بعد توالي الجرائم ضدهن.. تونس تتخذ إجراءات لحماية النساء ضحايا العنف
تاريخ النشر: 18th, November 2024 GMT
تخطط السلطات التونسية لتعزيز آليات حماية النساء ضحايا العنف وأبنائهن في العام 2025، وذلك في إطار مساعيها للحد من تداعيات استفحال هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة.
وأعلنت وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ، أسماء الجابري، عن مشاريع تشييد 17 مركزا لإيواء النساء ضحايا العنف وأبنائهن، بطاقة استيعاب تفوق 220 سرير، ضمن القرارات التي تبنتها الوزارة في مشروع قانون الميزانية للعام المقبل.
كما تخطط الوزارة لتطوير مهام مراكز الإيواء والتعهد بالنساء ضحايا العنف والأطفال المرافقين لهنّ برصد اعتمادات مالية تقدر بنحو 200 ألف دولار لتسيير هذه المؤسسات خلال العام المقبل.
وعرفت تونس، خلال الشهور الأخيرة، تصاعدا كبيرا في حالات العنف ضد المرأة، إذ سجلت منظمات حقوقية 20 جريمة قتل راحت ضحيتها نساء منذ بداية 2024، وفق أرقام أصدرتها جمعية "أصوات نساء" في سبتمبر الفائت.
وفي العام 2023، تم تسجيل 25 جريمة قتل نساء، وأغلب ضحاياها من المتزوجات بنسبة تفوق 71 بالمئة.
وكان تقرير صادر عن مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة "الكريديف" الحكومي، في أواخر سبتمبر الماضي، كشف أن العنف النفسي هو أكثر أنواع العنف ضد النساء في تونس.
وقد بلغت نسبته 44.4 بالمئة، تلتها نسبة العنف اللفظي بـ26.7 بالمئة، ثم العنف الجنسي بـ15.6 بالمئة، والعنف الاقتصادي بـ11.4 بالمئة، ثم العنف الجسدي بـ5.3 بالمئة، وفق تقرير المركز الحكومي.
وقدرت نسبة الزوجات المعنفات، وفق التقرير واستنادا إلى تصريحات المستجوبات، بـ41.8 بالمئة، يليها العنف في الأماكن العمومية بـ28.1 بالمئة، فيما بلغت نسبة النساء المتعرضات للعنف في الوسطين العائلي والزوجي 58 بالمئة أي أكثر من النصف.
وارتفع عدد مراكز الإيواء، التي تسمى في تونس بـ"مراكز الأمان"، إلى 14 مركزا وطنيا بطاقة استيعاب إجمالية تقدر بـ221 سريرا، في خطوة من السلطات لحماية المعنفات.
وتؤمن مراكز الأمان إيواء النساء ضحايا العنف والتعهد بهن اجتماعيا ونفسيا وصحيا والإحاطة بهن ومرافقتهن للخروج من حلقة العنف وإدماجهن في الحياة الاقتصادية.
وكانت وزارة الأسرة والمرأة قد خصصت خلال العام 2024 نحو 300 ألف دولار لتسيير 14 مركزا بالشراكة مع 12 جمعيّة ناشطة في مجال مقاومة العنف ضد المرأة.
وفي العام 2023، استقبلت هذه المراكز 305 نساء ضحايا عنف و317 طفلا مرافقا لهنّ، بينما تم في السداسي الأول من العام الجاري إيواء 167 امرأة ضحية عنف و177 طفلا.
وتبنى البرلمان التونسي في العام 2017 قانونا لمناهضة العنف ضد المرأة وُصف بـ"الثوري" آنذاك، لتضمنه العديد من التدابير لحماية المعنفات.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: النساء ضحایا العنف فی العام العنف ضد
إقرأ أيضاً:
المرأة الأردنية والتحديث الاقتصادي … الاستثمار في التعليم لا يكتمل إلا بالإدماج في سوق العمل
صراحة نيوز- د.زهور غرايبة تكتب
مع مرور ثلاث سنوات على بدء مراحل رؤية التحديث الاقتصادي الأردنية وانطلاق المرحلة الثانية التي تُعد مشروعًا وطنيًا شاملًا لتوسيع قاعدة النمو وخلق فرص عمل مستدامة، تتجه الأنظار نحو مدى قدرة الاقتصاد على استثمار الطاقات البشرية المؤهلة، وفي مقدمتها المرأة الأردنية، فالمرأة اليوم لا تطالب فقط بالتمكين، إنما تثبته بالأرقام والإنجازات، لا سيما في المجال التعليمي، الذي باتت تتصدره بامتياز.
