«المزارع البحثية».. هنا قطعان ماشية «الخليطة والمحسّنة وراثياً»
تاريخ النشر: 2nd, October 2024 GMT
رحلة إنتاج «كوب اللبن» لا تقتصر فقط على الفلاحين وأصحاب مزارع الأبقار ومراكز التجميع والتبريد، وإنما تمتد أيضاً إلى «المراكز البحثية» التى تقوم على التحسين الوراثى للماشية المنتجة للبن لضمان زيادة كمية وجودة إنتاجيتها بجانب تأقلمها مع الظروف الجوية المصرية، وللتعرّف على الدور المهم الذى تقوم به هذه المراكز، قطعت «الوطن» نحو 150 كيلومتراً، وصولاً إلى المحطات البحثية التابعة لـ«معهد بحوث الإنتاج الحيواني» بمحافظة كفر الشيخ، التى يتم إنتاج ألبان المعهد منها، وتحديداً محطة المعهد بـ«القرضا».
فى جولة بين حظائر الماشية بالمحطة التى كانت سابقاً جزءاً من «الخاصة الملكية»، أخذ د. عبدالعزيز صقر، مدير المحطة، يستعرض قطعان أبقار المعهد عالية الإنتاجية من اللبن، ومنها «الفريزيان»، التى سبق واستقدمها المعهد إلى مصر في خمسينات القرن العشرين، والتي تأقلمت مع جو مصر، عبر سنين من انتخاب من لديه القدرة منها على التأقلم مع جوها، جنباً إلى جنب مع الاحتفاظ بميزة الإنتاج المرتفع من اللبن، لافتاً إلى أن متوسط إنتاجية البقرة «الفريزيان» 20 كيلو لبن يومياً.
حرص مدير المحطة البحثية كذلك، خلال جولته، على الإشارة إلى أبقار «الهولشتاين» التى تُنتج ما يصل إلى 35 كيلو لبن يومياً فى المتوسط، وغير بعيد عنها كانت بقرتان مميزتان من نوع «براون سويسرى» متوسط إنتاج البقرة الواحدة من هذا النوع 30 كيلو لبن يومياً، لافتاً إلى أن هذا النوع بدأ يتأقلم أيضاً مع جو مصر.
علف من المخلفات الزراعيةغير بعيد كانت «بالات قش الأرز» المضغوط مكدّسة تحت مظلات «استعداداً لاستخدامها بتقنيات ونسب معينة فى تغذية الحيوانات»، حسبما أشار د. محمد السيد، المشرف على التغذية فى المحطة، قائلاً: «الحيوانات المجترة مثل الأبقار والجاموس والأغنام والماعز، خلق الله لها معدة مركبة تتيح لها استغلال المخلفات الزراعية ومخلفات مصانع الأغذية».
ويضيف د. السيد: «نستخدم كل المخلفات الزراعية، مثل قش الأرز وعروش البطاطس والبطاطا والجزر والبنجر والفول السودانى، التى تكون ذات قيمة غذائية عالية، وطبعاً نستخدمها بمقنّنات مدروسة، وقبل استخدامها لا بد أن نُعاملها معاملات معينة، مثل التجفيف، أو بعض المعاملات البيولوجية أو الكيميائية الأخرى».
تتعاظم أهمية استخدام المخلفات الزراعية فى تغذية الحيوانات، بالنظر إلى أنها تسهم ولو جزئياً فى حل مشكلة ارتفاع أسعار الأعلاف وما تمثله من عقبة أمام زيادة عدد رؤوس الأبقار وتعظيم إنتاجيتها من الألبان. يضرب المشرف على التغذية بمحطة «القرضا» مثلاً على ذلك بسيلاج الذرة المكون أساساً من عيدان وكيزان الذرة بعد فرمها، مشيراً إلى أن الـ3 كيلو سيلاج ذرة بالكيزان البالغ سعرها 7.5 جنيه، تعادل كيلو علف مركز سعره 18 جنيهاً.
