DW عربية:
2025-12-11@16:23:58 GMT

الذكاء الاصطناعي .. صديق أم عدو للبيئة؟

تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT

توقعات بزيادة أنشاء مراكز البيانات في المستقبل

يوما بعد يوم، يزداد استخدام  الذكاء الاصطناعي  مع تنامي تطبيقاته، فيما يرجع الفضل في ذلك إلى الضجة الإعلامية التي رافقت  إطلاق روبوت المحادثة "شات جي بي تي" الذي ابتكرته شركة "اوبن ايه آي".

مختارات الشرطة الألمانية أمام معضلة قانونية بسبب برمجيات المراقبة "شات جي بي تي".

. أوروبا وتحدي تنظيم أدوات الذكاء الاصطناعي! قصائد ولوحات بالذكاء الاصطناعي.. خطر داهم على الإبداع الإنساني؟ الذكاء الاصطناعي.. تحذيرات من خطرٍ محدق "إذا لم تتم السيطرة"! الذكاء الاصطناعي قد يكشف كلمات السر لديك.. كيف؟

الذكاء الاصطناعي يمكنه أن يعرف الكثير عنك، ومن ذلك كلمات السر، وليس بالضرورة اختراق جهازك، بل مجرد الإنصات لصوت لوحة المفاتيح!

أنا وقريني الرقمي - كيف يكسب الذكاء الاصطناعي الوعي "البصمة الكربونية".. إلى أي حد أنت مسؤول كفرد عن تغير المناخ؟ التغير المناخي... كيف تقلص البصمة الكربونية لطعامك؟

ومنذ تدشينه، استحوذ تطبيق "شات جي بي تي" على اهتمام الكثيرين حول العالم وحاز على إعجابهم، خاصة قدرته على التحدث والكتابة وحتى تأليف الشعر والمقالات بطريقة تحاكي البشر.

وقد أشعل ذلك صراعا وسباقا بين عمالقة التكنولوجيا لإطلاق تطبيقات مماثلة من فئة روبوتات المحادثة ما أدى إلى زيادة ضخ الاستثمارات في مجال الذكاء الاصطناعي بشكل كبير، إذ تقدر حاليا قيمة السوق العالمية للذكاء الاصطناعي بقرابة 142.3 مليار دولار، فيما يتوقع أن تصل إلى ما يقرب من تريليوني دولار بحلول عام 2030.

وبمرور الوقت، احتلت أنظمة الذكاء الاصطناعي جزءا كبيرا من حياتنا، فقد باتت تقدم يد العون للحكومات والشركات وحتى الأشخاص العاديين لمساعدتهم على العمل بشكل أكثر كفاءة واتخاذ أفضل القرارات التي تعتمد بشكل كبير على البيانات.

بيد أن هذا لا يعني أن ثورة الذكاء الاصطناعي ليس لها جوانب سلبية.

الذكاء الاصطناعي والبصمة الكربونية

يقول نشطاء إن تطبيقات الذكاء الاصطناعي تتسبب في بصمة كربونية كبيرة ما يعني أنها تلحق  أضرارا بالبيئة والمناخ  رغم الدعوات والمؤتمرات والقمم الداعية إلى محاربة ظاهرة الاحتباس الحراري، خاصة مع تكرار ظواهر الطقس المتطرفة.

ولتوضيح ذلك بمثال عملي فإن نماذج الذكاء الاصطناعي تحتاج إلى معالجة كم كبير من البيانات، فعلى سبيل المثال من أجل التعرف على صورة سيارة فإن الخوارزميات تحتاج إلى معالجة ملايين صور السيارات، فيما يتعين تغذية تطبيق شات جي بي تي بقواعد بيانات نصية ضخمة من الإنترنت حتى تتعلم كيفية التعامل مع لغة البشر.

ويُطلق على المنشأة التي يتم فيها معالجة هذه البيانات الكبيرة اسم "مراكز البيانات"، وهي تتطلب الكثير من أجهزة الكمبيوتر والحوسبة ما يعني استهلاكا أكبر للطاقة.

وفي ذلك، قالت آن مولين، الباحثة في منظمة Algorithmwatch البحثية، غير الحكومية ومقرها برلين، إن البنية التحتية لأحد مراكز البيانات وشبكات إرسال البيانات "تمثل ما بين 2 إلى 4 بالمائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية. لا يتعلق الأمر فقط بالذكاء الاصطناعي، ولكن الذكاء الاصطناعي جزء كبير من ذلك على قدم المساواة مع انبعاثات قطاع الطيران".

