حلقة نقاشية لـ”تريندز” تسلط الضوء على تعارض الانفصالية “الإخوانية” مع قيم التعايش
تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT
أبوظبي – الوطن:
دعت حلقة نقاشية دولية في باريس إلى تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية التسامح والانتماء الوطني كوسيلة لمواجهة التطرف وضمان استقرار المجتمعات.
وشدد خبراء ومسؤولون شاركوا في الحلقة، التي عقدت تحت قبة مجلس الشيوخ الفرنسي، ونظمها مركز تريندز للبحوث والاستشارات بالتعاون مع المجلس في قاعة مونوري بقصر ﻟﻮﻛﺴﻤﺒﻮرغ تحت عنوان “تعارض الانفصالية الإخوانية مع قيم التعايش، على ضرورة تعزيز التعاون الدولي في محاربة الفكر الإخواني، وتبني خطاب إعلامي واعٍ، وتطوير أطر معرفية لكشف تأثير الجماعات المتطرفة وتفكيك أيديولوجيتها.
ودعا الخبراء والمتحدثون في الحلقة، التي شارك فيها مسؤولون وخبراء من “تريندز” وفرنسا، إلى تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية التسامح والانتماء الوطني كوسيلة لمواجهة التطرف وضمان استقرار المجتمعات.
وناقشت الحلقة النقاشية الدولية عدة محاور أبرزها مواقع نشر التطرف، حيث حللت استراتيجيات الجماعات المتطرفة في استقطاب الشباب عبر الوسائل الرقمية، والتسامح كنموذج للتعايش من خلال دراسة الاتفاقيات التي عززت التعايش، مثل اتفاقية الألزاس-موزيل في فرنسا، إضافة إلى نفوذ الإخوان المسلمين في الجامعات، وكشف تأثير الجماعة على المؤسسات التعليمية ونشر خطابها.
افتتاح الجلسة
وافتتحت السيناتورة الفرنسية ناتالي جوليه النقاش بكلمة أكدت فيها أهمية التعاون الدولي لمواجهة مخاطر التطرف والانفصالية التي تهدد المجتمعات. وشددت على دور السياسات الموحدة في تعزيز الاستقرار والحد من تأثير هذه الجماعات، متطرقة الى التجربة الفرنسية في هذا الصدد.
رؤية مشتركة
وفي كلمته الترحيبية، أشار الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، إلى أن كُلاً من مركز تريندز ومجلس الشيوخ الفرنسي يتشاركان الانشغال بمجابهة مخاطر الخطابات المتطرفة، التي باتت تشكل هوية بديلة لها صفة دينية مؤدلجة، وتصنع أفراداً لديهم “عزلة شعورية” تجاه مجتمعاتهم وأوطانهم، بل ولديهم الرغبة للانقلاب على قِيَم هذا المجتمع والإضرار به.
وأوضح الدكتور العلي أن مركز تريندز لطالما دعا إلى حوار فكري موسع بين الغرب والعالم العربي لفهم جذور ظاهرة التطرف المؤدي للعنف ومعالجتها بأساليب شاملة.
وأكد أهمية الشراكة الإماراتية-الفرنسية في تعزيز التسامح ومكافحة الخطابات المتطرفة، التي تصنع هويات دينية معزولة تهدد الوحدة الوطنية.
التعايش وقبول الآخر
من جانبه، أكد الدكتور حمد الكعبي، الرئيس التنفيذي لمركز الاتحاد للأخبار، أن التعايش وقبول الآخر يشكلان أساس المجتمعات المزدهرة، مشدداً على أهمية الإعلام ودوره كخط دفاع أساسي في مواجهة التحديات التي تفرضها جماعة الإخوان المسلمين، والتي وصفها بأنها تسعى لتقسيم المجتمعات عبر بناء كيانات موازية تعزز الانعزالية.
التصدي بالمعرفة
بدوره استعرض الدكتور وائل صالح، مستشار شؤون الإسلام السياسي بمركز تريندز، “متلازمة الإخوان المسلمين” التي تشمل احتكارهم للحقيقة، وتبني خطاب تكفيري، والتحريض على العنف باسم الدين. وأكد أهمية مواجهة خطاب الجماعة من خلال تفكيك أفكارها ونقدها معرفياً، مشيراً إلى ضرورة تقديم نماذج تدين تتوافق مع قيم المواطنة والحداثة.
حاضنة التطرف
إلى ذلك أوضح الباحث حمد الحوسني، رئيس قسم دراسات الإسلام السياسي بمركز تريندز، أن جماعة الإخوان المسلمين كانت دائماً الحاضنة الفكرية والتنظيمية لجماعات إرهابية مثل القاعدة وداعش. وأشار إلى دور الجماعة في توفير غطاء أيديولوجي لهذه التنظيمات ما يمنحها شرعية بين أتباعها.
العمل على الأرض
من جانبه قدم جواكيمبويو، عمدة مدينة ألونسو والعضو السابق في البرلمان الفرنسي، رؤيته حول تأثير الانفصالية الإسلاموية على النسيج الاجتماعي الفرنسي. وأشار لأهمية العمل على الأرض والتحدث مع الناس لفهم سياقات التطرف ومعرفة مجابهتها.
وأكد أنه كعمدة منطقة ألينسون الفرنسية شاهد على تعدد نسخ التدين بين المسلمين في تلك المنطقة، وأنه لاحظ العداء بين الإسلاميين من جهة وبين النسخ الأخرى من التدين، مشيراً إلى أنه بلغ الأمر ببعض الإسلاميين إلى التشكيك في تدين المسلمين الآخرين لمجرد الاختلاف السياسي معهم حول بعض القضايا التي ليست لا علاقة بالدين لا من قريب ولا من بعيد.