ولمعهد بحوث الإنتاج الحيوانى تجارب قديمة رائدة فى استخدام المخلفات الزراعية كأعلاف للحيوانات، حيث كان المعهد أول من استعمل «سيلاج الذرة» كعلف، وحاول إقناع الفلاحين باستخدامه وتشجيعهم على ذلك، حتى أصبح «سيلاج الذرة» علفاً شائع الاستخدام بل ولا غنى عنه الآن، حسبما يضيف الدكتور محمد السيد، وهو ما يحدث الآن مع أنواع المخلفات الأخرى، مثل قش الأرز وعروش النباتات الخضرية، التى بعد أن كان الفلاحون يتركونها فى الغيطان لتختبئ فيها الفئران أو تشتعل فيها الحرائق وتلوث البيئة، أصبح الفلاحون يدركون قيمتها و«دلوقتى بيتخانقوا عليها».
وحسبما يشير د. السيد فإن «المعهد يحاول نشر الأفكار الحديثة، ومن بينها ما يتعلق باستغلال المخلفات الزراعية كأعلاف أو ما يُعرف بالأعلاف البديلة، وغيرها، من خلال دورات تدريبية للمربين وأصحاب المزارع الصغار والكبار، وشباب الخريجين من كل التخصّصات»، وهى الأفكار التى يبدو أنها بحاجة إلى مزيد من الانتشار بين صغار الفلاحين الذين يجاهدون لتوفير الأعلاف لمواشيهم.
«الماعز الدمشقى»فى نهاية عنبر آخر طويل مُخصّص للأغنام والماعز، كان «الماعز الدمشقى» يقف بهيئته الوديعة، فيما كان د. أحمد يوسف، رئيس فرع الأغنام والماعز بمحطة بحوث القرضا، يتحدّث عن الطاقات الإنتاجية الكبيرة لهذه الكائنات الصغيرة، لافتاً إلى أن الماعز الدمشقى تعطى 2 كيلو لبن يومياً كحد أدنى على مدار موسم الحليب الخاص بها والذى يمتد إلى 5 أشهر بإجمالى 300 كيلو، كما أن بعض أفراد الماعز الدمشقى تنتج ما يصل إلى 500 كيلو فى لبن الموسم.
تتميز الماعز مقارنة بالأبقار على سبيل المثال، حسبما يشرح د. أحمد يوسف، بأنها تساوى خُمس بقرة من حيث كمية ما تأكله من أعلاف، أما من حيث «الكيف» فهى تأكل أعلافاً قيمتها الغذائية أقل تشمل على سبيل المثال «قش وعروش فول سودانى»، وهى أشياء كان الفلاحون يرمونها أو يحرقونها. وفى المحصلة النهائية فإن كل خمس معزات يمكن أن تنتج لنا 2500 كيلو لبن، وهو ما قد يتفوق على بقرة فى الإنتاجية.
ويزيد على ما سبق أن لبن الماعز يُعتبر من أغلى الألبان، ويصل سعر الكيلو منه فى المزرعة إلى 50 جنيهاً، أى أكبر بـ3 أضعاف من سعر لبن الأبقار، مع ملاحظة أنه يمكن أن تُصنع منه أنواع فاخرة من الجُبن، فى مقدمتها طبعاً «الجبنة الريكفورت».
وتتميز الماعز كذلك، حسبما يضيف رئيس فرع الأغنام والماعز بمحطة بحوث القرضا، بقدرتها على مقاومة الأمراض والتأقلم مع الظروف المناخية، أكبر من الأبقار والجاموس، وتأتى بعد الإبل مباشرة من حيث قدرتها فى هذا الصدد، ولكل ذلك، ولانخفاض أسعارها مقارنة بالأبقار والجاموس، حيث يصل سعر الماعز الواحدة إلى 8 آلاف جنيه، فإنه غالباً ما يتم استخدامها، سواء من جانب الوزارة أو الجمعيات الأهلية، فى المشروعات الخيرية، لمنحها للنساء المُعيلات، ويركز المعهد الآن على إنتاج مواليد من هذه السلالة لعمل إكثار لها فى مصر.
