سلط مقال لصحفي فلسطيني من قطاع غزة، الضوء على تجربة النزوح في غزة بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وما تحمله من معاناة وآلام لا تختلف عما عاشه الفلسطينيون في ظل الاحتلال منذ عقود.

وأشار المقال الذي نشره موقع "موندويس" وترجمته "عربي21"، إلى أن الفلسطينيين في غزة أمضوا سنوات وهم يبتكرون طرقا جديدة للبقاء على قيد الحياة في ظل حصار إسرائيلي استمر جيلا كاملا تقريبا، ولطالما كان هناك شعور بأنه بعد سنوات طويلة من التضحية والنضال المتواصل لنيل الحرية، سيكون هناك ضوء في نهاية النفق.



ولكن بعد مرور 76 سنة على النكبة الأولى التي عاشها الفلسطينيون، وتدمير عشرات المدن والقرى سنة 1948، يعيش سكان غزة المصير ذاته، بل يشهدون مجازر أكثر دموية من التي شهدها أجدادهم، وسيظل هناك دائمًا من يعيش نكبة جديدة طالما بقي الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.

يقول طارق حجاج، كاتب المقال، إنه وُلد في حي الشجاعية في شرق مدينة غزة، وعاش والده في غزة وهدفه مثل كل الآباء تأمين مستقبل أبنائه، لكنه توفي تاركا عائلته خلفه.


الكاتب هو الأصغر بين إخوته؛ وقد أسّس أسرته الخاصة، ورُزق بطفل ملأ دنياه فرحا، وكان ينظر بأمل للمستقبل، ويعيش في منزل محاط بأشجار الزيتون والليمون، مع إخوته وعائلاتهم الذين يعيشون بالجوار.

لكن منزله تحوّل إلى "حقيبة يحملها على ظهره" بعد أن دمر الجيش الإسرائيلي الحي الذي ولد ونشأ فيه، ومحى المدينة التي حفظ شوارعها وأشجارها. وبعد أن نجا من كل الحروب التي عاشها في غزة، فإنه لم ينجُ من هذه الحرب، وأدرك أن الحقيبة التي يحمل فيها أغراضه، أصبحت تمثل كل ما يمتلكه في وطنه.

النزوح ثم النفي
يروي الكاتب، أنه لم يستطع المخاطرة بالبقاء في غزة هو وعائلته التي تضم طفله الذي يبلغ من العمر سنة واحدة وزوجته وأمه المسنة، وفي كل مرة يأمر الجيش الإسرائيلي بإخلاء هذا المكان أو ذاك، كانوا ينفذون الأوامر على الفور، ومرت شهور وهم يتنقلون تحت النيران.

في الأسبوع الأول من الحرب، تنقلوا في أنحاء مختلفة من مدينة غزة، وبسبب انقطاع الكهرباء والإنترنت، كان يذهب كل يوم إلى مقهى بجوار مستشفى الشفاء للعمل والعودة إلى المنزل، لكنه عندما كنت يعود إلى المنزل، كان يجد الطريق الذي سلكه في الصباح قد تغير بسبب القصف العنيف.

لم يستطع العودة إلى منزله سوى مرة واحدة لجلب بعض الملابس والأغراض، وعندما وصل إلى المنزل سقطت عدة قذائف بالقرب منه وامتلأ بالدخان، فغادره دون أن يغلق الأبواب، وظلّت الأبواب مفتوحة حتى قصفه الجيش الإسرائيلي وسوّاه بالأرض.

وعندما صدر الإنذار الأول لإخلاء مدينة غزة، نزح الكاتب مع عائلته إلى خانيونس في جنوب قطاع غزة، وأمضوا أكثر من شهرين في المدينة، إلى أن صدر أمر بإخلاء خان يونس أيضًا، فنزحوا مرة أخرى نحو رفح، وفي نهاية المطاف، تمكن من مغادرة قطاع غزة.

اختبر الكاتب التهجير الداخلي والنفي القسري إلى الخارج، لكنه يقول إن النزوح داخل وطنه أهون بكثير من المغادرة، رغم القصف المستمر والمجازر والجوع وغياب مقومات الحياة الأساسية.

الصحافة زمن الحرب
يضيف الكاتب أن معنى أن تكون صحفيا في فلسطين يشبه العمل وفوهة البندقية موجهة دائمًا نحو رأسك، لكنه برغم الإبادة الجماعية التي عايشها لمدة ستة أشهر في القطاع بعد طوفان الأقصى، وتعمد إسرائيل استهداف الصحفيين، اختار مواصلة عمله معتبرا أن حياته ليست أغلى عنده من الحقيقة، وبقي هاجسه الأكبر ألا يعود يوما ما لمعانقة طفله الذي ينتظر عودته عند الباب.


كان الخروج في تغطية صحفية أشبه بالخروج إلى المجهول؛ حيث يجب عليه أن يختبئ ليتجنب رصد الطائرات الإسرائيلية المسيرة التي تطلق النار عشوائيا على المدنيين؛ كما حدث مع الصحفي إسماعيل الغول الذي فُصل رأسه عن جسده بصاروخ إسرائيلي.

