تخطو مصر خطوات ثابتة ومدروسة نحو تحقيق طفرة عمرانية شاملة تسعى إلى تحسين مستوى المعيشة وتلبية احتياجات المواطنين، في إطار رؤية الدولة لتحقيق التنمية المستدامة بحلول عام 2030، وفي ظل هذه الجهود، يشهد قطاع الإسكان والتنمية العمرانية تقدمًا ملحوظًا يجمع بين التوسع الحضري المدروس والالتزام بتوفير حياة كريمة لكل مواطن.

خطط التنمية العمرانية في مصر

من جانبه، قال الدكتور الحسين حسان، خبير التطوير الحضاري والتنمية المستدامة، إنه قبل بداية خطط التنمية العمرانية في مصر، كانت البلاد تواجه تحديات ضخمة في مجال الإسكان، وهناك عجز في الوحدات السكنية، حيث كانت هناك أكثر من 357 منطقة عشوائية غير آمنة تهدد حياة السكان، وكان هناك 1221 منطقة عشوائية تُعتبر آمنة، لكنها كانت بحاجة إلى تطوير وتحسين، وكانت مصر تعاني من مساحة عمرانية محدودة، حيث كان يعيش الشعب على 6% فقط من مساحة البلاد.
وأضاف حسان لـ “صدى البلد”، من التحديات الأخرى التي كانت تواجهها مصر هو الزحف العمراني على حساب الأراضي الزراعية بين عامي 1984 و2007، فقدت مصر حوالي 13,000 فدان من الأراضي الزراعية، وهذا إلى جانب التعديات المستمرة على الأراضي الزراعية، حيث وصل عدد حالات التعدي على الأراضي إلى 2 مليون حالة منذ عام 2011، مما زاد من الضغوط على القطاع الزراعي.

ووضعت مصر خطة استراتيجية كبيرة لتطوير العمران، كان أبرز تفاصيلها بناء مدن جديدة من الجيل الرابع، تم إنشاء أكثر من 38 مدينة جديدة، ليصل إجمالي المدن الجديدة إلى أكثر من 60 مدينة، مقارنة بـ 22 مدينة كانت موجودة خلال الـ 40 سنة السابقة. تم تخصيص استثمارات ضخمة لتطوير هذه المدن وتحسين البنية التحتية.

وأوضح أن مصر عملت على تطوير المدن القديمة، مثل مشروع تطوير الفسطاط والقاهرة التاريخية، تم العمل على تحسين البنية التحتية في مناطق أخرى مثل مشروع الروبيكي. هذه المشروعات تهدف إلى إعادة الحياة للمناطق القديمة وتحسين جودة الحياة للمواطنين.

واختتم أن مصر استهدفت تحسين مستوى الحياة في الريف من خلال مبادرة “حياة كريمة”، ويهدف المشروع إلى تطوير البنية التحتية وتوفير خدمات الحياة الأساسية في القرى المصرية، ورغم التحديات التي تواجه هذا المشروع، خاصة في القرى التي تعاني من بنية تحتية متهالكة، فإنه يسعى إلى تحقيق تغيير جذري في حياة ملايين المصريين.

من أبرز ملامح التنمية العمرانية التي تتبناها مصر هو التوسع في إنشاء المدن الجديدة التي تعكس رؤية مستقبلية تواكب التطور العالمي، تأتي العاصمة الإدارية الجديدة كنموذج رائد لهذه المدن، حيث تم تصميمها لتكون مدينة ذكية متكاملة، تضم مراكز حكومية، أحياء سكنية متطورة، ومنشآت تعليمية وصحية على أعلى مستوى.

إلى جانب العاصمة الإدارية، برزت مدن أخرى مثل العلمين الجديدة والمنصورة الجديدة، والتي تمثل محاور للتنمية في مناطق استراتيجية، وتتميز هذه المدن ببنية تحتية حديثة، شبكات نقل متقدمة، وبيئة معيشية تراعي المعايير البيئية، هذه الخطوات لا تهدف فقط إلى تقليل الضغط على المدن التقليدية، بل أيضًا إلى استغلال المساحات الشاسعة من الأراضي غير المأهولة وخلق فرص اقتصادية جديدة.

ركزت الدولة على تلبية احتياجات المواطنين من السكن بمختلف مستوياتهم الاجتماعية والاقتصادية، وأطلقت مبادرات ومشروعات كبرى مثل مشروع “الإسكان الاجتماعي”، الذي استهدف توفير وحدات سكنية بأسعار مدعومة للشباب والأسر متوسطة ومحدودة الدخل.

