عربي21:
2025-05-25@00:34:48 GMT

إلى متى نعيش السلام وهما؟

تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT

أرض العراق التي شهدت أقدم الحضارات، تغزل هيرودوتس في وفرة محاصيلها، وفي سمائها مرت سحابة الرشيد، التي خاطبها قائلا: أمطري حيث شئت فسوف يأتيني خراجك، وبلغت قيمة التعليم لدى البابليين أنهم اشترطوا في الموظف الحكومي العلم بالقراءة والكتابة.

من كان يصدق أن هذا البلد الذي يعد من أغنى دول العالم في الموارد الطبيعية، وكان إلى عهد قريب مقصد الراغبين في تكوين الثروات، ومهرب الباحثين عن الرزق من كل البلدان، من كان يصدق أنه في هذا العصر يموت مئات الآلاف من سكانه جوعا، ويبيع أساتذة جامعاته كتبهم في الطرقات إبان الاحتلال الأمريكي، وفقا لما سجله الإعلامي أحمد منصور كشاهد عيان في كتابه «قصة سقوط بغداد».



إن ما حدث للعراق ما هو إلا نموذج للمآلات الموجعة لعدد من بلدان أمتنا، جميعها تشابهت في جَلَدِ أعدائها على نهبها وإذلالها، وعجز ثقاتها عن حماية مقدراتها، فصارت أضْيعَ من الأيتام على مائدة اللئام.

وقد تعارفت طبائع البشر على أن كل أزمة لا بد أن يظهر خلالها أقوام يبشرون أنفسهم بطول سلامة من أثرها، ويتندرون على من طالهم أثرها، قالها من قبل أناس نافقوا بشأن من ماتوا في الأسفار والحروب (لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا).

وفي هذا العصر الذي صارت كل بقاعه مكشوفة بعد الثورة الهائلة في تكنولوجيا المعلومات وثورة الاتصالات، غدت أزمات أمتنا ماثلة أمام كل عين، لا تحتاج إلى جهد في الوقوف عليها، بلدان محتلة، ودماء تراق بغير حساب، وشعوب يتم تجويعها وتهجيرها وإسكانها الخيام، وفي كل أزمة تطل علينا تلك الفئة، التي تستبشر بطول السلامة، ويظن أهلها أنهم بعيدون عن الطوفان.

آخر محطات هذه الفئة كانت غزة التي أحرق العدو الصهيوني أخضرها ويابسها، وغدت كسرة الخبز لدى الآلاف من أبنائها تضاهي لدى غيرهم حلم امتلاك جزر المالديف، فماذا على الفلسطينيين لو عاشوا تحت جناح الإسرائيليين وتخلوا عن حلم دولتهم، مقابل أن يعيشوا في سلام ورغد من العيش كما نعيش نحن؟ لماذا لا يطوون صفحة الصراع ويغلقوا هذه القضية التي أكل الدهر عليها وشرب، وعجزت كل الأيادي والهمم عن حل إشكاليتها؟ نحمد الله أننا في منأى عن الحروب، وننعم في ديارنا بالأمن والأمان والرخاء، سنغلق علينا حدودنا لنتقلب في هذه النعم، وليذهب سوانا إلى الجحيم.

بهذا المنطق تعاملوا مع العدوان على غزة كغيرها من الأزمات، فغرقوا في أوهام السلام والسلامة والأمن والأمان، ونأوا عن الاعتبار بالتجارب القريبة والبعيدة، لم يكترثوا لحكمة الثور الأبيض، ولم يعبأوا بما استفاض في مناهجهم التعليمية مِنْ: تأبى الرماحُ إذا اجتمعنَ تكسّرا…وإذا اجتمعن تكسرت آحادا.

عندما تنشب النار في الدار المجاورة لدارك، ولم تبادر لإطفائها، ثم تغلق عليك دارك وتظن أنك بمأمن منها، فأنت حقا تعيش السلام وهما.

