مَنْ سلّم سلامة إلى السجن او التسوية؟
تاريخ النشر: 5th, September 2024 GMT
كتبت سابين عويس في" النهار": اربعة ايام وربما اكثر سيمضيها رياض سلامة في سجن قوى الامن الداخلي، ليست فقط المهلة الفاصلة عن بلورة مصير الرجل، وانما هي المهلة التي ستحدد مستقبل القضاء واستقلاليته، وقدرته على الحكم في اكثر الملفات خطورة.
الثابت حتى الآن ان مدعي عام التمييز القاضي جمال الحجار مصمم على السير في ملف سلامة حتى النهاية، وهو لهذه الغاية ختم تحقيقاته الأولية معه واودعها النيابة المالية التي أحال فيها القاضي علي ابرهيم الحاكم السابق مع الادعاء ومحاضر التحقيقات الأولية الى قاضي التحقيق الاول في بيروت بلال حلاوي لاستكمال التحقيق واصدار مذكرة توقيف وجاهية في حقه، على ان يبدأ القاضي حلاوي اعتباراً من اليوم، تحقيقاته.
والثابت ايضاً من مسار الامور منذ الاعلان عن جلسة الاستجواب والتوقيف ان القاضي الحجار لم يبلغ اي جهة او مرجعية سياسية بخطوته التي فاجأت الوسط السياسي والقضائي على السواء، ما يشي بأن الحجار يملك ما يكفي من الأدلة والمعطيات الكفيلة بمحاكمة سلامة.
والثابت ايضاً انه بحسب المرجعيات السياسية او الطائفية للقضاة المعنيين، قد يكون التفاهم قد نضج على تسليم رأس سلامة، ليس لحمايته وانما لايصال هذا الملف إلى خواتيم لا تقض مضجع الطبقة السياسية.
اما على مقلب سلامة نفسه، فالثابت انه قلل اهمية الجلسة، اما بسبب تطمينات وردته ولا تزال منذ ترك موقعه على رأس الحاكمية وخسر حصانته، بعدم المس به، واما بسبب اطمئنانه إلى ان ما بحوزته من معلومات وأدلة تدين كل الشبكة الشريكة له، ستوفر له الحماية الشخصية له ولعائلته. في الحالتين، قد يكون سلامة مخطئاً ومستخفاً بتلك الشبكة والإمكانات التي تملكها للأطباق عليه وقفل ملفه من دون اي ترددات .
والمعلوم ان ثمة دعاوى عدة مرفوعة ضد سلامة في الخارج ولا سيما في باريس وميونيخ، ويمكنها لو وصلت إلى خواتيمها ان تحجز على اموال سلامة وممتلكاته ولا تعطي الدولة اللبنانية الحق في استرجاعها. اما الأمر الثاني فيتصل بتعبيد الطريق امام بدء عملية اعادة هيكلة المصرف المركزي والمصارف. ذلك انه طالما ملف سلامة مفتوح، سيبقى ملف الهيكلة معلقاً حتى البت بالخسائر.
صحيح ان كلمة الفصل في المسار القضائي لهذا الملف ستتبلور خلال اليومين المقبلين من خلال الاجراء الذي سيتم اعتماده بعد تحويل سلامة إلى محكمة الاستئناف ومنها إلى قاضي التحقيق الاول، لكن هذا لا يلغي مجموعة استنتاجات او فرضيات للمسارات المقبلة لهذا الملف الذي يتعدى سلامة نفسه ليمس المنظومة السياسية والامنية والمصرفية، يمكن استخلاصها او توقعها للقابل من الايام.
اولى هذه الخلاصات، اثبت القاضي الحجار ان القضاء يمتلك في سلكه ما يكفي من الاكفاء القادرين على استعادة هيبته واستقلاليته، وتالياً اعادة الثقة به واليه.
