سودانايل:
2025-05-29@08:18:19 GMT

نحو المستقبل: تطورات سريعة في البريكس

تاريخ النشر: 25th, December 2024 GMT

د. عمرو محمد عباس محجوب

منذ نعومة أظافرنا والستينات كانت المواكب والمظاهرات تهتف ضد صندوق النقد الدولي والبنك الدولي باعتبارهما رمز السيادة الإمبريالية الغربية والمهدد الأضخم لنمط حياتنا القائمة على التكاتف والتكافل المجتمعي ومصبوغة بأحلام حول الاشتراكية وعدم سيطرة الرأسمال على حياتنا. وحتى البرنامج الإسعافي وخطوطه العامة حول البناء الذاتي ومجانيا التعليم والصحة كان تعبيرا عن الصراع الذي لازال يدور.

وعندما تنكر حمدوك وركل البرنامج بقدميه تنفيذا لارتباطاته مع شاتام هاوس وفروعه ذهب مباشرة لروشتة صندوق النقد الدولي.

كنا نعتقد ان الصراع مع هذه المؤسسات الرأسمالية لن ينتهي قريبا وسوف يستمر احفادنا في الصراع حوله، لكن سرعة الأحداث تأخذنا جميعا، فقد أعلنت دول البريكس ان المعادلات التي تتحكم في صندوق النقد الدولي واتفاقيات التجارة العالمية ليست ملائمة لمصالح دول العالم خارج الإمبراطورية والغرب وخاصة الجنوب والبحث عن مخارج مناسبة من هذه المؤسسات تعمل لمصلحة دولها. لقد اثرت روشتات الصندوق (التكيف الهيكلي) وتوصياته للإقراض في كل الدول التي رضخت لمطالب الصندوق في إلغاء الدعم للسلع والوقود والصحة والتعليم ونقص الدعم الاجتماعي مؤديا للتوتر الاجتماعي والسياسي رغم أنها قد تفيد الاقتصاد على مستوى الماكرو بشكل لايعادل الأثمان الاجتماعية على مستوى المايكرو.

تجارب دول عديدة منذ السبعينات وبعدها في مصر والبرازيل والمغرب ونيجريا وفنزويلا وإندونيسيا والباكستان وكينيا التي درستها البريكس كان لها نفس الآثار وادّت لنفس النتائج من عدم الاستقرار بتحركات اجتماعية عنيفة ونقص الخدمات وتحرك العملات وزيادة الضرائب والخصخصة وقلة النمو الاقتصادي ورفع معدلات الفقر. لقد ادى برنامج التكيف الهيكلي إلى نقص الإنفاق الحكومي وزيادة الضرائب وإفقار الطبقات الشعبية، وادّت إلى تقوية الدول المقرضة وفقدان الدول المقترضة لسيادتها ووضع خطط تنميتها المناسبة. على مستوى الحوكمة فقد سلبت الدول حرياتها ووضعتها في موقع الاستعمار الجديد بدون تقديم حلول لمشاكل الديون المتراكمة وانهيار الخدمات الاجتماعية.

لقد عشنا في السودان هذه الأوضاع طوال فترة الإنقاذ التي نفذت كل هذه الأفكار والسياسات منذ يومها الأول وطوال ثلاثة عقود. بعد ثورة كبرى في ديسمبر ٢٠١٨ والمناداة بترك هذا الطريق ووضع سياسات جديدة، قرر حمدوك منفردا ومدعوما برابطة شاتام هاوس شروط صندوق النقد الدولي وإجبار كل الأحزاب وممثلي المجموعات السياسية على قبول البرنامج الثلاثي المبني عليه. سبق هذا خديعة زيارة باريس بدعوى حل اشكالية الديون والذي دعا البرنامج الإسعافي لحلول متشعبة بعد العام الأول من تركيز وبناء قواعد النمو الذاتي. ان المدخل للبدء للعام الأول كان تغيير العملة التي كانت خارج النظام البنكي مع مطابع خاصة وقد رفض حمدوك هذا ايضاً! جاء تطبيق الروشتة بقرار حمدوك وطاعة الأحزاب والحلفاء في قحت ورفع سعر الدولار من ٦٠ جنيه إلى ٥٠٠ جنيه مباشرة، ورفع الرواتب لشريحة صغيرة من الموظفين بدون أي دراسة من وزير المالية الذي فرض رغما عن انف قحت ولجانها ومركزيتها وبرنامجها، من حزب الأمة. لقد كانت هذه القرارات الكارثية اضخم الأسباب الغير مباشرة في فض الشعب من حكومته - وأعتقد انه كان مدروساً لكن لا أملك دليلاً- للحرب الجنجويدية على الدولة. لقد صارت دولة الثورة منذ رفض البرنامج الإسعافي وهو المشروع الذي كنا نأمل ان يوحد المواطنين بلا مشروع وطني.