عندما تولي ظهرك لحقيقة أن الضباع لا يمكن لها أن ترعى مع الغنم، وتصدق أن عدوك الذي قتل أخاك سوف يكف يده عنك، فأنت تعيش السلام وهما.

عندما يتناهى إلى سمعك أن المجرم الذي قتل جارك وسرق بيته، يعتزم أن يقوم معك بالمثل، ثم تفتح له باب بيتك مغترا بابتسامته الصفراء، ويده المخضبة بالدماء التي تصافحك، فأنت تعيش السلام وهما.

كذلك عندما تُبنى سياسات البيت الأبيض على نظريات مثل نهاية التاريخ وصدام الحضارات ثم نلتمس لدى الأمريكيين الذين قتلوا وجوعوا وشردوا إخوتنا، أن يمدوا لنا مظلة الأمن، فنحن نعيش السلام وهما. عندما نرى لكل قوم مشروعا توسعيا نكون نحن فيه الضحية، ثم نصدق أن العالم يمكن له أن يعيش في وئام، ونصر على أن نكون شراذم متفرقين، فنحن نعيش السلام وهما.

عندما يفصح الصهاينة عن أطماعهم بكل وضوح، وأن دولتهم المنشودة من النيل إلى الفرات، ثم نحاول إقناع أنفسنا بأن الاحتلال لا يتجاوز الجغرافيا الفلسطينية إلى غيرها، فإننا مع هذا السفه والسخف والحماقة نعيش السلام وهما.
هذه المفاهيم عن السلام لا وجود لها إلا في مخيلاتنا التعسة فالسلام لا بد له من قوة تحميه
عندما تصبح الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمحاكم الدولية مؤسسات تخدم مصالح القوى العظمى، وأجهضت حقوق كثير من بلدان الأمة، ثم نرفع قضايانا إليها على أمل أن تنصفنا وتتحرك لرد حقوقنا إلينا، فإننا نعيش السلام وهما. مثل هذه المفاهيم عن السلام لا وجود لها إلا في مخيلاتنا التعسة، فالسلام لا بد له من قوة تحميه وتضمن تطبيقاته في الواقع، فما من دولة في أمتنا يمكن لها أن تنعم بالعيش الآمن وهي بمعزل عن قضايا الدول الأخرى، لا يمكن لها أن تعيش السلام واقعا حتى تنتظم مع أخواتها كبنيان مرصوص.

إنها مسألة وقت لا أكثر، من يظن أنه في منأى عن الطوفان ويعتصم بالأوهام التي تُصدر إليه فلن يجد وقتا حين وقوع الكارثة للتباكي، لن تنعم أي دولة بالأمن والسلام وهي تعزف منفردة وتغلق حدودها على أهلها.

إن كانت هذه البلدان تعول في الحماية على قوة الثروة، فإن ثرواتها هي المبتغى، سيجدون ألف وسيلة ووسيلة لاستنزافها تحت مسمى الحماية.

إن كان هذه البلدان تعول على بعدها عن بؤر الصراع، فإن النار عندما تلتهم مبدأ حقول الزيتون لن تخمد حتى تأتي على آخره. السلام الحقيقي هو سلام الشجعان لا سلام الحملان، السلام المبني على الندية لا الاستسلام، المبني على القناعة لا القبول بالأمر الواقع تحت ضغط السلاح، ولن نرى هذا السلام بهذا المعنى إلا إذا اتحدت الكلمة وتراصت الصفوف. الحياة موحشة، والعالم من حولنا بحر فيه السمك والحيتان، وهذا المجتمع الدولي الجائر سيصرخ إذا انقرضت الفيلة في افريقيا لكنه لن يأبه لجراحنا، سيذرف الدمع لانتحار الحيتان على سواحل نيوزيلندا لكنه لن يلقي بالا لمصائبنا، وقالها من قبل لبيب: ما حك جلدك مثل ظفرك، فتول أنت جميع أمرك.