وقد وجد باحثون من جامعة "ماساتشوستس أمهيرست" الأمريكية أن تدريب نموذج للذكاء الاصطناعي يتطلب انبعاث قد تصل إلى 284 ألف من مكافئ ثاني أكسيد الكربون أي ما يقرب من خمسة أضعاف الانبعاثات التي تسبب فيها السيارة على مدار حياتها بما في ذلك مرحلة التصنيع.

بدورها، قالت بينيديتا بريفيني، الأستاذة في جامعة سيدني بأستراليا ومؤلفة كتاب "هل الذكاء الاصطناعي يصب في صالح كوكب الأرض؟" إنها  شعرت بالصدمة عندما قرأت النتائج التي خلص إليها باحثو جامعة "ماساتشوستس أمهيرست".

وأضافت "إذا قام الشخص بالسفر جوا من لندن إلى نيويورك، فإن انبعاثات الكربون الخاصة سوف تصل إلى 986 كيلوغرامًا. لكن تعليم خوارزمية واحدة يتطلب انبعاث 284 ألف كيلوغرام".

وتساءلت عن السبب وراء عدم إجراء مناقشات حيال سبل تقليل الانبعاثات الكربونية الصادرة عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

ويشار إلى أن دراسة جامعة ماساتشوستس ركزت على نموذج ذكاء اصطناعي كثيف الطاقة بشكل خاص، لكن قد يعمل أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي على جهاز كمبيوتر محمول ما يعني أنه سوف يستهلك طاقة أقل.

بيد أن تقنية "التعلم العميق" التي تعمل على تطوير شبكات عصبية صناعية تحاكي أسلوب عمل الدماغ البشري مثل شات جي بي تي، في حاجة إلى قوة حوسبية كبيرة.

ولا يتوقف الأمر على ذلك بل عقب معالجة البيانات يجرى إطلاق انبعاثات في مرحلة التطبيق العملي وهو ما يتكرر مرات عديدة، خاصة مع استخدام تطبيقات الترجمة أو الاستعانة بروبوتات المحادثة.

وفي ذلك، قالت مولين إن "مرحلة التطبيق تمثل ما يصل إلى 90٪ من الانبعاثات الصادرة في دورة حياة الذكاء الاصطناعي".

يقول خبراء إن الانبعاثات الصادرة عن الطائرات ربما تقترب من الانبعاثات التي تصدرها مراكز البيانات

كيف يمكن مواجهة الأمر؟

وإزاء ذلك، طرح خبراء عدة حلول لتقليل البصمة الكربونية التي تتسبب فيها تطبيقات الذكاء الاصطناعي فيما شددت بريفيني على أنه يتعين أخذ قضايا البيئة في عين الاعتبار في هذا المجال.

وأضافت: "نحن بحاجة إلى النظر في سلاسل الذكاء الاصطناعي بشكل كامل وأيضا كافة المشاكل البيئية المرتبطة بهذه السلاسل، خاصة استهلاك الطاقة والانبعاثات الكربونية وأيضا ما تخلفه من مواد سامة و نفايات إلكترونية".

بدورها، تقترح مولين أن تُقدم الشركات على إنشاء مراكز بيانات صغيرة من أجل ضمان استهلاك مصادر طاقة أقل مع إمكانية نقل مراكز البيانات إلى المناطق التي تعتمد على مصادر الطاقة المتجددة ولا تتطلب كميات هائلة من المياه للتبريد مثل إيسلندا.

وقالت مولين إنه عند التطرق إلى الحديث عن مصادر الطاقة المتجددة، فإن كبرى شركات التكنولوجيا تأخذ الأمر بعين الاعتبار، مشيرة إلى أن غوغل أعلنت صفرية بصمتها الكربونية وسوف تكون خالية من الكربون تماما بحلول 2030.

أما شركة مايكروسوفت فقد أعلنت أنها تخطط للتحول إلى الطاقة المتجددة بنسبة 100% بحلول عام 2025 مع التعهد بأن تكون خالية من الكربون بحلول عام 2030.

بيد أن استهلاك الطاقة ليس الهاجس الوحيد إذ يمتد الأمر إلى استهلاك المياه داخل مراكز البيانات لمنع ارتفاع درجة حرارة مرافقها؛ ما أثار مخاوف وبخاصة في المناطق التي تعاني من الإجهاد المائي مثل سانتياغو، عاصمة  تشيلي.

يقول مولين إن مركز البيانات التابع لشركة غوغل في سانتياغو "يؤدي إلى تفاقم الجفاف مع احتجاجات ضد مركز البيانات وضد إنشاء مراكز بيانات جديدة".

الطاقة ليست المشكلة الوحيدة

ويقول خبراء إنه حتى إذا اقدمت شركات التكنولوجيا الكبيرة على تقليل استهلاك الطاقة في مجال الذكاء الاصطناعي، فإن هذا لا يعني أن المشكلة قد انتهت؛ إذ إن هناك مشكلة أخرى أكثر إضرارا بالبيئة.

