كيف تُصنَع الإسلاموفوبيا في الغرب؟
تاريخ النشر: 6th, September 2024 GMT
أتيح لي أن أكون "ضيفًا" على برنامج تلفزيونيّ، أطلعتني معدّته قبل الشروع فيه، على بعض قواعده، ومنها أنها لن تقاطعني، لكنها ستكون محامية الشيطان، وقالتها بالفرنسية لسبب لا أدركه. الذي حدث في البرنامج أنها لم تفعل شيئًا سوى أن تقاطعني حتى وجدت عناءً شديدًا في التعبير عن أفكاري باسترسال. لم تكن مجرد محامية الشيطان، بل الناطق باسمه، مسرّة أحيانًا، ومبطنّة أخرى.
كان من بين أسئلتها الاستنكارية أن العالم العربي مسؤول عن وضعه، وأن للإسلاموفوبيا ما يبررها، أو على الأقل ما يشرحها، وأن القضية الفلسطينية حُسمت منذ الأزل.. وأمثال هذه الترهات التي تصور الضحية في صورة الجاني. وليس هناك ظلم أسوأ من أن تُصور الضحية في صورة الجاني.
يتساءل المرء حول جدوى الحوار في بعض أستوديوهات التلفزيون، حينما يكون معدّ البرنامج صاحب أفكار ثابتة لا يتزحزح عنها، غالبًا عن معرفة سطحية، ويبتغي فقط التشويش على الضيف بناءً على أحكام مسبقة أو توجهات. لَكم شاهدنا من حالات "ذهان إعلامي" لمُعدّي برامج لم يقبلوا أن يسمعوا إلا ما يريدون سماعه، في خضم النقاش حول "طوفان الأقصى".
"شر الرأي الدبري"، كما يقول المثل العربي، أي لا جدوى من إبداء الرأي فيما انتهى النقاش حوله، ولكني أريد أن أعود إلى موضوع الإسلاموفوبيا الذي اعتبرت فيه معدّة البرنامج أن الظاهرة تجد تفسيرها في عدم رغبة المسلمين في الاندماج.
قلت في البرنامج إن المسؤولين الفرنسيين اعترفوا بعد أحداث شارلي إيبدو (7 يناير/كانون الثاني 2015) بوجود أبارتيد فعلي في فرنسا، كما صدر عن مانويل فالس، الذي كان رئيسًا للوزراء حينها، أو كما نطق الرئيس الفرنسي ماكرون بقوله إن الجمهورية لم تكن رفيقة ببعض أبنائها.
وهناك العديد من الأدبيات التي وقفت على غضب شباب الضواحي وعلى تجاوزات رجال الأمن، وليس أقلها حادثة الشاب نائل مرزوق الذي قتله رجل أمن بدم بارد؛ لأنه ارتكب مخالفة. لا يمكن للمرء أن يكون أكثر كاثوليكية من البابا.
بيد أن الموضوع يتجاوز مجرد الإسلاموفوبيا التي أضحت صناعة، كما أضحى الهولوكوست صناعة، أي ليس مجرد حدث تاريخي مؤلم، بل العمل على النفث في جذوته باستمرار. الإسلاموفوبيا أصبحت صناعة، كما بيّن فانسون جيسر في كتاب يحمل العنوان ذاته. العداء للمسلمين، على خلاف الفترة الاستعمارية التي كان العداء فيها منصبًا أكثر على الإسلام، أصبح شأنًا لعارفين من شخصيات إعلامية وأكاديميين ومؤثرين، وليس فقط مجرد تصرفات عنصرية من مواطنين غير متعلمين.
