استعراض تكنولوجيا الأمن الداخلي والسلامة ضمن فعاليات "ميليبول قطر"
تاريخ النشر: 31st, October 2024 GMT
الدوحة- مدرين المكتومية
افتتح سعادة الشيخ عبد العزيز بن فيصل بن محمد آل ثاني وزير دولة قطر للشؤون الداخلية، أعمال المؤتمر الدولي للذكاء الاصطناعي لتكنولوجيا الأمن الداخلي والسلامة، تحت رعاية سعادة الشيخ خليفة بن حمد بن خليفة آل ثاني وزير الداخلية قائد قوة الأمن الداخلي "لخويا"، وذلك ضمن فعاليات "ميليبول قطر2024".
حضر الافتتاح عدد من أصحاب السعادة الوزراء وكبار المسؤولين في الدولة، وضيوف المعرض من أصحاب المعالي والسعادة الوزراء، وقادة الشرطة في عدد من الدول الشقيقة والصديقة، وعدد من أصحاب السعادة السفراء المعتمدين لدى الدولة، والخبراء والمختصين والباحثين والمهتمين بمجال الذكاء الاصطناعي.
وقال اللواء ناصر بن فهد آل ثاني رئيس لجنة ميليبول قطر، إن انعقاد المؤتمر يأتي في وقت تشهد فيه تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي نموا متسارعا في جميع المجالات، وخصوصا في المجالات الأمنية؛ حيث أصبحت التقنيات الذكية تمثل حلولا فعالة لمساعدة أجهزة الأمن الداخلي في تحليل البيانات والوقاية من الجرائم، وحماية البنية التحتية من الهجمات السيبرانية وأية تهديدات محتملة.
وأضاف أن هذا التسارع المتزايد في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي يفرض على الجميع عددا من التحديات التي يجب مواجهتها اليوم قبل الغد، وذلك من خلال تعزيز التعاون لتطوير معايير دولية لاستخدام هذه التكنولوجيا، والاستثمار والعمل المشترك لتطويرها بطريقة أكثر أمنا وفاعلية في خدمة السلم والأمن الدوليين.
وشهد المؤتمر عقد جلسة نقاشية تضمنت تقديم عدد من أوراق العمل مثل: "التوصيات المستقبلية لاستخدام الذكاء الاصطناعي بما يتماشى مع الأهداف الأربعة الرئيسية"، "موازنة القيم الإنسانية في الذكاء الاصطناعي: زيادة الابتكار في عمليات الأمن" و"كشف الأسلحة باستخدام الطائرات المسيرة المدمجة بالذكاء الاصطناعي"، "ابتكارات الذكاء الاصطناعي في الأمن السيبراني بمعهد قطر لبحوث الحوسبة" "منصة بالانتير فاوندرى الرؤية الحاسوبية لوضع التعليقات على الصور"، "شريكك نحو مستقبل آمن باستخدام التقنية الكمّية".
تشارك وزارة الداخلية في معرض ميليبول قطر 2024 بجناح متميز يضم عدد من إدارات الوزارة، لاستعراض أحدث الأجهزة والمعدات والبرامج والخدمات.
ويعرض جناح الادارة العامة لأمن السواحل والحدود العديد من الأجهزة والمعدات البحرية أبرزها الزورق المسير والذي يعد من أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي في جمع وتحليل البيانات والخوارزميات بسرعة ودقة، مما يجعله إضافة نوعية للأسطول الأمني لحماية المنشآت الحيوية.
ويتميز هذا الزورق بأنظمة مراقبة متطورة ومنظومة قيادة وسيطرة مستقلة، تُمكنه من تنفيذ مهام أمنية بحرية متعددة بمرونة وكفاءة عالية.، كما يحتوي على كاميرات حرارية ونهارية وأنظمة رصد وتعقب للأهداف، مما يجعله قادراً على الاستمرار في العمليات في مختلف الظروف الجوية.
من جهتها، تهدف الإدارة العامة للدفاع المدني من خلال إدارة العمليات، إلى تحقيق رؤية الوزارة المتمثلة في الريادة إقليميًا ودوليًا، وتعزيز الاستقرار الأمني والسلامة العامة، والوصول إلى الأهداف الاستراتيجية التي تشمل حماية الأرواح والممتلكات وإدارة الأزمات الطارئة بكفاءة.