وضعت مصر حدًا لمشكلة المناطق العشوائية عبر مبادرات تطويرها وتحويلها إلى مناطق آمنة ومجهزة بكافة الخدمات، مشروع “حي الأسمرات” في القاهرة و”بشاير الخير” في الإسكندرية هما مثالان بارزان على الجهود المبذولة لتوفير سكن حضاري للمواطنين الذين كانوا يعانون من ظروف معيشية صعبة.

لتحقيق هذه النهضة العمرانية، أولت الحكومة اهتمامًا كبيرًا بتطوير البنية التحتية. تم تنفيذ مشروعات عملاقة لتوسيع شبكات الطرق، إنشاء محطات طاقة جديدة، ومد خطوط المياه والصرف الصحي إلى المناطق الجديدة، كل هذا ساهم في تعزيز قدرة المدن الجديدة على استيعاب السكان وتحقيق جودة حياة أعلى.

شبكات الطرق والمحاور التي تم إنشاؤها، مثل طريق “شبرا - بنها” والطريق الدائري الأوسطي، لم تسهم فقط في تسهيل الانتقال بين المدن، لكنها دعمت أيضًا حركة التجارة والاستثمار في المناطق الجديدة.

إلى جانب تحسين جودة حياة المواطنين، ساهمت مشروعات التنمية العمرانية في تحفيز الاقتصاد الوطني، قطاع التشييد والبناء أصبح أحد المحركات الأساسية للنمو الاقتصادي، حيث وفر مئات الآلاف من فرص العمل للمهندسين، العمال، والمقاولين.

كما جذبت المدن الجديدة استثمارات محلية وأجنبية، خاصةً في قطاعات الإسكان الفاخر، التجارة، والخدمات، واستطاعت مصر من خلال هذه المشروعات تحقيق توازن بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

تتبنى الدولة في مشروعاتها العمرانية مفهوم التنمية المستدامة، حيث يتم تصميم المدن الجديدة وفق معايير بيئية تراعي استغلال الموارد الطبيعية بشكل أمثل، تم إنشاء محطات طاقة شمسية لتوفير الكهرباء، بالإضافة إلى شبكات نقل جماعي تعتمد على الطاقة النظيفة.

تعكس المشروعات العمرانية التي تشهدها مصر التزام الدولة برفع مستوى معيشة مواطنيها، وتقديم حلول عملية للتحديات السكانية والاقتصادية، هذه الجهود لم تعد مجرد خطط على الورق، بل تحققت على أرض الواقع، وبدأ المواطنون بالفعل يجنون ثمارها في شكل فرص عمل جديدة، مساكن لائقة، ومجتمعات حضرية متطورة.

مع استمرار هذه الجهود، تسير مصر بخطى واثقة نحو مستقبل أكثر إشراقًا، تُبنى فيه المدن على أسس حديثة، ويعيش المواطن فيه حياة كريمة تليق بتطلعاته وطموحاته.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مصر التنمية المستدامة الإسكان طفرة عمرانية المزيد التنمیة العمرانیة البنیة التحتیة المدن الجدیدة

إقرأ أيضاً:

دراسة أميركية جديدة تكشف أسرار الطفرات التي تصيب الجين المسبب لمرض التليف الكيسي

كشفت دراسة أميركية جديدة عن أسرار الطفرات التي تصيب الجين المسبب لمرض التليف الكيسي المقاوم للعلاج، في خطوة تمنح الأمل لاكتشاف علاجات جديدة للمرضى الذين لا يستجيبون  للأدوية المتاحة.

وأجرى الدراسة باحثون من المركز الطبي لجامعة فاندربيلت في الولايات المتحدة، ونشرت نتائجها في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم (Proceedings of the National Academy of Sciences) في ابريل/ نيسان الماضي، وكتب عنها موقع يوريك أليرت.

تعتبر عملية التنفس عملية طبيعية وأساسية يقوم بها معظم الناس دون تفكير، ولكنها قد تكون عملية شاقة للغاية لمرضى التليف الكيسي. ويحدث التليف الكيسي – وهو مرض وراثي – نتيجة حدوث طفرات في الجين الذي يصنع بروتين منظم التوصيل الغشائي للتليف الكيسي (Cystic fibrosis transmembrane conductance regulator (CFTR))، والبروتينات هي آلات دقيقة تؤدي وظائف محددة داخل الخلية، وتكون التعليمات الخاصة بصنع كل بروتين مشفّرة في الحمض النووي على شكل جينات، وتحدد هذه التعليمات أي حمض أميني يجب استخدامه في كل موضع ضمن السلسلة لصنع بروتين معين.

ويشكل بروتين منظم التوصيل الغشائي للتليف الكيسي قناة أيونية موجودة في الخلايا الظهارية التي تبطن معظم أجزاء الجهاز التنفسي. ويتكوّن بروتين القناة من 5 نطاقات: نطاقان عابران للغشاء، ونطاقان لارتباط النوكليوتيدات، ونطاق تنظيمي. يقوم نطاقا ارتباط النوكليوتيدات بتزويد الناقل بالطاقة.

