تتدحرج كرة الحرب من غزة بعد عملية "طوفان الأقصى" إلى لبنان فسوريا، بحيث أن التوغل الإسرائيلي العسكري في جنوبها وصل إلى نحو 25 كيلومتراً إلى الجنوب الغربي من العاصمة دمشق. فقوات العدو الإسرائيلي وصلت إلى منطقة قطنا التي تقع على مسافة 10 كيلومترات داخل الأراضي السورية إلى الشرق من منطقة منزوعة السلاح تفصل هضبة الجولان المحتلة عن سوريا.

وقد استغل جيش العدو انسحاب قوات الجيش السوري من مواقعها العسكرية بعد مغادرة الرئيس بشار الأسد، البلاد، من دون إخطار أعضاء حكومته أو جيشه بخطته للمغادرة، ودخول فصائل المعارضة الى العاصمة، ليتوغل في مناطق استراتيجية بمحافظة القنيطرة جنوب سوريا، فضلاً عن "تدميره مقدرات الجيش السوري بأكبر عملية جوية في تاريخ إسرائيل" وفق ما أعلنت الإذاعة الاسرائيلية. وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن "بلاده تريد إقامة علاقات مع الحكومة السورية الجديدة، محذرًا من أن إسرائيل سترد بقوة على أي تهديدات أمنية".

ومما لا شك فيه أن تغييرات حقيقية طرأت وقلبت المشهد السوري، وما قامت به تركيا حصل بموافقة الإدارة الأميركية الحالية والمنتخبة، وما يجري ينبئ بمتغيرات كثيرة في المنطقة خلال الفترة الفاصلة عن العشرين من كانون الثاني والتي قد تشهد ما لم يكن في الحسبان أيضاً، والأكيد أن المنطقة كلها لن تنسى حقبة الرئيس الديمقراطي جو بايدن التي استغل أشهرَها الأخيرة بنيامين نتنياهو متجاوزاً كل الخطوط الحمر، فهو يخرق اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان ويعلن انهيار اتفاق فض الاشتباك بشأن الجولان، وبالتالي فإن جنون ترامب مستمر حتى الربع الساعة الأخير من ولاية بايدن، ومرد ذلك أن الرئيس المنتخب دونالد ترامب يريد تصفير المشاكل والحروب فور دخوله البيت الأبيض.

مصادر لبنانية- أميركية تقول لـ"لبنان24": شتان ما بين السياسة الأميركية الديمقراطية التي انتهجت في السنوات الماضية تفاهمات مع إيران والتي استنسخت سياسات الرئيس الأسبق باراك اوباما، وما بين سياسة الإدارة الأميركية المنتخبة. فبعد عقود من توجه الديمقراطيين إلى تفاهم مع إيران باعتبار أنه أساس الاستقرار في المنطقة ويحمي الغرب من التطرف السني إلى حد أن الرئيس أوباما وفي خلال الحرب السورية التي بدأت في العام 2011، بعث المسؤول السابق في الشرق الأوسط في البيت الابيض ستيفن سيمون إلى دمشق يومذاك ليطمئن الرئيس الأسد بأن الولايات المتحدة الأميركية ليست في وارد دعم أي انقلاب ضده، سيعود ترامب لينسف سياسة الديمقراطيين الخارجية والتي يعتبر أنها أضرت بالولايات المتحدة. أما إسرائيل فكانت ترى لسنوات خلت ضرورة في بقاء النظام السوري على اعتبار أن العدو الذي تعرفه أفضل من العدو الذي لا تعرفه، وأن الأسد كان لسنوات طوال ملتزماً بالاتفاق بشأن الجولان.

عملية طوفان الاقصى التي قلبت المعادلات ونسفتها، أعقبها بعد عام وشهر انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة الاميركية والذي سوف يستلم السلطة في 20 كانون الثاني. وبعد هذا التاريخ ستدخل المنطقة في منعطفات جديدة، تقول المصادر نفسها. فواشنطن سوف تنتقل من الاتفاق مع إيران إلى عقد اتفاقات وتفاهمات مع دول الخليج العربي لا سيما السعودية، وتركيا.

وتضيف المصادر: لا إيران ولا أصدقاؤها في المنطقة تنبهوا لما يحاك لهم ولم يأخدوا التهديدات الإسرائيلية على محمل الجد، والكلام الذي كان يطرح عن الحلول السياسية سقط في غزة ولبنان وسوريا، والتي شهدت كلها بشكل متتالي منذ تشرين الأول 2023 حتى اليوم حلولاً عسكرية، علماً أن التطور الجديد في سوريا، منح تركيا مدى إقليمياً كبيراً بدعم من الإدارة الأميركية التي تتحضر للانسحاب من سوريا، فأرادت أن لا تترك سوريا في فراغ وسلمتها لتركيا التي كانت لمواقفها في مؤتمر الدوحة خلال اجتماع استانا الكلمة الفصل.

أمام ما تقدم، فالأمور في لبنان لن تكون بأفضل حال، فالانهيار في سوريا والذي صب في مصلحة تركيا يبشر، بحسب المصادر نفسها، بنهاية النفوذ الإيراني وتراجع قوة حزب الله. وفي الماضي أدى التفاهم الأميركي مع إيران في عهد أوباما إلى انتخاب الرئيس العماد ميشال عون، وفي ولايته الأولى أيضاً تم التوصل إلى اتفاق الدوحة الذي حظي برعاية أميركية دولية والذي كرس ما يسمى بالثلث المعطل، أما اليوم فالأحداث في سوريا تلقي بظلالها على لبنان وتجعل من المستحيل انتخاب رئيس مقرب من حزب الله أو إيران، وربما قد تُصعب من انتخاب رئيس توافقي، فمواقف حزب القوات والقوى المسيحية الأخرى توحي بذلك، وكأنما هناك تحضير لكي يترشح الدكتور سمير جعجع للرئاسة، من دون أن يعني ذلك أن طريق بعبدا مفتوح أمامه.

