سودانايل:
2025-05-28@01:22:17 GMT

الحالمون بالعودة إلى العهد البائد

تاريخ النشر: 7th, January 2025 GMT

الغريب في أمر البلابسة أنهم يعيشون في حيز منفصل عن عالم الشهادة، يحلمون بعودة الأمور لما كانت عليه قبل الحرب، وهذا لعمري أمر مدهش، جميع حروب العالم زلزلت أرض ساكنيها وقلبتها رأساً على عقب، و(حربنا) ليست استثناء، ومن العجائب أن هؤلاء القوم البائسين علقوا أحلامهم على رقاب كتائب البراء بن مالك الداعشية، تلك المليشيا المنشدة للأهازيج والحاثة منتسبيها على البحث عن الجنان العلى، عن طريق العدوان وقتل الأبرياء والوحشية في التمثيل بجثث ضحايا الحرب، وبرغم الهزائم النكراء التي تكبدتها في مواجهة الأشاوس، إلّا أن المهووسين من جندها يعدون البلابسة بسرعة مقدمٍ الى المدن التي تركوها زحفاً تحت زخات الرصاص، لقد تحولت المدن الى هياكل واشكال تشبه مدينة هيروشيما بعد التعرض لضربة القنبلة النووية، كما قال الدكتور علي الحاج، وبعد كل هذا الواقع الخربان الذي لا يعلم أحد بمدى انقضاء أجل الأسباب التي أدت لتشكله، تجد الحالمين المعطونين داخل غرف التدفئة والمكتوين بزمهرير صحارى جزيرة العرب، يؤكدون لك أن جيشهم المهزوم على وشك القضاء على (عرب الشتات)، هذا مع العلم أنه وبعد عشرين شهراً انسدت عليه السبل المؤيدة لإحداث اختراق ينهي الحرب عبر منبر التفاوض، فتكبّر وتجبّر قادة المليشيات الاخوانية بتمزيقهم لكل الأوراق المقدمة بشأن وقف سيل الدماء، ومما هو مثير للشفقة أن المهزومين يملئون منصات الإعلام بالزعيق والتهليل والغناء، والتبشير بقرب نهاية من هم ما يزالون يضعون يدهم على أهم مقرّات ترسانات جيشهم المنهزم المنسحب، زد على ذلك وجود قيادة الجماعة المطرودة بالحدود الشرقية للبلاد، ومعلوم أن القائد المطرود من أرض معركته (القيادة العامة) هو قائد بلا شك مهزوم (ستة صفر).


