قراءة قانونية: تجاوز الموعد لانتخاب رئيس... هل يُسقط المهل؟
تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT
كتب عباس صباغ في" النهار": تنص المادة 49 من الدستور وفق التعديلات الأخيرة بموجب اتفاق الطائف، على أن انتخاب رئيس الجمهورية يستوجب نصاباً قانونياً هو ثلثا أعضاء المجلس.
فالنصاب القانوني من مجلس مؤلف من 128 نائباً هو 86، وهو العدد المطلوب أن يحصل عليه المرشح ليُعتبر فائزاً في الدورة الأولى من الجلسة المنعقدة للانتخاب.
تلك المادة، على الرغم من وضوحها، لا تزال موضع خلاف في التفسير وما إذا كان النصاب اللازم يجب أن يكون دائماً 86 نائباً، أو 65 وفق تفسير بعض القوى.
أما الخلاف الثاني فهو على تعديل الدستور لانتخاب موظفي الفئة الأولى والقضاة، وهذا ينسحب على قائد الجيش إذا كان في الخدمة الفعلية ولم يقدم استقالته قبل سنتين من موعد الانتخاب.
منذ عام 1958، ومع انتخاب قائد الجيش حينها اللواء فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية، كانت عبارة ترد في التعديل الدستوري هي "استثنائياً ولمرة واحدة فقط"، وقد رافقت انتخاب قادة الجيش الآخرين وموظفي الفئة الأولى، مع استثناء عام 2008 عند انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا، ففي تلك الجلسة طالب نواب ومنهم بطرس حرب رئيس مجلس النواب بعقد جلسة لتعديل الدستور قبل الانتخاب.
بيد أن الظروف التي أحاطت بتلك الجلسة حتمت انتخابه من دون تعديل دستوري، ولم يقدَّم طعن بذلك الانتخاب، الذي كان ليقبله المجلس الدستوري في حال تقديمه بحسب ما يؤكده خبراء دستوريون.
وقبل جلسة الانتخاب، أسهب رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل في شرح آلية تعديل الدستور وفق المادة 77 التي تنص على شروط ليست متوافرة راهناً، بدءاً من أن التعديل يكون في عقد عادي للمجلس، وصولاً إلى الاقتراح من الحكومة وموافقة رئيس الجمهورية عليه، وضرورة توافر غالبية الـ86 صوتاً، وعند الإصرار على الاقتراح يجب التصويت على التعديل بغالبية ثلاثة أرباع اعضاء المجلس.
تُسلّم القوى السياسية في لبنان وعلى رأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري بأن انتخاب قائد الجيش لرئاسة الجمهورية يحتاج إلى تعديل دستوري بغالبية الـ86 صوتاً، فهل تم تجاوز النظرية المبنية على موعد الانتخاب وإسقاط المهل؟
يرى المحامي والأستاذ الجامعي الدكتور عادل يمين أنّه "لا يمكن التذرّع بانقضاء موعد الانتخاب الرئاسي من أجل إسقاط مدّة السنتين الواجب أن تفصل بين استقالة موظف الفئة الأولى وانقطاعه فعلياً عن الخدمة من جهة، وانتخابه رئيساً للجمهورية من جهة أخرى، وفقاً لمقتضيات الفقرة الأخيرة من المادّة 49 من الدستور، وذلك لاعتبارات عدة".
ويقول لـ"النهار" إن "تلك الاعتبارات واردة في المادة 49 من الدستور، والحظر الوارد في الفقرة الأخيرة من المادة 49 من الدستور جاء صريحاً، ولا يجوز الاجتهاد في معرض النصّ الصريح".
ويضيف: "الحظر المذكور جاء مطلقاً، والمطلق يُفَسر على إطلاقه. وليس من أي نص ولا من مبرر دستوري وقانوني ومنطقي لإسقاط مدة السنتين في حال انقضاء الموعد الأصلي للانتخاب الرئاسي من دون إنجاز الاستحقاق الرئاسي".
ويوضح يمين أنه "لو أراد المشترع الدستوريّ إسقاط الحظر بعد انقضاء الموعد الاصلي للانتخاب لكان نصّ على ذلك".