وحتى نضع أنفسنا على هذا الطريق، فلا يسعنا إلا أن نتجرد في قضيتنا، ونضع المصالح العليا لأمتنا في ذروة الاهتمامات، ونتناسى المعارك الجانبية، والانتماءات الجزئية، والسجالات البينية، فأمامنا طريق طويل، لن يسلكه إلا أصحاب بنيان مرصوص، وأجساد اجتمعت على قلب رجل واحد.

ولئن كانت هذه الكلمات لن تصل إلى أسماع الأنظمة والحكام، لكنها أقرب إلى آذان الشعوب، التي لا بد أن تكون البداية منها، فلنطو صفحة الخلافات وندع نعرات الشعوبية ونحطم الحواجز النفسية التي تولدت من سايكس بيكو فليكن شعارنا التسامح في ما مضى بشعار (لا تثريب عليكم اليوم)، والتعاهد في ما بقي على شعار (ستجدني إن شاء الله من الصابرين)، ونرفع راية (إن هذه أمتكم أمة واحدة)، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الاحتلال غزة غزة الاحتلال وهم السلام مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة تكنولوجيا رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تعیش السلام السلام لا یمکن له لها أن

إقرأ أيضاً:

عندما يكتب الأحرار التاريخ .. اليمن ينتصر لغزة

يمانيون../
إنها ليست مجرد أصوات دوي انفجارات هنا وهناك، بل جبهة إسناد عسكرية لغزة، وُلدت من رحم ثورة يمنية، فجّرت براكين الغضب وأيقظت أمة نائمة، وأشعلت أقلام الأحرار، وهزت كيانات قوى الكبار ودول الاستكبار بهدير صوتها الثائر وحمم صواريخ صنعاء العروبة، والمقاومة، والتاريخ والحضارة.

وهكذا كتب كُتاب العرب الأحرار، وأبدع الثائر العربي المصري، السيد شبل، في سرد مواقف اليمن العروبة في إسناد غزة: “لقد أعادت صنعاء تعريف ما يمكن للعربي أن يكونه؛ لا تابعاً ولا مفرّطاً، بل فاعلاً وصلباً؛ وحين اختنق البعض تحت ثقل الهزيمة، فتحت صنعاء نافذة للأمل، ومنعت أمةً بأكملها من الكفر بذاتها وقدرها”.

وأضاف: “في زمنٍ طغى فيه الصمت الرسمي والخذلان العربي، ارتفعت من صنعاء صرخة الكرامة، لا بالشعارات وحدها، بل بالمواقف الفعلية والتحركات الميدانية”.

وتابع في مقال نشره على منصات الإعلام: “منذ انطلاق طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، وما تلاها من عدوان “إسرائيلي” غاشم، سجّلت صنعاء حضوراً عربياً نادراً، كسر قاعدة الصمت، ورسّخ معادلة جديدة في الصراع العربي الإسرائيلي، عنوانها: من اليمن يأتي الرد”.

وزاد: “في لحظةٍ كاد فيها اليأس أن يبتلع الوعي العربي، ويكفر الناس بجدوى الكرامة والنضال، وينحني الجميع لـ”السيد الأمريكي”، برز اليمنيّون كضوءٍ في آخر النفق، ليثبتوا أن العرب لم يُخلقوا للاستسلام، وأن في الأمة نبضاً لم يمت”.

وأكد: “لم تكن صواريخهم إلى الكيان مجرد أدوات حرب، بل رسائل إيمان: أن المقاومة ممكنة، وأن العدو ليس أسطورة عصيّة على الهزيمة، وأن الدم العربي لا يزال قادراً على أن يُفاجئ العالم”.

وقال: “وبينما كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يزهو بوقته ويتباهى أمام أمراء السعودية والإمارات وقطر بنجاح الصفقات التريليونية، وكان تجاهل ملف إبادة غزة سيد الموقف، أطلقت صنعاء الصواريخ على “إسرائيل”، لتعطّل مطار اللد “بن غوريون” مؤقتاً، وتسبب حالات تأهب قصوى وأجواء مشحونة بالقلق”.