إعلان

تقوم القنوات الأيونية بنقل الذرات أو الجزيئات المشحونة كهربائيا من داخل الخلية إلى خارجها، أو من خارج الخلية إلى داخلها. في الرئة، تنقل قناة منظم التوصيل الغشائي للتليف الكيسي الأيونية أيونات الكلوريد من داخل الخلية إلى خارجها.

تؤدي الطفرات في منظم التوصيل الغشائي للتليف الكيسي إلى نقص في نقل الأيونات في الخلايا الظهارية الرئوية، واختلال في حركة الأهداب المسؤولة عن نقل المخاط، وتراكم المخاط، وحدوث العدوى، وفي النهاية الوفاة.

يكون المخاط في الرئتين رقيقا وزلقا عادة، ولكن مخاط مرضى التليف الكيسي يكون سميكا ولزجا، مما يسد المسالك الهوائية ويصعّب التنفس، وتشبه المعاناة مع التليف الكيسي المعاناة من أسوأ حساسية موسمية يمكن أن يعاني منها الانسان.

اقناع البروتين بالاستجابة للدواء

على الرغم من أن التليف الكيسي لا يزال مميتا، إلا أن نوعية حياة العديد من المرضى قد تحسن بفضل الأدوية الثورية التي وافقت عليها إدارة الغذاء والدواء الأميركية في السنوات الأخيرة. وعلى الرغم من أن جميع هذه العلاجات تستهدف منظم التوصيل الغشائي للتليف الكيسي، إلا أن معظم المرضى لا يستجيبون جيدا لهذه الأدوية.

وحللت الدراسة كلا من الطفرات لدى المرضى المستجيبين بشكل انتقائي وضعيفي الاستجابة، وكشفت عن المحددات الجزيئية للاستجابة للدواء.

يتم تصنيف متغيرات منظم التوصيل الغشائي للتليف الكيسي على نطاق واسع على أنها ثلاث فئات، الفئة الأولى متغيرات تمثل قنوات لا تعمل، والفئة الثانية هي متغيرات تكون فيها القنوات مطوية بشكل خاطئ، والفئة الثالثة وهي متغيرات لا تفتح فيها أبواب القنوات بالشكل الصحيح.

على الرغم من ظهور مركّبات مصحّحة ثورية لعلاج التليف الكيسي، لا يزال 10٪ من المصابين بالمرض دون خيارات علاجية، ويحمل نحو 3٪ من إجمالي المصابين طفرات من الفئة الثانية ضعيفة الاستجابة.

إعلان

أظهرت النمذجة الهيكلية الحاسوبية أن أحد المصححات فشل في توفير استقرار كاف لنطاق ارتباط النوكليوتيدات 1 لدى المرضى ضعيفي الاستجابة. و كشفت الدراسة عن نقاط ضعف بنيوية في نطاق ارتباط النوكليوتيدات 1 يجب استهدافها لعلاج هذه الحالات.

وتوفر الدراسة إطارا لفهم العيوب الكامنة في مراقبة جودة البروتين والخلل البنيوي في متغيرات منظم التوصيل الغشائي للتليف الكيسي التي لا تستجيب للعلاجات الحالية، بما يسهم في توسيع نطاق الخيارات العلاجية لتشمل جميع المتغيرات القابلة للاستهداف.

مقالات مشابهة

  • هل وصلت إلى ما أريد؟
  • دراسة أميركية جديدة تكشف أسرار الطفرات التي تصيب الجين المسبب لمرض التليف الكيسي
  • 6 آبار جديدة.. ورفع كفاءة الطرق والصرف.. الجيزة تُسرّع وتيرة التنمية الصناعية.. وخطة لتطوير «أبو رواش»
  • من سياتل إلى لوس أنجلوس.. موجة احتجاجات جديدة ضد عسكرة المدن وقرارات الهجرة
  • بالفيديو.. شاهد “سد المال” والهدايا التي قدمها الفنان مأمون سوار الدهب لزوجته الجديدة الحسناء حنين محمود عبد العزيز
  • البيت الأبيض يحذر المدن الأمريكية الراغبة في التظاهر.. هل تخرج موجة جديدة؟
  • نيجيرفان بارزاني: نقدر العناية الطبية التي قدمتها الإمارات للراحل كريم سنجاري
  • تطورات جديدة حول مسار “قاتل المدن”
  • الإسكان: الأحد المقبل.. بدء تسليم وحدات سكنية جديدة بدمياط الجديدة
  • وزيرة التنمية المحلية تتابع مشروعات حياة كريمة وتوفير السلع بالوادي الجديد