ميقاتي: استقرار جنوب لبنان مفتاح الهدوء في الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 7th, December 2024 GMT
أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، اليوم السبت 7 ديسمبر 2024، أن جيش بلاده سيطبق القرار 1701 الذي هو الأساس لوقف إطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية المحتلة، مشيرا إلى أن استقرار جنوب لبنان هو مفتاح الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
جاء كلام ميقاتي خلال ترؤسه جلسة "خاصة" لمجلس الوزراء اللبناني في ثكنة "بنوا بركات" العسكرية في مدينة صور جنوب لبنان على بعد نحو 15 كلم من الحدود الجنوبية، وفق ما أفادت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية.
وسيعرض ميقاتي خلال الجلسة مع قائد الجيش العماد جوزف عون خطة تعزيز انتشار الجيش في منطقة جنوب الليطاني، بالإضافة إلى البحث في الترتيبات والإجراءات المتعلقة بعملية مسح الأضرار ورفع الأنقاض لإعادة إعمار ما تهدّم جراء العدوان الإسرائيلي على لبنان، وفقا للوكالة.
وقال ميقاتي: "نجتمع هنا اليوم استثنائيا في مدينة صور، مدينة الحرف والحضارة إننا هنا في أرض الشرف والشهادة والنبل، وأبناؤها قدموا ملاحم في الشهادة والتضحية والصمود، والدفاع عن الكرامة".
وأضاف: "نؤكد أن القرار 1701 الذي سيطبقه الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني بالتعاون والتنسيق مع قوات اليونيفيل"، مشيرا الى أن "هذا القرار هو الأساس لوقف إطلاق النار وانسحاب العدو من أرضنا المحتلة".
ويدعو القرار 1701 الصادر في 11 آب/ أغسطس 2006 إلى وقف كامل للعمليات القتالية بين حزب الله وإسرائيل، آنذاك، وإنشاء منطقة خالية من السلاح والمسلحين بين الخط الأزرق (المحدد لخطوط انسحاب إسرائيل من لبنان عام 2000) ونهر الليطاني جنوب لبنان، باستثناء القوات التابعة للجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة المؤقتة "يونيفيل".
وتابع ميقاتي: "نحن على بعد كيلومترات من منطقة العمليات المتواصلة لجيش العدو وخروقاته المتتالية للاتفاق، كما أننا على مقربة من موقع اجتماعات اللجنة الأمنية المكلفة مراقبة تنفيذ الترتيبات التي تم التوافق عليها بضمانة أميركية وفرنسية".
وتواصل إسرائيل خرق اتفاق وقف إطلاق مع حزب الله منذ بدء سريانه أواخر الشهر الماضي، حيث بلغ إجمالي خروقاتها، حتى ظهر السبت، إلى 155، وفق رصد المصادر الأمنية المختلفة.
ولفت ميقاتي إلى أن "الاستقرار في جنوب لبنان وإعادة إعماره هو مفتاح الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط التي لن يعود إليها الأمن والأمان إلا من خلال تطبيق القرارات الدولية وحماية وطننا وأرضنا وسيادتنا".
ومنذ 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، يسود وقف هش لإطلاق النار أنهى قصفا متبادلا بين إسرائيل وحزب الله بدأ في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ثم تحول إلى حرب واسعة في 23 أيلول/ سبتمبر الفائت.
وأسفر العدوان الإسرائيلي على لبنان بدعم أميركي عن 4 آلاف و47 شهيدا و16 ألفا و643 جريحا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص، وجرى تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد 23 أيلول/ سبتمبر الماضي.
المصدر : وكالة سواالمصدر: وكالة سوا الإخبارية
كلمات دلالية: جنوب لبنان
إقرأ أيضاً:
تحذير: الطاعون في منطقتنا
سألتني صحفية مصرية، في معرض حوار عن انزلاق الهويات، عمّا إذا كانت أحداث السويداء التي كانت سوريا مسرحًا لها في الآونة الأخيرة ما بين عشائر بدوية ودروز، تشكّل مؤشرًا على جيل جديد من خطاب الهويات في العالم العربي، يفضي إلى هندسة جديدة لبنية الدولة.
كانت الصحفية توحي إلى تلك التمزقات المؤلمة ومحطات فارقة تمحورت حول الهويات واحتدامها، أوّلًا في الحرب الأهلية اللبنانية، وثانيها في العشرية السوداء في الجزائر، وثالثها الصراعات القبلية والمذهبية التي عرفتها بعض الدول العربية في أعقاب "الربيع العربي".