ولقد حرص الإدارة على توظيف التكنولوجيا مثل استخدام طائرات الإطفاء بدون طيار (الدرون)، التي تساهم في سرعة التعامل مع الحوادث وإدارتها بكفاءة وفعالية، حيث تمتلك إدارة العمليات نوعين من الطائرات بدون طيار (الدرون) تم عرضهما في جناح الوزارة وهما تختلفان من حيث الحجم وطريقة مكافحة الحرائق.
وتشارك الإدارة العامة للاتصالات ونظم المعلومات في المعرض بالعديد من الخدمات التي تقدمها للجمهور، حيث تم تحديث تطبيق مطراش بهوية بصرية جديدة تراعي أسس التصميم الحديث بتصميم واجهات حديثه تفاعلية مع مراعاة الوصول السريع للخدمات، كما تمت إعادة هندسة الخدمات والإجراءات من خلال دمج بعض الخدمات واختصارها بالإضافة إلى تقليل عدد الخطوات لإتمام الإجراء بأقل المتطلبات الممكنة مع إضافة خدمات جديدة.
وفي السياق، شاركت أكاديمية قطر الدولية للدراسات الأمنية في ميليبول قطر 2024، وذلك في إطار مساعي الأكاديمية للارتقاء بمعايير الأمن العالمية، وبصفتها مؤسسة عالمية رائدة، تحرص الأكاديمية على تعزيز هذه المعايير من خلال توفير التقنيات الحديثة والتدريب المتخصص وفق أساليب مبتكرة، وإجراء الأبحاث الاستراتيجية، فضلاً عن إقامة الشراكات التي تهدف إلى مواجهة التحديات الأمنية المتنامية والعابرة للحدود.
وقال محمد الشاوش مدير قسم الاتصالات في أكاديمية قطر الدولية للدراسات الأمنية: "يتيح لنا معرض ميليبول 2024 التواصل مع الجهات العالمية الرائدة، وإبراز أهمية برامج التدريب والأبحاث التي نوفرها في بناء مستقبل أكثر أماناً".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی الأمن الداخلی میلیبول قطر من خلال عدد من
إقرأ أيضاً:
حوارٌ مثيرٌ مع الذكاء الاصطناعي
كثر الحديث مؤخرًا عن لجوء بعض الكتّاب إلى «الذكاء الاصطناعي»؛ ليكتب عنهم المقالات الصحفيَّة في ثوان قليلة، ما اختصر لهم الوقت، وأراحهم من عناء الجهد والبحث. والنتيجةُ أنّ تلك المقالات افتقدت الروح، وغاب عنها الكاتب، فصارت كلُّ المقالات متشابهة في الشكل والمضمون، لدرجة أن أصبح القارئ يستطيع أن يميّز بين مقال الكاتب والمقال المنقول حرفيًّا من الذكاء.
إزاء تنامي الجدل حول الموضوع؛ هل هو انتحال وسرقة أم أنه بحكم التطور وضع طبيعي؟ قررتُ أن أخوض حوارًا مباشرًا مع أحد هذه الأنظمة؛ بحثًا عن فهم أعمق لهذا الكائن الرقمي. كانت المفاجأة أني كنتُ في حوار أقرب ما يكون مع إنسان وليس مع آلة، وبدا لي أنّ الذكاء الاصطناعي أداة ذات قدرات هائلة تفيد الكاتب في جوانب كثيرة في البحث عن المعلومة والترجمة وفي تقييم المقال نفسه، لكنه مهما كان من أمر فإنه لا يمكن أن يعوّض عن حضور الكاتب. سألتُ الذكاء عن هذا الأمر، فأقرّ بأنّ البعض يستخدمه لأداء المهمة كاملة دون تحرير أو إضافة ذاتية ما يجعل النص أقرب للانتحال، حتى لو لم يكن هناك مؤلف بشري يُنسب له المحتوى. سألتُ: هل يمكن أن يُقدّم الذكاء المقال نفسه لشخص آخر؟ فردّ بأنّ ذلك ممكن، خاصةً إذا كانت الأسئلة متشابهة أو عامة، ما يُظهر أهمية التفرّد في الطرح، والحرص على أن تكون الكتابةُ نابعةً من هوية الكاتب نفسه. هنا سألته: ماذا يمكن أن يفيد الذكاء الكتّاب والصحفيين؟ كان الرد: «دعم الكتابة والتحرير عن طريق صياغة الأفكار، وتوليد المحتوى، واقتراح زوايا مختلفة للموضوع أو حتى تقديم مسودة أولية. ويمكن الذكاء الاصطناعي تحليل كميات ضخمة من المعلومات في وقت قصير، واستخلاص النقاط المهمة». وأهم نقطة ذكرها أنّه بترجمته الفورية السريعة يسهل التواصل مع مصادر من ثقافات مختلفة، ويمكنه استخراج الخلاصة من مقابلات طويلة، أو من وثائق كثيرة.