صنعاء العروبة: تُقاوم لا تساوم

وأضاف: “اليوم، تتجسد الكرامة العربية من صنعاء، لا من عواصم الرفاه، وبينما هناك كان يُفرش السجاد الأحمر وتُوقّع الصفقات لمن زوّد الاحتلال كل أسباب القتل، كانت صنعاء تردّ بالمواقف الصلبة والصواريخ الباليستية، وهنا، كُتبت الرسالة بمداد النار: أن العروبة ليست زينة للخطاب، بل مسؤولية تُحمَل حين تشتدّ المحنة”.

والكلام للشبل من ذاك الأسد: “لقد قدّمت صنعاء النموذج الصحيح للعروبة: عروبة تُقاوم لا تساوم، تقف مع فلسطين لا ضدها، وتنحاز للمظلوم لا للمحتل. هذا النموذج أعاد إحياء شعور الانتماء في أمة كادت أن تفقد الثقة بنفسها”.

وماذا أيضاً؟ “يبرز قائد المقاومة اليمنية، السيد عبدالملك الحوثي، كشموسٍ في سماء المقاومة، يخاطب الأمة من صنعاء، بلغة العزيمة والبصيرة، من أرض محاصرة، ليخاطب أمة محاصَرة بالتخاذل، تماماً كما كان يفعل السيد حسن نصر الله، قبل ارتقائه شهيداً، وجميعهم يُشكّلون أصواتاً عقائدية باتت مرجعًا للمقهورين، ومن لم ينسَوا أن العروبة الحقة لا تصافح اليد التي تلطخت بدماء أطفال غزة”.

اليمن شرفٌاً لا يُشترى

وتحت عنوان “عزٌ لا يُكسر وشرفٌ لا يُشترى”، قال الثائر العربي العُماني سلطان اليحيائي: “لم يكن اليمن يوماً رقماً عابراً في معادلات التاريخ، بل كان دائماً رقماً صعباً تتعثر أمامه مشاريع الطغيان، وترتدّ على جباله موجات العدوان”.

وأضاف: “فأرض سبأ وحِمْيَر ومهد العروبة الصافية لم تنحنِ يوماً لمستعمر، ولم تُقهر عزيمتها أمام جيوش الغزاة، وها هي صفحات التاريخ تشهد أن اليمن كان ـ ولا يزال ـ مقبرةً للطامعين، ومصدر فخرٍ عربيٍّ أصيل”.

وتابع: “اليمن اليوم يُعيد كتابة اسمه بأحرفٍ من نور في سفر الكرامة، بوقفته المشرّفة مع قضية الأمة المركزية، فلسطين.. رغم جراحه العميقة وتردي أوضاعه المعيشية، لم يتردّد أن ينتصر لدماء أطفال غزة، في طليعة جبهات إسناد فلسطين، لا بالكلام والخطب، بل بالفعل في الميدان”.

وأكد أن اليمن أذهل العالم، وهو يواجه ـ بمفرده ـ تحالفاً ثلاثياً شيطانياً يضمّ: أمريكا، وبريطانيا، و”إسرائيل”، يحاول إثناءه عن القيام بواجبه القومي والديني، فقطع البحر الأحمر بقرارٍ سيادي جريء، ومنع عبور سفن الكيان في موقف تاريخي غير مسبوق، بل وأطلق صواريخه إلى عمقه، ليؤكد للجميع أن الإرادة ليست حبيسة الجغرافيا، بل بحجم الحق، وعمق المظلومية، وطهارة الدم الفلسطيني.

وقال: “على الرغم من غارات الطيران، وحشود العدوان، وسنوات الحصار، لم يحد اليمن قيد أنملة عن موقفه المقدس، وقالها بصوتٍ واحد لا يتبدّل: “لن نتوقف عن ضرب عمق الكيان حتى يوقف عدوان الإبادة ويرفع الحصار عن غزة”.