لا احد يعلم إذا كان ترامب سوف يستطيع تحقيق وعوده بتطبيق الأمركة بعد ان وضعت الإدارة الديمقراطية (تحولت لمواقع المحافظين الجدد) العقبات والتهديدات التي هددت بشكل كبير إمكانية اتخاذ القرارات كما في إنهاء الحرب مع روسيا. لقد وحدت هذه الدول من ايران لروسيا والصين وكذلك أعضاء البريكس التي ترى بام عينيها المكاسب أمامها.

لقد بدأت البريكس في اتخاذ قرارات حول خلق نظام عملات غير الدولار، ونظام خارج السويفت، والخروج من أنظمة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وربما الأمم المتحدة او إصلاحات بنيوية وغيرها. هناك تهديدات من الولايات المتحدة ولكن إعلانات ترامب باضعاف الناتو تدفع العديد من الدول الاوربية إلى وضع الخروج من النظام الدولاري إلى نظام بريكس على الأقل في طاولة البحث. هناك ترحيب من العديد من الدول من الجنوب بافكار بريكس التي ستخلصها من الهيمنة الاستعمارية خاصة الاقتصادية. حتى الآن ليس هناك سوى سياسات عامة لخلق بدائل عن الأنظمة التي تنظم عمل المنظومة الغربية والتي يراها اغلب العالم أنها مصممة لصالح الإمبراطورية الأمريكية الأنجلوسكسونية وضد الآخرين. لكن حتى الآن هناك افكار تنفيذية عامة في مجال عملة البريكس ونظام التحويل المالي والإقراض وهكذا، لكن استبدال الأنظمة مثل الصندوق والبنك والأمم المتحدة ومثلها لازالت قيد البحث.

الطريق طويل ولكن بدات المسيرة وسوف تتعرض لهزات وصراعات لكن أهدافها النبيلة سوف تدعم تطبيقها.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: صندوق النقد الدولی

إقرأ أيضاً:

تقدم في مفاوضات صندوق النقد.. وخبير: ذات انعكاسات إيجابية على الاقتصاد المصري

في خضم التحديات الاقتصادية التي تشهدها مصر، أطلّ إعلان صندوق النقد الدولي كنافذة تفاؤل جديدة تحمل إشارات إيجابية بشأن مستقبل الاقتصاد المصري. فقد أنهت بعثة الصندوق، بقيادة إيفانا فلادكوفا هولار، زيارتها إلى القاهرة التي امتدت من 6 إلى 18 مايو، بإجراء مناقشات وصفت بالمثمرة مع السلطات المصرية.

 وأتت الزيارة ضمن إطار المراجعة الخامسة لاتفاق "تسهيل الصندوق الممدد" (EFF)، في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى استكمال برنامج الإصلاح الاقتصادي وتنشيط ثقة المستثمرين.

تقدم ملموس في المسار الاقتصادي
بحسب بيان صادر عن صندوق النقد الدولي، أحرزت البعثة والسلطات المصرية تقدمًا جيدًا في تقييم الأداء الاقتصادي والتزامات الحكومة ضمن الاتفاق. واعتبر البيان أن استقرار الاقتصاد الكلي في مصر بدأ يترسخ بشكل واضح، مما يمثل لحظة مواتية لتسريع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية، لاسيما في تقليص الدور الحكومي في الاقتصاد، وتعزيز بيئة الأعمال، وتكافؤ الفرص بين القطاعين العام والخاص.