لا أدري إن كانت أحداث السويداء تشكّل محطة رابعة في التاريخ المُروّع لصراع الطوائف في الشرق الأوسط، ولكنها تثير مخاوف جمّة لا يمكن الاستهانة بها، تتمثّل في تهديد الوحدة الترابية والبشرية لسوريا، والسعي لتقويض نظامها الجديد، وإعادة هيكلة البلد على مرجعية فدرالية، أو كانتونات من شأنها أن تضعف الدولة المركزية.
بيد أن المخاطر لا تقتصر على سوريا، إذ تمتد إلى الشرق الأوسط، وقد يبلغ هجيرها بلاد المغرب.
ليست الاحتكاكات التي عرفتها العشائر البدوية بالدروز، والتدخل العسكري الإسرائيلي، مجرد أحداث طائفية عابرة، وإنما بروفة لرسم معالم شرق أوسط جديد، بناء على انتماءات طائفية، وإعادة هندسة دول، أو بتعبير آخر، هي بروفة جديدة لسايكس- بيكو جديد، تذهب أبعد مما ذهب إليه التقطيع البريطاني الفرنسي، إلى ما يُعبَّر عنه بتقسيم المُقسّم وتجزئة المُجزّأ.
بمعنى أننا لسنا فيما جرى في السويداء أمام انفلات طائفي، وإنما ظاهرة، أو متلازمة، تروم إعادة رسم الشرق الأوسط، ولا يُستبعد أن يمتد تأثيرها إلى بلاد المغرب.
لذلك وقفت كثير من التحليلات، في القنوات التلفزيونية الناطقة بالعربية وكبريات الجرائد العربية، والمواقع المؤثرة، على خطورة أحداث السويداء، والتي لا تهدد سوريا في وحدتها فقط، ولا النظام السوري الجديد فحسب، بل تعيد رسم خطوط الشرق الأوسط على أساس طائفي، عقدي أو عرقي أو مذهبي.
إعلانأحالت كثير من التحليلات إلى أدبيات إسرائيلية متواترة من أجل رسم معالم الدول المجاورة لإسرائيل بناء على محددات طائفية، وعلى أعمال مراكز بحثية مؤثرة قريبة من القرار. انصرفت بادئ الأمر إلى السعي في تطويق الدول العربية الوازنة من قِبَل إسرائيل، من خلال علاقات إستراتيجية مع جوارها، أو ما كان يُعرف بنظرية بن غوريون، مع إيران الشاه، وتركيا الكمالية حينها، وإثيوبيا في ظل الملكية.
في فترة لاحقة، تركز الاشتغال على الطوائف بداخل دول العالم العربي في أفق توظيفها. كان الاهتمام منصرفًا للموارنة، في لبنان، ووظّفت إسرائيل، في فترات معينة، عناصر مارونية، وأقامت معها جسور تواصل وتعاون. بيد أن الاهتمام توسّع إلى البنية الطائفية في العالم العربي ككل.
الجديد فيما يخص إسرائيل، أن المسألة لم تعد مجرد مضاربات مراكز بحثية، أو تخرصات باحثين، بل سياسة دولة، فيما يخص دول الجوار، سوريا أولًا، كما بدا من خلال التحرشات بسوريا، ومنها أحداث السويداء، واحتلال المنطقة العازلة مع الجولان، وقصف ريف دمشق، من جهة، ومن جهة ثانية الضغط على لبنان، وثالثًا الأردن، أو ما يسمى في أدبيات اليمين الإسرائيلي المتطرف "الوطن البديل".
ذلك أن الشرق الأوسط الجديد الذي ما فَتِئ ينادي به نتنياهو، ويجد آذانًا صاغية على مستوى القرار في واشنطن، لا يقتصر على "تصفية القضية الفلسطينية"، أي فلسطين خالية من الفلسطينيين، بل رسم شرق جديد بناء على انتماءات طائفية.
ليست إسرائيل هي المغذي الوحيد للطائفية في الشرق الأوسط والداعم لها، فقد اعتمدت الولايات المتحدة قراءة طائفية للعراق، قبل حرب 2003، بناء على مرجعيات شيعية، وسنية وكردية.