التساؤلات الذي طرحها الثائر العُماني قبل كتابة رسالته الأخيرة هي:”طالما أن اليمن يتمتع بهذه المصداقية، وبهذه القوة والجسارة، لماذا دول الخليج العربي لا تقترب منه؟!

ولماذا تُنصت تلك الدول لأصوات قوى الشر التي تدفعها لإبقاء اليمن بعيداً؟! “أما آن لنا أن ندرك أن من يحملون البندقية دفاعاً عن القدس أحقُّ بالتحاور والتقارب من أولئك الذين يحتلون فلسطين ويعيثون فساداً وتنكيلاً بغزة وأهلها؟”

وهذه الرسالة بالنص من الدكتور اليحيائي إلى اليمنيين: “تحية لليمن شعباً وجيشاً وقيادة، تحية لوطنٍ تتكسّر على جباله جحافل الغزاة، وتولد من بين ركامه أنشودة النصر، تحية للأحرار الذين أثبتوا أن القدس لا تنصرها سوى السواعد المؤمنة، والقلوب العامرة بالحق.. وكوني مسلماً عربياً حراً، فإنني أستغرب من مواقف بعض بني عروبتنا وديننا!”.

اليمن الذي هز أركان الكيان

بدوره، قال العميد الأردني المتقاعد الدكتور بسام روبين: “التطور العسكري المذهل للصواريخ اليمنية التي تستهدِف “إسرائيل” وهزت أركان كيانها العبري، يُعد من أكبر التغييرات في الموازين العسكرية والسياسية في المنطقة”.

وأضاف: “قد أدرك الكيان أنه لم يعد في مأمن من هجمات صواريخ اليمن التي أجبرته على إعادة تقييم إستراتيجيته العسكرية والسياسية، في محاولة يائسة لتجنب أضرار القوة المدمرة للصواريخ اليمنية التي أظهرت قدرتها العظيمة على اختراق أحدث أنظمة الدفاعات الجوية وفرضت معادلة جديدة في المنطقة”.

وتابع: “بينما تتباهى أمريكا و”إسرائيل” بالتفوق في الذكاء الصناعي والصناعات الدفاعية، وتسوقان صفقات ضخمة إلى الدول، أظهرت صواريخ اليمن للعالم هشاشة تلك الأسلحة، التي تحوّلت إلى مجرد أساطير دفاعية، صارت محل سخرية في الميدان”.

اتفاق الصاعقة الذي صاغته القوة

أما المقاوم والكاتب الفلسطيني عليان عليان ، فيقول: “المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف أضطر إلى اختصار التفاوض مع اليمن بوساطة عمانية، مقدماً تنازلاً كبيراً وقبل الصفقة دون اشتراط ذكر اسم حليفته (إسرائيل)”.

يضيف: “لقد وقع الاتفاق بين أمريكا واليمن كالصاعقة على رأس حكومة الكيان المغيّبة في مفاوضات مسقط، ليخرج نتنياهو متعصباً يقول: (سنستمر في قصف اليمن لوحدنا)”.

ويتابع: “بينما لسان حال ترامب يقول لنتنياهو: (عليك أن تقلع شوكك بيديك في البحر الأحمر، لأنه لا قِبَل لنا بالاستمرار في مواجهة اليمنيين، الذين لا يكترثون لضرباتنا ويستنزفون قوات بحريتنا)”.

ويشير إلى إن الاتفاق أثار دهشة واستغراب المراقبين العسكريين في العالم، لا سيما أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، كان قد توعّد في منتصف مارس الماضي، بتدمير اليمنيين وصبّ نار جهنم عليهم.

