قمة قازان.. إلى أي مدى انتقلت بريكس من الشعارات إلى الأفعال؟
تاريخ النشر: 18th, October 2024 GMT
موسكو- على وقع تواصل الأزمة بين روسيا والغرب، تراهن موسكو على تحقيق خرق جديد في توجهها نحو وضع أسس لنظام مالي عالمي جديد، وذلك من خلال قمة مجموعة "بريكس" المزمع عقدها في قازان (عاصمة تتارستان الروسية شرق موسكو) في الفترة من 22 إلى 24 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
ووفق مراقبين روس، تشكل القمة المقبلة حلقة ضمن سلسلة أهداف تشمل -من بين أمور أخرى- وضع منطلقات لإطلاق عملة جديدة لبلدان المجموعة ونظام تسوية مالي دولي جديد.
ظهرت "بريكس" استجابة للأزمة المالية العالمية في الفترة 2008-2009 كرد فعل من قبل بلدان نامية على ما اعتبرته انعدام المسؤولية من جانب المنظومة الغربية، ولا سيما الولايات المتحدة، التي -وفقا لهم- أظهرت افتقارها إلى السيطرة على مؤسساتها المالية، الأمر الذي أطلق العنان لأزمة مالية حادة.
وإذا كانت البلدان النامية هي الأكثر معاناة من الأزمة المالية العالمية، فقد أصبحت روسيا المتضرر الأكبر في إطار المجموعة بعد العقوبات الغربية التي اتخذت ضدها منذ عام 2014، بسبب ملف ضم القرم ومرورا بالحرب مع أوكرانيا عام 2022.
وبسبب هذه العقوبات تواجه روسيا عقوبات مالية غير مسبوقة من حيث القوة والعدد من الدول الغربية، إذ يخضع حاليا حوالي 7.7 آلاف فرد وكيان قانوني روسي للعقوبات، وتواجه البلاد تجميدا غير مسبوق تسميه "سرقة" لأصولها الأجنبية (تبلغ قيمتها نحو 300 مليار دولار)، مع تجميد حساباتها ومدفوعاتها في الأسواق العالمية من قبل المؤسسات المالية الغربية.
كما تم حرمانها من الوصول إلى نظام الدفع الدولي "سويفت". علاوة على ذلك، بدأ الغرب، مع التهديد بفرض عقوبات ثانوية، في إجبار دول محايدة أو صديقة لموسكو على منع التسويات المالية معها.
وتشكل قمة قازان المقبلة فرصة كذلك لتقييم مدى نجاح أو تعثر المشاريع والمبادرات الأساسية للمجموعة على الخطين الاقتصادي والمالي، وبالأخص ما يخص بنك التنمية الجديد والتعامل بالعملات الوطنية عوض الدولار، ومسألة العملة الموحدة ونظام الدفع الدولي.
وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، صرح في وقت سابق بأنه سيتم إعداد تقرير للقمة بشأن خيارات إنشاء منصات دفع بديلة للتسويات بين دول المنظمة.
وبرأي الباحث الاقتصادي فلاديمير أولتشينكو، فقد رأى العالم كله كيف يمكن للدول الغربية أن تتوحد ضد أي دولة لا تتفق مع سياساتها، كما حصل مع روسيا، مما فتح أعين العديد من الدول وجعلها تفكر فيما إذا كان النظام المالي العالمي الحالي، القائم على هيمنة الدولار واليورو، عادلا وقابلا للحياة.
ويوضح للجزيرة نت أن عملية تقارب بدأت منذ عدة أعوام تترسخ بين الدول النامية نحو التخلص من الدولار في مدفوعاتها الدولية والابتعاد عن الدولار واليورو في الاحتياطيات المالية لبلادها، وأن البريكس -حسب رأيه- بدأت العمل كمنصة تنسيق لتوحيد هذه الدول بهذه العملية، كما تشير إلى ذلك الأرقام وقائمة الدول التي تسعى للانضمام إلى المنظمة.
ويتابع الباحث أولتشينكو أن روسيا حققت خطوات مهمة في جهودها لإعادة توجيه التجارة إلى شركاء جدد موثوقين، من بينهم 4 من أسرع الاقتصادات نموا في العالم، رغم الضغوط الشديدة التي تتعرض لها من جانب المنظومة الغربية.
ووفقا له، فإن نظام الدفع الجديد سيبدأ في التبلور بشكل أكثر وضوحا بعد اختتام أعمال القمة، كونه سيبحث نقاط القوة أو الضعف التي برزت خلال الأعوام الماضية من عملها، للمساعدة في المضي قدما لتقليل اعتماد اقتصادات دول البريكس على الدولار.
ويضيف أن حصة العملات الوطنية في حسابات المشاركين في المنظمة وصلت إلى 65%. ورغم أن التخلي الكامل عن الدولار سيؤدي إلى فرض عقوبات جديدة من قبل الولايات المتحدة، فإن هذا لا يعني أننا يجب أن نجلس مكتوفي الأيدي، إذ يمكننا تقديم عملة غير نقدية تتجاوز الحدود الوطنية.
ليست مجرد علامة تجاريةمن جانبه، يقول الكاتب في الشؤون الاقتصادية، فلاديسلاف دياشوف، للجزيرة نت، إن المنظمة ليست مجرد علامة تجارية، ولكنها إطار مناسب للقوى الكبرى والمتوسطة لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري فيما بينها وزيادة رأس مالها السياسي في الساحة الخارجية وتعزيز مواقفها التفاوضية مع القوى الأكبر.
وبرأيه، فإن الحديث الدائر في وسائل الإعلام الغربية -بأن "بريكس" راكدة اقتصاديا وفشلت في تحقيق أهدافها لأن منطلقاتها سياسية صرفة- لا يستقيم مع الواقع، إذ انتعشت التجارة البنية بين دول "بريكس" بشكل ملحوظ.
ويوضح أن الجهات المشككة تتجاهل عامل الوقت الضروري اللازم لبلورة نظام اقتصادي دولي جديد، وهي مرحلة إلزامية مرت بها كافة المنظمات الدولية عند نشأتها، بما في ذلك مجموعة الدول الصناعية السبع.
ويعتبر أن مخاوف المنظومة الغربية التي دفعتها لتوجيه تهديدات لبعض "بريكس" هي أكبر دليل على الخطر الذي يمثله إنشاء بنك تنمية عالمي جديد للمجموعة، والذي يعني في المقام الأول التخلي التدريجي عن اليورو والدولار في المدفوعات وتعزيز العملات الوطنية.
ويشير إلى أنه حتى لو كان الاتفاق على تطوير التعاون المالي، وتوفير خطوط ائتمان متبادلة بالعملات الوطنية بين الأعضاء، ذا طابع إطاري عام، فإن الخطوة الأولى نحو التخلص من "الدولرة" ما زالت متخذة.
وكان من المقرر أن تناقش قمة البريكس الأخيرة في جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا العام الماضي إمكانية إنشاء عملة موحدة للدول الأعضاء، لكن هذا لم يحدث. ويتوقع أن تتم العودة إلى هذه القضية في قمة قازان.
وبهذا الخصوص، قال ألكسندر بانكين نائب وزير الخارجية الروسي أن العمل جارٍ للتحرك نحو عملة موحدة للاستخدام في إطار البريكس، لكن هذه العملية تواجه بعض التعقيدات بسبب التشريعات، فكل دولة لديها حيثياتها الوطنية الخاصة في هذا الشأن، بحسب تعبيره.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
رئيس الوطنية للانتخابات يشكر عضو قضايا الدولة التي أصيبت بجرح في القرنية خلال عملها بانتخابات مجلس الشيوخ
توجه القاضي حازم بدوي رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، ونائب رئيس محكمة النقض اليوم الثلاثاء، خلال اعلان النتيجة الرسمية للجولة الأولى من انتخابات مجلس الشيوخ 2025، بالشكر للمستشارة ميادة السعيد السيد قريش من هيئة قضايا الدولة والمشرفة على لجنة 340 قسم ثاني المحلة الكبرى والتي أصيبت بجرح في عينيها ما أحدث جرح في القرنية أثناء عملها لاستقبال الناخبين للتصويت في انتخابات مجلس الشيوخ والتي أدلى فيها ما يقرب من 11 مليونا و650 ألف ناخب بأصواتهم، بنسبة مشاركة بلغت 17.1%.
أعلن أن عدد المواطنين المقيدين بقاعدة بيانات الناخبين، والتي وصلت نحو 69 مليونا و333 ألفا و138 ناخبًا.
أكد المستشار حازم بدوي رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات أن عدد الذين الأصوات الصحيحة التي قامت بالتصويت في انتخابات مجلس الشيوخ 11 مليون و321 ألف و70 صوتا من إجمالي الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم وعددهم 11 مليون و837 ألف ناخب في انتخابات مجلس الشيوخ خلال حديثة بمؤتمر الهية الوطنية لإعلان نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ.
وقال القاضي أحمد بنداري مدير الجهاز التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات، إن إعلان نتائج انتخابات مجلس الشيوخ لعام 2025، تأتي في لحظة وطنية بالغة الأهمية، والتي تمت وسط أجواء من الانضباط والشفافية، وفي مناخ آمن مكن المواطنين من ممارسة حقهم الدستوري بكل حرية ومسؤولية.
وأكد على أن ما تحقق في الانتخابات هو نتاج عمل مؤسسي منظم، وخبرة تراكمية اكتسبتها الهيئة الوطنية للانتخابات في إدارة الاستحقاقات الدستورية، وفق أعلى درجات الشفافية والحيادية، والانضباط القانوني ومواكبة التطور التقني، حتى أصبحت الهيئة نموذجا يُحتذى به في التنظيم المحكم، الإدارة الرشيدة، حسن الإشراف.
وأوضح القاضي أحمد بنداري، أن أهمية هذا الإنجاز تزداد إذا وضعناه في سياقه الإقليمي، إذ جرت هذه العملية الديمقراطية في منطقة تفتقر في كثير من أجزائها إلى الاستقرار والأمن، وهو ما يعزز من رصيد الدولة المصرية، ويؤكد قدرتها على ترسيخ مؤسساتها الوطنية ويثبت احترامها لحقوق مواطنيها، والتزامها بمسارها الدستوري أمام ذاتها وأمام شعبها، بل وأمام العالم أيضاً، مشيرا إلى ان ما نشهده اليوم ليس مجرد ختام لعملية انتخابية، بل هو تتويج لمسيرة عمل وطني جاد، شاركت فيه مؤسسات الدولة، واحتضنه وجدان هذا الشعب العظيم، إيمانًا بأهمية ترسيخ دعائم الديمقراطية، وتعزيزاً لمسار المشاركة السياسية، وترجمة حقيقية لإرادة الناخبين.
ووجه مدير الجهاز التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات الشكر لكل من القوات المسلحة المصرية الممثلة فى وزارة الدفاع، على ما قدمته من دعم لوجستي وأمني رفيع المستوى، كما ثمن الجهود الكبيرة التي قامت بها وزارة الداخلية بمسؤولياتها في تأمين اللجان والمقار الانتخابية بكل كفاءة واقتدار، وأيضاً وزارة الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج لما قدموه من جهد وعمل يليق بمصر والمصريين.