غزة - مدلين خلة - صفا

صمود أسطوري يجسده أهالي شمالي قطاع غزة ولاسيما مخيم جباليا، رافضين أي ضغوط إسرائيلية لتهجيرهم عن أرضهم، رغم ما يرتكبه جيش الاحتلال من جرائم بشعة، وما يستخدمه من أساليب إرهاب نفسي.

"يا احنا يا الجيش"، لا خيارات تطرح أو تناقش مع الأهالي هناك، فأي طريق للحوار تجده مغلقًا، حتى تتعجب من تشبث نفوسهم بتراب الشمال.



حقل تجارب انتقامي لا علمي يشنه الاحتلال بقنابله وأسلحته، التي يعتقد الأهالي الصامدون في مخيم جباليا أنها تستخدم للمرة الأولى بهذا الكم والنوع، لا يضرهم أن ثمن ما نووا عليه حياتهم، ويقابلونها بأن ترك الأرض والنزوح جنوبًا كمن حُرم أكسجين حياته وبات موته محققًا.

"عندي الموت أهون من أن أترك الشمال وأنزح، أين أذهب في الجنوب بالتحديد، نحن نرى الموت والقصف الذي يطولهم هناك وقلوبنا تعتصر ألمًا عليهم، ليتهم لم ينزحوا وبقوا معنا، ولو كتب عليهم الموت يموتون في منازلهم، لكن ماذا نقول أمر الله".

هكذا تقول "ألاء" التي لم تكن بحالة جيدة، فقد بدا عليها التعب والإعياء وشعور الخذلان ممن تركها تُذبح وتُباد لعام كامل.

وتحاول الأم إظهار التماسك أمام صغيريها وتزرع داخلهما حب الشمال ورفض الخروج منه، "فنحن هنا زيتونة عمرها آلاف السنوات، وسنبقى صامدين مثلها".

وتضيف ألاء، في حديثها لوكالة "صفا": "لا أعرف الكثير عن خطة التهجير التي نشرها جيش الاحتلال، فالإنترنت لا يساعدني على التصفح والبحث، لكن مهما خطط وهدد وقصف وألقى القنابل والصواريخ فلن نتحرك من الشمال، فإما البقاء أو الموت".

وتتابع "سمعت من صديقاتي بمركز نزوحي بالشمال أن جيش الاحتلال ينوي إفراغ الشمال من ساكنيه بالتهجير أو التصفية، وسوف يتبعون أساليب جديدة لتحقيق ذلك، لكن أنا أقول كلسان حال أهل الشمال: صبرنا أشهر طويلة وصعبة حتى أتممنا العام، جعنا وعطشنا وأكلنا الذرة والشعير، انقطعت فينا كل سبل الحياة، اعتقدنا أننا سنموت ولن نستطيع العيش أكثر من ذلك، نزحنا مرات عديدة، فقدنا أحبابنا وأهلنا وبيوتنا، رأينا الموت بأعيننا في كل ثانية، مع ذلك لم ننزح إلى الجنوب، ونقول مجددًا حتى لو استمر الوضع هكذا أعوام فلن نترك الشمال أبدًا".

وتعبر ألاء عن معاناتها قائلة: "فقدت منزلي خلال هذه الحرب واستشهد ما لا يقل عن 50 شخصًا من أفراد عائلتي، كما أنني مشردة من مركز نزوح لمركز آخر، لم نكن نتوقع أن نعيش هكذا يومًا في حياتنا على الإطلاق، لكن لا يسعنا إلا أن نتحمل ونصبر فقد تحملنا الكثير لم يتبقَّ إلا القليل بإذن الله".

ويستمر جيش الاحتلال في حصاره المطبق على مخيم جباليا وشمال القطاع لليوم السابع على التوالي، وسط تهديد بالإخلاء والتهجير القسري والتضييق على الأهالي، عبر تهديد المشافي والمراكز الحيوية وإلغاء أي وجود للحياة هناك.

ألاء ليست الوحيدة التي أعلنت رفضها ترك الشمال والنزوح عنه جنوبًا، فغرد نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي على هاشتاغ "الشمال أو الجنة"، في إشارة لمحادثة بين أب وابنته يتعاهدون فيها على الجنة وأن لا يتركا الشمال، حيث لاقت هذه المحادثة رواجًا كبيرًا، بينهم عازمون على فعل الشيء نفسه.

بدوره، علق الصحفي يوسف فارس على تلك المحادثة قائلًا: "هذه محادثة بين فتاة ووالدها يسألها فيها: الشمال أو الجنة؟ فترد الجنة".

أما خالد أبو صالح فكتب عبر صفحته في "فيسبوك"، "ما يحدث في شمال غزة يفوق الخيال، إبادة لكل شيء يتحرك، حصار خانق، إطباق على كل مناحي الحياة، والعجيب هي ردة فعل الناس، لن نترك الشمال".

فيما قال محمد أبو وردة في تعليقه على تلك المحادثة، "إن كان لا بد من النزوح.. فنحن نفضّل النزوح إلى السماء".

كما علقت هالة البستنجي قائلة: "أعينكم وقلوبكم ودعواتكم لشمال القطاع.. إخوانكم في كرب عظيم، يصبحون ويمسون على ما هم فيه.. لله الأمر من قبل ومن بعد".

