«عبود».. أول مصاب بشلل الأطفال في مخيم جباليا شمال غزة
تاريخ النشر: 3rd, September 2024 GMT
داخل خيمة صغيرة لا تصلح للسكن وتفتقر المعيشة فى دير البلح، تعيش عائلة «أبوالجديان» المكونة من 10 أشخاص على حصيرة متهالكة، وتحاول التأقلم على ظروف حياة الحرب، حيث الطعام القليل والنوم غير المريح، لكن كان أملها رؤية قدمى صغيرها، الذى قضى من عمره 11 شهراً بالحرب، لتنصدم بأنه أول مصاب بمرض شلل الأطفال فى قطاع غزة بعد غياب 25 عاماً، وقد ظهرت عليه بعض الأعراض.
«عبدالرحمن»، طفل وُلد فى بداية الحرب على غزة ونزحت عائلته قبل أشهر من مخيم جباليا للاجئين شمال غزة، وحُرم من الحصول على كافة تطعيماته الأساسية فى أشهره الأولى فلم يحصل سوى على تطعيم واحد فى عمر أسبوع، حسب رواية والدته لـ«الوطن»، قائلة: «أصيب ابنى بحالة ترجيع وسخونة وعدم قدرة على الحركة، توجهت به إلى مستشفى شهداء الأقصى ولم أتوقع أن يكون الأمر خطيراً لكنه مكث فترة طويلة بالمستشفى ولم تفعل المضادات ولا خوافض الحرارة معه أى شىء».
وتابعت: «عبدالرحمن فى فترة مرضه كان نائماً طوال الوقت ولم يصح أو يرضع لمدة أسبوعين حتى شك الأطباء فى إصابته بالمرض وهذه كانت مرحلة متقدمة، وبعدها تم أخذ عينة منه وإرسالها إلى الأردن، وبعد أسبوعين أخبرونى بأنه مصاب بشلل الأطفال ولا يوجد علاج ولا إمكانية لعلاجه».
حياة عائلة الرضيع قبل الحرب كانت مختلفة تماماً، حسب عزالدين عامر، خال الطفل المصاب؛ الذى أكد أنهم كانوا يعيشون فى منزل خاص بهم وأشقاء «عبدالرحمن» يذهبون للمدرسة ويأخذون كافة رعايتهم الصحية، و«عبدالرحمن» أول حالة تصاب بالمرض بعد 25 عاماً.
عندما علمت الأسرة بإصابة ابنها، وقع الخبر عليها كالصاعقة وتساءلوا عن كيفية الإصابة بالمرض؛ فأخبرهم الأطباء بأن المرض جاء عن طريق المياه الملوثة التى تستخدم لكل سبل الحياة، نظراً لأن الوضع المعيشى ليس صحياً.
وتوقع خال الرضيع «عبدالرحمن» أن النزوح المتكرر حال دون حصول الرضيع على التطعيمات اللازمة، الأمر الذى تسبب فى إصابته بالشلل، متابعاً: «عندما نزحنا من الشمال كان عمره شهراً، وكان يفترض أن يتلقى الحقنة عندما حدث النزوح، وظللنا نتنقل من مكان لآخر، وقد شكل هذا عائقاً أمام حصوله على التطعيمات».
وأكد «عز الدين» أن الطفل الرضيع قبل إصابته بدأ بالزحف حتى ظهرت عليه الأعراض المتعلقة بالمرض حتى أصبح حالياً لا يقدر على الحركة، لافتاً إلى أن آخر تطعيم أخذه كان بعد إصابته بالمرض، وفى انتظار رد «أونروا» على إمكانية تطعيمه ضمن الحملة الحالية الخاصة بتطعيمات شلل الأطفال أم لا.
عيد ميلاد الطفل حل فى مطلع سبتمبر، وتعيش أسرته حالة من الحزن مع خبر إصابته بشلل الأطفال، ينتظر الترتيبات الخاصة مع منظمة الصحة العالمية من أجل علاجه، وما زال أمام والدته أمل أن يعالَج خارج قطاع غزة وتعود صحته مثل باقى أشقائه.
