إفيه يكتبه روبير الفارس: "القوم القوم"
تاريخ النشر: 11th, November 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
هذه المرة لن نسقط أفكارًا من واقعنا البائس على إحدى شخصيات فيلم "عنتر بن شداد" الذي تناولناه وناقشناه في المقالات السابقة، اليوم نلتقط الجماهير الغفيرة العريضة، المجاميع الكثيرة الذين يُعرفون بالكومبارس، ولكن ما هي أهمية الكومبارس الذين لا نعرف حتى أسمائهم؟ هؤلاء الكومبارس هم "القوم"، أبطال حياتنا رغمًا عنا؛ هم الذين نعمل حسابهم، وقد لا نأخذ أنفسنا إلا برضاهم وبركتهم، ونتحصن بأجمعهم ونتباهى بكثرتهم "القوم" في الفيلم وفي الحياة أعداء لأهم وأعظم وأجمل ما في الحياة.
أولًا، هم أعداء الحب يظهر ذلك في المشاهد الأولى من الفيلم حيث تغني عبلة "الفنانة كوكا" لعنتر "الفنان فريد شوقي" كلمات خطيرة تقول فيها: "سر جعلته بيني وبينك، قدام أهلي وناسي أهينك، أما يا روحي وضياء عيوني، قلبي وعقلي ملك إيديك" ولعلها أول أغنية تعبر عن مبدأ التقية وإظهار عكس الباطن هكذا يقبل القوم الإهانة العلنية لكنهم لا يقبلون الحب وانظر حولك جيدًا تجد أن السب والشتائم مقبولة في المواصلات والشوارع وعلى صفحات السوشيال ميديا وهناك قوم عملهم هو حماية الكراهية والبغض في الله للمختلف دينيًا ومذهبيًا. هذه الكراهية المقدسة مصونة ومكرمة ومحروسة لكن الحب مرفوض ومذموم، وتهمة قد تبدأ بالتنازل واللاطائفية وقد تنتهي بالفعل الفاضح.
العدو الثاني "للقوم" في فيلم "عنتر" هو الحقيقة يخاف "شداد"، الذي يعرف جيدًا أن "عنتر" ابنه، أن يعلن هذه الحقيقة حتى لا يحتقره قومه وتهتز مكانته القوم ضد الحقيقة؛ يكرهون الحقيقة كراهيتهم للحب وهكذا تجد عبارات مثل "أن قول الحق لم يجعل لي أصدقاء" و"سوق الأكاذيب هو المتجر الأكثر ربحًا" تعبر بصدق عن ما نحياه فالقوم يحمون بالأكاذيب أفكارهم وأصنامهم وزعماءهم وشيوخهم وبطاركتهم وتاريخهم المزيف وعندما تعرض عليهم قليلًا من نور الحقائق، يقوم "القوم" عليك ويأكلونك "حيًا" صارخين: "كيف تهين آلهتنا؟" تقدم وقائع ينكرونها، وثائق يكذبونها، معارف يجحدونها وفي سبيل الحصول على رضا القوم تعمل على تجهيلهم وتسمي جهلهم "بساطة" ومع الأيام تغذي هذا الجهل بإخفاء الحقائق حتى يتوحش جهلهم ويصبح قائدك، فتُعجز عن مواجهتهم خوفًا من أنيابهم إنها أمر وأقسى وأفسد لعبة يلهو بها ومعها القوم وإذا أردت أن تجرب، اطرح على الناصريين والشعراويين والشنوديين سؤالًا حول سلبيات رموزهم.
