بقلم إبراهيم راضي الصبح

مع التقدم السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي وتبنيها بشكل متزايد في مجال الإعلام، أصبح من الضروري التطرق إلى الجوانب الأخلاقية المتعلقة باستخدام هذه التكنولوجيا، وبينما يوفر الذكاء الاصطناعي فرصاً غير مسبوقة للابتكار في إنتاج المحتوى الإعلامي وتقديمه، فإنه يثير أيضاً تساؤلات مهمة حول المسؤولية والشفافية، وكيف يمكننا الموازنة بين فوائد الذكاء الاصطناعي في الإعلام والالتزام بالأخلاقيات الصحفية؟

من خلال تطبيقات الذكاء الاصطناعي، تمكنت المؤسسات الإعلامية من تحسين كفاءتها وتقديم تجارب جديدة للمستخدمين، فعلى سبيل المثال، تستخدم تقنيات تعلم الآلة لتحليل كميات ضخمة من البيانات لتقديم أخبار مخصصة تلائم اهتمامات كل فرد، بالإضافة إلى ذلك، تُستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي لتحليل المشاعر على وسائل التواصل الاجتماعي، وتقديم رؤى حول كيفية تفاعل الجمهور مع المحتوى.

علاوة على ذلك، ظهرت تقنية “الروبوت الصحفي” التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لإنتاج أخبار بشكل آلي، خاصة في المجالات التي تتطلب معالجة كمية هائلة من البيانات مثل الأخبار المالية والرياضية، وجميع هذه التطورات تتيح للإعلاميين التركيز على العمل الاستقصائي والإبداعي، بينما يتولى الذكاء الاصطناعي الجوانب الروتينية.

مقالات ذات صلة حول ما حدث في لبنان: ثلاث نقاط / فاخر الدعاس 2024/09/19

ورغم الفوائد العديدة، إلا أن استخدام الذكاء الاصطناعي في الإعلام يطرح تحديات أخلاقية يجب مراعاتها:

أولها الشفافية والمصداقية، إذ يعتمد الجمهور على وسائل الإعلام للحصول على معلومات دقيقة وموثوقة، وعندما تُستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي في إنتاج الأخبار، يصبح من الضروري توضيح كيفية عمل هذه الخوارزميات ومدى تأثيرها على اختيار وتقديم الأخبار، والشفافية في هذا السياق تعني إعلام الجمهور بأن الذكاء الاصطناعي قد استخدم في إعداد المحتوى.

ثانياً، التحيز في الخوارزميات، إذ تُصمم خوارزميات الذكاء الاصطناعي بناءً على البيانات التي تُدرَّب عليها، فإذا كانت هذه البيانات غير متوازنة أو متحيزة، فقد يؤدي ذلك إلى نتائج غير موضوعية أو متحيزة، على سبيل المثال، يمكن لخوارزمية توصية الأخبار أن تعزز التحيز التأكيدي من خلال عرض محتوى يوافق اهتمامات المستخدم دون تقديم وجهات نظر مختلفة.

ثالثاً، الخصوصية، حيث تعتمد العديد من تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الإعلام على جمع وتحليل بيانات المستخدمين. لذلك، يتعين على المؤسسات الإعلامية ضمان حماية خصوصية الجمهور والالتزام بالقوانين المتعلقة بحماية البيانات.

ورابعاً، تأتي المساءلة، وذلك عندما يرتكب الذكاء الاصطناعي خطأً في تقديم الأخبار أو يسبب نشر معلومات مضللة، يُطرح سؤال حول من يتحمل المسؤولية، هنا يجب تحديد من هو المسؤول عن القرارات التي تتخذها الأنظمة الذكية.

ولتحقيق التوازن بين الابتكار والمسؤولية في استخدام الذكاء الاصطناعي في الإعلام، يجب اتباع نهج متكامل يجمع بين التقنيات المتقدمة والأخلاقيات الصحفية:

أولها تعزيز الشفافية، فعلى المؤسسات الإعلامية أن تكون واضحة بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي في إنتاج المحتوى. يمكن ذلك من خلال الإفصاح عن دور الخوارزميات في تقديم الأخبار وتوضيح آلية عملها للجمهور.