ثقة تتعزز وتوقعات إيجابية
علق الدكتور رمضان معن، أستاذ الاقتصاد بكلية إدارة الأعمال، على البيان مؤكدًا أن هذا التقدم يعزز ثقة المستثمرين الأجانب والمؤسسات المالية الدولية في الاقتصاد المصري. وأشار إلى أن إحراز هذا النوع من التقدم في المراجعة يعزز فرص ضخ استثمارات أجنبية مباشرة، كما يدعم بشكل غير مباشر قطاعات حيوية مثل السياحة، والتحويلات من الخارج، والصادرات غير النفطية، وكلها عوامل تساهم في زيادة تدفقات النقد الأجنبي.

نمو مستدام وفرص عمل جديدة
وأكد معن أن تسريع الإصلاحات الهيكلية يفتح الباب أمام نمو اقتصادي مستدام قادر على خلق وظائف ذات جودة أعلى، ويمنح الاقتصاد المصري مرونة أكبر في مواجهة الصدمات الخارجية. وأشار إلى أن استكمال اتفاق التسهيل الممدد مع صندوق النقد من شأنه توفير تمويل إضافي يعزز الموازنة العامة، ويزيد من مصداقية السياسات الاقتصادية على الساحة الدولية.

انعكاسات مباشرة على الجنيه والتصنيف الائتماني
وتابع معن بأن هذا التقدم قد ينعكس إيجابيًا على التصنيف الائتماني لمصر، مما يخفض من تكلفة الاقتراض السيادي ويعطي دفعة قوية للمالية العامة للدولة. كما أن الإشارات الإيجابية من الصندوق من شأنها دعم استقرار الجنيه المصري، والحد من الضغوط التضخمية الناتجة عن تقلبات أسعار الصرف، ما يصب في صالح المواطن المصري في نهاية المطاف.

إشارات إيجابية تستحق البناء عليها
رغم التحديات القائمة، تحمل نتائج زيارة بعثة صندوق النقد الدولي إشارات واعدة تؤكد أن الاقتصاد المصري يسير على الطريق الصحيح نحو التعافي والنمو المستدام. ومع تزايد التزام الحكومة بتنفيذ الإصلاحات، فإن الأفق يبدو أكثر وضوحًا أمام المستثمرين، والآمال تتجدد في مستقبل اقتصادي أكثر استقرارًا وازدهارًا.

طباعة شارك مصر الاقتصاد الحكومة المستثمرين

مقالات مشابهة

  • رئيس اللجنة المالية يمتدح سياسة البنك المركزي المالية وهي فاشلة في تقرير صندوق النقد الدولي
  • صندوق النقد يضغط على لبنان لتسريع خطواته
  • تقدم في مفاوضات صندوق النقد.. وخبير: ذات انعكاسات إيجابية على الاقتصاد المصري
  • صندوق النقد يكمل المراجعة الخامسة لبرنامج إقراض مصر
  • حققت تقدمًا كبيرًا.. صندوق النقد الدولي يرفع توقعات النمو لمصر إلى 3.8%.. ونواب: تؤكد أن الإصلاح الاقتصادي يسير بخطى ثابتة.. وهذه الجهات لا تجامل أحدا
  • وكيل موازنة النواب: رفع توقعات النمو دليل رضا صندوق النقد عن إجراءات الحكومة
  • حققت تقدمًا كبيرًا.. صندوق النقد الدولي يرفع توقعات النمو لمصر إلى 3.8%
  • صندوق النقد الدولي: مصر تحرز تقدما ملموسا نحو استقرار الاقتصاد الكلي
  • تعيينات مصرف لبنان: صندوق النقد يريد حصّة
  • لبنان يفحص خيار التعافي بلا تمويل صندوق النقد الدولي