سقوط الأسد في سوريا الفرح المكبل بالخوف!
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
سقوط الأسد في سوريا الفرح المكبل بالخوف!
رشا عوض
سالت دموعي فرحا بسقوط نظام الاسد، لا شيء يهز الاعماق فرحا مثل سقوط الجبابرة القاهرين لشعوبهم، الذين يغلقون باحكام اي نافذة للتغيير ولا يسمحون بتسلل اي بارقة امل، ويحسبون خلودهم في كرسي السلطة ناموسا طبيعيا لا يتغير وان كان الثمن فقدان الملايين لارواحهم وهجرة نصف سكان البلد الذي يحكموه.
أسود على شعوبهم ونعامة أمام الأعداء
ممانعتهم الاكثر شراسة هي تلك الموجهة ضد الديمقراطية وحقوق الانسان والتداول السلمي للسلطة!
إلى الجحيم كل طاغية ارعن قسم وطنه إلى قسمين: زنزانة ومقبرة!!
التهاني الحارة لكل مظلوم خرج لتوه من الزنازين المظلمة وغياهب التعذيب، ولكل من كان منفيا محروما من معانقة تراب وطنه الذي بات ضيعة مملوكة للاسد، ولكل اللاجئين والنازحين والمهاجرين.
ولكن بكل اسف قدر هذه المنطقة المنكوبة من العالم ان كل فرحة بسقوط طاغية تولد مخنوقة ومرتجفة وفاقدة للطمأنينة بسبب ان البديل مرعب!
هيئة تحرير الشام التي اسقطت الاسد قوامها جماعات اسلاموية اصلها جبهة النصرة وبقايا القاعدة والدواعش، والاسلام السياسي بكل فصائله وعلى اختلاف درجات انغلاقه وتطرفه هو حركة عكس تيار التاريخ تستبطن الاستبداد والعنف والاستعصاء البنيوي على الديمقراطية، وعندما ينشأ الاسلام السياسي في ظل قمع عنيف مقترن بالطائفية الغليظة سيكون اكثر عنفا وانغلاقا.
هيئة تحرير الشام مدعومة من امريكا ماديا واستخباراتيا وعسكريا دعما من العيار الثقيل كانت تركيا اهم قناة لتمريره، وتجارب زواج المصلحة بين امريكا والحركات الاسلاموية وهي عديدة كان ابرزها العلاقة مع الحركات الجهادية في افغانستان لم تسفر عن انتهاج هذه الحركات نهجا ديمقراطيا أو معتدلا لأن اهداف الزواج العرفي بين الجماعات الاسلاموية واجهزة المخابرات الغربية وعلى رأسها الـCIA هي اهداف مرتبطة باجندات الصراع الدولي والاقليمي التي تسحق تحت اقدامها القيم الديمقراطية خصوصا في منطقة الشرق الاوسط الملغومة والرازحة تحت ثقافة سياسية متخلفة ومسكونة بالاستبداد.
الانظمة الفاشية التي حكمت هذه المنطقة اعاقت نمو التنوير وجففت منابع البدائل السياسية الناضجة واستثمرت عن قصد في تنمية التطرف والفكر الظلامي ظنا منها ان ذلك سيعينها على الخلود في السلطة! لم تخلد هي! بل ذهبت غير مأسوف عليها وللمفارقة بأيدي المتطرفين الظلاميين الذين استثمرت في بعضهم!
التطورات الدراماتيكية في سوريا تدل على ان السياسة الامريكية تجاه منطقة الشرق الاوسط تمضي في طريق حسم النفوذ الايراني وتقطيع اياديه الممتدة الى دول المنطقة وهذا التوجه سيزداد حدة في عهد ترامب، ولذلك اي نظام يراهن على السند الايراني يجب ان يراجع حساباته!
والدرس الاكثر اهمية هو شرط نجاح واستدامة اي نظام سياسي هو المشروعية الوطنية واستيفاء معايير الكفاءة السياسية داخليا، اما الارتهان الاعمى للقوى الاقليمية والدولية بدون بوصلة وطنية دقيقة وبدون التحام عضوي بين النظام والشعب نتيجته الحتمية الانزلاق الذي يكسر الرقبة تبعا للرمال المتحركة اقليميا ودوليا.
