• حين يستعد شعبٌ من شعوبِ الإسلام، لإحياء مناسبة ذكرى ميلاد الرسول الأكرم والنبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، لهو شعب شديد الارتباط بنبيه صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأنه يعمل على رفع ذكر نبيه ونصرته، امتثالاً لقوله تعالى: {فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[الأعراف : 157].
• فهذه التجهيزات والتحضيرات والترتيبات التي تحدث في يمن الإيمان، لاستقبال ذكرى مولد سيد الأكوان صلى الله عليه وآله وسلم، تُعد من مصاديق الآية آنفة الذكر، وكذلك من مصاديق قوله تعالى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}[الشرح :4]..
لأن هذه الترتيبات التي تحدث في يمننا الحبيب، تُلفت أنظار اليمنيين وغيرهم، على اختلاف فئاتهم وانتماءاتهم، إلى أن هناك مناسبة عظيمة قادمة، يجب على الناس -جماعات وأفراداً- أن يتهيأوا لها ويعدوا لها عدتها، وهي مناسبة مرتبطة بسيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، الذي فضله عليهم كبير، وهو مِنّةُ الله العظمى عليهم، لقوله تعالى: { لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ}[آل عمران : 164]..
• ولهذا يجب على كل الناس أن يتفاعلوا مع هذه المناسبة، التفاعل الإيجابي الكبير، حتى تعود عليهم بالنفع العظيم والفضل العميم.
• ألا فاستعدوا وارفعوا اللافتات والرايات، وزينوا باللون الأخضر البيوت والمؤسسات والمَحالَّ والسيارات، وليكن كل فرد منكم مسارعاً إلى تزيين الطرق والشوارع، اكتبوا على الجدران مرحباً بميلاد سيد الأكوان.
• لا تلتفتوا إلى دُعاةِ التثبيط، وأهل الفرقة والتشتيت، وجادلوهم بالتي هي أحسن، ولا تصطدموا بهم، فهم لا يخرجون عن ثلاثة:
– إما أن يكونوا دعاةَ فتنةٍ لم يستطيعوا الوصول إلى السلطة، فيقومون بمحاولات إفشال وإحباط كل نجاح وكل خطوة لأنصار الله..
– أو أنهم مجرد مُضلَّلين، يرددون ما يسمعون، تنقصهم الحكمة في التمحيص بين الغث والسمين، قد أثرت عليهم أزمة التسعِ سنين، فأعمتهم الحاجة والفاقةُ عن معرفة أن الاحتفاء بميلاد خير البشر، ستكون له العواقب العظيمة، والنصر والتمكين والاستقرار والرخاء والنماء، بإذن الله تعالى، أملاً بما عنده جل وعلا، وعملاً بمقتضى كتابه الكريم، وتفعيلاً لما تجيش به الصدور، من حب عميق، وفرحٍ خليقٍ، بمن ينتصر به المؤمنون لربهم العظيم.
– أما الفئة الثالثة، فهم من يختبئون خلف كواليس السياسة، ولن تقابلوهم في الشوارع أو الباصات، لأنهم القادة الأشرار، هم من يديرون الألعاب الدموية عالمياً، ومنهم قتلة الأنبياء والأولياء والقادة الشرفاء، يتبعهم قطيع من قادتنا البلهاء، عبيد المال والجاه، من في سبيلهما ضحّوا بالدين والعقيدة، وبالوطن وثرواته وشعبه وتراثه وحاضره ومستقبله، وارتضوا أن يداسوا بالنعال النفطية والفرنجية، كي يظلوا على كراسيهم، ولو كانوا مجرد وكلاء للمستعمرين الجدد.
• وهؤلاء كلهم يحاجّون بالباطل ليدحضوا به الحق، فحاججوهم بالحق، وازهقوا باطل نفوسهم، وجهالة قلوبهم، وعمى أعينهم، وارموا بالحجج ولا تنتظروا ردود الأفعال، (فحبل المدى يقطع في الحجر)، وواصلوا استعدادكم ليوم المولد الشريف، فرحة بحبيبكم الأعظم، صلى الله عليه وآله وسلم..
• فعِّلوا -بكل الوسائل المتاحة- القلوب، حتى يزيد هيجانها شوقاً لذكرى ميلاد النبي المحبوب، الذي ألَّفَ اللهُ به القلوبَ، ونَفَّسَ به الكروبَ، وجعله يوم القيامة كاليعسوب..
• وارفعوا أصوات الأناشيد والزوامل، ترحيباً بميلاد الإنسان الكامل، الجامع لعلوم الأواخر والأوائل..
• ألبِسوا أولادكم الجديد -قدرَ الاستطاعة-، ونظفوا أفنيتكم وحاراتكم وكل قاعة، وأدخِلوا الفرحة على قلوب الفقراء والمساكين، حتى تزول عنهم الفاقة والمجاعة..
• اجعلوا هذه المناسبة يوم عيد، وواسوا أُسَرَ الجرحى، وكل أسرة ضحت بشهيد..
