تقرير: معركة حلب تهدد النفوذ الروسي في سوريا
تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT
نجح الرئيس السوري بشار الأسد في اختبارات سابقة، منذ اندلاع الحرب الأهلية في بلاده عام 2011، وكان ذلك يرجع بشكل كبير إلى الدعم الذي تلقاه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وحلفاء آخرين لدمشق، ساهموا في دحر الفصائل المسلحة، التي عادت مجدداً لتشكل تهديداً للحكومة السورية ونفوذ موسكو، بعد سيطرتها على حلب ومناطق أخرى مؤخراً.
حجم الهجوم الهائل الذي شهدناه هو بالتأكيد ضربة لسمعة روسيا
وكتب بيوتر سوير في صحيفة "غارديان" البريطانية، أن السيطرة على حلب تسلط الضوء على التهديد المتصاعد للحكومة السورية، وتالياً لموطئ قدم موسكو الاستراتيجي في سوريا، والمنطقة على نطاق أوسع.
وكانت حلب مسرحاً لقتال شرس ومدمر بين عامي 2012 و2016 عندما كانت الحرب الأهلية السورية في ذروتها. وفي 2016، بعد عام من انضمام القوات الروسية إلى جانب الأسد، تمكن الرئيس السوري من استعادة المدينة، مما أجبر الفصائل المسلحة على الفرار.
وقتذاك، احتفلت موسكو على نطاق واسع باستيلاء الأسد على حلب، بعد أشهر من القصف الجوي المتواصل، حيث كانت النخبة في البلاد حريصة على ادعاء الفضل في النجاح العسكري.
The sweeping rebel offensive that seized Aleppo Syria’s second largest city signals that Bashar Assad is running out of road as his dysfunctional state already facing economic collapse fails emphatically on the battlefield https://t.co/St9mUqEeBt
— Arab Digest (@arabdigest) December 4, 2024
وقال بوتين لوزير دفاعه بعد أيام من سقوط حلب: "ليس هناك شك في أن تحرير حلب من الجماعات المتطرفة.. تم بالمشاركة المباشرة وحتى التأثير الحاسم لجنودنا".
ولكن مع تزايد ضعف موقف الأسد، فإن نجاح موسكو السابق في تعويمه، والذي أكسبها مكانة كحليف موثوق به، بات موضع شكٍ الآن.
وقالت خبيرة السياسة الخارجية الروسية في مركز جيمس مارتن لدراسات منع انتشار الأسلحة النووية في برلين هانا نوت: "إن السقوط السريع لحلب، وحجم الهجوم الهائل الذي شهدناه هو بالتأكيد ضربة لسمعة روسيا".
كان التدخل العسكري الروسي في سوريا عام 2015 بمثابة إطلاق سياسة خارجية أكثر حزماً، حيث ألمح بوتين بأن روسيا تستعيد مكانتها كلاعب مهيمن على المسرح العالمي.
There is nothing to cheer about in regard to Syria. Both the SNA and HTS forces that have entered Aleppo are a massive threat to the civilian population. The Turkish and Al-Qaeda backed proxies will wreak havoc on ethnic and religious minorities living there, as they have before. pic.twitter.com/q3qg84s7O7
— Gev Iskajyan (@geviskajyan) December 2, 2024
تلك كانت أول حملة عسكرية طويلة لروسيا في الخارج منذ هزيمتها في أفغانستان قبل 35 عاماً، وأعادت مشاركتها في سوريا تشكيل الصراع، الذي ظل في طريق مسدود لسنوات.
وسمح التدخل لبوتين بالمطالبة بوضع القوة العظمى، الذي سعى إليه منذ وصوله إلى السلطة عام 2000، مما ضمن لروسيا مقعداً على الطاولة في الشرق الأوسط ــ وتركه متعطشاً للمزيد.
كان التدخل السوري مهماً بالنسبة لروسيا وإحساسها بمكانتها على المسرح العالمي. وقال خبير السياسة الخارجية الروسية في الشرق الأوسط نيكيتا سماجين: "حدث ذلك تحت شعار عودة روسيا كقوة عظمى، وهو ما تم التأكيد عليه باستمرار". وأضاف: "لم يغير ذلك الديناميكيات في الشرق الأوسط فحسب، بل غيّر أيضاً تصور النخبة الروسية".
وباتت سوريا ساحة اختبار لاستخدام بوتين ليفغيني بريغوجين ومجموعته شبه العسكرية فاغنر، التي لم تشارك في العمليات البرية فحسب، بل أقامت أيضاً علاقات تجارية مع النخبة السورية، وسمحت هذه الاستراتيجية لموسكو بتقليل تدخلها العسكري وخسائرها في الصراع.