الوسومالأسد القاعدة تركيا سوريا هيئة تحرير الشام
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الأسد القاعدة تركيا سوريا هيئة تحرير الشام
إقرأ أيضاً:
العدالة تعود بعد طول انتظار: سوريا تعيد حقوق الموظفين المفصولين في عهد الأسد
شمسان بوست / متابعات:
القرار الذي انتظره آلاف الموظفين السوريين المفصولين من مؤسسات الدولة السورية أيام حكم الرئيس السابق بشار الأسد صار واقعا ملموسا.
والحزن الذي انطوت عليه نفوس هؤلاء الموظفين بعدما اعتقدوا أنهم قد سجلوا “مواقف مشرفة” عقب إنطلاق الثورة السورية ولم يجازوا بالإنصاف بددت آلامه المبادرة التي قامت بها وزارة الإدارة المحلية والبيئة السورية حين أعلنت عن بدء إجراء مقابلات لإعادة هؤلاء إلى وظائفهم.
حزن أعقبه الأمل:
كان الإحباط قد بلغ حسن مداه، فالشاب الذي هجر وظيفته عشية ثورة كان انتصارها لا يزال بذرة في رحم الغيب لم يستطع أن يستوعب حالة التجاهل التي طالته مع زملائه المنشقين عن نظام الأسد طوال الشهور الخمسة التي قضاها في البلاد مذ قرر العودة من الأردن عقب وصول طلائع قوات المعارضة إلى القصر الجمهوري في دمشق.
وفي حديث يؤكد حسن أنه انشق من عمله في وزارة الإدارة المحلية في العام 2013 كخطوة لم يكن يريد من خلالها سوى تسجيل استنكار معنوي على ما يحدث حينها في البلاد من ” قمع ومصادرة لإرادة الشعب”.
وأشار إلى أنه كان يعلم أن الخطوة رمزية لكنها كانت تنطوي على رسالة إلى العالم المتحضر بأن يتدخل لإنقاذ سوريا من الإستبداد وهي خطوة تستحق أن يخسر وظيفته من أجلها كما يقول.
وأضاف حسن بأنه لم يندم يوما على قراره بترك وظيفة ومغادرة البلاد، حتى في أحلك لحظات اليأس من غياب العدل والإنصاف لقراره المصيري، لافتاً إلى أنه ومنذ عودته من الأردن في بداية العام الحالي توقع أن يتواصل معه المسؤولون في الوزارة خصوصا وأنه قد بادر إلى مراجعتهم في حينه وإبلاغهم بأنه قد عاد للتو إلى البلاد، لكنهم تأخروا كثيرا في التواصل معه إلى أن رن هاتفه منذ أيام عن صوت لصديق قديم في العمل أخبره بأنه على إطلاع بوجود خطة من الوزارة مبنية على رؤية تقوم على إعادة الموظفين المفصولين والمنشقين في نظام الأسد نتيجة لـ”مواقفهم المشرفة” وذلك في إطار إنصافهم وإعادة تقييم ملفاتهم الوظيفية.
وفهم حسن من تسريبات صديقه التي صدرت بعد أيام قليلة على شكل قرار رسمي، أن اسمه من بين الأسماء المسجلة للعودة وأن الوزارة عازمة على “إنصاف الكوادر التي تعرضت للفصل المجحف والعمل على إعادة دمجهم في المؤسسات وفقا للإجراءات القانونية والمعايير الإدارية “.
وختم حسن حديثه لموقعنا بالإشارة إلى أن العودة إلى الوظيفة قد لا تكون قراره النهائي لأنه يفكر بشكل جدي في السفر مجددا خارج البلاد، وبناء حياة جديدة هناك غير أن هذا القرار جاء بمثابة التعويض المعنوي عن كل سنوات القهر والحسرة التي قضاها بعيدا عن وطنه وكأن خطوته بالإنشقاق في حينه لم تذهب أدراج الرياح.
خطة شاملة:
خطوة وزارة الإدارة المحلية والبيئة لم تكن يتيمة، بل جاءت في سياق رؤية عامة شملت عديد الوزارات والمؤسسات الحكومية ومنها وزارة التنمية الإدارية والتربية والتعليم والداخلية والصحة والهيئة العامة للطيران المدني، ونصت على إجراء المقابلات وعمليات التقييم لإعادة الموظفين المفصولين إلى العمل.
