تايوان تنفي التنسيق مع إسرائيل قبل انفجارات "البيجر" في لبنان
تاريخ النشر: 19th, September 2024 GMT
قال وزير الدفاع التايواني إن فريق الأمن الوطني في البلاد "يولي اهتماماً كبيراً" لتفجير آلاف من أجهزة الاتصال اللاسلكية "بيجر"، الذي استهدف عناصر حزب الله في لبنان، وذلك بعد ربط اسم شركة تايوانية بإنتاج تلك الأجهزة.
وقالت شركة غولد أبوللو، ومقرها في تايوان، إنها لم تصنع الأجهزة المستخدمة في الهجوم، بل صنعتها شركة مقرها بودابست لديها ترخيص لاستخدام علامتها التجارية.
وقال وزير الدفاع التايواني ولنغتون كو للصحافيين في تايبه إن الحكومة تراقب التطورات عن كثب.
وأضاف كو، دون الخوض في التفاصيل، "بعد ورود الخبر، علمت أن أجهزة الأمن الوطني المعنية تولي الأمر اهتماماً كبيراً في الوقت الحالي". وكان كو يتحدث أمس الأربعاء في تصريحات كان من المحظور نشرها قبل اليوم الخميس.
وعندما سئل كو عما إذا كانت إسرائيل قد أبلغت تايوان مسبقاً بشأن الانفجارات، أو ما إذا كان هناك تبادل أمني أو استخباراتي بين الجانبين، قال إن تايبه ليس لديها هذا النوع من العلاقات مع إسرائيل.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع سون لي-فانغ، الذي كان يجلس بجانب كو، إن المعلومات المعلنة من الشركة هي أنها لم تصنع أجهزة الاتصال.
وأضاف أنه عندما يتعلق الأمر بالتعاون الدولي، فإن تايبه تريد نوعا من التعاون يساعد في الحفاظ على الاستقرار في مضيق تايوان، و"ليس النوع الذي ينطوي على أي أعمال استفزازية محتملة خارج المنطقة".
وأكدت لي هوي-تشيه المتحدثة باسم مجلس الوزراء التايواني أن أجهزة البيجر التي تم تصديرها من الجزيرة "لا تواجه مشكلة التعرض للانفجار".
وأضافت لي أن وحدات الأمن الوطني تراقب الشائعات على الإنترنت التي يشتبه في أن مصدرها من الخارج والتي تسعى إلى ربط حكومة تايوان "بشكل خبيث" بالقضية. وتابعت "ليس هذا هو الحال. أذكر الناس بالانتباه إلى المعلومات المزيفة على الإنترنت".
Taiwan's national security team is "paying great attention" to the detonation of thousands of pagers targeting Hezbollah in Lebanon after a Taiwanese firm was linked to the pagers' production.https://t.co/FLn3rY0ZSX
— The Jerusalem Post (@Jerusalem_Post) September 19, 2024وتعهد حزب الله المدعومة من إيران بالثأر من إسرائيل التي لم تعلن مسؤوليتها عن التفجيرات التي وقعت يوم الثلاثاء الماضي، وأسفرت عن مقتل 12 شخصاً فضلاً عن إصابة ما يقرب من ثلاثة آلاف شخص. ويتبادل حزب الله وإسرائيل إطلاق النار عبر الحدود منذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ولا تقيم إسرائيل، مثل معظم البلدان، علاقات دبلوماسية رسمية مع تايوان التي تعتبرها الصين إقليماً تابعاً لها. لكن الجانبين يحتفظان بسفارتين بحكم الأمر الواقع، ويتمتعان بعلاقات وثيقة، وإن كانت غير رسمية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية البيجر حزب الله تايوان تفجيرات البيجر في لبنان تايوان حزب الله
إقرأ أيضاً:
