16 ديسمبر، 2024

بغداد/المسلة: العراقيون يترقبون بقلق بالغ التطورات المتسارعة في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

ويتساءل الشارع العراقي عن انعكاسات الزلزال السياسي في الجارة المضطربة على الداخل العراقي، حيث تتشابك المصالح الإقليمية والدولية مع واقع سياسي معقد في بغداد.

وتظهر على السطح بوادر براغماتية واضحة في المواقف العراقية الرسمية.

فقد دعا زعماء سياسيون بارزون، مثل رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ورئيس الحكومة محمد شياع السوداني، إلى النأي بالنفس عن التدخل في الشأن السوري. ورغم الضغوط الإقليمية والدولية، فضلت تلك القيادات التركيز على حماية مصالح العراق وتجنيب البلاد الدخول في محاور التدخل الخارجي.

ووفق تغريدة لرئيس مركز أبحاث محلي، فإن “الموقف العراقي الحذر يعكس إدراكًا عميقًا لتعقيدات الساحة السورية وارتباطها بتوازنات القوى في المنطقة”. التغريدة أثارت تفاعلاً واسعاً بين الناشطين، حيث كتب أحدهم: “لعل العراق بحاجة إلى هذا النوع من الحكمة السياسية، بعد عقود من التدخلات التي أثقلت كاهل البلاد”.

وفيما تسعى الحكومة العراقية للتعامل مع تداعيات الأحداث، فإن قوى “الإطار التنسيقي” أوكلت المسؤولية كاملة إلى السوداني لمواجهة التحديات. ولكن الموقف لم يسلم من انتقادات. فقد قالت تغريدة لصحفي عراقي مستقل إن “الإطار التنسيقي يضع الحكومة في مواجهة مفتوحة مع مطالب الشارع والضغوط الأمريكية، دون تقديم دعم فعلي على الأرض”.

مصدر سياسي مطلع تحدث قائلاً إن زيارة ممثل الأمم المتحدة للعراق واجتماعه مع المرجع الأعلى السيد علي السيستاني تعكس حرص المجتمع الدولي على استيضاح رؤية النجف تجاه التحولات الإقليمية. وأشار المصدر إلى أن السيستاني أكد مجددًا أهمية تجنب أي تدخل عسكري أو سياسي في سوريا، مع التركيز على حماية وحدة العراق الداخلية.

القلق الشعبي من انعكاسات الساحة السورية يتقاطع مع ضغوط أمريكية متزايدة لإنهاء دور الفصائل المسلحة في العراق، وهو ما يزيد من تعقيد الموقف. مواطن من الموصل كتب في تعليق على فيسبوك: “سوريا سقط نظامها، لكن العراق لا يزال أسير لعبة الكبار. هل نتوقع تغييرات جذرية؟ لا أظن، لكن الرياح لا تزال عاصفة”.

تحليلات الخبراء تشير إلى أن العراق قد لا يشهد تغيرات سياسية كبيرة نتيجة ما جرى في سوريا. إذ يرى باحث اجتماعي أن “الوضع العراقي يختلف جوهريًا عن السوري. فهناك نظام ديمقراطي وانتخابات دورية، رغم كل التحديات، كما أن المجتمع العراقي يتمتع بحرية رأي نسبية وحقوق للأقليات”. وأضاف الباحث أن الانقسامات المجتمعية في العراق، رغم عمقها، ليست بالحدة التي شهدتها سوريا.

مع ذلك، فإن مخاوف ارتدادات الأحداث السورية تتجاوز السياسيين لتصل إلى المواطن العادي الذي يعيش تداعيات الأزمات المتلاحقة. مواطنة من بغداد علقت قائلة: “نخشى أن تكون هذه التحولات بداية لمرحلة جديدة من التصعيد، العراق لا يحتمل حرباً أخرى أو انهياراً اقتصادياً جديداً”.

وقال تحليل سياسي إن “الخيار العراقي الآن هو التوازن الدقيق بين المصالح الإيرانية والأمريكية، وهو توازن هش يتطلب قيادة حازمة وقدرة على إدارة الأزمات”.

وفي الوقت الذي يترقب فيه الجميع الخطوات القادمة، يبقى السؤال: هل سينجح العراق في العبور من زلزال الجارة سوريا دون أن تهتز أركانه؟

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

القضاء يكتب السطر الأخير في فوضى خور عبد الله.. ما هو قانوني وما هو مزايدة

29 يوليو، 2025

بغداد/المسلة: في لحظة سياسية شديدة التعقيد، برز صوت مجلس القضاء الأعلى ليبدد ضباب المشهد القانوني المتشابك حول اتفاقية خور عبد الله، ويعيد ترتيب الأوراق الدستورية على الطاولة السياسية.

وفي غمرة الجدل والتجييش، بدا القضاء وكأنه يعيد تعريف وظيفة القانون في زمن النزاعات السياسية، حين قدّم تفسيراً معمقاً لثنائية قرارات المحكمة الاتحادية الصادرة عامي 2014 و2023، واضعاً الحد الفاصل بين المفهوم القانوني للتصديق على الاتفاقيات الدولية وواقع التوظيف السياسي لها.