ثاني الخلاصات ان سلامة بات وحيداً في معركته، ولم يبق أمامه الكثير من الخيارات باستثناء خيار السير بأي تسوية يجري طبخها لتحميله وحده عبء الخسائر المالية. واذا صحت هذه الفرضية، لا يبقى إلا تحديد الثمن الذي سيدفعه الحاكم بأمره على مدى ثلاثة عقود مقابل تسوية تطمس حقائق وتورط ابطال الدولة العميقة، وتقفل الملف بمحاسبة ولو شكلية تعيد الصدقية إلى القضاء ولا تعزل لبنان عن النظام المالي العالمي. علماً ان الثمن لا يقتصر على حجز كل ممتلكات واصول سلامة في الداخل والخارج واسترجاعها لتحقيق بطولات تفيد السير الذاتية للبعض، وانما ايضاً قضاء بعض الوقت في السجن او الافادة ربما من عامل مرور الزمن للخروج بعد فترة قصيرة بسبب السلوك الحسن!
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
بعد 19 عاما على حكمه بإعدام صدام حسين.. أين القاضي العراقي رؤوف رشيد اليوم؟
مع حلول عيد الأضحى المبارك، تتجدد في الذاكرة العربية مشاهد مأساوية وملفات مثيرة للجدل، أبرزها لحظة إعدام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين صبيحة العيد في عام 2006.
الحدث الذي هز العالم العربي حينها، لم يكن محصورًا في شخص “صدام” فقط، بل امتدت تداعياته لتطال الشخصيات التي لعبت دورًا محوريًا في محاكمته، وعلى رأسهم القاضي رؤوف رشيد عبد الرحمن، الذي أصدر الحكم التاريخي بالإعدام.
شائعات تطارد القاضي منذ سنوات
منذ تلك اللحظة، لم تغب الشائعات عن القاضي رؤوف رشيد، وتكررت الأنباء- في أكثر من مناسبة- حول وفاته أو اغتياله، فيما تشير مصادر متعددة إلى أنه لا يزال على قيد الحياة ويعيش في مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق.
ولم يكن ظهور هذه الشائعات حدثًا عابرًا، ففي يونيو 2014، أفادت تقارير إعلامية بأن تنظيم داعش اعتقله وأعدمه، إلا أن مصادر مقربة منه نفت تلك المزاعم، مؤكدين أنه كان يقيم بأمان في أربيل.
وبعد 5 سنوات، وتحديدًا في يوليو 2019، عادت موجة الأخبار مجددًا لتزعم وفاته في أحد مستشفيات السليمانية، ليخرج نجله، رنج رؤوف رشيد، وينفي الخبر مؤكدًا أن والده بصحة جيدة.
مسيرة قضائية حافلةولد القاضي رؤوف رشيد عبد الرحمن في عام 1941 في بلدة حلبجة التابعة لمحافظة السليمانية، وامتدت مسيرته المهنية على مدى عقود داخل السلك القضائي العراقي. شغل عدة مناصب مهمة أبرزها رئيس محكمة الجنايات في أربيل ونائب رئيس محكمة الاستئناف.
لكن محطته الأبرز كانت عام 2006 عندما تولى رئاسة المحكمة الجنائية العراقية العليا، خلفًا للقاضي رزكار أمين، ليشرف على محاكمة صدام حسين في قضية الدجيل، والتي انتهت بالحكم عليه بالإعدام. كما تولى لاحقًا منصب وزير العدل في حكومة إقليم كردستان بين عامي 2009 و2012.
بعد التقاعد.. غياب عن الساحة وهدوء في الظلاليوم، وبعد سنوات من التقاعد، لا يُعرف عن القاضي رؤوف عبد الرحمن أي نشاط سياسي أو قضائي بارز. تشير آخر المعلومات المتوفرة إلى أنه يعيش بهدوء في أربيل ويتمتع بصحة جيدة، بعيدًا عن الأضواء، بينما لا تزال الشائعات تطارده بين الحين والآخر دون أي تأكيد رسمي بشأن وفاته أو تعرضه لأي مكروه.
ورغم مضي ما يقرب من عقدين على إعدام صدام حسين، لا تزال تداعيات ذلك الحدث تلقي بظلالها على حياة القاضي رؤوف رشيد، الرجل الذي وجد نفسه في قلب واحدة من أكثر المحاكمات إثارة للجدل في تاريخ العراق الحديث.