ويمكن القول، بحسب المصادر اللبنانية - الأميركية إن الأحداث في سوريا أعادت إلى حد ما مشهداً شبيهاً بمشهد 14آذار في ما يتصل بالتقارب المسيحي- السني، لكن مع اختلاف وحيد، وهو أن سوريا اليوم ليست ضد هذا الفريق، في حين أن الثنائي الشيعي بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان ورحيل الأسد عن السلطة، في وضع صعب لا يحسد عليه، مع إشارة المصادر إلى أن العلاقة الإيجابية بين الرئيس نبيه بري والإدارة الأميركيّة الديمقراطية سوف ينتهي مفعولها في 20كانون الثاني، لذلك يفترض أن يدفع كل ذلك إلى انتخاب رئيس للجمهورية يكون وسطياً، فما بعد 20كانون الثاني سيكون من الصعب انتخاب رئيس وسطي توافقي، لأن السياسة الأميركية سوف تتغير بسرعة وربما يكون لبنان أمام سياسة أميركية أكثر تشدداً في ما يخص الملفات الداخلية كاستحقاق رئاسة الجمهورية وتكليف رئيس الحكومة وتأليف الحكومة، علماً أن مستشار الرئيس ترامب لشؤون المنطقة العربية والشرق الأوسط مسعد بولس، اعتبر، عقب دعوة الرئيس بري الى جلسة لانتخاب الرئيس في 9 كانون الثاني المقبل، أن موضوع الرئاسة في لبنان شائك ومن صبر سنتين يمكنه أن يصبر شهرين او ثلاثة بعد"،لكن الأهم، بحسب المصادر، هو في التحول الجذري في السياسة الأميركية "الترامبية"والتي تتمثل في الإبتعاد عن سياسات أوباما وبايدن التفاهمية إلى حد ما مع إيران، والانفتاح على القوى السنية ومنها تركيا التي سوف تغطي ولو جزئياً الإنسحاب الأميركي من سوريا.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: کانون الثانی انتخاب رئیس مع إیران فی سوریا

إقرأ أيضاً:

السفير باراك: الرئيس الشرع شخصية محورية بإعادة بناء سوريا

واشنطن-سانا

وصف المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا السفير توماس باراك، السيد الرئيس أحمد الشرع، بأنه “شخصية محورية في إعادة بناء سوريا”.

ونوه باراك في تصريح خاص بموقع المونيتور اليوم بجهود الرئيس الشرع في تشكيل حكومة شاملة وتواصله مع الغرب، مؤكداً أن الحكومة السورية تدير الوضع في سوريا بأفضل ما يمكن.

ووصف باراك قرار الرئيس ترامب في الشهر الماضي برفع العقوبات عن سوريا بأنه كان “عبقرياً”، مؤكداً أن إدارته لا تضع شروطاً، ولا تفرض إملاءات، ولا تبني دولاً، ولديها توقعات بالشفافية.

وأشار باراك إلى أن هدف واشنطن يتمثل بإزالة العوائق أمام تعافي سوريا الاقتصادي، لتمكين دول الخليج وتركيا والسوريين من إحداث تقدم ملموس.

ولفت باراك إلى أن الإدارة الأمريكية تعتزم تمديد إعفائها للعقوبات على سوريا حتى يلغي الكونغرس قانون قيصر بالكامل، فيما توقع موقع المونيتور، أن يوقع الرئيس ترامب أيضاً أمراً تنفيذياً هذا الأسبوع يلغي مجموعة من العقوبات المفروضة على سوريا منذ عام 1979.

واعتبر المبعوث الأمريكي أن ما تقوم به بلاده “هو إغراق الساحة بالأمل، فحتى قطرة أمل واحدة قد تكون أقوى من خزان واقع سيئ”.

تابعوا أخبار سانا على 

مقالات مشابهة

  • أستاذ علاقات دولية : إسرائيل استخدمت خدعة الرئيس الراحل السادات ضد إيران
  • ترامب: ندعم إسرائيل بشكل لا مثيل له والضربات التي نُفذت على إيران هجوم ناجح للغاية
  • الرئيس لحود : نتنياهو بات من أسوأ مجرمي الحروب عبر التاريخ
  • منظمة لبنان للأمم المتحدة تدعو أعضائها إلى انتخاب إدارة جديدة يوم الثلاثاء
  • من لبنان إلى سوريا.. تفاصيل أكبر العصابات التي تطوّق الحدود
  • الرئيس الإيراني: لن نستسلم للظلم والاستبداد والقوة التي تمارس ضدنا
  • انتخاب رئيس بلديتي الطيبة ورب ثلاثين بالتزكية
  • رئيس البرلمان اللبناني: نرفض مغادرة الـ"يونيفيل" ولا نقبل بتعديل المهمات التي تقوم بها
  • السفير باراك: الرئيس الشرع شخصية محورية بإعادة بناء سوريا
  • ميلز: الرئيس ترامب سيصدر أمراً تنفيذياً بإلغاء العقوبات المفروضة على سوريا