تشير بيانات عام 2024 إلى أن النساء يشكلن ما يقارب 60% من خريجي التعليم الجامعي، ويواصلن هذا التميز في الدراسات العليا؛ إذ بلغت نسبتهن في الماجستير 60.4% وفي الدكتوراه 57.1%. هذا التقدم يعكس وعيًا مجتمعيًا متزايدًا بأهمية تعليم المرأة، ويعزز من جاهزيتها للمشاركة في القطاعات الحيوية التي ترتكز عليها رؤية التحديث، كالاقتصاد المعرفي والريادة والابتكار.
ورغم هذا الحضور اللافت في التعليم، لا تزال مشاركة المرأة في سوق العمل محدودة، إذ بلغ معدل المشاركة الاقتصادية للنساء 14.9% فقط، مقارنة بـ53.4% للرجال، ما يعكس فجوة واسعة تُقدَّر بـ38.5 نقطة مئوية، كما أن معدل البطالة بين النساء وصل في عام 2024 إلى 32.9%، وهو أكثر من ضعف المعدل العام، هذه الأرقام لا تنتقص من كفاءة النساء، لكنها تكشف عن حاجة ملحة لتطوير السياسات والبيئات المؤسسية والتشريعية لتكون أكثر دعمًا للنساء الباحثات عن دور فاعل ومنتج في الاقتصاد.
وتتعمق الصورة حين ننظر إلى صافي فرص العمل المستحدثة خلال العام ذاته؛ فقد بلغت فرص الإناث قرابة 30 ألفًا، مقابل أكثر من 65 ألفًا للذكور، ورغم أن الأرقام تعكس توجهًا إيجابيًا في توفير فرص للاناث، إلا أنها تؤكد في الوقت ذاته أن الطريق لا يزال طويلًا أمام تحقيق توازن حقيقي في سوق العمل، خاصة في القطاعات التي تُعد الأكثر إنتاجًا واستدامة.
وتكتسب هذه المعطيات بعدًا آخر عندما نعلم أن واحدة من كل خمس أسر أردنية ترأسها امرأة، إذ تشير الإحصاءات إلى أن نسبة النساء المعيلات للأسر (اللواتي يرأسن أسرهن) تبلغ 20.8% من مجموع الأسر في المملكة، أي ما يزيد عن نصف مليون أسرة، أغلبهن من الأرامل بنسبة 76.3%، هذا الدور الاقتصادي والاجتماعي الذي تؤديه النساء المعيلات لا يمكن تجاهله، ويستدعي توفير شبكات حماية متكاملة، ومبادرات تمكين حقيقية، تضمن لهن فرص الاستقرار والعمل والإنتاج.
رؤية التحديث الاقتصادي، من جهتها، وضعت هدفًا استراتيجيًا يتمثل في رفع نسبة مشاركة المرأة الاقتصادية إلى 28% ومضاعفة وجود النساء في سوق العمل الأردني بحلول عام 2033، وهذا الهدف لا يبدو بعيد المنال في ظل توفر الإرادة السياسية العليا، والبرامج المتنوعة التي بدأت ترى النور، خاصة في المحافظات والمجتمعات التي تحتاج إلى تحفيز إضافي، ومن أبرز ما ورد في الرؤية: “إن تمكين المرأة هو شرط أساسي لتحقيق النمو الشامل والمستدام… وتلتزم الدولة بتهيئة بيئة عمل آمنة ومنصفة تراعي التوازن بين المسؤوليات الأسرية والطموحات المهنية.”
تحقيق هذا الطموح يتطلب استكمال جهود بناء بيئة عمل عادلة، تحفز القطاع الخاص على التوسع في توظيف النساء، وتدعم ريادة الأعمال النسائية، وتؤمن خدمات مساندة كالحضانات والنقل الآمن، وتكافؤ الأجور، كما يتطلب الأمر العمل على تفكيك الصور النمطية التي ما زالت تقيد مشاركة النساء في بعض القطاعات أو في المواقع القيادية.
إن المرأة الأردنية أثبتت جاهزيتها، لا فقط من خلال تحصيلها العلمي، بل عبر أدوارها المتعددة في الأسرة والمجتمع وسوق العمل، إضافة إلى الاستثمار في قدراتها الذي يعد ركيزة وضرورة وطنية، تصب في مصلحة الاقتصاد والاستقرار الاجتماعي على حد سواء، فالرؤية الأردنية الطموحة في التحديث لا تكتمل إلا بمشاركة الجميع، والمرأة شريكة أصيلة في صناعة الحاضر وبناء المستقبل.