تطور الأمر إلى ما يسميه الباحث الرصين توماس غينولي (Thomas Guénolé) "الذهان الإسلامي"، أي رؤية الخطر الإسلامي في كل مكان وتوهمه في كل حالة. وقد أفرد الباحث الفرنسي للظاهرة كتابًا بعنوان "الذهان الإسلامي" (بالفرنسية، غير مترجم للعربية). الذهان الإسلامي هو الأرضية التي تقوم عليها الإسلاموفوبيا، وكلمة "فوبيا" الإغريقية تعني التوجس والخوف في الوقت نفسه.
تقوم العلاقة بين الإسلاموفوبيا والذهان الإسلامي على تداخل السبب والعَرَض. الإسلاموفوبيا تغذي الذهان الإسلامي، والذهان الإسلامي، أي توهم الخطر، يخلق حاجة أو طلبًا للإسلاموفوبيا.
كل حالة ذهان هي حالة غير سوية وتعبّر عن وضع مرضيّ، فالتصورات التي تقوم حول المسلمين ليست حقيقة ولا عقلانية، كما يقرر توماس غينولي، لأنها عبارة عن معتقد حول "خطورة" العقيدة الإسلامية، ويتم الرد، كما في كل طائفة مغلقة، بتشنج أو ما أسميه بالتوحد الهوياتي، أي أن الشخص لا يسمع إلا ما يريد أن يسمع، ولا يتحدث إلا مع ذاته. يظل حبيس أفكاره المسبقة يلوكها، ولا يتجاوزها، وقد يغلفها، إن كانت له صفة سياسية أو موقع إعلامي أو لقب أكاديمي، بظاهر العقلانية. لكنها عقلانية زائفة.
تقوم عناصر معتقد حالة الذهان الإسلامي، حسب غينولي، على أربعة عناصر:
العنصر الأول: أن الإسلام لا يتطابق مع الجمهورية (أي قيم الجمهورية وما تقوم عليه من مواطنة)، والحال أن الإسلام لا يوجد إلا من خلال المسلمين، ومسلمو فرنسا أغلبهم يرتبطون بقيم الجمهورية، بما فيها العلمانية. إذ حسب غينولي، فإن "الإسلام الفرنسي"، وفق دراسات مستفيضة من باحثين فرنسيين، يأتمّ بقيم الجمهورية ويؤمن بها. العنصر الثاني: هو أن "المسلمين غير قادرين على الاندماج". والحال أن ربع المتحدرين من مهاجرين مغاربيين، وهم من يشكل غالبية الفرنسيين المسلمين، منضوون في جمعيات، وأن اثنين في المائة فقط منهم أعضاء في جمعيات إسلامية، أي أنهم أقلية، ولا يمكن لوضع الأقلية أن ينسحب على الأغلبية. العنصر الثالث هو أن "المسلمين لا يريدون أن يندمجوا"، وأن لهم توجهات طائفية. وهو ما يفنده الواقع، لأنهم يطالبون بوضع المواطنة وعدم التمييز بناءً على الدين أو الاسم. أما حركة "أهالي الجمهورية"، باستعمال مصطلح يعود إلى الفترة الاستعمارية، فهم أقلية لا يُعتدّ بها. العنصر الرابع هو أن المسلمين وجمعياتهم مطالبون بالتعبير عن نأيهم، كلما وقعت حادثة إرهابية، أي أنهم متهمون إلى أن يثبت العكس.يمكن أن نضيف عوامل تساهم في تفاقم حالة الذهان، مثل اختلاق مفاهيم معينة لا شيء يسندها في الواقع، مثل التحالف الإسلامي الفاشي، الذي يتحدث عنه المحافظون الجدد في الولايات المتحدة، أو التحالف الإسلامي اليساري في فرنسا، أو الزعم بأن ظاهرة الإسلاموفوبيا هي من صنع المسلمين في الغرب؛ كي يظهروا بمظهر الضحية، كما يرى الباحث الفرنسي جيل كيبيل.