احتياج لزيادة الدعمرغم أهمية الدور الذى تقوم به مثل هذه المحطات البحثية، فى أقلمة السلالات المستوردة عالية الإنتاجية وخلطها مع السلالات المحلية، ومحاولة نشرها، سواء من خلال التلقيح الاصطناعي أو بيع ما يزيد على حاجتهم منها، ناهيك عما تحاول القيام به من ندوات إرشادية ودورات تدريبية، إلا أنها، وحسبما أفاد بعض الباحثين والعاملين بها «تحتاج أيضاً إلى مزيد من الدعم، سواء فى شكل ميزانيات أكبر أو عمالة، لاسيما بعد خروج معظم العمالة على المعاش وعدم وجود تعيينات جديدة، واحتياج الحيوانات إلى رعاية دائمة، مع ملاحظة أن هذا الدعم سيعود بخير وعوائد مضاعفة على البلد ككل، حال نشر السلالات والتقنيات التى يتم اختبارها بهذه المحطات».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الألبان السلع الاستراتيجية المخلفات الزراعیة إلى أن
إقرأ أيضاً:
الخدمات البيطرية: تشخيص وعلاج أكتر من 37 ألف رأس ماشية
كشفت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، عن جهود الهيئة العامة للخدمات البيطرية في مجال الرعاية التناسلية للماشية والتحسين الوراثي للثروة الحيوانية خلال شهر مايو الماضي، حيث تم تشخيص وعلاج اكتر من 37 ألف رأس وتلقيح أكثر من 42 ألف من الجاموس والأبقار.
وقال الدكتور حامد الأقنص رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للخدمات البيطرية، أن ذلك يأتي تنفيذا لتوجيهات وتعليمات علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، وتحت إشراف المهندس مصطفى الصياد نائب وزير الزراعة، وفي إطار المبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان"، وحرص الوزارة، على تعزيز التنمية المستدامة للثروة الحيوانية، والاستمرار في تطوير وتطبيق أحدث الأساليب العلمية لتحسين الإنتاجية وتحقيق الأمن الغذائي.
ولفت إلى أن هذه الجهود تستهدف رفع كفاءة الثروة الحيوانية وتحسين السلالات، مما يسهم في زيادة الإنتاجية وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات الحيوانية.
وأشار "الأقنص" إلى أنه تم تشخيص الحمل لحوالي 14855 رأس من بينهم: 7533 ابقار، 3202 جاموس، و 4120 من الأغنام والماعز، كما تم أيضا علاج مسببات ضعف الخصوبة في إناث الحيوانات لحوالي 17054رأس، شملت: شيوع صامت .شيوع متكرر.التهابات رحمية، خمول المبايض، تحوصل مبايض، سوء تغذية، وغيرها، فضلا عن علاج أمراض الضرع لعدد 3020 رأس، شملت: 1896 ابقار، 1008 جاموس، و 116 من الأغنام والماعز.
وأضاف أنه تم أيضا علاج 437 حيوان من أمراض حديثي الولادة: أمراض الجهاز التنفسي والهضمي، حالات جراحية، نقص غذائي، أمراض معدية، كما تم علاج أمراض الولادة ومضاعفاتها لحوالي 2256 رأس، شملت: التهاب رحمي، حمى النفاس، احتباس المشيمة، ولادة عسرة، انقلاب رحمي ومهبلي وغيرها.
وأشار رئيس الهيئة إلى أنه تم تنفيذ التلقيح الاصطناعي، لحوالي : 42782 رأس تشمل: 35531 من الأبقار، و 7251 من الجاموس، حيث تم تقديم خدمة التلقيح الاصطناعي من خلال 1586 نقطة، منها: 766 نقطة قديمة، و596 نقطة ضمن مشروع التحسين الوراثي، فضلا عن 224 نقطة تم تشغيلها ضمن مبادرة "حياة كريمة"، لافتا إلى أن هناك أيضا 88 نقطة تحت الاستلام والتشغيل.
وأوضح "الأقنص" أنه تم شراء عدد 4 طلائق لمركز التلقيح الإصطناعي بالعباسية، من بينها: 2 طلوقة بقري هولشتين، طلوقة جاموسي ايطالي، فضلا عن طلوقة جاموسي محلي، وذلك بهدف تعزيز قدرات المركز في انتاج قصيبات سائل منوي مجمد من طلائق ذات صفات وراثية عالية، مشيرا إلى أنه تم إنتاج حوالي 47140 جرعة سائل منوي مجمد للأبقار والجاموس من مركزي العباسية وبني سويف.
وتابع رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية انه تم توزيع حوالي 57787 جرعة من مركزي العباسية وبني سويف على نقاط التلقيح لتعزيز القدرات الإنتاجية، كذلك تم استلام وفحص عدد 7700 قصيبة من السائل المنوي المجمد المستورد من خلال رسالة واحدة، شملت: 500 قصيبة للأبقار، و 7200قصيبة للجاموس.