• تبادلوا التحايا، وتفقدوا المرضى والمعوزين والنازحين، وكل من حلَّت عليهم المصائب والبلايا..
• اجعلوا من أيام هذه المناسبة فرحةً غامرةً يَسعدُ بها الجميع، ولنوصل رسالة للعالم بأننا شعبٌ شغوفٌ برسول الله، مرتبطٌ به وبأخلاقه، قولاً وعملاً، وأننا أنصارُهُ، فكما نصره أجدادنا في الماضي، ها نحن ننصره وسننصره حاضراً ولاحقاً، مادامت عروقنا تنبض وعيوننا تطرف، وسنوالي أولياءَه، وسنعادي أعداءَه..
من يحبُ الحبيبَ فهو حبيبُ
وعُداةُ الحبيبِ هم أعداءُ.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
خطيب المسجد الحرام: يبقى الدين في الناس ما بقيت فيهم شعائره
قال الشيخ الدكتور ماهر المعيقلي، إمام وخطيب المسجد الحرام ، إن الله تعالى تكفّل بحفظ دينه، وجعل من أسباب حمايته الشرعية، وحفظ شعائره سواء كانت شعائر زمانية أو مكانية أو تعبدية.
يبقى الدينوأوضح “ المعيقلي” خلال خطبة الجمعة الأولى من شهر ذي الحجة، اليوم، من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أنه يبقى الدين في الناس، ما بقيت فيهم شعائره وتعظيم شعائر الله، دليل على تقوى القلب وخشيته، موصيًا بتقوى الله وعبادته، والتقرب إليه بطاعته بما يرضيه وتجنب مساخطه ومناهيه.
واستشهد بما قال الله تعالى: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمُ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)، منوهًا بأن من شعائر الله، يوم عرفة، وهو يوم الوفاء بالميثاق الذي أخذه الله تعالى على بني آدم.
ودلل بما ورد في مسند الإمام أحمد أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: (أخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنعمان - يعني عرفة - فأخرج مِنْ صُلْبِه كل ذرية ذرأها فنثرهم بين يديه كالذَّر ، ثم كلَّمهم قُبُلًا، قال: (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ).
في يوم عرفةوأضاف أنه في يوم عرفة ينزل ربنا جل في علاه إلى السماء الدنيا نزولًا يليق بجلاله وكبريائه وعظمته فيباهي بأهل الموقف ملائكته، وهو أكثر يوم في العام يُعتق الله فيه خَلْقًا من النار، سواء ممن وقف بعرفة منهم ومَنْ لم يقف بها من الأمصار".
ونبه إلى أن عظيم الأزمنة الفاضلة، من عظيم شعائر الله، ونحن في هذه الأيام، نعيش في خير أيام العام، التي أقسم الله بها، وفضلها على سِوَاهَا، فقال: (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرِ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ) .
وأفاد بأن عشر ذي الحجة، اجتمع فيها مِنَ العبادات ما لم يجتمع في غيرها، مشيرًا إلى أن من فضائل هذه الأيام المباركات أن فيها يوم النحر، وهو من خير أيام الدنيا، وأحبها إلى الله تعالى وأعظمها حرمةً، وفيه عبادة الأضحية، والأضحية سُنَّة مؤكدة، لا ينبغي تركها لمن قَدَرَ عليها.
من أراد أن يضحيوأشار إلى أنه ينبغي لمن أراد أن يضحي إذا دخلت عشر ذي الحجة أن يُمسك عن شعره وأظفاره وبشرته، حتى يذبح أضحيته ؛ لما روى مسلم في صحيحه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليُمْسِكُ عن شَعْرِه وأظفاره).
وأوصى قائلاً: فامتثلوا أمر ربكم، وقفوا على مشاعركم، وأتموا نسككم، واقتدوا برسولكم- صلى الله عليه وسلم-، وابتهلوا إلى ربكم رحمته، تفوزوا برضوانه وجنته، مؤكدًا أن المملكة، بذلت كل وسعها، وسخرت أمنها وأجهزتها، وهيأت كل أسباب التسهيل والراحة والأمن والسلامة.
وتابع: وذلك عبر أنظمتها التي تهدف إلى سلامة الحجيج وأمنهم، وتيسير أداء مناسكهم، تحت سلطة شرعية في حفظ النفس والمال، لذا فإن الحج بلا تصريح هو إخلال بالنظام وأذية للمسلمين، مقابل حقوق الآخرين، وجناية لترتيبات وضعت بدقة متناهية.
وأردف: فحري بمن قصد المشاعر المقدسة، تعظيم هذه الشعيرة العظيمة، واستشعار هيبة المشاعر المقدسة بتوحيد الله وطاعته والتحلي بالرفق والسكينة والتزام الأنظمة والتعليمات، وبعد عن الفسوق والجدال والخصام، ومراعات المقاصد الشرعية، التي جُعِلَتْ من السلامة، والمصلحة العامة، حفظ الله حجاج بيته الحرام، وتقبل حجاجهم وسائر أعمالهم ووردهم إلى أهلهم سالمين وبالمثوبة غانمين.