لقد دلت متواليات الصراع في الزمن الحديث، أن العنف عملية تدميرية قاتلة وهي رؤية لا تمت إلى إرادة الحياة والنماء والتحديث والتغيير والانتقال بصلة.. وقد رأينا نحن في اليمن كيف عدنا إلى نقاط تاريخية بعينها، فالمحافظات الجنوبية التي تجاوزت البناءات الاجتماعية القديمة خلال عقدين من زمن ما بعد الاستقلال إلى عام90م، حدث ويحدث الآن تراجع مذهل في مشروعهم من خلال تفاعل رموزهم أو أبرز رموز الاشتراكي مع العصبيات القديمة، وأعني أولئك الذين غادروا عدن في أحداث 13 يناير 86م وعادوا اليها بعد أحداث ثورة 21 سبتمبر 2014م، وتداعياتها التي حدثت في 21 يناير 2015م، والتي على إثرها استقال الرئيس التوافقي ثم غادر إلى عدن وتراجع عن استقالته وعمد إلى تدمير ما تبقى من مظاهر الدولة وما تبقى من مظاهر المؤسسة العسكرية والأمنية بعد ذلك النشاط المحموم في مشروع الهيكلة الذي دلت الأيام والأحداث أنه كان مشروعاً تدميرياً كانت حركة الإخوان العالمية تسعى إليه وما تزال، ومثل ذلك التوجه للإخوان لم يكن خاصاً باليمن بل دلت الوقائع على عمومه سواءً في مصر أو في سوريا أو في العراق أو في ليبيا وتونس، ولعل الظاهرة النصية للإخوان والثبات الذي تمتاز به رؤيتهم وثقافتهم قد صبغت المرحلة بحالة انكسارية هي الآن في أشد أنواع البهوت وأمام حالة مقاومة قادرة على الصناعة والصراع بين الحالين هي السمة البارزة في كل دول «الربيع العربي»، والصراع بين الحالين الذي أقصده هو صراع بين ماضٍ ثابت متحجر، وحاضر متحول ينشد المستقبل.
ويبدو أن العدوان بكل تجلياته وتحالفاته لا يكاد يخرج عن نسقه التاريخي، فالسعودية التي واجهت حركة الاستقلال في الجنوب في مطلع عقد الستينيات من القرن الماضي ووقفت ضد ثورة 26 سبتمبر 1962م في الشمال كانت تخوض معركتها في الأرض اليمنية ليس دفاعاً عن نفسها خوف حركة التحرر التي تقودها الحركة القومية الناصرية فقط، ولكنها كانت تخوض معركة نيابة عن المستعمر البريطاني الذي تداخل مع التكوين الأول والنشأة الجديدة للدولة السعودية، لذلك كان موقف المملكة ثابتاً لا يخرج عن الإرادة السياسية البريطانية، ومثل ذلك دالة عليه الوثائق التاريخية التي تنص على التبعية الكاملة لبريطانيا، ومنها المذكرة التي تقر أن فلسطين وطن قومي لليهود، ومذيلة بقول الملك عبدالعزيز: فأنا لا أخرج عن رأي بريطانيا..
لذلك لا يمكن الفصل مطلقاً بين العدوان الإسرائيلي في حزيران 67م، على مصر وبين حركة التحرر في اليمن، ونتائج مثل ذلك لا تحتاج كثير تأمل، فبريطانيا التي سمعت كلمات الزعيم جمال عبدالناصر من تعز وهو يقول لها: ” احملي عصاك وارحلي “، أوعزت إلى يدها الطولى في الجزيرة العربية من آل سعود بكسر شوكة عبدالناصر والوقوف أمام ثورة 26 سبتمبر 1962م في الشمال والحد من الأثر المباشر لثورة 14 أكتوبر 1963م في الجنوب، لذلك كان أثر الثورة بطيئاً في الجنوب بسبب حركة الممانعة التي قادتها السعودية ضد ثورة 26 سبتمبر 1962م في الشمال، إذ سارعت إلى الاشتغال في الشمال عن طريق حركة الإخوان التي تشكلت في إطار حزب الله بقيادة الزبيري وأغرت مشايخ القبائل بالذهب واستقطبت بعض العسكريين، وكان ظاهر اشتغالها هو دعم الملكية المتوكلية التي غادرت صنعاء تحت نيران الانفجار الثوري صبيحة 26 سبتمبر 1962م، وباطنه هو دعم المستعمر البريطاني في تغيير معادلة وجوده في جنوب اليمن واستمراره في الهيمنة على عدن ومضيق باب المندب، ولذلك تأجل الجلاء بفضل الممانعة التي قادتها المملكة العربية السعودية منذ تفجر الثورة اليمنية مدة أربعة أعوام من 63م إلى 67م، وخلال هذا الزمن حصلت تبدلات جذرية في السياق السياسي العربي واليمني فقد حصلت نكسة (5 حزيران 67م) في مصر ثم تلتها أحداث أغسطس 67م في اليمن وصولاً إلى انقلاب (5 نوفمبر 67م) الذي أطاح بالسلال المحسوب على مصر وعلى الثورة المصرية وجمال عبدالناصر وجاء المجلس الجمهوري الذي تنازعت النفوذ فيه السعودية مع مصر، بيد أن السعودية كانت أكثر نفوذاً بسبب آثار النكسة النفسية والثقافية والسياسية، ويبدو أن المستعمر البريطاني وجد قدراً من الاطمئنان بعد سيطرة ربيبته السعودية على مفردات اللعبة السياسية في الشمال وهو يدرك الأثر المباشر على الجنوب بل لم يدر في خلده أن يصبح الجنوب دولة مستقلة بحكم التداخل الذي كانت مظاهره واضحة في الجمهورية الأولى التي امتدت من 62م- 1967م برئاسة عبدالله السلال..