من جهتها، غردت الصحفية بجنوب القطاع يافا أبو عكر، على الهشتاق قائلة: "من الشمال على الجنة الجملة الأكثر شيوعًا الآن في شمال غزة"، مضيفة: "أهالينا بالشمال يرفضون النزوح عبر ممرات الموت إلى الجنوب".

ويتواصل العدوان الإسرائيلي ويزداد خطورة في شمال قطاع غزة، بعد قيام جيش الاحتلال بشن هجوم واسع على مناطق بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا لليوم السابع على التوالي، حيث يفرض عليها حصاراً مشدداً، ويمنع دخول إمدادات المياه والطعام والدواء. 

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن "إسرائيل" بدعم أمريكي حربا مدمرة على غزة خلّفت نحو 139 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود.

وتواصل "إسرائيل" هذه الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني بغزة.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: نزوح شمال غزة حرب غزة جیش الاحتلال مخیم جبالیا

إقرأ أيضاً:

شيخ الأزهر يرسل قافلة محملة بآلاف الأطنان من المواد ‏الغذائية إلى غزة‏

وجه فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، المشرف العام على بيت الزكاة ‏والصدقات، بإطلاق القافلة الحادية عشرة من المساعدات الإنسانية ضمن حملته الدولية «أغيثوا ‏غزة»، حيث تسير القافلة متوجهة إلى قطاع غزة، محملة بآلاف الأطنان من المساعدات الغذائية والإغاثية، ‏إلى جانب 1000 خيمة مجهزة بالكامل لتوفير الإيواء للأسر الفلسطينية التي فقدت مساكنها جراء العدوان.‏

100 شاحنة و1200 طن.. الهلال الأحمر يكشف تفاصيل مساعدات غزة اليوم«فتح»: غزة بلا ملاذ آمن.. والاحتلال يقصف كل مكان

وتأتي هذه القافلة استمرارًا لسلسلة القوافل الإغاثية التي أطلقها البيت منذ بداية العدوان على القطاع، والتي ‏بلغ عددها عشر قوافل حتى الآن، ‏حيث تولي القافلة الحادية عشرة اهتمام خاصًّا باحتياجات المرأة والطفل، في ظل ما يتعرض له أهل القطاع من ‏النساء والأطفال من تهجير ومعاناة شديدة ونقص في الموارد.

وتشمل المساعدات أدوية ومستلزمات طبية ‏أساسية وألبان أطفال وحفاضات ومنتجات العناية الصحية، بالإضافة إلى ملابس وبطاطين ومواد غذائية ‏جافة ومعلبات، ومياه صالحة للشرب، بهدف توفير سبل الحياة الكريمة للشرائح الأكثر ضعفًا في القطاع.‏

وأكَّد «بيت الزكاة والصدقات» أن القافلة الجديدة تعد تجسيدًا عمليًّا لرسالته في مناصرة القضايا الإنسانية ‏العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، والوقوف إلى جانب المتضررين في محنتهم، في إطار الحملة ‏العالمية التي أطلقها فضيلة الإمام الأكبر تحت شعار «جاهدوا بأموالكم.. وانصروا فلسطين»، والتي شهدت ‏تفاعلًا واسعًا من شعوب ومؤسسات في أكثر من 80 دولة حول العالم شاركت بالقوافل السابقة، ثقة في ما ‏يقدمه البيت من دعم إنساني مشهود.‏

ويُشدد البيت على التزامه بمواصلة إرسال القوافل الإغاثية تباعًا، استنادًا إلى تقييم ميداني دقيق للأولويات ‏والاحتياجات الملحَّة التي يحددها شركاؤه في الداخل الفلسطيني، معتمدًا على الدعم المستمر من أهل الخير ‏داخل مصر وخارجها، وفي إطار دعم ما تقوم به الدولة المصرية من جهود حثيثة في دعم القضية ‏الفلسطينية والعمل على إنهاء العدوان والحصار وتقديم كل أوجه الدعم لأشقائنا في قطاع غزة.‏

طباعة شارك شيخ الأزهر الأزهر الشريف قافلة غزة فلسطين مساعدات

مقالات مشابهة

  • ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلى على غزة إلى 60 ألفًا و138 شهيدًا
  • في "مصائد الموت".. هكذا امتهن جيش الاحتلال كرامة نساء غزة
  • الطريق إلى زيكيم.. غزيون يبحثون عن لقمة عيش بين مخالب الموت
  • الصحة بغزة:‎ 47 % من الشهداء في القطاع أطفال ونساء
  • عدتها جزءًا من مؤامرة التهجير القسري.. الخارجية الفلسطينية تُحذِّر من مخططات الاحتلال الإسرائيلي لضم قطاع غزة تدريجيًا
  • الفاشر تستغيث: الجوع يفتك بأطفالنا والموت يحاصرنا من كل جانب.. لا تتركونا وحدنا
  • مقتل 100 فلسطيني وإصابة 382 جراء العدوان الإسرائيلي على غزة
  • “القسام” تستهدف برج دبابة “ميركفاه” شرق جباليا
  • إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال مخيم شعفاط
  • شيخ الأزهر يرسل قافلة محملة بآلاف الأطنان من المواد ‏الغذائية إلى غزة‏