ثانياً، ضمان جودة البيانات، وذلك لتقليل التحيز في الخوارزميات، إذ يجب التأكد من أن البيانات المستخدمة في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي شاملة ومتنوعة، ويجب أن تعكس البيانات مختلف وجهات النظر والمعلومات.

ثالثاً، تعزيز حماية الخصوصية، إذ يجب أن تلتزم المؤسسات الإعلامية بأفضل الممارسات في حماية بيانات المستخدمين. يجب جمع البيانات بطرق أخلاقية وشفافة، وضمان عدم استخدامها لأغراض غير مشروعة أو غير معلنة.

ورابعاً، تطوير سياسات المساءلة، ووضع سياسات واضحة تحدد من يتحمل المسؤولية عند حدوث أخطاء ناجمة عن استخدام الذكاء الاصطناعي، ليكون هناك نظام للرقابة والمراجعة الدورية للخوارزميات لضمان دقتها ونزاهتها.

وحيث يمثل الذكاء الاصطناعي فرصة مهمة لتعزيز الابتكار في مجال الإعلام، ولكنه يأتي مع تحديات أخلاقية تتطلب معالجة واعية ومسؤولة، ومن خلال تبني نهج يعتمد على الشفافية، والجودة، وحماية الخصوصية، والمساءلة، يمكن للإعلاميين الاستفادة من إمكانيات الذكاء الاصطناعي مع الحفاظ على القيم الأخلاقية التي تُشكل جوهر العمل الإعلامي.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی فی الإعلام استخدام الذکاء الاصطناعی المؤسسات الإعلامیة من خلال التی ت

إقرأ أيضاً:

وضع الذكاء الاصطناعي يصل إلى الشاشة الرئيسية في هواتف أندرويد

تشهد خدمة بحث Google تحولًا جذريًا في الفترة الأخيرة، والمحرك الرئيسي لهذا التغيير ليس سوى الذكاء الاصطناعي. 

فعملاق البحث يعمل على دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في كل جوانب تجربة المستخدم، بدءًا من كيفية عرض النتائج ووصولًا إلى طريقة التفاعل معها. 

والآن، تأتي خطوة جديدة لتعزيز هذه التجربة، إضافة اختصار مباشر لوضع الذكاء الاصطناعي على الشاشة الرئيسية لهواتف أندرويد.

اختصار جديد لبدء البحث الذكي بضغطة واحدة

أطلقت Google اختصارًا دائري الشكل يظهر ضمن أداة البحث (Search Widget) على الشاشة الرئيسية، إلى جانب أيقونتي الميكروفون وGoogle Lens، ويتيح هذا الاختصار فتح واجهة بحث بملء الشاشة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، في تجربة أقرب لما يشبه الدردشة التفاعلية الذكية.

ظهر هذا الاختصار لأول مرة في أبريل لبعض مستخدمي النسخة التجريبية، ثم اختفى لفترة، قبل أن يعود مجددًا ويبدو أنه سيبقى رسميًا هذه المرة.

 ويمكن تفعيله بسهولة من خلال الضغط المطول على أداة البحث، ثم اختيار "تخصيص" ومن ثم التوجه إلى قسم "الاختصارات" لتفعيل "AI Mode" الذي أصبح الخيار الثاني في القائمة.