وتم تطبيق قواعد اللعبة ذاتها - حيث استخدم بوتين مجموعة من الأدوات السياسية والعسكرية والاقتصادية لدعم الرجال الأقوياء المحليين - في وقت لاحق في ما يقرب من 12 دولة أفريقية، من موزمبيق إلى ليبيا.
وقالت نوت، إنه عندما حولت روسيا تركيزها العسكري ومواردها إلى أوكرانيا في فبراير 2022، سعى الكرملين إلى الحفاظ على الوضع الراهن في سوريا بأقل جهد واستثمار. وأضافت أن "روسيا اعتقدت أن الوضع يمكن الحفاظ عليه...لقد ثبت الآن أن هذا خطأ".
وفي حين أن الوجود العسكري الروسي في سوريا نادراً ما تجاوز 5000 جندي، فإن المعارك في أوكرانيا أجبرت موسكو على إعادة نشر بعض أسلحتها في سوريا، بما في ذلك سرب من الطائرات المقاتلة من طراز سوخوي-25 والنظام الصاروخي بعيد المدى إس-300.
لكن نوت لفتت إلى إن التحول الأكبر في حظوظ الرئيس السوري جاء بعد 7 أكتوبر 2023، عندما صعدت إسرائيل بشكل كبير هجماتها على حلفائه في المنطقة، بما في ذلك المسلحون المدعومون من إيران في سوريا و "حزب الله" اللبناني. وقالت: "كانت بيئة ما بعد 7 أكتوبر مزعزعة للاستقرار إلى حد كبير، وتتسبب الآن في مشاكل لموسكو".
ومع ذلك، فقد نجح الأسد في التغلب على الأزمات السابقة، وتحذر نوت وآخرون، من أنه من السابق لأوانه تقييم الضرر طويل المدى الذي سيلحق بمكانة موسكو. وأضافت: "من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان هذا سيؤدي إلى ضرر دائم بصورة روسيا، لأن ذلك سيعتمد على ما سيحدث في الأيام والأسابيع المقبلة".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله عيد الاتحاد غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الحرب في سوريا فی سوریا
إقرأ أيضاً:
بوتين وترامب في محادثة تاريخية.. أمريكا توقف فرض عقوبات جديدة على روسيا
ذكرت الخدمة الصحفية للكرملين، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اتصل بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب من مركز “سيريوس” التعليمي في موسكو، وأجريا محادثة هاتفية استمرت أكثر من ساعتين تناولت عدة ملفات مهمة تتعلق بالصراع في أوكرانيا.
وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الاثنين، أن المحادثة الهاتفية استمرت أكثر من ساعتين مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب، ووصفها بأنها كانت ذات معنى وصريحة ومفيدة للغاية.
وأعرب بوتين عن امتنانه لترامب لمشاركة الولايات المتحدة في استئناف المحادثات المباشرة بين روسيا وأوكرانيا.
وأكد بوتين أن روسيا تؤيد وقف الأعمال القتالية، مشددًا على ضرورة تطوير أكثر المسارات فعالية نحو السلام.
وأضاف أن وقف إطلاق النار في أوكرانيا لفترة زمنية معينة ممكن إذا تم التوصل إلى الاتفاقات ذات الصلة، مشيرًا إلى ضرورة إيجاد حلول وسط تناسب جميع الأطراف.
وقال بوتين: “اتفقنا مع الرئيس الأمريكي على أن روسيا ستقترح وهي مستعدة للعمل مع الجانب الأوكراني بشأن مذكرة حول معاهدة سلام مستقبلية، تشمل مبادئ التسوية وتوقيت اتفاق السلام المحتمل، وكذلك وقف إطلاق النار المحتمل لفترة معينة إذا تم التوصل إلى الاتفاقات ذات الصلة”.
وأشار بوتين إلى أن الاتصالات بين المشاركين في الاجتماع والمفاوضات في إسطنبول قد استؤنفت، مما يعطي سببا للاعتقاد بأن الأمور تسير في الطريق الصحيح، مؤكدًا أن موقف روسيا واضح ويركز على القضاء على الأسباب الجذرية للأزمة في أوكرانيا.
من جهته، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن محادثته مع بوتين سارت بشكل جيد للغاية، وقال في تغريدة على منصة “تروث سوشيال”: “انتهيت للتو من محادثة استمرت ساعتين مع الرئيس الروسي بوتين، وأعتقد أنها سارت بشكل جيد للغاية”.
وأكد ترامب أن موسكو وكييف ستبدآن على الفور مفاوضات بشأن وقف إطلاق النار وإنهاء الصراع في أوكرانيا.