وعلى صعيد مختلف فيما يخص آخر التحديثات المرتبطة التى نشرها المكتب الإعلامى الحكومى لأهم إحصائيات حرب الإبادة الجماعية التى يشنها الاحتلال «الإسرائيلى» على قطاع غزة، هى: 673 طفلا شهيداً من الأطفال، 640 ألف طفل بحاجة إلى تطعيمات شلل الأطفال، 115 طفلاً رضيعاً وُلِدوا واستشهدوا فى حرب الإبادة الجماعية، 177 مركزاً للإيواء استهدفها الاحتلال «الإسرائيلى»، 17 ألف طفل يعيشون بدون والديهم أو بدون أحدهما، 3، 500 طفل معرّضون للموت بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: شلل الأطفال غزة الاحتلال أونروا
إقرأ أيضاً:
الرضيع “يحيى النجار”.. قتلته إسرائيل بالتجويع في “حرب العالم المتحضّر ضد الوحشية”
#سواليف
كان من المفترض أنّ يكون قدومه إلى هذا العالم عيدًا لوالديه وبهجة لعائلته التي انتظرت بلهفة احتضانه وتزيين حياتهم به، ومنّوا أنفسهم بتوفير احتياجاته كاملة لكي ينمو نموًا سليمًا تمامًا مثل أقرانه في أي مكان على هذه الأرض. جاء الرضيع_يحيى_النجار إلى هذه الدنيا ولكنّه ولد في #غزة_المنكوبة. كان قدومه سببًا يدعو للبهجة وسط المأساة، لكنّه شكّل أيضًا بدء سلسة من #المعاناة المتواصلة لتأمين أبسط احتياجاته وسط هذه الظروف القاتلة.
ولد “يحيى” في المدينة التي تحاصرها إسرائيل منذ أكثر من 19 عامًا، وشدّدت حصارها بالتزامن مع تنفيذها #إبادة_جماعية فيها منذ أكتوبر/ تشرين أول 2023، حيث استخدمت إسرائيل سياسة التجويع المنهجية ضد السكان المدنيين، ولم تسمح سوى مرات نادرة بإدخال كميات قليلة من الطعام لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تلبي الاحتياجات الهائلة للسكان المُجوّعين في قطاع #غزة.
اصطدمت والدة “يحيى” بهذا الواقع المميت، وأصاب رضيعها ما أصاب معظم سكان المدينة من الهزال بسبب #الجوع_الشديد، فهرعت -وهي التي أنهكها الجوع- به إلى مستشفى “ناصر” في مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، حيث كان يعاني من إعياء شديد بسبب الإسهال الملازم له منذ أيام، لكنّها ووالده اكتشفا أنّ “يحيى” يعاني من سوء التغذية الحاد، وأخبرهم الطبيب بضرورة أن يبقى تحت الملاحظة في وحدة العناية المركزة.
مقالات ذات صلة مصدر إسرائيلي يؤكد: لم يتبق لدى حماس أكثر من 20 رهينة على قيد الحياة 2025/07/28في حقيقة الأمر، وصل “يحيى” لهذه #الحالة_الخطرة لأنّه لم يتناول شيئاً منذ أربعة أيام سوى “اليانسون” الخالي من أي مادة مغذية لرضيع يبلغ من العمر أربعة أشهر فقط. لم يجع “يحيى” صدفة أو إهمالًا، فوالداه طرقا كل أبواب المدينة بحثًا عن حليب أو أي مكملات أو مدعمات غذائية ولم يجدا شيئًا بسبب الحصار الإسرائيلي المشدد، حيث تمنع إسرائيل إدخال حتى الحد الأدنى من أبسط الاحتياجات الغذائية سواء للأطفال أو البالغين وتتركهم ليموتوا جوعًا، على مرأى ومسمع من العالم الذي يشاهد هذه الفظاعات ولا يحرك ساكنًا.
لم يمهل الجوع “يحيى” كثيرًا، ولم يستطع جسده النحيل الصغير الصمود كثيرًا، وتوفيبعد أربعة أشهر فقط من حياة لم يعرف منها سوى المعاناة والألم، وما كان خيالًا مستبعدًا أصبح حقيقة واقعة: لقد توفي بسبب الجوع.
يصف والد الطفل الرضيع “يحيى النجار” جسد طفله ويقول: “ما ذنب طفلي أن يموت من الجوع ومن قلة المواد الخاصة بالأطفال في قطاع غزة؟ ما ذنبه؟! انظر كيف نحل جسده.انظر كيف التصق جلده بعظمه!”