ولتكتمل الثلاثية المرعبة للقوم، فإن عدوهم الثالث هو "الحرية" ففي الفيلم، ما الذي يضير القوم أن يصبح عنتر حرًا؟ الكل يريد الحرية على مقاسه الخاص، والقوم هم الذين يضعون مقاييس حرية فكرك وتعبيرك، بل وحتى صفحتك وبوستاتك وتدويناتك؛ يريدون أن تعبر فيها عن عقولهم وأفكارهم هم، يريدون حريتهم لا حريتك. يريدونك خانعًا خاضعًا لهم، رافضًا للحب مثلهم، كارهًا للحقائق فالقوم لم يكتفوا بالأديان، بل وضعوا فوقها أكوامًا من "العرف والتقاليد" التي صارت أديانًا فوق الأديان، ومواريث من القيود التي تكبل حياتنا، القوم في الفيلم حاضرون، كثيرون، قد لا تراهم، فهم لا يسرقون الكاميرا لكنهم يحركون كل الأحداث، ولا يفوز عنتر بحب عبلة إلا بالانتصار عليهم ومواجهتهم بقوة الحقيقة وانتزاع الحرية.
إفيه قبل الوداع:أيتها الجماهير العريضة، أيتها الجماهير العريضةعلى جنب يا أسطىالمصدر: البوابة نيوز
إقرأ أيضاً:
أسطورة السرعة فريزر برايس… قصة إلهام تعبر حدود المضمار وتدعم نهضة الرياضة في إفريقيا"
تواصل منظمة كرة السلة للقارة الإفريقية دعم المحتوى الذي يبرز قصصًا مؤثرة عن القيادة والابتكار والتمكين، وذلك في إطار رسالتها لتعزيز دور الرياضة في التنمية وبناء المجتمعات. وفي هذا السياق، تبرز المنصة أحدث حلقات برنامج "التطوير الإبداعي" الذي تقدمه مؤسسة التمويل الدولية، حيث تستضيف الحلقة العدّاءة الجامايكية الأسطورية شيلي-آن فريزر برايس، صاحبة المسيرة الأطول والأكثر تتويجًا في سباق 100 متر في تاريخ ألعاب القوى.
ويأتي تسليط الضوء على هذه المقابلة انطلاقًا من قناعة منظمة كرة السلة للقارة الإفريقية بأن قصص النجاح الاستثنائية—مهما كان مجالها—تحمل قوة إلهامية تتجاوز حدود الرياضة. ففريزر برايس، التي صنعت تاريخًا رياضيًا حافلًا على مدار 18 عامًا، تقدّم اليوم نموذجًا مُلهِمًا للقيادة المجتمعية وريادة الأعمال، وهو ما ينسجم مع جهود المنظمة لإبراز دور الرياضة في خلق الفرص وتحفيز التطور الاجتماعي والاقتصادي في القارة الإفريقية.
وتتناول الحلقة رحلة فريزر برايس منذ بداياتها المتواضعة في جامايكا وصولًا إلى العالمية، وكيف شكّل الانضباط والإيمان والعمل المجتمعي أساسًا لنجاحها داخل المضمار وخارجه. ومع اقترابها من ختام مسيرتها الرياضية، تتجه العدّاءة المخضرمة إلى مرحلة جديدة تتمحور حول التأثير الاجتماعي، من خلال مؤسسة "الجيب الصاروخي" التي توفر الدعم التعليمي والرياضي للشباب، بالإضافة إلى خط العناية بالشعر "أفيمي" الذي يعكس اهتمامها بتمكين النساء وتوسيع حضورها في مجال ريادة الأعمال.
أما الحوار الذي أجرته مع المدير العام لمؤسسة التمويل الدولية، مختار ديوب، فيقدّم رؤية صادقة حول انتقالها من عالم المنافسة الرياضية إلى عالم المبادرات المجتمعية، ويسلط الضوء على طموحها في مواصلة التأثير على الأجيال القادمة.
وترى منظمة كرة السلة للقارة الإفريقية أن هذا النوع من القصص يشكّل جزءًا أساسيًا من بناء بيئة رياضية واجتماعية أكثر شمولًا، تُحتفى فيها النماذج العالمية التي تُلهم الشباب وتدفعهم نحو الابتكار والإنجاز.