عبيدلي العبيدلي **

التعاون بين الحكومة والصناعة والمجتمع المدني

يعد التعاون بين الحكومات والصناعة والمجتمع المدني أمرًا ضروريًا لتحقيق إمكانات الذكاء الاصطناعي بشكل كامل في تحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs) وخلق مستقبل أكثر إنصافا واستدامة. إليك كيفية تلقي هذا التعاون وتنفيذه لتعظيم التأثير الإيجابي للذكاء الاصطناعي:

1.

دور الحكومة: وضع الأساس من خلال السياسة والتنظيم

تمارس الحكومات دورًا حاسمًا في تشكيل الأطر التنظيمية والسياسية التي تضمن استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل أخلاقي وشامل وللصالح العام. ويتعين على الحكومات أيضاً أن تعمل على تهيئة بيئة مواتية لازدهار الذكاء الاصطناعي، وخاصة من خلال الاستثمار في التعليم والبنية الأساسية والإبداع.

تطوير سياسات الذكاء الاصطناعي الشاملة: يجب على الحكومات تصميم سياسات الذكاء الاصطناعي التي تعزز الوصول العادل إلى التقنيات الذكاء الاصطناعي، وتضمن وصول فوائدها إلى المجتمعات المُهمشة والمحرومة من الخدمات. يجب أن تتضمن هذه السياسات لوائح حول خصوصية البيانات وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي وشفافية الخوارزميات. على سبيل المثال،  يوفر قانون الذكاء الاصطناعي للاتحاد الأوروبي  إطارا ينظم تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي مع ضمان توافقها مع حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية. ويمكن للبلدان النامية أن تنشئ أطرا مماثلة تناسب احتياجاتها الفريدة. الشراكات بين القطاعين العام والخاص: يجب على الحكومات تعزيز الشراكات مع قادة الصناعة للاستفادة من الذكاء الاصطناعي للخدمات العامة مثل الرعاية الصحية والتعليم وتطوير البنية التحتية. ومن الأمثلة الرائعة على ذلك مبادرة الذكاء الاصطناعي للجميع في الهند، التي تشجع التعاون بين الحكومة والقطاعين الخاص لدفع تبني الذكاء الاصطناعي في قطاعي الرعاية الصحية والزراعة، والتي تهدف على وجه التحديد إلى تحسين الرفاهية العامة. التمويل والاستثمار: ينبغي للحكومات تخصيص التمويل للبحوث الذكاء الاصطناعي وبناء القدرات والبنية التحتية. على سبيل المثال، استثمرت حكومة رواندا في مدينة كيغالي للابتكار، وهي مركز أفريقي للابتكار والذكاء الاصطناعي. ويمكن لمثل هذه الاستثمارات أن تحفز الابتكار في الذكاء الاصطناعي المحلي مع جذب شركات التكنولوجيا العالمية للتعاون في مشاريع مفيدة اجتماعيا.

2. دور الصناعة: دفع الابتكار والنمو الاقتصادي

على نحو مواز يمارس القطاع الخاص، بما في ذلك شركات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والصناعات ذات الصلة، دورًا محوريًا في دفع الابتكار الذكاء الاصطناعي، وتوفير الأدوات والمنصات اللازمة لازدهار الذكاء الاصطناعي، والاستثمار في حلول التنمية المستدامة التي تقودها الذكاء الاصطناعي.

برامج المسؤولية الاجتماعية للشركات (CSR): يجب على الشركات دمج مبادرات الذكاء الاصطناعي في برامج المسؤولية الاجتماعية للشركات الخاصة بها، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة. على سبيل المثال، يعد برنامج الذكاء الاصطناعي for Earth من Microsoft برنامجا عالميا يستخدم الذكاء الاصطناعي لحل التحديات البيئية مثل تغير المناخ والحفاظ عليه. ويمكن تكرار هذا النموذج لاستهداف أهداف التنمية المستدامة الأخرى، مثل الحد من الفقر (الهدف 1 من أهداف التنمية المستدامة) أو تحسين الصحة والرفاه (الهدف 3 من أهداف التنمية المستدامة). يجب أن تركز شركات الحلول الذكاء الاصطناعي الشاملة على تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي تلبي احتياجات البلدان النامية والسكان المهمشين. ومن خلال تصميم منتجات الذكاء الاصطناعي مصممة خصيصا لهذه الأسواق، يمكن للشركات إنشاء حلول قابلة للتطوير لتحديات الزراعة والتعليم والرعاية الصحية الحرجة.  وتجسد شركة Zipline، وهي شركة ناشئة تقوم بتوصيل الإمدادات الطبية عبر طائرات بدون طيار تعمل بالطاقة الذكاء الاصطناعي إلى المناطق الأفريقية النائية. ممارسات الذكاء الاصطناعي الأخلاقية: يجب على الصناعة التنظيم الذاتي واعتماد أطر الذكاء الاصطناعي الأخلاقية لضمان أن تكون أنظمة الذكاء الاصطناعي شفافة وعادلة وغير متحيزة. تظهر مبادرات مثل مبادئ Google الذكاء الاصطناعي أو إرشادات الذكاء الاصطناعي الأخلاقية لشركة IBM كيف يمكن للشركات الالتزام بتطوير الذكاء الاصطناعي المسؤول.

3. دور المجتمع المدني: ضمان الشمولية والاعتبارات الأخلاقية

يمكن لمنظمات المجتمع المدني أن تلعب دورا حيويا في ضمان تطوير الذكاء الاصطناعي التقنيات ونشرها بطرق أخلاقية ومنصفة وتركز على العدالة الاجتماعية. إنهم يعملون كمراقبين ودعاة وميسرين للتوعية العامة حول الذكاء الاصطناعي.

الدعوة من أجل العدالة والشمول: يجب على منظمات المجتمع المدني ضمان عدم احتكار عدد قليل منها للمنافع الذكاء الاصطناعي وإشراك الفئات الضعيفة في الحلول التي تحركها الذكاء الاصطناعي. تدعو منظمات مثل Access Now إلى الاستخدام المسؤول الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على الشفافية وحقوق الإنسان والمساءلة. يمكن لمنظمات المجتمع المدني أيضا العمل مع الحكومات لضمان أن تعطي السياسات الذكاء الاصطناعي الأولوية للوصول العادل والإدماج للفئات المهمشة، ولا سيما النساء والشباب والمجتمعات الريفية. سد الفجوة الرقمية: يمكن للمجتمع المدني أن يساعد في سد الفجوة الرقمية من خلال تعزيز محو الأمية الرقمية وبرامج بناء القدرات. تتعاون Code.org، وهي منظمة غير ربحية، مع الحكومات والمدارس والمجتمعات لضمان حصول الطلاب، لا سيما في المناطق المحرومة، على تعليم الذكاء الاصطناعي. ويمكن لهذا التعاون أن يساعد البلدان النامية على بناء قوة عاملة بارعة في مجال التكنولوجيا قادرة على الاستفادة من الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية. حلول الذكاء الاصطناعي التي يحركها المجتمع: يمكن لمنظمات المجتمع المدني تسهيل تطوير حلول الذكاء الاصطناعي يحركها المجتمع مصممة خصيصا لتلبية الاحتياجات المحلية. على سبيل المثال، تستخدم DataKind، وهي منظمة غير ربحية، الذكاء الاصطناعي لمساعدة المنظمات غير الربحية الأخرى على حل التحديات الاجتماعية من خلال تطبيق الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات على مشاكل العالم الحقيقي مثل الإغاثة من الجوع والتعليم.

** خبير إعلامي

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

هل يصبح الخليج قوة عظمى في الذكاء الاصطناعي؟

تنافس دول الخليج الغنية بالطاقة على أن تصبح مراكز للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي المُستهلكة للكهرباء، مُراهنةً على هذه التكنولوجيا لتشغيل كل شيء من التنويع الاقتصادي إلى الخدمات الحكومية، وفق ما ذكرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.

وحسب تقرير للصحيفة، فقد أبرزت الصفقات التي كُشف عنها خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمنطقة الشهر الماضي، تطلعات السعودية والإمارات إلى أن تُصبحا قوتين عظميين في مجال الذكاء الاصطناعي.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أوبك بلس تزيد إنتاج النفط في يوليو 411 ألف برميل يومياlist 2 of 2خسائر اقتصادية واستياء شعبي جراء أزمة الكهرباء في إيرانend of list

يشمل ذلك شراكة بين شركة إنفيديا العملاقة للرقائق الإلكترونية وشركة هومين، وهي مجموعة ذكاء اصطناعي حديثة التأسيس ومدعومة من الحكومة السعودية، ولديها خطط طموحة لإطلاق صندوق استثماري بقيمة 10 مليارات دولار وتأمين استثمارات من شركات التكنولوجيا الأميركية.

وأعلنت أبوظبي مجموعة ضخمة من مراكز البيانات لشركة أوبن إيه آي وشركات أميركية أخرى كجزء من مشروعها (ستارغيت)، وتستثمر الإمارة، التي تُدير 1.7 تريليون دولار من صناديق الثروة السيادية، مليارات الدولارات من خلال صندوق الذكاء الاصطناعي إم جي إكس MGX، وتفتتح جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي التابعة لها مركزًا في وادي السيليكون.

إعلان

ونقلت الصحيفة عن الزميل في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، سام وينتر ليفي "إن دول الخليج تمتلك رأس المال والطاقة والإرادة السياسية"، مضيفًا: "الشيء الوحيد الذي لم تكن تمتلكه هذه الدول هو الرقاقات والأشخاص ذوي المواهب. والآن [بعد زيارة ترامب] قد تمتلك الرقاقات".

السعودية تسعى إلى تطوير قطاع الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية  (رويترز)  تحدي توفر المهارات

ويحذر الخبراء من أن طموحات المنطقة الواسعة في مجال الذكاء الاصطناعي قد تواجه تحديات، إذ يفتقر كلا البلدين إلى القوى العاملة الماهرة التي تمتلكها وادي السيليكون أو شنغهاي، كما أن مخرجات البحث العلمي متأخرة عن دول أخرى.

وتستثمر السعودية والإمارات في الذكاء الاصطناعي، وتعتمدان على التكنولوجيا سريعة التطور لمساعدتهما على تعزيز التنوع الاقتصادي، وتقليل الاعتماد على عائدات الوقود الأحفوري المتقلبة.

ويرغب البلدان في استضافة مراكز البيانات الضخمة اللازمة لتدريب وتشغيل نماذج ذكاء اصطناعي قوية، وتخطط شركة هيومين Humain لبناء "مصانع ذكاء اصطناعي" مدعومة بمئات الآلاف من رقاقات إنفيديا Nvidia على مدى السنوات الخمس المقبلة.

وتعهدت شركة إيه إم دي  AMD، الأميركية الصانعة للرقائق، بتوفير الرقائق والبرمجيات لمراكز البيانات "الممتدة من السعودية إلى الولايات المتحدة" في مشروع بقيمة 10 مليارات دولار.

وفي حين أن مزودي مراكز البيانات التي تُصدر الحرارة عادةً ما يختارون المناطق الأكثر برودة، وترى دول الخليج أن وفرة الأراضي والطاقة الرخيصة تُغني عن درجات حرارة الصيف الحارقة.

ضعف الشركات الرائدة

وعلى الرغم من كل طموحاتها، لا تمتلك دول الخليج شركة رائدة تُطور نماذج ذكاء اصطناعي، مثل أوبن إيه آي OpenAI، أو ديب سيك DeepSeek الصينية، أو ميسترال Mistral الفرنسية، كما تفتقر إلى تركيز عالٍ من المواهب البحثية في مجال الذكاء الاصطناعي، وفقًا لبيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

إعلان

ولجذب أفضل المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي، تجتذب دول الخليج شركات وباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي من الخارج بضرائب منخفضة و"تأشيرات ذهبية" طويلة الأجل ولوائح تنظيمية متساهلة.

تُظهر البيانات التي جمعتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من شبكة لينكدإن للوظائف، أن ثالث أعلى مستوى لهجرة الأشخاص ذوي مهارات الذكاء الاصطناعي بين عامي 2019 و2024 كان إلى الإمارات، إذ جاءت الدولة الخليجية بعد دول أخرى منخفضة الضرائب مثل لوكسمبورغ وقبرص.

وتسعى دول الخليج إلى إقامة شراكات مع جهات غربية لتعزيز تطلعاتها التكنولوجية، وقد أعلنت مجموعة الذكاء الاصطناعي الإماراتية جي 42 – G42 الأسبوع الماضي عن شراكتها مع شركة ميسترال لتطوير منصات وبنية تحتية للذكاء الاصطناعي. كما أقامت شراكة مع شركة صناعة الرقائق الأميركية Cerebras، التي تدير أجهزة الكمبيوتر العملاقة الخاصة بها، وفي العام الماضي، استعانت بشركة مايكروسوفت، التي استثمرت 1.5 مليار دولار لشراء حصة أقلية.

التحدي الصيني

ويحذر خبراء أميركيون من تسرب التكنولوجيا الأميركية إلى الصين، ويبدو كثيرون في المؤسسة الأمنية الأميركية قلقين بشأن العلاقات مع دول الخليج في  حال أصبحت منافسًا للذكاء الاصطناعي.

ونقلت الصحيفة عن كبير مستشاري تحليل التكنولوجيا في مؤسسة راند، جيمي غودريتش: "يكمن القلق في أن تلجأ [دول الخليج]، في سعيها للتنافسية، إلى اختصار الطريق واستخدام كثير من العمالة الصينية أو حتى الشركات الصينية.. هذا يفتح الباب أمام مخاطر أمنية".

وأضاف أن الشركات الصينية قد تلجأ إلى الالتفاف على القيود المفروضة على التكنولوجيا الأميركية.

مقالات مشابهة

  • الاتحاد الدولي للنقل الجوي يتوقع مضاعفة إنتاج وقود الطيران المستدام في عام 2025
  • فيلم «الرمز 8».. الذكاء الاصطناعي يشعل الصراع بين ذوي القدرات الخارقة
  • هل يصبح الخليج قوة عظمى في الذكاء الاصطناعي؟
  • خبراء: الذكاء الاصطناعي لا يهدد الوظائف
  • عبدالله بلحيف: الإمارات نموذج عالمي في التنمية المجتمعية
  • لماذا لن يُفقدنا الذكاء الاصطناعي وظائفنا؟
  • كوثر محمود تشارك في المؤتمر الدولي للتمريض حول الذكاء الاصطناعي والابتكار
  • وزير الطيران المدني يبحث مع مسئولي شركة بوينج آليات تعزيز التعاون في برامج السلامة الجوية
  • الذكاء الاصطناعي يثير ضجة حول عادل إمام
  • الذكاء الاصطناعي يقلب موازين البحث في في غوغل