في غزة ، حيث تمتزج أصوات القصف مع صرخات الأمل، وحيث يثقل الظلام كاهل الأيام، اختارت كلية تنمية القدرات الجامعية أن تكون شعلة نور لا تنطفئ، رغم الدمار الذي طال مبانيها والظروف الاقتصادية والمعيشية القاسية التي أثقلت كاهل طلابها، أبت الكلية، التابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، أن تنكسر أمام عواصف الحرب.

دلال التاجي: عندما يُصبح الأمل نوراً يُضيء ظلام الحرب

رغم فقدانها البصر، استطاعت دلال التاجي، رئيس قسم التعليم المستمر في كلية تنمية القدرات الجامعية، أن تكون شعاعاً يضيء طريق العلم لطلابها. تقول دلال: "الحمد لله قادرة على إعطاء محاضراتي عبر برنامج موديل الخاص بالكلية باستخدام برنامج ناطق على اللابتوب. أرفع محاضراتي وأُعد امتحاناتي سواء النصفية أو النهائية".

ولكن التحديات لا تتوقف عند الإعاقة البصرية، فالحرب في قطاع غزة أضافت صعوبات جديدة، من ضعف الإنترنت الذي يجبرها على إعادة المحاضرات مراراً، إلى الدمار الذي لحق بالكلية نفسها. ومع ذلك، تصف دلال تجربتها قائلة: "رغم كل شيء، أنا سعيدة وفخورة أنني أساعد الطلاب على اجتياز هذه الفترة العصيبة".

مسيرة الصمود الأكاديمي

لم تكن الظروف الأمنية والاقتصادية التي خلفتها الحرب لتمنع كلية تنمية القدرات الجامعية من مواصلة رسالتها التعليمية. الدكتور حاتم الدباكة، عميد الكلية، أوضح كيف واجهت الكلية هذه التحديات قائلًا: "طالنا الكثير من الدمار والخراب، لكن بجهود الإدارة العليا في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني وجهودنا الشخصية، استطعنا أن نتجاوز الصعوبات ونعيد تفعيل برامجنا الأربعة".

وقد أظهرت الكلية دعماً استثنائياً لطلابها من خلال إعفائهم من الرسوم الدراسية، مما سمح للطالبة رشا أبو شاب، التي كادت أن تفقد الأمل في إكمال تعليمها، بتسجيل الفصل الدراسي المتبقي لها مجاناً، وتنزيل موادها عبر برنامج موديل. تقول رشا: "الآن أنا في خطواتي الأخيرة نحو التخرج والحصول على شهادتي الجامعية".

أما كمال أبو سعادة، الطالب في الكلية، فقد وجد الأمل في التعليم عبر المنصات الإلكترونية التي وفرتها الكلية، وتمكن من إتمام فصوله الدراسية وإجراء امتحاناته في ظل الحرب.

إنجازات بأرقام

تضم كلية تنمية القدرات الجامعية حاليًا حوالي 224 طالبًا وطالبة موزعين على برامجها المختلفة. وخلال العام الماضي، تمكنت الكلية من توفير 60 منحة دراسية في برامج التربية الخاصة، إعادة التأهيل، وفني الإسعاف والطوارئ.

ولم تقتصر جهود الكلية على طلابها فقط؛ بل ساهمت في دعم الجامعات الكبرى في القطاع مثل جامعة الأزهر، الجامعة الإسلامية، وجامعة فلسطين من خلال تقديم خدمات لوجستية. وبلغ عدد المستفيدين من الخدمات الأكاديمية التي توفرها الكلية حوالي 70 ألف طالب وطالبة على مختلف المستويات.

بالإضافة إلى ذلك، وفرت الكلية قاعة "السمنار" التي شهدت مناقشة أكثر من 10 رسائل ماجستير ودكتوراه، سواء داخل الوطن أو خارجه.

دعوة للترميم والبناء

ورغم هذا النجاح، يؤكد الدكتور الدباكة على الحاجة الماسة لترميم وصيانة المباني التي دُمرت خلال العدوان الإسرائيلي الأخير، لضمان استمرار الكلية في أداء رسالتها التعليمية والإنسانية.

منارة للعلم في غزة

تأسست كلية تنمية القدرات الجامعية عام 1985 كمركز للتأهيل في مصر، برؤية الشهيد الدكتور فتحي عرفات، لتصبح منارة للعلم في قطاع غزة. تقدم الكلية برامج نوعية تشمل دبلوم فني الإسعاف والطوارئ، بكالوريوس التربية الخاصة، وبرنامج مترجم لغة إشارة معتمد، مما يجعلها رائدة في هذه المجالات.