لا توجد في فرنسا، ولا في غيرها، جماعة مسلمة منسجمة كي نطلق حكمًا واحدًا على المسلمين في الغرب. تتوزع هذه الجماعات على انتماءات متعددة، من الإسلام الثقافي الرخو إلى الإسلام الملتزم بأشكاله المختلفة من الصوفي والسياسي والسلفي. كما توجد اتجاهات غنوصية وأخرى ملحدة، إضافة إلى التمايز بين المسلمين الأفارقة والأتراك والمغاربيين، وداخل المغاربيين أنفسهم بين المغاربة والجزائريين، وعلاقة كل جالية ببلدها الأصلي.
تجد حالة الذهان تفسيرها ليس في عدم رغبة جماعة معينة في الاندماج أو عدم قدرتها على ذلك، بل في مجتمع يعيش توترًا ناتجًا عن تحولات عميقة داخله وعلى مستوى العالم. يوظف غينولي أعمال الأنثروبولوجي رونيه جيرار لتفسير حالة الذهان الإسلامي.
يقول جيرار إن المجتمعات تصرف "اللعنة" التي تحيط بها من خلال تقديم قربان يُكفّر عن سيئاتها. وقد انتقلت المجتمعات إلى اختلاق عدو، وتشيطنه، واستعملت الأدوات القانونية والقضائية لهذا الغرض، مثل: محاكم التفتيش، والمكارثية، أو قانون الانفصالية في فرنسا، الذي وسم أخيرًا بقانون العلمانية (أغسطس/آب 2022).
لكن الخطورة ليست في حالة الذهان الإسلامي، أي توهم الغربيين أن المسلمين يشكلون خطورة على مجتمعاتهم، بل في "الذهان الإعلامي" في مجتمعاتنا الذي يتبنى تخوفات مجتمعات أخرى. ومنه الذهان الثقافي لمن يردد كليشيهات كما الببغاء، ومنها حالة التوحد الهوياتي، أي عدم القدرة على الاستماع، وخداع النفس بأن المرء هو الصواب والآخر على ضلال، مستندًا إلى معرفة سطحية بنتاج الغرب الفكري وأدواته، في نوع من استشراق بخس.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی فرنسا
إقرأ أيضاً:
حين يُسجَن العربي لأنه ناصر فلسطين.. فهل الغرب حقّا أكثر وفاء؟
في ليلة الجمعة، 25 تموز/ يوليو 2025، هزّت مجموعة شبابية تُطلق على نفسها اسم "الحديد 17" المشهدَ السياسي المصري بإعلانها عن اقتحام غير مسبوق لقسم شرطة المعصرة في حيّ حلوان، حيث تمكّنت من احتجاز عدد من أفراد الأمن، مطالبة بفتح معبر رفح في وجه الجرحى والنازفين من غزة. لم تطلق الرصاص، لم تحمل سوى صرخة: "افتحوا المعبر!" فاختفوا.
لا يُعرف مصير الشبان حتى اليوم؛ لا محاكمة، لا بيان رسميا، لا ظهور، فقط اختفاءٌ قسريّ يُضاف إلى أرشيف طويل من العقاب العربي لمن ناصر فلسطين. في هذا الشرق المقموع، لا تحتاج إلى سلاح كي تُجرَّم، يكفي أن تذكر غزة.
وهنا تحديدا، يجب أن يُطرَح السؤال: من الأوفى لفلسطين؟ الذي يُهتف لها في ساحة محميّة؟ أم الذي يُقتاد إلى العدم لأنه أراد أن تُفتح لها بوابة نجاة؟
من الأوفى لفلسطين؟ الذي يُهتف لها في ساحة محميّة؟ أم الذي يُقتاد إلى العدم لأنه أراد أن تُفتح لها بوابة نجاة؟
هذا المقال ليس رثاء، بل تفنيد لأسطورة زائفة: أن الغرب أكثر فلسطينية منّا.
مصر: حين يصبح حبّ فلسطين تهمة
في حزيران/ يونيو 2024، وثّقت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اعتقال 150 مواطنا مصريا بسبب تعبيرهم عن التضامن مع غزة، بينهم أطفال ومراهقون.