في اليمن على وجه العموم قضية وطنية وثقافية لا تحتمل التأجيل والتسويف وأصبح طرحها على طاولة الحوار والنقاش – لابتكار الحلول المناسبة لها- أمراً ضرورياً، فالتمادي ضياع وتيه ولا نرغب باليمن أن تصل إلى حالة التيه التي أصابت الأمم من قبلنا، كما أن الاستقلال فكرة يفترض دراستها من كل جوانبها حتى نصل إلى لحظة الاستقلال الحقيقي، ومعنى الحرية الكاملة، والتقدم التاريخي، لذلك نؤكد على فهم حركة التاريخ على حقيقتها حتى نجتاز ما نحن فيه من خضوع وهوان.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
كارا يونج تقترب من صنع التاريخ في برودواي عبر مسرحية «الغرض»
أصبح المشروع الأهم الذي يشغل بال الممثلة الأمريكية كارا يونج حاليًا هو مسرحية «الغرض» الشهيرة على مسارح برودواي، وهي دراما براندن جاكوبس-جينكينز التي تُعرض في مسرح هيلين هايز، وتدور أحداثها حول عائلة سوداء بارزة تكشف عن نفاقها ونقاط ضعفها خلال تجمع حاصرته الثلوج.
تقول يونج، التي تلعب دور شخص غريب يشهد الانهيار: «هناك الكثير في هذه المسرحية. ومثل العديد من الكُتّاب العظماء، فهو يخلق هذه العوالم في سطر أو في الفراغ بين الكلمات».
تؤدي يونج دور عزيزة، عاملة اجتماعية من هارلم، صديقة مقربة لناز لكنها لا تعرف شيئًا عن عائلته. تصرخ قائلةً: «هذا النوع من الأشياء لا يحدث لي أبدًا! لم أقابل مشاهير قط، وأنتِ كنتِ مشهورة طوال هذه الفترة؟».
يتلاشى رهبتها سريعًا مع تفجر غيرة الأشقاء، وإحباطات الوالدين، وخطايا الماضي، وضغوط الإرث، على مأدبة عشاء مليئة بالتوتر. هناك بعض الصفعات.
تقول يونج: «نحن عرضة للغضب من أحبائنا أكثر من أي شيء آخر. ما نراه في أقل من 12 ساعة من لقائهما لأول مرة منذ عامين، هو جلوسهما معًا وتناولهما العشاء، وكل هذه الأمور تظهر، كما يحدث غالبًا».
يونج على وشك صنع التاريخأكسبها عملها ترشيحًا لجائزة توني وفرصة لصنع التاريخ، وهي بالفعل أول فنانة سوداء تُرشح أربع مرات متتالية، وإذا فازت، ستكون أول فنانة سوداء تفوز بجائزتي توني على التوالي. ظهرت يونغ لأول مرة على مسرح برودواي عام 2021 في مسرحية "كلايد"، وشاركت في مسرحية "تكلفة المعيشة" في العام التالي، وشاركت مع ليزلي أودوم جونيور في مسرحية "بورلي المنتصر: نزهة غير كونفدرالية عبر رقعة القطن" عام 2024، وفازت بجائزة توني.
ومن جهته، يصف جاكوبس-جينكينز عزيز في نصه بأنها "شخصية ثاقبة ومتعاطفة"، وهذا ينطبق أيضًا على يونغ. تقول إنها تتعاطف مع شخصيتها في مسرحية "الهدف"، فكلاهما من مواليد هارلم، ويدافعان عن الآخرين، ويأملان في جعل الكوكب مكانًا أفضل.
تقول يونج: «أشعر بالارتباط بجوهرها، ففي كل مسرحية قدمتها منذ مهرجانات مسرحياتي التي مدتها عشر دقائق، كنت دائمًا أقول: 'يا إلهي، أشعر أن هذا قادر على تغيير العالم'، أتعلمون؟ وأشعر أن عزيزة، في جوهرها، هذا ما تشعر به. إنها تريد تغيير العالم».
اقرأ أيضاًبعد وفاتها.. من هى لوريتا سويت الحائزة على جائزة إيمي؟
أول رد لـ كارول سماحة على منتقدي عودتها للعمل بعد وفاة زوجها