قيم الجمهورية
من جانبها تناولت البروفيسورة مورغان دوري فوفو، أستاذة القانون بجامعة بيكاردي جول فيرن، القوانين الأوروبية التي تعزز قيم التعايش وتحارب التطرف، مشيرة إلى مدى تغلل جماعات الإسلام السياسي في الجماعات الفرنسية، وخطورة ذلك على قيم الجمهورية الفرنسية. وأكدت ضرورة التعامل بجدية لكبح تهديد الجماعات الإسلاموية ومنعها من التأثير على شباب الجامعات في تلك المرحلة العمرية الحرجة، وذلك من خلال المزيد من القوانين، والمزيد من المجابهة المعرفية.
وطالبت البروفيسورة دوري بحماية قيم الجمهورية الفرنسية والحؤول بين استخدام الجماعات المتطرفة سياق الديمقراطية الغربية للانتشار والتجييش لأيديولوجيتها في الجامعات.
وفي ختام الحلقة كرم الدكتور محمد عبدالله العلي المشاركين ومنح عدداً منهم ميدالية تريندز البحثية، تقديراً لجهودهم ودعمهم عمل “تريندز” البحثي.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
تحذيرات من تنامي الأنشطة الإرهابية في «الساحل الأفريقي»
أحمد شعبان (القاهرة)
حذّر خبراء في الشؤون الأفريقية ومكافحة الإرهاب الدولي من تصاعد وتيرة الأنشطة الإرهابية في غرب أفريقيا، لا سيما في منطقة الساحل التي تضم مالي والنيجر وبوركينا فاسو، مشددين على ضرورة تبني استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب، لا تقتصر على المواجهة العسكرية فقط، بل تشمل أيضاً الجوانب الفكرية والتنموية والاجتماعية.
وكانت منطقة الساحل الأفريقي قد شهدت، في الفترة الماضية، تزايداً ملحوظاً في الهجمات المسلحة، مع اتساع رقعة نفوذ الجماعات الإرهابية المرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، إذ شنّت الجماعات الإرهابية في أواخر مايو الماضي، هجوماً دموياً على معسكر للجيش المالي وسط البلاد، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 40 جندياً.
وفي النيجر، وقع هجوم آخر نفّذته عناصر من تنظيم «داعش» على موقع للقوات النيجرية، مما أدى إلى مقتل 58 جندياً، في مؤشر خطير على تصاعد القدرات الهجومية للتنظيمات الإرهابية.
وأوضح نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، السفير صلاح حليمة، أن الوضع الأمني في دول الساحل الأفريقي يشهد تدهوراً حاداً نتيجة انسحاب القوات الأميركية والفرنسية، إلى جانب تقليص دور بعثة الأمم المتحدة، مما خلق فراغاً أمنياً كبيراً.
وذكر حليمة، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الفراغ الأمني وفّر بيئة خصبة للجماعات الإرهابية لتوسيع أنشطتها، وشنّ هجمات نوعية أكثر فاعلية خلال الأشهر الأخيرة، مؤكداً أن تأثير هذه التنظيمات بات ملموساً على حياة المدنيين، من خلال ازدياد أعمال القتل والتشريد، وانعدام الاستقرار، إلى جانب الدمار الذي طال البنية التحتية في دول الساحل.
وأشار إلى أن الدعم الخارجي، سواء المالي أو العسكري أو الاقتصادي، الذي تلقته هذه الدول لم يكن كافياً لتمكينها من التصدي الفعّال لتلك التنظيمات، خاصة في ظل التنسيق المتزايد بين الجماعات الإرهابية المحلية والتنظيمات الكبرى، مثل «داعش» و«القاعدة»، التي تمتلك تمويلاً ضخماً وشبكات دعم.
وطالب الدبلوماسي المصري بتكثيف التعاون الإقليمي والدولي، خاصة من خلال التنسيق بين الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، لإيجاد تحالف مشترك يضمن قدراً من الاستقرار، ويوفر دعماً مستداماً للدول الأفريقية، مشدداً على أهمية عدم الاقتصار على الحلول الأمنية والعسكرية، داعياً إلى مواجهة فكرية شاملة لقطع الطريق على تمدد الفكر المتطرف.
وبحسب تقرير مؤشر الإرهاب العالمي، تصدرت منطقة الساحل والصحراء قائمة المناطق الأكثر تضرراً من العمليات الإرهابية على مستوى العالم، وذلك للعام الثامن على التوالي، موضحاً أن 19% من الهجمات الإرهابية عالمياً وقعت في هذه المنطقة، وأسفرت عن نصف إجمالي الوفيات الناتجة عن الإرهاب في العالم.
من جهته، أوضح الباحث المتخصّص في شؤون الجماعات الإرهابية، منير أديب، أن تصاعد النشاط الإرهابي في غرب أفريقيا يرجع لأسباب عدة، أبرزها انشغال المجتمع الدولي بصراعات أخرى، وهو ما أدى إلى تراجع الاهتمام الدولي بمكافحة الإرهاب في القارة الأفريقية.
وأشار أديب، في تصريح لـ«الاتحاد»، إلى أن الانقلابات السياسية التي شهدتها مالي والنيجر وبوركينا فاسو، أسهمت في إعادة تشكيل المشهد السياسي في تلك الدول، مما أثر سلباً على قدرتها في مواجهة التنظيمات الإرهابية.