الاتهامات؟ "الانضمام إلى جماعة إرهابية"، "نشر أخبار كاذبة"، "التحريض على التجمهر". جميعها صيغ قانونية تُستخدم لإخراس أبسط أشكال التعبير.
هذه ليست حالة استثنائية، بل امتداد لخطّ طويل في التعامل مع فلسطين كملف حساس لا يجوز للمواطن العادي الاقتراب منه. وكل من يتجاوز تلك "الحدود" -حتى لو بكلمة أو وسم- يوضع في مرمى القمع.
ولا يمكن تجاهل السياق الأوسع: ففي عام 2012، حين انتُخب محمد مرسي رئيسا، كان أبرز وعوده العلنية: "غزة لن تكون وحدها". ذلك الوعد -قبل أي سياسة داخلية- شكّل تحديا للمعادلات الإقليمية، وربما كان من أوائل الأسباب التي عجّلت بإنهاء حكمه.
تونس: حين صرخ الشعب باسم فلسطين قبل أن يرتّب نفسه
في لحظة انهيار النظام التونسي يوم 14 كانون الثاني/ يناير 2011، وقبل أن تلتقط القوى السياسية أنفاسها، خرج الشارع العفوي يهتف: "الشعب يريد تحرير فلسطين".
كان ذلك الهتاف صادما لكثيرين، ففلسطين لم تكن على جدول أعمال النخب، ولا في قوائم المطالب، لكنه كان صادقا، نابعا من ذاكرة شعبية رسّختها الانتفاضات، والمدارس، والإذاعة، وتاريخ احتضان منظمة التحرير في تونس بعد خروجها من بيروت.
وحين عاد التضييق في السنوات الأخيرة، صار رفع العلم الفلسطيني في مظاهرة طلابية أو منشور على فيسبوك مدعاة للاستدعاء أو التحقيق. فالاستبداد يعرف أن فلسطين لا توحّد فقط، بل توقظ، وتربك، وتربّي على ما هو أعظم من الدولة البوليسية.
لبنان: البلد الذي لم يهتف فقط.. بل نزف
في عام 1982، حين اجتاحت إسرائيل بيروت، لم تكن مقاومة الاحتلال خطابا سياسيا، بل واقعا يوميا. وفي عام 2006، حين قُصف الجنوب والضاحية، لم تكن فلسطين مجرد لافتة، بل كانت البوصلة.
لبنان لم "يتضامن" مع فلسطين من بعيد، بل قاوم معها، ومن داخل نسيجه. فلسطين في لبنان لم تكن هوية طارئة، بل مكونا من المخيمات، من الذاكرة، من الرصاص، ومن أوجاع الناس.
وهناك، لم يكن القمع هو ما يمنع الموقف، بل الموت نفسه. ومع ذلك، اختار الناس أن يقاوموا، لا أن يصمتوا.
المغرب: حين يصبح التضامن محاصرا باتفاق التطبيع
وفي المغرب، لم يكن المشهد مختلفا. فخلال العدوان على غزة، خرجت تظاهرات ضخمة في الرباط والدار البيضاء، واجهتها قوات الأمن بقمع ممنهج. مُنعت التجمعات، فُضّت الوقفات، وتم استدعاء ناشطين للاستجواب بسبب منشورات.
ورغم أن المغرب دولة وقّعت اتفاق تطبيع مع إسرائيل، إلا أن الشارع ما زال يحمل لافتة واحدة: "فلسطين ليست للبيع". ولماذا لا تُقمع المظاهرات في الغرب أيضا؟
صحيح أن المتضامنين مع غزة في أوروبا وأمريكا يملكون هامشا واسعا للتعبير، لكن هذا الهامش ليس مطلقا. فقد تم فصل عشرات الطلاب والأساتذة في جامعات أمريكية وبريطانية بسبب مشاركتهم في حملات تدعو لمقاطعة إسرائيل أو تنتقد جرائمها. حركات مثل "طلاب من أجل العدالة في فلسطين" تعرضت للتهديد بالإغلاق، وبعض الصحفيين فقدوا وظائفهم بسبب كلمة واحدة في تغريدة.