المؤكد – برأي عليان – أنه لأول مرة تجرؤ قوة إقليمية في العالم (اليمن) على تحدي دولة عظمى، وتجرؤ على ضرب أرمادا البحرية الأمريكية بالصواريخ والمسيرات، منذ الحرب العالمية الثانية وحتى اللحظة، وهذا درس قدمه اليمن لقوى التحرر في العالم من الهيمنة الأمريكية.

والأمر المحسوم في عقيدته السياسية، إن إعلان ترامب شكّل اعترافاً بقوة الردع اليمنية، وفشل العقوبات في تغيير موقف صنعاء، وقد تبدّى ذلك في تصريحه: “اليمنيون أظهروا قدرة على تحمّل الكثير من الضربات، كان لديهم الكثير من الشجاعة، لقد أعطونا كلمتهم بأنهم لن يهاجموا السفن مجدداً، ونحن سنحترم ذلك”.

وهذه خلاصة كلامه: “أن هذا الاتفاق قد أجبر دول الإقليم على الاعتراف بسلطة صنعاء في اليمن بمباركتها الاتفاق بين السلطة الحاكمة في صنعاء وبين الولايات المتحدة، ما يعني سحب البساط من الحكومة العميلة التي تقبع في فنادق الرياض”.

اليمن منقذ شرف الأمة

يقول الكاتب والسياسي اللبناني سعد الله مزرعاني: “اليمن انتقل بقراراته الجريئة والنجاحات المدهشة لجبهته من معركة الإسناد إلى المعركة الشاملة والمباشرة الأكثر إثارة التي أربكت المواقف والعلاقات بين أميركا و(إسرائيل)”.

ويضيف: “صنعاء تمثّل، في هذه المرحلة، ضمير البشرية الذي لم يمت، فقد باتت منقذ شرف الأمة المهدور في حرب إبادة غزة، بالتضحيات العظيمة التي لم يفعلها إلا قلائل في التاريخ، من أجل العدالة والحرّية”.

..وهكذا انتصر!

وهكذا قال الكاتب اللبناني معن بشور: “من يعرف اليمنيين جيداً، يدرك أن هذا الشعب الغني بالإيمان الديني والحس الوطني، وبشجاعته التاريخية، وبصلابة قياداته، وبوعورة جباله، استطاع أن يتحمّل عبر تاريخه غطرسة قوى عظمى ويرسم معادلات جديدة على المستوى الإقليمي والعالمي”.

وأضاف: “كما كنا على ثقة من شجاعة اليمنيين كشعب، ومن الحكمة اليمانية المعروفة تاريخياً، كنا على ثقة أن اليمن سينتصر لذاته في ملحمة البحر الأحمر، وسينتصر لفلسطين في ملحمته التاريخية (طوفان الأقصى)”.

وهكذا أيضاً أنهى بشور حديثه متسائلاً: “ألا يستحق موقف اليمن من النظام العربي الرسمي وكل المتحاملين على سلطة صنعاء في اليمن، مراجعة جريئة وفتح صفحة جديدة لاسيّما أنه البلد العربي الوحيد المساند عسكرياً لغزة وفلسطين.. المجد لأبطال اليمن، والنصر لليمن وفلسطين، والخزي والعار للغزاة وأدواتهم”.

السياسية – صادق سريع

مقالات مشابهة

  • عندما يصمت الهتاف
  • عندما يكتب الأحرار التاريخ .. اليمن ينتصر لغزة
  • «ضريبة الغياب»
  • فتوح يحذر من خطوة المجموعات الدينية اليهودية التي تطالب بفتح أبواب الأقصى
  • غزة ..ومظاهر العجز العربي
  • نحن نعيش الموت: صحفي من غزة يروي مأساة التهجير واليأس
  • الوحدة التي يخافونها..!!
  • “مولي براون التي لا تغرق”.. قصة بطلة تيتانيك الحقيقية المنسية
  • عاطف الطراونة الإنسان ورجل الدولة
  • جريمة نبش القبور الأدبية: عندما نصحو على فضائح الراحلين.. !