وأضاف ترامب: “ستبدأ روسيا وأوكرانيا على الفور مفاوضات لإنهاء إطلاق النار، والأهم من ذلك، إنهاء الحرب”.
وأوضح أن شروط تثبيت وقف إطلاق النار وإنهاء الصراع سيتم الاتفاق عليها بشكل مباشر بين الطرفين، لأن هذا هو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة.
وفي تصريح هام، أكد ترامب أنه لن يفرض عقوبات جديدة على روسيا، معتبراً أن هناك فرصة حقيقية لتسوية الصراع في أوكرانيا، وقال في حديثه للصحفيين في البيت الأبيض: “لأنني أعتقد أن هناك فرصة لتحقيق شيء ما”. كما أعرب عن ثقته بحدوث تغيرات بشأن التسوية، مضيفًا: “أعتقد أن شيئًا ما سيحدث، وإذا لم يحدث.. سأنسحب”.
وعن الجهود الأوكرانية لوقف إطلاق النار، قال ترامب: “أفضل أن أجيب على هذا السؤال خلال أسبوعين.. لا أستطيع أن أقول نعم أو لا”.
وردًا على سؤال حول ما إذا كانت روسيا مترددة في حل الصراع، قال: “أعتقد أن الرئيس بوتين قد سئم، فهذا الوضع مستمر منذ ثلاث سنوات”.
ووصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نظيره الروسي فلاديمير بوتين بـ”الرجل اللطيف” بعد محادثة هاتفية تناولت حل الصراع في أوكرانيا.
وقال ترامب خلال حفل عشاء لمجلس أمناء مركز جون كينيدي للفنون المسرحية إن المحادثة كانت قصيرة وجيدة، وأحرزوا تقدمًا في النقاش.
من جانبه، صرح المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، اليوم الثلاثاء، أن بوتين وترامب ناقشا خلال المكالمة الهاتفية موضوع استمرار الاتصالات المباشرة بين روسيا وأوكرانيا، بما في ذلك على أعلى المستويات.
وأضاف بيسكوف: “لم يتم اتخاذ قرارات محددة بشأن مكان استمرار الاتصالات حتى الآن”، مشيرًا إلى أنه “لا يوجد موعد نهائي لإعداد مذكرة تفاهم بين روسيا وأوكرانيا ولا يمكن أن يكون هناك موعد نهائي في هذه المسألة”.
وأكد بيسكوف أن “القضاء على الأسباب الجذرية للصراع الأوكراني هو النقطة الأساسية التي ستصيغها روسيا في جميع مشاريعها”، مشيرًا إلى أن “جهود الوساطة الأمريكية لتسوية الصراع الأوكراني فعالة”.
كما أشار إلى أن “مبادرة الفاتيكان للمشاركة في التسوية الأوكرانية معروفة، لكنها لم تُناقش بالتفصيل خلال المحادثة بين بوتين وترامب”.
وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، إن تسوية الأزمة الأوكرانية عملية معقدة تتطلب عملاً مضنيًا ووقتًا طويلًا لدراسة ومناقشة عدد كبير من التفاصيل الدقيقة.
وأكد بيسكوف في تصريحات للصحفيين، الثلاثاء، أن موسكو مستعدة للعمل على هذه التفاصيل من أجل التوصل إلى اتفاق.
وأشار بيسكوف إلى أن صياغة مذكرة تفاهم بين موسكو وكييف بشأن وقف إطلاق النار وعملية السلام لن تكون سهلة، مشددًا على عدم وجود مواعيد نهائية محددة للتوصل إلى اتفاق نهائي.
وقال: “لا توجد مواعيد نهائية ولا يمكن أن يكون هناك أي مواعيد نهائية… الشيطان يكمن في التفاصيل”.
وأوضح أن الجانبين الروسي والأوكراني سيعملان على صياغة مسودات الوثائق المتبادلة، تليها سلسلة من الاتصالات المعقدة بهدف التوصل إلى نص موحد يعكس توافقًا بين الطرفين.
يذكر أنه في 12 فبراير الفائت، أجرى الرئيس الروسي ونظيره الأمريكي اتصالاً هاتفياً بحثا خلاله القضية الأوكرانية والمشاكل المتراكمة في العلاقات بين البلدين، واتفقا على مواصلة الاتصالات، بما في ذلك تنظيم لقاءات شخصية.
كما جرى اتصال هاتفي آخر في 18 مارس الفائت، حيث ناقشا قضايا التسوية في أوكرانيا والشرق الأوسط، بالإضافة إلى العلاقات الثنائية.