نظرة غير مسبوقة على تفاصيل انقسام الخلية!
تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT
كشف باحثون عن مستوى جديد تماما من التفاصيل المبهرة داخل خلايانا الحية، من خلال استبدال الجزيئات الفلورية في عملية التصوير الحالية بأخرى تشتت الضوء.
وسيسمح التعديل المبتكر للعلماء بمراقبة السلوك الجزيئي مباشرة على مدى فترة أطول بكثير، ما يفتح نافذة على العمليات البيولوجية المحورية مثل انقسام الخلية.
ويوضح مهندس الطب الحيوي في جامعة ميشيغان، جوانججي تسوي: "الخلية الحية مكان مزدحم بالبروتينات الصاخبة هنا وهناك.
ويتمثل الحل الفائق في عملية مراقبة الهياكل البيولوجية الصغيرة بشكل لا يصدق، حيث تستخدم سلسلة من اللقطات المأخوذة من مجموعات من الجزيئات الفلورية التي تسلط الضوء على مناطق محددة من الأنسجة المستهدفة، ما يزيل التأثير الباهت لفيضان الضوء المنعرج.
We Just Got An Unprecedented Look At The Details of Cell Division https://t.co/sgV6CpJ30k
— ScienceAlert (@ScienceAlert) August 14, 2023وفاز الباحثون الذين يقفون وراء تطويره بجائزة نوبل في عام 2014. وبقدر ما كانت العملية ثورية، فإن قدرة الجزيئات المتألقة على امتصاص ثم طرد الطول الموجي المطلوب للضوء، تتلاشى في غضون عشرات الثواني، ما يستبعد رسم خرائط عمليات أطول مدة.
لذا طور تسوي وزملاؤه نظاما لاكتشاف تشتت الضوء بعيدا عن العصي النانوية الذهبية الموزعة عشوائيا، وهي عملية لا تتعطل مع التعرض المتكرر للضوء.
إقرأ المزيدويسمح النظام الناتج بـ 250 ساعة من الملاحظات المستمرة بدقة 100 ذرة فقط.
ثم قام تسوي وزملاؤه بفحص عملية الانقسام الخلوي بأكملها باستخدام تنظير PINE النانوي الجديد، وكشفوا عن سلوك لم يسبق له مثيل لجزيئات الأكتين، وصولا إلى مستوى الجزيء الفردي.
ويزود الأكتين، المكون الرئيسي للهيكل الخلوي للخلية، الخلايا بالدعم الهيكلي ويساعد على تسهيل الحركة داخل الخلية. لذا فإن هذه الجزيئات على شكل خيوط متفرعة تلعب دورا هائلا في تقسيم الخلية قبل فصلها إلى خليتين.
وترث كل نسخة من هذه الخلايا الدواخل نفسها، من البروتينات إلى الحمض النووي، ولكن كيف يحدث هذا بالضبط ظل لغزا منذ فترة طويلة بسبب قيود تقنيتنا البصرية.
ومن خلال مراقبة 904 خيوط أكتين في أثناء عملية الانقسام الخلوي، تمكن تسوي وفريقه من رؤية كيف تتصرف الجزيئات الفردية بعضها مع بعض. ووجدوا أن جزيئات الأكتين عندما تكون أقل ارتباطا بعضها ببعض، ستتوسع بحثا عن المزيد من الروابط. وعندما يصل كل أكتين إلى جيرانه، فإنه يقترب من جزيئات الأكتين الأخرى، ما يؤدي إلى زيادة شبكتها.
ورأى الباحثون كيف تُرجمت هذه الحركات الصغيرة الحجم عبر عرض خلوي واسع النطاق. وبشكل غير متوقع، عندما يوسع الأكتين الخلية بشكل عام، تتقلص فعليا، في حين أنها تتوسع عندما يتقلص الأكتين. ويبدو هذا متناقضا، لذا يحرص الباحثون على استكشاف كيفية حدوث هاتين الحركتين المتعارضتين.
نُشر هذا البحث في مجلة Nature Communications.
المصدر: ساينس ألرت
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا اكتشافات بحوث
إقرأ أيضاً:
لأول مرة.. الكيمياء تسمح برؤية واضحة عبر الضباب الكثيف على الطرق
لطالما تسبب الضباب في تعطيل سير السيارات وتصادمها أحيانًا، بل في تصادم بعض الطائرات بين السُحب في الجو. فعندما تنعدم الرؤية، يتخبط البشر ويضطرون إلى الاعتماد على الكاميرات والمجسات.
ورغم قلقنا البشري الفطري من الظلام، فإنه لا يقارن بالضباب، إذ قد تنجيك مصابيح سيارتك أو الكاميرا الليلية في الظلام، لكن لن ينفعك شيء في الضباب، فهو يلتهم كل شيء.
ولحل هذه المشكلة، تقدم دراسة حديثة نُشرت في دورية "أدفانسيد ماتيريالز" المتخصصة كشفًا قد يغيّر قواعد اللعبة جذريا. فقد طوّر باحثون من كوريا الجنوبية بالتعاون مع آخرين من جامعة فرجينيا كومنولث الأميركية كاشفًا ضوئيا عضويا جديدًا يُعرف باسم "3 بي إيه إف سي إن"، يتميز بحساسية فائقة وقدرة على التقاط إشارات ضوئية خافتة حتى في ظروف الضوضاء البصرية الشديدة.