محمد حميد الله.. العلّامة المنسي الذي أعاد السيرة النبوية إلى قلب الإنسان والعالَم
تعرّفتُ على محمد حميد الله (1908م ـ 2002م) بالواسطة؛ يوم وجدتُ كاتبا يحيل على كتابه "مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة"، تعرّفت على اسمه واسم كتابه دون أن أدرك مقامه العلمي والمعرفي، وأنّى لي هذا؛ فقد كان ذلك في البدايات الأولى لـ"وعيي" وعمري قد بلغ توّا الخامسة عشر ربيعا، أي عام 1990م، والسّبب الذي أشعل هذا الوعي ـ استطرادا ـ شأن العديد من مجايلي، هو حرب الخليج؛ فقد طوت بنا تلك الأحداثُ المأساويةُ المراحلَ والمسافات، فكان تكويننا ـ حينها ـ يتّبع أسلوب القفزات وليس التراكم، وهو الأسلوب الذي يحمل في طيّاته إيجابيات وسلبيات؛ فقد فُرضَ علينا أن لا ننضبط للمقولة البيداغوجية التي تصرّ أن التّعلّم الحقيقي العميق يبدأ بـ"صغير العلم قبل كبيره". يومها لم يهنأ لي بال حتى حصلت على نسختي من الكتاب؛ فقد وجدته باليا مغبّرا عند أحد باعة الكتب المستعملة. واستطرادا أيضا؛ فإنّ تجاربي مع الكتب المفقودة كثيرة؛ فما إن أنشغل بأحدها حتى أجدها ـ مهما مرّت الأيام ـ "تُباع على الأرض" وبأبخس الأثمان؛ هل هذا هو ما يسمى بـ"قانون الجذب"؟!
فيما بعد سأعرف أن الرّجل علّامة حقيقي، وتكوينه متين وأصيل، يزاوج في أصوله ومصادره المعرفية بين التقليدي والعصري، وهذا التّأسيس واحد من أكثر ما يمنح العالِم تميّزه وقوّته: دكتوراه في الفلسفة ـ بالمعنى المتين للدكتوراه وللفلسفة ـ وأخرى في السيرة النبوية من جامعتين غربيتين، وإتقان للكثير من اللغات، تجاوزت العشر، بشكل مدهش، وإكثار في التّأليف دون أن يمسّ هذا الإكثار عنصر الأصالة، وتخصّص لا يمكن لصاحبه أن يُبدع فيه ما لم يكن موسوعيّا. هو أحد أعلام الفكر الإسلامي والدّعوة في العصر الحديث، مشارك في عدد من المجالات المعرفية. يعتبر المختصّون ترجمتَه لمعاني القرآن الأحسن والأفضل من بين كل "المغامرات" المشابهة الأخرى.
عاش أغلب حياته في فرنسا. احتفظ بحبّ كبير جدا لبلدته "إمارة حيدر أباد" التي كان يودّ أن يراها مستقلّة عن الهند، وحينما فشل "مشروع الدّولة" غادر الهند ولم يعد إليها أبدا. ورغم أن فرنسا عرضت عليه أكثر من مرّة جنسيتها إلا أنه رفض التّخلي عن هويّته الحيدرأبادية إلى أن توفّي في بيت حفيدة أخيه في أمريكا، وكانت هي مَن ألحت عليه في الذّهاب معها إلى هناك بعد أن أتعبه العمر.
اليوم اقتنيتُ ترجمةَ كتابه "نبيّ الإسلام؛ سيرتُه وآثاره" الذي صدر لأوّل مرة بالفرنسية منذ حوالي ستّين سنة، أي منذ نهاية الخمسينات من القرن الماضي، بترجمة الأكاديمي المغربي عبد الواحد العلمي، عن منتدى العلاقات العربية والدّولية. ولا أدري مَن سنُحمّل مسؤولية ما أعتبره خسارة كبيرة للكتاب؛ هل للمترجم أم للنّاشر؛ ذلك أن الكتاب بهذه القيمة وهذه الفخامة وهذا العمق وهذا الحجم يصدر دون فهارس ودون بيوغرافيا تفصيلية. ومهما كانت الجهة التي فرّطت في هذا الأمر المهمّ، فإنّها اقترفت عظيما! وليس أمامها سوى المسارعة لإعداده قبل الطبعة الثانية.