أما عن تقصير المهلة الواردة في المادة 49 والتي حددها المشرع بسنتين، فيشير إلى أنه "قد يكون هناك مبرر للاستغناء عن مدة السنتين أو تقصيرها إلى بضعة أيام في حال خلوّ سدّة الرئاسة بصورة مفاجئة خلال ولاية الرئيس من جراء الوفاة أو الاستقالة، بحيث لا يكون أمام موظفي الفئة الأولى الراغبين في خوض غمار الرئاسة متَّسَع من الوقت لتقديم الاستقالة والانقطاع فعلياً عن الوظيفة طيلة المدّة الأصلية الواجبة، وهو ما لحظه قانون الانتخابات النيابية رقم 44 للعام 2017 بتقليصه المدّة الفاصلة إلى أسبوعين بدلاً من سنتين أو ستة أشهر أو سواها، بالنسبة إلى ترشح بعض الموظفين والقضاة وأصحاب المراكز المحدّدة للانتخابات النيابية الفرعية التي قد تحدث خلال ولاية البرلمان بفعل شغور مفاجئ لمقعد نيابيّ أو أكثر، حيث ينصّ البند 7 من المادّة 43 من القانون على أنَّه "خلافاً لأحكام الفقرة (ج) من أحكام المادة 8 من هذا القانون، يجوز ترشيح الأشخاص المذكورين فيها إذا استقالوا وانقطعوا فعلياً عن وظائفهم خلال خمسة عشر يوماً تبدأ من تاريخ صدور مرسوم دعوة الهيئات الناخبة".
ويشدد على أنه "ليس هناك أيّ مبرّر إطلاقاً للاستغناء عن المدة الفاصلة الواجبة عندما يكون الانتخاب الرئاسيّ متأخراً عن موعده وليس مبكراً.
والأسباب الموجبة للحظر تبقى قائمة بعد انقضاء الموعد الأصلي للانتخاب الرئاسي، لا بل تصبح أكثر حضوراً".
لكن هل سيتم الأخذ بهذه المقاربة، أم أن مقاربات دستورية أخرى ستجد طريقها إلى ساحة النجمة؟ الإجابة تبقى في التاسع من الشهر المقبل، وربما بعد ذلك الموعد.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: تعدیل الدستور الفئة الأولى
إقرأ أيضاً:
ماركو مسعد: الوضع في كاليفورنيا “خرج عن السيطرة”
قال ماركو مسعد، عضو مجلس الشرق الأوسط للسياسات في واشنطن، إن الأزمة الحالية في ولاية كاليفورنيا لم تعد مجرد احتجاجات، بل تحولت إلى أزمة سياسية ودستورية بين الحكومة الفيدرالية والإدارة المحلية ذات التوجه الديمقراطي، مشيرًا إلى أن الخلاف بين الرئيس دونالد ترامب وحاكم الولاية ليس جديدًا، بل يعود لسنوات.
وفي تصريحات مع الإعلامية نانسي نور، ببرنامج "إكسترا اليوم"، على قناة "إكسترا نيوز"، أشار مسعد إلى أن الوضع في كاليفورنيا "خرج عن السيطرة"، مع اندلاع حرائق، وتعرض الممتلكات العامة والخاصة للتخريب، وانتشار أعمال عنف وسرقة في عدد من المدن، وعلى رأسها لوس أنجلوس.
وأوضح أن ترامب كان يرى أن حاكم الولاية فشل في ضبط الأمن، وهو ما دفعه للتهديد بالتدخل عبر نشر الحرس الوطني، رغم أن الدستور الأمريكي لا يسمح بنشر القوات الفيدرالية في أي ولاية دون طلب رسمي من حاكمها.
وأضاف: "الدستور واضح، ولكن الواقع يفرض نفسه، هناك حالة طوارئ غير معلنة، والمظاهرات تجاوزت الخطوط الحمراء، حاكم كاليفورنيا يجب أن يتحرك كمسؤول عن أمن الولاية، لا كخصم سياسي لترامب."
وفي تعليقه على تصريحات ترامب التي حمل فيها الحاكم مسؤولية الفوضى، قال مسعد: "ترامب يستغل الوضع لفرض أجندته الأمنية، لكنه يجد مقاومة من الديمقراطيين الذين يرون أن ما يقوم به غير دستوري، رغم فشلهم في السيطرة على الأزمة حتى الآن."