يقول أحمد قاسم، الباحث في قسم الكيمياء بجامعة فرجينيا كومنولث الأميركية، وغير المشارك في الدراسة: "تُصاب أنظمة التصوير بالعمى عند تشتت الضوء، إذ يُحوّل الدخان والضباب والبيئات المعتمة الصور الواضحة إلى ضبابية مشوشة يصعب فك رموزها، وهو قيد أساسي في الكاميرات وأجهزة الاستشعار التقليدية".
تقترح الدراسة حلًّا يقوم على تصميم طبقة عضوية مبتكرة داخل الكاشف الضوئي تعمل مثل "بوابة جزيئية" دقيقة، تمنع دخول الشحنات الكهربائية غير المرغوب فيها والتي تولّد الضوضاء والتعتيم، بينما تسمح بمرور إشارات الضوء الحقيقية.
يشرح قاسم "صمم الباحثون نوعًا جديدًا من ‘كاشف ضوئي عضوي’ فائق الحساسية يلتقط الضوء، مستوحى من الإلكترونيات العضوية، إذ يعمل بدقة من خلال تصميم طبقة ‘بوابة’ جزيئية مخصصة".
الإلكترونيات العضوية هي فرع من الإلكترونيات يستخدم مواد عضوية (مبنية على الكربون) بدلًا من المواد غير العضوية التقليدية مثل السيليكون، هذه المواد تكون غالبًا بوليمرات أو جزيئات صغيرة قادرة على توصيل الكهرباء أو إصدار الضوء، وتكون عادة خفيفة الوزن ومرنة، ومن أمثلتها شاشات "أوليد" في الهواتف والتلفزيونات.
واستطاع الفريق تحقيق أدنى مستوى ضوضاء سُجل على الإطلاق في مثل هذه الأجهزة (2.18 فمتوأمبير فقط) أي أصغر بمليون مرة من ضوضاء مستشعر الهاتف الذكي!
إعلانالميزة الأساسية لهذا الكاشف العضوي تكمن في قدرته على الصمت الإلكتروني شبه الكامل. إذ يستطيع الجهاز العمل من دون إصدار تيارات كهربائية عشوائية، أو تسريبات حرارية أو شحنات شاردة، تؤثر على دقة التقاط الضوء، خاصة في الظلام أو البيئات المنخفضة الإضاءة بفضل التصميم الجزيئي العميق للطبقة الحاجزة.
يشرح قاسم أن طبقة "3 بافسين" تعمل كمرشح دقيق على المستوى الذري، فتُسكت الضوضاء الكهربائية. ويوضح أن تلك القدرة "ترجع إلى مستوى الطاقة الجزيئية العميق للمادة، حيث يشكل ‘جدارًا’ مرتفعًا يحجب الإلكترونات الشاردة الناتجة عن الحرارة"، كما أن وجود مجموعات السيانو داخل التركيب الجزيئي يعزز من هذا التأثير، فيجعل مرور الشحنات المسببة للضوضاء شبه مستحيل.
لا تكتمل جدية الاختبارات من دون بيئة واقعية، لهذا شرع الفريق في تجربة الكاشف داخل غرفة مملوءة بالضباب الكثيف المصطنع بواسطة الثلج الجاف، وبتقليل الإضاءة حتى حدود خافتة جدا.
يقول قاسم "باستخدام إعداد كاميرا بسيطة أحادية البيكسل، نجح الباحثون في تصوير أجسام مخفية خلف ضباب كثيف وفي ضوء خافت للغاية. أنتجت المستشعرات التقليدية صورًا ضبابية، لكن قدّم الجهاز الجديد صورًا واضحة وعالية التباين".
بمعنى آخر، تمكن الكاشف العضوي الجديد من رؤية ما لم يُرَ، وهو وصف يليق بالتقنية التي تخترق حاجز التشتت البصري بذكاء جزيئي.
تحديات تحتاج المزيد من البحثورغم النجاح المذهل، يقر الفريق بأن تحقيق الدقة القصوى المطلوبة لقمع الضوضاء على مستوى الفيمتوأمبير في الكواشف الضوئية العضوية يُشكل تحديًا متعدد الجوانب وكذلك الحفاظ عليها.
إذ يتطلب تحقيق دقة عالية على المستوى الذري حجب الإلكترونات في هذا الابتكار، حيث تُسبب العيوب النانوية في بناء ما يشبه المصايد التي تُضخّم من الضوضاء، مما يصعّب المهمة، بحسب قاسم.
كما أن التحكم في شكل الجزيئات وتوجيهها خلال عملية التصنيع من المحلول يتطلب دقة أقل من النانومتر، وهو أمر يصعب تكراره على نطاق صناعي.
لذلك يبقى التحدي الأبرز أمام الفريق هو نقل هذه التقنية من المختبر إلى خطوط الإنتاج. ويختتم قاسم بالقول "إن التبني الصناعي يعتمد على تحقيق اكتشافات مستقبلية قوية في تصميم المواد المقاومة للعيوب، وكيفية التحكم في ترسيب المواد، وبروتوكولات الحماية القوية لتحويل الدقة على نطاق المختبر إلى عملية موثوقة وفعالة من حيث التكلفة".
لكن في النهاية، تفتح نتائج هذه الدراسة الباب أمام تطبيقات ثورية، لا تقتصر على الرؤية الليلية أو القيادة الذاتية فقط، بل تمتد إلى التصوير الطبي العميق، ورصد الظواهر البيئية في ظروف ضوئية صعبة، وحتى الكاميرات الأمنية.
كذلك تبرهن هذه التقنية على ما يمكن للهندسة الجزيئية الدقيقة أن تحله من مشاكل كبرى في عالمنا البصري، حيث يمكن لطبقة من الجزيئات المتناهية الصغر أن تمنح الأجهزة الإلكترونية "حاسة بصر خارقة".