إرهاصات حرب السودان ذاهبة نحو صناعة دولتين، احداها للبلابسة وحاضرتها بورتسودان، وأخرى للمعتدى عليهم وعاصمتها (العاصمة القومية)، فكيف للبلابسة الدخول لأرض الدولة التي يحكمها (عرب الشتات)؟ وكيف يحققون حلمهم بممارسة الرياضة بشارع النيل؟، والبلاد قد صارت تحت إدارة حكم لا يؤمن بالانتقام والتشفي، كما هو الحال بالنسبة لمافيا بورتسودان الحاكمة للناس بالإعدام لمجرد خلفياتهم الاجتماعية، سيضيع البلابسة وفلولهم بين حلم العودة ومرارة الواقع، فالحرب ليست نزهة كما تصوروها، وكلما طال أمدها يصبحون أكثر خسرانا وابتعاداً عن حلم الوصول، ومهما فعل الطيران الأجير الذي جلبته جوقة بورتسودان بالمدنيين، لن يقوى على إزاحة (الكابوس) من سطح الأرض، ومن اعظم الفخاخ التي وقعت فيها الجوقة إعلانها الحرب على (عرب الشتات)، دون أن تدري بأن هؤلاء الشتات أمة بحالها، والأمة لن تباد بسلاح الطيران الحربي، وإلّا لأباد صدام حسين الكرد ولأنهى انصار الرئيس الرواندي هابريامانا التوتسي، والوبال الواقع على رؤوس البورتسودانيين هو الكتل البشرية الضخمة القادمة لمناصرة الأشاوس الموصوفين بأنهم مجرد عرب شتات، فهذا المصطلح قد لعب دوراً للفت انتباه أمم كثيرة من حولنا ودفعها لكي لتشد رحلها الى ارض النيلين، مناصرة لآصرة الرحم المستهدفة بالاستئصال، وهذا الزخم الاجتماعي الكبير سيسهم في عدم تحقق حلم البلابسة، لقد حاول بعض النابهين من قيادة كيزان بورتسودان تدارك الموقف، بشق صف هذه الأمة (المزعجة) الى كردفانيين ودارفوريين، لكنهم كعادتهم أخفقوا إخفاقاً عظيما في قصم ظهر هذا المجتمع الأمة، الذي يدين بالولاء التلقائي لقائد الركب، وبدلاً من الانشقاق حدث الترابط والتكاتف الذي لم يسبق له مثيل بين مكونات المجتمعات المستهدفة بالطرد والقتل والإفناء.
لقد فرّط "الكرتيون" في الاستمساك بشعرة معاوية، التي كانت وعلى أقل تقدير قادرة على الحفاظ على أرواح الملايين من المدنيين والعسكريين، ماذا يضير المترفون حال بقوا داخل القاعة (المكيّفة) المخصصة للبت في بنود اتفاق الإطار المتعلق بهيكلة الجيش، لماذا اتبعوا الشيطان "الأكرت" الذي زيّن لهم حب الشهوات؟، لو فعلوا ذلك كانوا حافظوا على حياتهم وحياة الآخرين، فما أجمل الحوار بالكلمات، لكنه الصلف والغرور غير المسنود بواقع يعضده، الغرور الذي يشبه اغترار البلابسة بعودة عهد الظلام، ذلك العهد الذي ذهب أدراج الرياح، وغادر أرض السودان لجهة غير معلومة، وإلى غير رجعة، فحلم الجوعان قطعة من خبز، وفيما نرى ان البائسين هؤلاء لن يجدوا ما يسد رمقهم، وسيصطدمون بمصدات الواقع المرير في القريب العاجل، حين يتكسر حلمهم على رايات (الشتات) الصفراء المرتكزة على سارية كل بيت، فالبلابسة قلوبهم غلف، لا يرون ولا يسمعون إلّا من يدغدغ احلامهم الطفولية الساذجة، لذلك أطلق عليهم المستنيرون اسم (المعلوفون) الذين يمدون أعناقهم طويلة لالتهام أي حزمة علف يقدمها "الكرتيون" و"البراؤون"، فالبلوبسي يلتهم العلف دون أن يتذوقه، لذلك صدمته ستكون مؤكدة في مقبل الأيام، لأن أعلاف الختام ستكون مرّة مرارة الحنظل، فسيلفظها حال حدوث الصدمة، ومن لا يقيم وزناً لمن سبقونا بذات التجربة ويقتفي أثرهم مات ميتة الجهل، والذي هو مصير من أسلم رقبته للذين تلاعبوا بمقدرات الدولة لأكثر من ثلاثين سنة.

إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

تصاعد العمليات اليمنية يفشل جهود اقناع الشركات بالعودة الى مطار بن غوريون


وقالت هيئة البث الصهيونية" تُبذل جهود ويُمارس ضغط سياسي لإقناع الشركات بالعودة إلى مطار بن غوريون، لكن لا يبدو أن الوضع سيتحسن في أي وقت قريب
وأضافت "رغم الجهود المبذولة، والاتصالات، والضغوط السياسية، فإن الصيف حل علينا، ولم يتم حل أزمة الطيران بعد
وتابعت "تستمر العديد من الشركات الأجنبية في إلغاء رحلاتها من وإلى "إسرائيل"
وقالت " آلاف الإسرائيليين سوف يضطرون إلى التعامل مع إلغاء إجازاتهم الصيفية
من جابنه قال موقع "أشدود أونلاين" الصهيوني " التهديد من اليمن أثر على صناعة البلاستيك والمستحضرات التجميلية في "إسرائيل"

 

مقالات مشابهة

  • ريال مدريد يغريه بالعودة.. رونالدو والنصر.. لا اتفاق جديد
  • وكيلة وزارة المعادن: الوثائق الروسيه تحتوي على قاعدة بيانات قوية لاستعادة كل الوثائق والتقارير الجيولوجية التي فقدت في الحرب
  • المصافحة التي لم تتم.. خلافات عميقة تعوق التوصل لاتفاق في غزة برعاية أمريكية
  • تصاعد العمليات اليمنية يفشل جهود اقناع الشركات بالعودة الى مطار بن غوريون
  • جدل الكيماوي وسرديات العهد المباد
  • سلام: لبنان اتّخذ قرارًا واضحاً بالعودة الى الحضن العربي
  • الخارجية الأميركية: شحنة قمح تزن 32.5 ألف طن متري تصل ميناء بورتسودان
  • تصريحات الإسلاميين ضد واشنطن تعيد إنتاج العزلة الدولية
  • محافظة حماة تُذكّر المنشآت العامة والخاصة بمهلة إزالة اللوحات المرتبطة بالنظام البائد
  • إزالة صاروخ من مخلفات النظام البائد في بلدة النعيمة في ريف درعا الشرقي