الطريق إلى الشتات
أشار الكاتب، إلى أنه يتفهم الآن الأسباب التي دفعت آلاف الفلسطينيين إلى الفرار من أرضهم سنة 1948؛ فقد ترك وطنه لإنقاذ حياة عائلته. بعد أن شاهد أمه تعاني من الحرب يومًا بعد يوم، ثم توفيت في النهاية بسبب نقص العلاج، وبعد أن بحث في الأسواق لأيام عن حليب لطفله، اتخذ أصعب قرار في حياته.

وحتى عندما قرر مغادرة غزة، لم يكن الخروج من سهلاً أو ميسور التكلفة؛ حيث كان على الفلسطينيين دفع مبالغ طائلة من المال للمرور عبر معبر رفح الذي تديره حماس في غزة والسلطات المصرية من الجانب الآخر، وبمساعدة الأصدقاء تمكن من جمع المبلغ المطلوب للمغادرة.

يضيف الكاتب "في الشتات، لا يمكنك امتلاك أي شيء، لا منزل ولا أرض، ولا صورة تعلقها على الجدار، ولا يوجد بحر كبحر غزة".

هل يمكن لوم المقاومة؟
يتساءل الكاتب، إذا ما كان من المنطقي لوم المقاومة الفلسطينية على هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، -وهو ما تفعله العديد من وسائل الإعلام العالمية التي ترى أن المقاومة هي السبب في الإبادة الجماعية-، متناسين تمامًا تاريخ إسرائيل الطويل في القتل والتهجير منذ سنة 1948، في تحدٍ لكل القوانين والأعراف الدولية، وهي القوانين ذاتها التي تبيح لأي شعب يتعرض للاحتلال أن يمارس كافة أشكال المقاومة لتحرير أرضه.

وهي -حسب قوله- المؤسسات الإعلامية والدول ذاتها التي تقدم مساعدات غير مشروطة لأوكرانيا ولا تنكر على الأوكرانيين حقهم في الدفاع عن أنفسهم.

واختتم الكاتب بأنه رغم كل ما تعرض له لا يلوم المقاومة، لأنه من دون مقاومة الاحتلال سيستمر الإسرائيليون في سفك دماء الفلسطينيين وتنفيذ عمليات الإبادة الجماعية دون رادع.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سياسة دولية فلسطيني غزة الاحتلال فلسطين غزة الاحتلال المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی غزة بعد أن

إقرأ أيضاً:

أمن مطار طنجة يحبط عملية تهريب أكثر من 15 كيلو من المخدرات في حقيبة شخصين من أصول افريقية (صور)

تمكنت مصالح الأمن الوطني بمطار طنجة ابن بطوطة، خلال نهاية الأسبوع و في رحلتين مختلفتين، من إحباط محاولة تهريب كمية مهمة من مخدر الشيرا، بلغ وزنها الإجمالي أكثر من 15 كيلوغرامًا، كانت مخبأة بطريقة احترافية داخل حقائب شخصين مسافرين من أصول إفريقية ويحملون جنسيات أوروبية.


عملية التفتيش عبر جهاز السكانير، أسفرت عن رصد بعض المواد المشبوهة داخل حقائبهما، ليتم إخضاعها لتفتيش يدوي دقيق، كشف وجود عدد كبير من قطع الشيرا محكمة الإغلاق ومغلفة بشريط لاصق، موزعة في جنبات الحقيبتين.


وأضاف المصدر ذاته، بأنه تم توقيف المشتبه فيهما وإحالتهما على المصلحة الولائية للشرطة القضائية بطنجة، قصد تعميق البحث معهما وكشف ملابسات القضية وتحديد كافة المتورطين المحتملين في هذا النشاط الإجرامي.

كلمات دلالية أصول إفريقية النشاط الإجرامي تهريب مخدر الشيرا للشرطة القضائية بطنجة مصالح الأمن الوطني مطار طنجة ابن بطوطة

مقالات مشابهة

  • شرطة دبي تسترد حقيبة مجوهرات لتاجر تبلغ قيمتها مليون درهم
  • لص يتظاهر باستخدام هاتفه لتجنب لفت الانتباه ويسرق حقيبة من صاحبها باحترافية.. فيديو
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)
  • أمن مطار طنجة يحبط عملية تهريب أكثر من 15 كيلو من المخدرات في حقيبة شخصين من أصول افريقية (صور)
  • وزير الإعلام الدكتور حمزة المصطفى: نأمل بكل صدق ألا تُعرقل هذه القوافل من الجهة الخارجة عن القانون التي تسعى لتوظيف معاناة أهلنا لأهدافها الانعزالية
  • للاطمئنان على صحته.. وزير الثقافة يزور الكاتب صنع الله إبراهيم بمعهد ناصر
  • تفاقم معاناة سكان الخيام النازحين بمدينة غزة
  • وزير الثقافة: نقل الكاتب صنع الله إبراهيم إلى معهد ناصر
  • وزير الثقافة: نقل الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم إلى معهد ناصر بالتنسيق مع وزارة الصحة
  • تضحيات النصر القادم