عاش أغلب حياته في فرنسا،. احتفظ بحبّ كبير جدا لبلدته "إمارة حيدر أباد" التي كان يودّ أن يراها مستقلّة عن الهند، وحينما فشل "مشروع الدّولة" غادر الهند ولم يعد إليها أبدا. ورغم أن فرنسا عرضت عليه أكثر من مرّة جنسيتها إلا أنه رفض التّخلي عن هويّته الحيدرأبادية إلى أن توفّي في بيت حفيدة أخيه في أمريكا، وكانت هي مَن ألحت عليه في الذّهاب معها إلى هناك بعد أن أتعبه العمر.يقع الكتاب في أكثر من ثمانمئة صفحة، وقد اكتفى المترجم بثلاث صفحات يتيمة تقديما بين يدي الكتاب، ولا أدري ما الذي جعله "يضنّ" على قُرّائه بالكشف عن كثير من الأمور المعرفية والمنهجية والموضوعاتية التي وقف عندها، سواء تلك المتعلّقة بالكاتب أو الكتاب أو ظروف إنشائه وسبب نشره. ولا يُتعلّل بأنّ ذلك كان سيزيد من عدد صفحاته، لأنّ عشر صفحات إضافية يقينا لن تحدث كثير فرق، خاصّة وأنّ غالبية المهتمين من جيلنا لا يكاد يعرف عن الرّجل سوى القليل.
ينقسم الكتاب، بعد مقدّمة وافية أجاب فيها عن سؤال: لماذا دراسة حياة نبيّ الإسلام؟ وخاتمة تحت عنوان: الدّفن ومشكلة الخلافة، إلى أربعة فصول، وقد جاءت تحت العناوين العامّة التالية: البداية، والرسالة، والحياة السياسية ـ الدّينية، والآثار.
أنشئ الكتاب قريبا من أسلوب الشّذرات المرقّمة، وقد كان المقصود منه ـ بالدّرجة الأولى ـ القارئ غير المسلم، ولكنّ هذا الأمر لم يجعل حميد الله يفرّط فيما سيعتبره ذلك القارئ ـ الذي فقد الإحساس بـ"سحر العالم" ـ "قضايا غير عقلانية"، بل و"منهجية غير عقلانية"، وأقصد هنا بالدّرجة الأولى مسألة المعجزات. الجميل أنّه قدّمها بأسلوب بارع، بعيد عن "الخرافية"، وتعامل معها باعتبارها مسألة عادية جدّا في حياة الأنبياء والرّسل و"منهج اشتغالهم".
وربّما الملاحظة "السّلبية" الوحيدة على بعض تفسيرات الكتاب وتأويلاته ـ وهي متفهمة ـ هي متعلّقة أساسا بالسياق المعرفي والاجتماعي الذي كُتب فيه، وقد أشار إليها المترجم في تقديمه، ولكن دون أن يقدّم أيّ أمثلة لأنّ القارئ قادر لوحده على اكتشافها دون عناء كبير؛ حيث أكّد على "أنّ مياها كثيرة جرت منذئذ، وتغيّرت بوصلة الذّهنيات وهواجس الباحثين وآفاق انتظارهم، فربّ مسوّغات للأحداث وتفسيرات لها أصبحت غير مستساغة عند كثير من النّاس باحثين وغيرهم".
لم يتدخّل المترجم أثناء ترجمته للمتن، وكان لزاما عليه أن يفعل ذلك في بعض المواضع، خاصة حين لحظة إحساسه بأنّه بصدد تقديم معلومة أو تحليل لقارئ مسلم عربي. أمّا ملاحظتي الثالثة على عمل المترجم، وهي في اتّجاهين؛ فإنّه كان عليه في تقديمه أن يخصصّ كلاما عميقا، وربما طويلا، للحديث عن مصادر الكتاب ويدرسها، ثمّ كان عليه أن يقوم بتخريج الأحاديث في الهامش.
وأخيرا؛ الكتاب ـ كما عبّر الأستاذ المترجم: "ماتع قيّم عظيم القدر والإفادة، ولا نغالي إن قلنا عنّه إنّه لحقيق به أن يُعدّ من أفضل ما كتب في عصرنا عن سيرة سيّد المرسلين صلوات الله عليه"، ومن جهتي لا يقترب منه سوى كتاب الأستاذ وضّاح خنفر الموسوم بـ"الربيع الأوّل".