صمود يتجاوز حدود التعليم

وسط هذه الأجواء العصيبة، تبرز قصص ملهمة لأساتذة وطلاب تحدّوا المستحيل ليجعلوا من التعليم وسيلة للصمود. من دلال التاجي، المدرسة الكفيفة التي تتحدى ضعف الإنترنت وظروف الحرب لتقدم دروسها لطلابها، إلى رشا أبو شاب التي أوشكت على فقدان أملها في التخرج، ولكنها الآن على مشارف تحقيق حلمها. هذه الكلية لم تكن مجرد مكان للدراسة، بل قصة كفاح جماعية تتجاوز حدود التعليم لتصبح نموذجاً للصمود الفلسطيني.

المصدر : وكالة سوا

المصدر: وكالة سوا الإخبارية

إقرأ أيضاً:

تحليل بريطاني: القدرات العسكرية اليمنية أربكت أمريكا و”إسرائيل”

الجديد برس| نشر موقع صحيفة ذا صن البريطاني مادة تحليلية سلطت الضوء على القدرات العسكرية المتطورة التي بنتها اليمن خلال السنوات الماضية والتي أربكت واشنطن وتل أبيب وأوروبا على حد سواء. وأكدت المادة أن اليمن رغم الحصار والعدوان الاقتصادي والعسكري المستمر عليها استطاعت تطوير منظومات صاروخية وطائرات مسيرة متقدمة أسهمت في إعادة رسم موازين القوة الإقليمية في المنطقة. وذكرت أن هذه القدرات شكلت مصدر قلق حقيقي لإسرائيل والولايات المتحدة حيث أثرت بشكل مباشر على العمليات العسكرية في البحر الأحمر وعلى حركة الملاحة والتجارة في الموانئ الإسرائيلية، خاصة مع فرض اليمن حصاراً بحرياً فعالاً أدى إلى شلل حركة ميناء أم الرشراش. وأبرزت المادة حقيقة فشل الولايات المتحدة وإسرائيل والاتحاد الأوروبي في كسر إرادة اليمنيين في مواجهة العدوان ونجاحهم في فرض معادلات ردع جديدة في البحر الأحمر، رغم كل المحاولات العسكرية والعقوبات الاقتصادية والتدخلات السياسية. وأضافت أن الردود الإسرائيلية والأمريكية على القدرات اليمنية جاءت مترددة وجزئية تعكس حالة الإرباك والقلق المتصاعد من تصاعد قوة اليمن العسكرية التي تعيد تشكيل قواعد الاشتباك وتضع تحديات كبيرة أمام المشروع الأمريكي الإسرائيلي في المنطقة. وشددت المادة على أن المعركة في البحر الأحمر أصبحت اليوم نموذجًا واضحًا لصمود اليمن وقدرتها على مواجهة التحديات الكبرى رغم الحصار والضغوط الدولية المتواصلة.

مقالات مشابهة

  • تحليل بريطاني: القدرات العسكرية اليمنية أربكت أمريكا و”إسرائيل”
  • الجماز: الرئيس الجديد للهلال لن يكون له الصلاحيات التي كان يتمتع بها من سبقه
  • ساكاليان لـ سانا: اللجنة على استعداد تام لمواصلة العمل للتخفيف من تبعات الأحداث الأخيرة في محافظة السويداء على المجتمعات المتأثرة، حيث انضم فريق منها الإثنين الفائت إلى القوافل الإنسانية التابعة للهلال الأحمر العربي السوري التي دخلت محافظة السويداء، ضمن ا
  • المساعدات المصرية تتدفق عبر رفح ضمن القافلة الرابعة للهلال الأحمر (فيديو)
  • ذا صن: اليمنيون ينجحون في فرض معادلات ردع جديدة داخل البحر الأحمر
  • تشغيل قسم العناية المركزة في مستشفى المواصي الميداني التابع للهلال الأحمر 
  • السيطرة على حريق مفاجئ بمركب وإنقاذ 29 شخصًا في البحر الأحمر
  • تكريم المشاركين في تنظيم حفل تخريج الفوج الخامس والعشرين “فوج العلم الأردني” بكلية إربد الجامعية
  • تشغيل قسم العناية المركزة في مستشفى المواصي الميداني التابع للهلال الأحمر
  • قافلة مساعدات جديدة للهلال الأحمر العربي السوري تصل إلى معبر بصرى الشام الإنساني في طريقها السويداء.