وفتح مقال رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي فائق زيدان، نافذة جديدة على الفقه الدستوري في العراق، حين ربط بين اتفاقية 2012 الخاصة بتنظيم الملاحة، والإطار الأوسع لترسيم الحدود الذي انطلق من قراري مجلس الأمن 687 و833، مروراً بالقانون رقم 200 لسنة 1994، وانتهاءً بالمصادقة البرلمانية لعام 2013.

وكان الزيدان صريحاً في الإشارة إلى أن ما صدر عن المحكمة عام 2014 لم يكن حكماً في جوهر الدعوى، بل رفضاً شكلياً للطعن، بينما جاء قرار 2023 محمّلاً بتفسير جديد يتطلب موافقة ثلثي أعضاء البرلمان، رغم أن ذلك يخالف العرف القضائي والمادة 105 من قانون الإثبات.

وأكد القانونيون أن ما كُتب ليس حكماً واجب التنفيذ، بل مقالة تفسيرية تسعى إلى توحيد الفهم الدستوري وتفكيك التناقضات.

وقال الخبير القانوني علي التميمي، إن “مجلس القضاء قدم توضيحاً معمقاً اشتمل على العديد من النقاط المهمة المتعلقة بالفقه الدستوري، وتناول السياق القانوني للقرارات الصادرة بحق العراق بعد غزو النظام المباد للكويت، لا سيما قراري مجلس الأمن 687 و833 المتعلقين بترسيم الحدود مع الكويت”.

وأضاف أن “القانون رقم 200 لسنة 1994 جاء مصادقاً على هذا الترسيم استناداً إلى قرارات مجلس الأمن، تلاه توقيع اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله عام 2012، والتي صادق عليها العراق بموجب القانون رقم 42 لسنة 2013”.

وتابع التميمي أن “مقال رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي فائق زيدان، أشار إلى قراري المحكمة الاتحادية بشأن الاتفاقية، إذ قضى الأول بعدم اختصاص المحكمة بالنظر في الطعن من الناحية الشكلية، فيما عد الثاني، الصادر عام 2023، أن قانون التصديق على الاتفاقية غير دستوري، وقرر العدول عنه، رغم أن العدول يُطبق فقط على المبادئ القضائية لا القرارات، استناداً للمادة 105 من قانون الإثبات”.

وأكد أن “المقال سلط الضوء أيضاً على التزامات العراق الدولية واحترامه للمعاهدات استناداً للمادة 8 من الدستور، والمادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة، ما يؤكد أهمية احترام القرارات والمعاهدات الدولية”.

و شدد الخبير القانوني عباس العقابي أن الاتفاقيات تُمرر عادة بالأغلبية البسيطة، وما جرى ليس إلا محاولة لشرح التباين بين القرارين دون إصدار حكم ملزم. بينما أشار حمزة مصطفى إلى خطورة ما وصفه بـ”هندسة الرأي العام” على أسس مغلوطة، محذراً من أن العبث بهذه الاتفاقية يهدد استقرار مئات الاتفاقيات الدولية الأخرى التي تشكل العمود الفقري للسياسة الخارجية العراقية.

وتناسق معه علي الخفاجي الذي رأى في بيان مجلس القضاء الأعلى محاولة لوقف نزيف التضليل الإعلامي.

وتوّجت الرئاسات الثلاث هذا السجال بإعلان التزام واضح بالاتفاقيات الدولية، وسحب طلبات العدول عن الاتفاقية، في إشارة سياسية واضحة إلى أن العراق باقٍ على التزاماته أمام الأمم المتحدة. غير أن ما تبقى من المشهد ليس قانوناً فحسب، بل إدارة دقيقة للرماد المتطاير من نار الجدل، وسط مناخ إقليمي لا يحتمل التنازل ولا حتى التفسير المغلوط.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • اليوم..المنتخب العراقي لكرة السلة يواجه نظيره السعودي
  • العراق والمخدرات: قراءة في منظومة الحرب الناعمة على المخدرات
  • شركات عراقية من بين 15 متقدّماً للاستثمار الصناعي في سوريا
  • القضاء يكتب السطر الأخير في فوضى خور عبد الله.. ما هو قانوني وما هو مزايدة
  • رئيس الوزراء العراقي يؤكد حرص بلاده على وحدة سوريا
  • السوداني: منعنا محاولات إطلاق صـواريخ ومسـيّرات من داخل العراق
  • وزير الخارجية العراقي: الحوار والتفاوض هما السبيل الأمثل لحل الخلافات الإقليمية
  • نهاية الريف العراقي.. الزراعة تلفظ أنفاسها في زمن التصحر
  • حرائق ممتدة بعدة محافظات عراقية بالتوازي مع وصول درجات الحرارة لمستويات قياسية
  • الأحمد لـ سانا: أكد السيد الرئيس ضرورة المضي في العملية الانتخابية في كل المحافظات السورية، ورفض التقسيم الذي ينبذه جميع السوريين