إبراهيم موظف في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل كان قد تعرض للفصل من وظيفته في أيام النظام السابق بسبب نشاطه السياسي الذي لم يرق لمدرائه في ذلك الوقت، فرفعت به العديد من التقارير التي أوقفته عن العمل قبل أن يترك البلد ويفر إلى تركيا حين شعر بأن الأمور لن تقف عند حد الفصل بل قد تتعداه إلى ما هو أخطر من ذلك بكثير.
ويروي إبراهيم كيف كان من أوائل العائدين إلى سوريا بعد سقوط النظام، وكيف توقع أن تفتح أمامه الأبواب المغلقة وأن تستحضر مواقفه القديمة التي جعلته يحمل كفه على روحه ويرفع من مستوى انتقاده لسياسة القمع المتبعة في ذلك الوقت.
وأشار إلى أن حالة من الغضب واليأس اعترته حين شاهد غيره وخصوصا من الجيل الشاب قليل الخبرة يتبوأ المناصب الرفيعة فيما بقي هو منسيا إلى ما قبل الأسبوع من الآن حين تم التواصل معه وإخباره بأنه شخص مرحب به إذا ما قرر العودة إلى العمل مجددا وعليه فقد التقى بعدد من كوادر المؤسسة الذين وضعوا أمامه مروحة من الخيارات، التي بدت مريحة ومعقولة وفيها من الإنصاف على المستوى المعنوي الشيئ الكثير كما يقول.
فيما أكد له محاوروه بأن مسألة نقص السيولة الحالية ستعالج لاحقا بحيث يكون العائدون إلى وظائفهم مرتاحين لمسألة أنهم سيحصلون على كل ما فاتهم خلال السنوات الماضية التي قضوها خارج الوظيفة وخارج البلاد.
وختم إبراهيم حديثه لموقعنا بالإشارة إلى أن من جملة الخيارات التي طرحت عليه وعلى غيره مسائل تتعلق بإعادتهم إلى وظائفهم السابقة أو توفير وظائف جديدة لهم تنال رضاهم واستحسانهم مع صرف مستحقاتهم المالية على دفعات بسبب من القيود المالية التي لا يطلق القانون اليد حاليا في صرف مستحقات العاملين العائدين دفعة واحدة، لافتا إلى أن الموظفين المفصولين لن يعودوا دفعة واحدة بل على
مراحل بحيث يتقدمهم من يرغب في العودة وهو على أتم الاستعداد لها.
خطوة جيدة.. ولكن.. ؟!
أكد الخبير الإقتصادي حسن ديب أن قرار إعادة الموظفين المفصولين بشكل تعسفي خلال سنوات الحكم السابق إلى عملهم هو قرار جيد ويخدم فكرة رد الإعتبار لهؤلاء وترميم البنية المجتمعية التي اعتراها الكثير من التصدعات والانقسامات.
ووصف ديب القرار وما سيستتبعه من صرف للمستحقات المالية للمفصولين وترتيب مدروس للمكانة الوظيفية المستحقة بأنه مسعى حقيقي لإعادة النظر في بنية القطاع العام المترهلة على مدى عقود طويلة.
لكن الخبير الاقتصادي أكد أن هذا القرار على أهميته يتناقض مع قرارات الفصل التي شملت أعدادا كبيرة من الموظفين والعسكريين السابقين ممن لم يثبت عليهم التورط في جرائم الحرب، وبالتالي فإنهم حوكموا على ذنب لم يقترفوه.
وأشار إلى أن هناك موظفين بارزين في مؤسسات ووزارات حكومية قد قبضوا راتبا واحدا فقط منذ تغيير النظام السابق ثم توقفت رواتبهم وطلب منهم تقديم استقالة مبكرة أو الإنتظار لحين تعيينهم في مؤسسات أخرى قد تكون بعيدة عن اختصاصاتهم، وهذا أمر وفق ديب سيكون له التأثير السلبي على المجتمع بما يفوق التأثير الإيجابي للعودة المباركة للموظفين المفصولين ظلما أيام النظام السابق.
وختم الخبير الاقتصادي حديثه لموقعنا بالإشارة إلى أن الاوطان تبنى بالمحبة وتجاوز الكيدية وأخطاء الماضي والاستفادة القصوى من الطاقة البشرية للإنسان، بصرف النظر عن توجهه السياسي أو الديني وهو أمر وجب على الحكومة الحالية أن تعيه جيدا لأنها كما أكد ديب ستخسر كثيرا إن لم تفعل ذلك.