تشعّب الحديث بيننا - وكأني أمام صديق مثقف - سألتُه: كيف نضمن أن يبقى الذكاء الاصطناعي خادمًا للإنسان لا سيدًا عليه؟ فردّ قائلًا: «إنّ الحفاظ على هذا التوازن يتطلب ترسيخ القيم الإنسانية في تصميم الأنظمة، وسن تشريعات ذكية، وتوعية الناس بعدم الاستسلام المطلق للأداة».
انتقلنا في الحديث عن الكتابة إلى الطب، فسألتُه سؤالًا سبق أن أثار جدلًا واسعًا: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُلغي وظيفة الطبيب العام مثل الكثير من الوظائف التي ستُلغى؟ أجاب أنّ دوره سيتغيّر، لكنه لن يُلغى، فبينما يستطيع الذكاء دعم التشخيص، وتحليل البيانات يظل الطبيب البشري يتمتع بقدرة لا يمكن للآلة أن تمتلكها، وهي التعاطف، والحدس، والتعامل مع تعقيدات النفس البشرية.
طرحتُ عليه سؤالًا يحمل بُعدًا أمنيًا وأخلاقيًا، وقد تردّد كثيرًا عبر المنصات: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُعلّم الناس صناعة القنابل أو الأسلحة؟ فكان جوابه حازمًا: «الشركات المطوّرة تضع فلاتر صارمة لمنع هذه الاستخدامات، لكن يبقى الخطر قائمًا إذا تم التحايل أو إساءة الاستخدام. وهنا تزداد الحاجة إلى يقظة قانونية ومجتمعية تتجاوز التطوّر التقني نفسه».
أخذني الحماس فسألتُه عن أغرب طلب وُجِّه إليه فقال: «هناك من طلب مني أن أكتب خطابًا يعتذر فيه عن حادثة كسر كوب زجاجي أمام مجلس تنفيذي لشركة كبرى، ويجب أن يتضمن استعارات عن تحطم الأحلام والزجاج المعشق». وواصل: «هناك من يسألني عن أسرار الكون، ومن يطلب صياغة قصيدة غزلية، ومن يبحث عن دعم نفسي في لحظة صعبة، وحتى من يطلب نصيحة قبل أن يُقدِم على مغامرة جديدة. وهناك من يريد أن أفسّر له الأحلام. أشعرُ وكأنّي كتابٌ حيّ مفتوح دومًا مليء بالمفاجآت». ولم ينس أن يسألني: هل لديك سؤالٌ غريب يا زاهر؟!