Google تعزز أمان هواتف Android عبر ساعات Wear OS الذكية6 منتجات جديدة من جوجل.. كل ما تحتاج معرفته عن حدث Made by Google 2025؟Realme 15 يظهر في Google Play Console ويكشف عن مزيد من المواصفاتببطاريةوشاشة أكبر .. إليك أهم مواصفات ساعة Google Pixel Watch 4إزالة شعار «G» واستبداله بعلامة «Google» الكاملة في تطبيق Google MessagesComet .. متصفح جديد من Perplexity لمنافسة Google Chrome بذكاء اصطناعي تنفيذيساعة Pixel Watch 4 من Google: قفزة نوعية في مراقبة الصحة وتقنيات السلامةجوجل تحدث تصميم Google Lens وتزيل زر الواجب المنزلي لصالح Gemini AIOpenAI تستعد لمنافسة Google Chrome بإعادة تعريف تجربة البحث على الإنترنتGoogle Messages قد يحصل قريبًا على تصميم Material 3 الجديدمتاح للمستخدمين بنسخة Google App 16.28

الاختصار متوفر الآن لمستخدمي النسخة التجريبية والمستقرة من تطبيق Google (الإصدار 16.28) على نظام أندرويد. ويعتبر هذا الاختصار أسرع وسيلة للوصول إلى وضع الذكاء الاصطناعي، خاصة لمستخدمي الهواتف غير التابعة لعائلة Pixel.

لكن يجدر بالذكر أنه إذا لم يكن المستخدم مشتركًا في برنامج "Search Labs"، فقد تبدو الواجهة كما كانت سابقًا. ففي هذه الحالة، سيظهر الاختصار على شكل شريط صغير أسفل شريط البحث، ولن يتمتع بتصميم واجهة المستخدم الجديدة المتكامل مع خلاصة Discover أو ميزة "Search Live".

مزايا جديدة ضمن تجربة البحث الذكي

يتوسع استخدام الذكاء الاصطناعي في بحث Google بشكل ملحوظ. فقد تم إطلاق ميزة AI Overview، التي تتيح تعميق نتائج البحث باستخدام ثلاثة أزرار تكميلية تفاعلية. 

كما أصبح بإمكان Google إجراء مكالمات هاتفية نيابة عن المستخدم للأنشطة التجارية، بالإضافة إلى التعامل مع مهام بحثية معقدة.

إلى جانب ذلك، يجري حاليًا طرح ميزة Search Live، التي تسمح للمستخدم بالتحدث بطريقة طبيعية والحصول على إجابات فورية.

 كما أن وضع الذكاء الاصطناعي AI Mode يتم توسيعه ليشمل خاصية "الدائرة للبحث  Circle to Search"، مع دعم أفضل للألعاب وتحسينات في العرض البصري.

تطور مستمر... ولكن ليس دون تحفظات

رغم أن هذه التحديثات تسعى لتوفير الوقت وتحسين كفاءة البحث، إلا أن هناك بعض المخاوف.

 إذ يرى البعض أن الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي في تقديم نتائج "متوقعة" قد يُضعف روح الاستكشاف، ويقلل من فرص العثور على محتوى جديد لم يكن المستخدم يبحث عنه أساسًا.

هكذا تدخل Google عصرًا جديدًا من البحث الذكي، لكن يبقى السؤال مطروحًا: هل ستجعلنا هذه الأدوات أكثر ذكاءً أم فقط أكثر كفاءة؟ الإجابة لا تزال غير محسومة.

طباعة شارك الذكاء الاصطناعي Google تقنيات الذكاء الاصطناعي

مقالات مشابهة

  • السباق الاستخباراتي على الذكاء الاصطناعي
  • معضلة الذكاء الاصطناعي والمؤلف العلمي
  • استمراراً لسلسلة الدورات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي… التنمية الإدارية تواصل تطوير الكوادر الحكومية في تحليل البيانات
  • خبراء يكشفون خطر الذكاء الاصطناعي على الدماغ
  • بي بي سي تختار مديرة تنفيذية من ميتا لإدارة الذكاء الاصطناعي
  • صيف الشارقة الرياضي يكرّم أبطال «الابتكار والذكاء الاصطناعي»
  • أخلاقيات الإبداع: مستقبل العلاقة الجدلية بين الذكاء الاصطناعي والملكية الفكرية
  • وضع الذكاء الاصطناعي يصل إلى الشاشة الرئيسية في هواتف أندرويد
  • حوارٌ مثيرٌ مع الذكاء الاصطناعي
  • هل تنفجر معدلات النمو الاقتصادي في زمن الذكاء الاصطناعي؟