من المؤكد أن الولايات المتحدة لم تخلق الواقع الشيعي أو الكردي أو السني في العراق، ولكنها أجرت قراءة مُوجَّهة ومختزلة. فليس كل شخص وُلد شيعيًا، يتماهى بالضرورة مع المرجعيات الشيعية القائمة، وليس هناك تمايز ما بين الانتماء الكردي والسني، وليس كل كردي مناهضًا للإسلام، أو يجافي العروبة، ولم يمنع التمايز الطائفي من الامتزاج، إما عن طريق الاختلاط، أو الانتماء للوطن، ولا يمكن أن يُختزل العراقيون، في الانتماءات الثلاثة المحددة، إذ هناك أقليات أخرى، ومن حق أي مواطن ألا يخضع لأي قالب، عقدي أو عرقي، عدا انتمائه للوطن.
لكنها البروفة التي دخلت بها الولايات المتحدة للعراق لإنهاء الدكتاتورية ووضع العراق على سكة الديمقراطية. تم تبني الطائفية في دستور 2005. لم تبقَ الطائفية في العراق مجرد ظاهرة مجتمعية، وإنما تم تكريسها دستوريًّا، واعتمادها في توزيع السلطات، وبالتبعية، تم اعتماد ما يسمى بالمحاصصة على المستوى الإداري.
وكان يُراد أن يكون العراق نموذج الدمقرطة للمنطقة بأسرها. والذي وقع مناقضٌ تمامًا لما كانت البروفة الطائفية تزعم له.
أما اللحظة الثانية، التي بعثت الانتماءات الطائفية وأعطتها زخمًا، فكانت جراء تداعيات "الربيع العربي"، ذلك أن طوفان المطالب الديمقراطية، لإنهاء الاستبداد والفساد، تحوّل إلى سيول طائفية جارفة، رسمت أخاديدها في التربة السياسية لكل من ليبيا، واليمن، والسودان.
إعلانفقدان المناعة لكثير من الدول، والذي يتجلّى في ضعف الدولة، من خلال ضعف المؤسسات أو عدم رسوخها، واهتراء خدماتها، أو استشراء الفساد فيها، أو ضعف ثقافة الدولة، أو مخلفات الاستبداد، مما يفضي إلى ما يُعرف بدول فاشلة، كلها عوامل تجعل إمكانية التنميط الطائفي ممكنة.
هذا فضلًا عن سوء تدبير الهويات، في أرجاء عدة من العالم العربي، بنسب متفاوتة. يتم التعامل مع الهويات من زاوية أمنية صرف، وبمقاربة انفعالية، كردّ فعل يتأثر بزخم الأحداث، عوض نظرة استشرافية، على خلاف المقاربة الإسرائيلية التي تعتمد الجانب الأكاديمي، والزمن الطويل.
ليس هناك مجتمع في منأى عن تمايزات عرقية أو لسانية، أو مذهبية، ويمكن أن تتعايش تلك الوحدات، إما في ظل أيديولوجية جامعة، أو دولة مدنية، بل أن تكون تحت السيطرة، أو قابلة للتدبير، ولكنها قلّما تثبت أمام تدخلات أجنبية تغذيها وتحتضنها. تصبح المجموعات الهوياتية حين ذلك ما كان المستشرق الفرنسي ماكسيم رودنسون ينعته بالطاعون الطائفي، الذي يتهدد الجسم كله، وينذر بالعدوى.
ما يغذّي الطاعون الطائفي هو التوظيف الأجنبي، وما يجعله خارج منطق الحوار والتسوية، حمل مليشيات متفرعة عن طوائف، السلاحَ. التدخل الأجنبي وحمل السلاح، هما ذراعا الطاعون الطائفي.
بيدَ أن الطاعون الطائفي يستشري في بنية من غير مناعة، والمناعة لا تتأتّى إلا بحسن تدبير الهويات، وذلك بتمتيع الأقليات بحقوقها، واحترام خصوصياتها، وتوزيع عادل للرموز، وتمثيلها في الهيئات الدستورية والحكومية والإدارية، ومراعاة خصوصيات مناطق معينة.
ولا يستقيم حسن تدبير الهويات، إلا في إطار دولة مدنية. الدولة المدنية هي التي تنبني على المواطنة، في نصوصها التأسيسية وفي الممارسة، من غير تمييز بين مواطنيها بناءً على دين، أو مذهب، أو عرق، أو لون، أو عنصر، أو لغة.
وما لم تُبنَ العلاقات بين مجموعات هوياتية على المواطنة، فلن يثبت البلد للطاعون الطائفي الذي يتغذّى من التوظيف الخارجي، ويصبح أكثر تعقيدًا مع النزوع المليشياوي.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline