الباكستاني أيضا، في حديث خاص بالجزيرة نت، أن توسيع القاعدة الضريبية أثار استياء مجتمع التجار في باكستان وهو ما أدى إلى الاحتجاجات والإضرابات، وبناء على ذلك فقد عرضنا عليهم التفاوض لحل الخلافات.
وأشار مالك إلى أن المفاوضات مع التجار مستمرة، حيث عرضت الحكومة تعديل سياسة الضرائب على التجار الصغار فقط بهدف عدم إثقال كاهلهم بالضرائب.
وقال مالك، إذا كان التجار الصغار لا يستطيعون تحمل الإصلاحات الضريبية، فيتعين على الحكومة معالجة هذه السياسة، والتخفيف منها حتى يتمكن هؤلاء التجار من ممارسة أعمالهم بنجاح وفي الوقت نفسه يكونون جزءا من نظام دافعي الضرائب.
لطالما فرض صندوق النقد الدولي شروطا صعبة على الدول المستدينة كوضع سياسات محددة لتحسين الأنظمة والهيكل الاقتصادي وفرض ضرائب على قطاعات كبيرة، وهو ما يحصل مع باكستان حاليا، حيث تسعى الحكومة لتلبية مطالب الصندوق للحصول على حزمة إنقاذ جديدة بقيمة ما بين 6 إلى 8 مليارات دولار.
ويقول عقيل مالك إن وجهة نظر الحكومة هي أنه يتعين علينا توسيع شبكتنا الضريبية وعلينا إجراء الإصلاحات الضريبية، لأنها أحد الشروط الأساسية التي يتعين تحقيقها للوفاء بشروط صندوق النقد.
وأشار مالك إلى توصل باكستان إلى اتفاق على مستوى الموظفين مع الصندوق للحصول على حزمة الإنقاذ، وأكد أن الأمور تسير بإيجابية ضمن خطط الحكومة في الميزانية الجديدة التي تم تقديمها في يونيو/حزيران الماضي.
في المقابل، يرى أمير الجماعة الإسلامية حافظ نعيم الرحمن أن صفقات صندوق النقد ترجع إلى الفساد والسياسات الرديئة والاختيارات السيئة وسوء إدارة الحكومة.
وأشار نعيم الرحمن إلى أن الاتفاقيات مع صندوق النقد لا ينبغي أن تمنع الحكومة من تحصيل الضرائب من الإقطاعيين وأصحاب الأراضي وخفض حزم الرفاهية للحكومة.
من جهته، يعتقد الخبير في الاقتصاد السياسي أسامة رضوي أنه سيكون من الصعب قبول جميع مطالب الجماعة، لأن الامتثال الكامل قد يؤثر على اتفاق مع الصندوق.
وقال رضوي في حديث للجزيرة نت إن بعض المطالب مثل تخفيض ضريبة البترول وإعادة التفاوض مع منتجي الطاقة المستقلين سيكون صعبا على الحكومة بسبب التعقيدات القانونية المرتبطة بالاتفاقيات بين الطرفين.
في معرض حديثه عن إجراءات الحكومة لتحسين الوضع الاقتصادي، قال المتحدث باسم الحكومة عقيل مالك إن احتجاجات الجماعة تتعلق بشكل أساسي بفواتير الكهرباء المتزايدة، وقد عالجنا ذلك، وأضاف "لقد قدمنا دعما بقيمة 50 مليار روبية (179.5 مليون دولار)".
وأشار عقيل أيضا إلى حزمة الإغاثة التي قدمها رئيس الوزراء على مستوى البلاد للذين يستهلكون أقل من 200 وحدة كهرباء شهريا.
وأكد مالك أنه بالنسبة لمنتجي الطاقة المستقلين، فإن الحكومة أرسلت فريقا لجميع منتجي الطاقة المستقلين الصينيين لإعادة التفاوض، وأشار إلى أن إعادة التفاوض لا تزال مستمرة معهم، بالإضافة إلى إعادة التفاوض مع المنتجين المحليين.
وفيما يتعلق بالتحسن الاقتصادي، قال مالك إن التضخم تراجع بشكل واضح من 38% إلى 11.2% منذ تولي الحكومة الحالية بشكل رسمي في مارس/آذار الماضي، وأضاف أن تكلفة السلع الأساسية قد انخفضت أيضا، وأشار إلى أن التصنيفات الاقتصادية العالمية أيضا حسنت من نظرتها لباكستان.
في حين يقول أمير الجماعة الإسلامية إن "الإغاثة التي قدمتها الحكومة غير كافية ولم تشمل مناطق باكستان بأكملها، بل خصت إقليما واحدا فقط. ونحن نطالب بالإغاثة الكاملة للأمة بأكملها ولن نتسامح مع التسويف".
وقال نعيم الرحمن إنه بسبب حزمات صندوق النقد، تعمل الحكومة بشكل غير عادل على زيادة العبء على الطبقة العاملة والصناعات، مما يؤثر بشكل كبير على الشركات والصناعات والأشخاص.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجماعة الإسلامیة فی أمیر الجماعة صندوق النقد على الحکومة الضرائب على إلى أن
إقرأ أيضاً:
ماسك يتجه للتهدئة مع ترامب
يبدو أن الرئيس التنفيذي لشركة تسلا إيلون ماسك، يرغب في تهدئة الأوضاع مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد الخلاف العلني بينهما.
وبدأ الخلاف عندما وجه ترامب انتقادات لماسك في المكتب البيضاوي، ثم تبادلا هجوما لاذعا على منصتي تروث سوشيال التابعة لترامب وإكس المملوكة لماسك.
وكتب ترامب أنه “شعر بخيبة أمل كبيرة من إيلون” بسبب انتقاد ماسك لمشروع قانون الضرائب والإنفاق، فيما قال ماسك إن سياسات ترامب التجارية ستتسبب في ركود اقتصادي، وأشار إلى علاقات ترامب بالمتحرش بالأطفال المدان جيفري إبستين.
كان ماسك قد علق على تهديد ترامب بإلغاء عقود الحكومة الأميركية معه يوم الخميس، بمنشور على منصة “إكس” قال فيه إنه سيوقف مركبة دراغون الفضائية، التي تستخدمها ناسا.
لكن ماسك رد على منشور من أحد مستخدمي المنصة يحث الطرفين على “التهدئة”، بالقول: “نصيحة جيدة. حسنا، لن نُخرج دراغون من الخدمة”.
كما تعاطى ماسك بشكل إيجابي على دعوة من الملياردير بيل أكرمان لـ”تحقيق السلام” مع الرئيس الأميركي، حيث دعا أكرمان ترامب وماسك إلى “تحقيق السلام من أجل مصلحة بلدنا العظيم”، ورد ماسك قائلاً: “أنت لست مخطئا”.
وأفاد موقع بوليتيكو، بأن مساعدي ترامب عملوا على إقناعه بتخفيف انتقاداته العلنية لمالك تسلا قبل ترتيب المحادثة الهاتفية اليوم الجمعة.
اقرأ أيضاًالعالموزير الخارجية الأمريكي يجري اتصالًا هاتفيًا مع نظيره المكسيكي
وبعد مقابلة قصيرة مع ترامب حول انهيار العلاقة مع ماسك يوم الخميس، أفادت بوليتيكو بأن الرئيس أظهر “جوا من اللامبالاة” بشأن الخلاف.
وعندما سئل عن النزاع، قال ترامب: “أوه، لا بأس”، وأضاف: “الأمور تسير على ما يرام، لم تكن أفضل من قبل أبدا”.
وذكرت بوليتيكو، أن مساعدي ترامب حثوه على التركيز على تمرير مشروع قانون الضرائب والإنفاق في مجلس الشيوخ بدلا من الدخول في صدام مع ماسك، حيث عكس أحد منشوراته على منصة “تروث سوشيال” لهجة أقل تصادمية.
وكتب: “لا مانع لدي من أن ينقلب إيلون ضدي، لكنه كان يجب أن يفعل ذلك منذ شهور”، قبل أن يضيف أن تشريع تخفيض الضرائب هو من بين “أعظم القوانين التي قُدمت للكونغرس على الإطلاق”.