لا يعني هذا تبرير القمع العربي، بل فضح النفاق العالمي. فالمنظومة السياسية الغربية التي تسمح بالمظاهرات، هي ذاتها التي تموّل آلة القتل في غزة، وتمنع أي مساءلة حقيقية في المحافل الدولية.
لذا، فإن المقارنة بين "الشارع الغربي" و"الشارع العربي" لا تصمد أخلاقيا أو سياسيا. الأول يتظاهر بإذن القانون، والثاني يتظاهر رغم القانون.. الأول يعود إلى بيته بعد الهتاف، والثاني لا يعود أبدا.
ليس تنافسا في الوفاء.. بل سؤال في منطق القمع
لا يهدف هذا المقال إلى نزع القيمة عن مظاهرات الغرب، ولا إلى التقليل من شجاعة الأصوات المتضامنة مع فلسطين، بل هو تذكير بأن المعيار الحقيقي للوفاء لا يُقاس بعدد اللافتات، بل بحرية رفعها.
المشكلة ليست في تضامن الآخرين، بل في أن تضامننا -كعرب- صار جريمة.
الشعوب المغيَّبة لا الغائبة
إنّ مقارنة العرب بالغرب في ميزان "الدعم لفلسطين" تغفل بُعدا جوهريا: السياق السياسي للقمع. الغربي يهتف وهو محمي بدستور، بينما العربي يُخضع لأيّ تهمة جاهزة.
خطاب "الغرب أكثر وفاء لفلسطين" ليس فقط مضللا، بل يُعيد إنتاج صورة العربي المتخاذل، المنكفئ، غير الجدير بقضاياه. إنه امتداد ناعم للاستشراق، لكنه بنسخة رقمية
من القاهرة إلى عمّان، ومن الرباط إلى الخرطوم، لا يحتاج القمع سوى ذريعة: منشور، وسم، وقفة صامتة، أو حتى تبرع مالي. ومع ذلك، تخرج الأصوات، رغم التضييق، وتبقى فلسطين حيّة في الشوارع العربية، كلما سنحت الفرصة.
هذه السردية ليست بريئة
خطاب "الغرب أكثر وفاء لفلسطين" ليس فقط مضللا، بل يُعيد إنتاج صورة العربي المتخاذل، المنكفئ، غير الجدير بقضاياه. إنه امتداد ناعم للاستشراق، لكنه بنسخة رقمية.
فالغربي عقلاني شجاع، والعربي خائف صامت.. الغربي يواجه الشرطة، والعربي يُكمَم من قبلها. لكن الواقع غير ذلك.
من الذي يصادر الإعلام؟ من يمنع المظاهرات؟ من يعتبر فلسطين ملفا أمنيا لا وجدانيا؟ ليست الشعوب من اختارت الصمت، بل فُرض عليها. ولم تسكت.. بل مُنعت.
خاتمة: حين يُمنع عنك الحلم، يصبح الحلم مقاومة
في هذا العالم المعكوس، يُكافأ من يرفع علم فلسطين في ساحة مرخّصة، ويُخفى قسرا من يهتف باسمها في عاصمة عربية، يُصفَّق للمتضامن حين يكون الهتاف بلا ثمن، ويُقطع الصوت حين يصبح الهتاف مشروعا للتحرر.
هذا المقال لا يسعى لانتزاع شهادة وفاء، بل فقط لتذكير العالم: أن العربي حين يحبّ يدفع كل شيء، حتى حقّ الظهور، حتى صوته، حتى اسمه.