وبقلب يعتصره القهر والحسرة والألم، يحمل والد “يحيى” جثمان طفله ويصرخ: “نطالب كل العالم وأي إنسان لديه ضمير حيّ ورحمة وإنسانية أن ينظروا لما آل إليه مصير أطفالنا بسبب عدم وجود الحليب والطعام”.
أما والدته فتبكي بحرقة وتقول: “لم يتناول شيئاً منذ أربعة أيام سوى “اليانسون” والمياه لعدم توفر الحليب الطبيعي أو الصناعي. كان طوال الوقت يضع يده في فمه من شدة الجوع”.
تجتمع العائلة المكلومة حول جثمان “يحيى” المسجى على السرير بلا لون وبعظام بارزة وجلد مجعد، ويبكون انقلاب فرحتهم إلى فاجعة بسبب ظروف قاهرة كانت أقوى من أن يستطيعوا تغييرها أو تحسينها.
لم يكن “يحيى” الطفل الأول أو الوحيد الذي يفقد حياته في غزة بسبب سياسة التجويع الإسرائيلية المنهجية، فسبقه أكثر من 110 مُجوَّعين معظمهم من الأطفال، توفوا بسبب المجاعة وسوء التغذية، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية في غزة.
منذ شهر مارس/آذار الماضي، بعد إعادة فرض إسرائيل حصارها المطبق على القطاع،توفي نحو 90 طفلًا بسبب المجاعة التي تتفاقم مع مرور الوقت، وتزايدت أعداد الأشخاص -من مختلف الفئات العمرية- الذين يصلون المستشفيات بحالة إعياء وتعب شديد، وقد وصل الحال ببعضهم إلى الانهيار من شدة الجوع وسوء التغذية الحاد.
خلال جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، أكّد رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” في أكثر من مناسبة أنّ هذه ليست حرب إسرائيل فقط، بل هي حرب الحضارة والعالم المتحضر ضد الوحشية، وتمتد إلى ما هو أبعد من مكافحة الإرهاب، على حد وصفه. فهل من صفات “العالم المتحضر” أن يقتل الأطفال والبالغين جوعًا؟ أو حتى أن يكون سببًا في ذلك من خلال غض الطرف عن الفظائع التي ترتكبها إسرائيل في غزة، بل ومدّها بجميع أسباب الاستمرار في تلك الأفعال؟ وهل هؤلاء الضعفاء الذين يقضون جوعًا متوحشون وينبغي محوهم من الوجود؟
في قطاع غزة المُحاصر، يواجه نحو 650 ألف طفل خطر الموت جوعًا إن لم يتحرك العالم لوقف جريمة الإبادة الجماعية والحصار الخانق المفروض على المدنيين، ويفعّل كل أدواته لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد أكثر من 21 شهرًا من الاستهداف الشامل والمنهجي لجميع سبل الحياة في القطاع، وتقصّد إهلاك وإفناء المجتمع برمّته.
لا يمكن أن يصبح الموت جوعًا شيئًا عاديًا بين أروقة المستشفيات وثلاجات الموتى وطرقات المقابر، لكنّ شبحه أصبح ملازمًا للجميع في غزة مع اشتداد المجاعة واستمرار الحصار الذي أحكمت إسرائيل إطباقه على القطاع منذ 2 مارس/ آذار الماضي. ومنذ أواخر مايو/ أيار المنصرم، فرضت إسرائيل بدعم أمريكي آلية مساعدات وهمية، تبيّن فور تشغيلها أنّها مساحة جديدة للقتل ومصيدة للموت، تضع فيها مؤسسة أمريكية صناديق طعام قليلة لآلاف المجوعين في مناطق عسكرية خطيرة، ويتولى الجيش الإسرائيلي مهمة قتلهم بدم بارد خلال توجههم لتلك المناطق، حيث قتل منذ ذلك الوقت أكثر من ألف مُجوّع دون أي ضرورة أو سبب، ودون أي يكلّف نفسه حتى بتبرير هذه الوحشية.
لم يعد يملك الفلسطينيون في قطاع غزة وسيلة للنجاة من كل هذه الظروف التي اجتمعت لإهلاكهم ومحوهم من الوجود، فهم يقفون وحدهم بأمعاء فارغة وأجساد متهالكة في مواجهة ترسانة عسكرية ضخمة مصممة لمقارعة جيوش جرارة لا مدنيين عزل، ولا أحد في هذا العالم يتدخل لوقف هذه المهلكة.