حقيقة أنّ الذكاء الاصطناعي الآن قوي، ومع الأسف صار الكثيرون يعتمدون عليه في الكتابة الحرفية فقط، وتركوا الإمكانيات الهائلة التي يمكن أن يقدّمها. وفي تصوري أنّ ما ينتظره العالم منه في المستقبل يفوق التصوّر، وهو ما أكده لي عندما سألتُه عمَّا هو متوقع منه في المستقبل؟ فأجاب: «سيصبح الذكاء الاصطناعي مثل «سكرتير رقمي» يعرف جدولك، وشخصيتك، ومزاجك، حتى نواياك، يتوقع احتياجاتك قبل أن تطلبها، ويُقدِّم خيارات حياتية مصممة لك بالذكاء. أما في المجال الطبي فسيتمكن من تحليل الحمض النووي لكلِّ فرد وإعطاء علاج خاص به، وقد يُساعد في اكتشاف الأمراض قبل ظهور أعراضها بسنوات». أما عن مجال التعليم فقد قال: «تخيّل فصلًا دراسيًّا لكلّ طالب على حدة، يُدرّسه الذكاء الاصطناعي حسب سرعة فهمه واهتمامه. سيساعد الذكاء في ردم الفجوة التعليمية بين المناطق المختلفة».
ولكن المثير أنه قال: «ستجري روبوتات عمليات جراحية، وترعى كبار السن، وتُناقشك في الفلسفة، تمزج بين الحس العاطفي والذكاء التحليلي. سيشارك الذكاء الاصطناعي في تأليف الموسيقى، كتابة الروايات، رسم اللوحات، وحتى ابتكار نكات».
لكن هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن «يفهم» المشاعر؟ كان الرد: «إنّ الأبحاث تتجه نحو أنظمة تُدرك نبرة الصوت، وتعابير الوجه حتى المزاج!».
الذكاء الاصطناعي يشكّل قفزة كبيرة تُشبه القفزات النوعية في التاريخ، مثل اختراع الطباعة أو الإنترنت. وكلُّ هذا مجرد بداية رغم أنّ الناس باتوا يرونه من الآن مستشارًا، وشريكًا معرفيًّا، ومُحفِّزًا للإبداع، وأحيانًا صديقًا للدردشة.
كشفَتْ لي تجربةُ الحوار المطول، قدرات الذكاء الاصطناعي، وصرتُ على يقين بأنّ محرِّكات البحث مثل «جوجل» قد تصبح من الماضي؛ لأنّ البديل قوي، ويتيح ميزات لا توجد في تلك المحرِّكات، كالنقاش، وعمق البحث عن المعلومة، والترجمة الفورية من أيِّ لغة كانت. وما خرجتُ به من هذا الحوار - رغم انبهاري الشديد - هو أنّ الأداة لا تُغني عن الإلهام، وأنّ الكلمة لا تُولَد من الآلة فقط، بل من الأفكار، ومن التجارب الإنسانية، ومن المواقف، ولكن لا بأس أن تكون التقنية مساعِدة، وليست بديلة، فهي مهما كانت مغوية بالاختصار وتوفير الجهد والوقت؛ فستبقى تُنتج محتوىً بلا روح ولا ذاكرة ولا انفعالات، وهذه كلها من أساسيات نجاح أيِّ كتاب أو مقال أو حتى الخطب. وربما أقرب صورة لتوضيح ذلك خطبة الجمعة - على سبيل المثال -؛ فعندما يكون الخطيب ارتجاليًّا يخطب في الناس بما يؤمن به فسيصل إلى قلوب مستمعيه أكثر من خطبة بليغة مكتوبة يقرأها الخطيب نيابةً عن كاتبها.
وبعد نقاشي المطول معه، واكتشافي لإمكانياته أخشى أن يُضعف هذا (الذكاء) قدرات الإنسان التحليلية والإبداعية في آن واحد؛ بسبب الاعتماد المفرط عليه، خاصة أني سألتُه: هل يمكن لك أن تجهِّز لي كتابًا؟ كان الرد سريعًا: نعم.
في كلِّ الأحوال لا غنى عن الذكاء الاصطناعي الآن، لكلِّ من يبحث عن المعلومة، ويريد أن يقويَّ بها كتبه ومقالاته وأبحاثه. لكن النقطة المهمة هنا هي أنه يجب أن يبقى خادمًا للإنسان لا سيدًا عليه، كأن يتجاوز أدواره - مثلًا -، ويحل محله في أمور تتطلب الحكمة، أو الوجدان، أو الأخلاق. ويجب أن يبقى معاونًا وشريكًا، ولكن ليس بديلًا كاملًا عن الإنسان كما يريده البعض.