 وفي ذلك، قال ديفيد رولنيك، الأستاذ المساعد في كلية علوم الكمبيوتر بجامعة ماكجيل الكندية وأحد مؤسسي منظمة Climate Change  غير الربحية، إنه يتعين التركيز بشكل أكبر على الطريقة التي يتم من خلالها استخدام الذكاء الاصطناعي لتسريع الأنشطة التي تساهم في تفاقم ظاهرة تغير المناخ.

وكانت منظمة "غرينبيس" (السلام الأخضر) قد انتقدت إبرام اتفاقيات بين شركات الوقود الأحفوري من جهة وأمازون ومايكروسوفت وغوغل لاستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مشيرة إلى أن عمالقة شركات النفط مثل "شل" و "بريتيش بتروليوم" و "إكسون موبيل" تستخدم الذكاء الاصطناعي لتوسيع عملياتها في مجال النفط والغاز وخفض التكاليف وزيادة الإنتاج.

وشددت المنظمة على أن مثل هذا الاتفاقيات "تقوض تنفيذ الالتزامات المناخية التي تعهدت بها كبرى شركات التكنولوجيا".

وجدير بالذكر أن شركة غوغل قد أعلنت أنها لن تقوم باستحداث أدوات ذكاء اصطناعي مخصصة لمساعدة الشركات على استخراج الوقود الأحفوري.

يقول خبراء إن مركز البيانات تفاقم من ظاهرة الجفاف في المناطق التي تعاني من فقر مائي

تشريعات ملزمة

ورغم المخاوف البيئية، إلا أن ما بات من المؤكد هو أن استخدامات الذكاء الاصطناعي سوف تزداد في المستقبل وهو الأمر الذي دفع رولنيك إلى الدعوة إلى سن تشريعات لضمان استدامة مجال تطوير الذكاء الاصطناعي.

يشار إلى أنه حتى الوقت الراهن، لا يوجد قانون على مستوى الاتحاد الأوروبي ينظم استخدام الذكاء الاصطناعي في منتجات مثل السيارات الذاتية القيادة أو التكنولوجيا الطبية أو أنظمة المراقبة، إذ ما زال البرلمان الأوروبي يناقش تشريعا اقترحته المفوضية الأوروبية قبل عامين.

بموجب التشريع، فإن البرامج التي سيتم تصنيفها "عالية المخاطر" أو "ذات مخاطر محدودة" سوف تخضع لقواعد خاصة فيما يتعلق بتوثيق الخوارزميات والشفافية والكشف عن استخدام البيانات. وفي المقابل سيتم حظر التطبيقات التي تسجل وتقيم السلوك الاجتماعي للأشخاص للتنبؤ بإجراءات معينة.

ناتالي مولر و نيل كينج / م. ع

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي شات جي بي تي ChatGPT غوغل شركة مايكروسوفت دويتشه فيله الذكاء الاصطناعي شات جي بي تي ChatGPT غوغل شركة مايكروسوفت دويتشه فيله تطبیقات الذکاء الاصطناعی مراکز البیانات شات جی بی تی یعنی أن فی ذلک إلى أن

إقرأ أيضاً:

هل روبوتات الذكاء الاصطناعي مجرّد ضجيج أم أمل حقيقي؟

ترجمة: بدر بن خميـس الظفري

طالما حلم الإنسان بأن تتولّى الآلات عنه الأعمال الشاقّة، وأن تساعده في المهام الذهنية كذلك. وعلى مدى القرون، ازداد اعتماد البشر على الآلات بوتيرة متسارعة، حتى وصلنا اليوم إلى مرحلة باتت فيها الروبوتات تؤدي شتى أنواع المهام اليدوية، وتُظهر مهارات لافتة.

وينطبق الأمر نفسه على الأنشطة الفكرية. فمنذ ظهور برنامج «تشات جي بي تي»، أصبح الجميع يدرك حجم الإمكانات التي يحملها الذكاء الاصطناعي. والمشهد مذهل بالفعل: كيف يمكن لبرامج أن تمتلك هذا القدر من المعرفة، وأن تنتج نصوصا واستنتاجات تبدو منطقية؟ وهل هناك حدّ لما قد تبلغه؟ ولماذا تحتاج هذه الأنظمة إلى موارد هائلة من البيانات والطاقة الحاسوبية؟

لكن لنبدأ من البداية، فمصطلح «الذكاء الاصطناعي» ظهر في خمسينيات القرن الماضي، وصاغه عالم الرياضيات الأمريكي جون مكارثي خلال ورشة عمل كانت مخصّصة للبحث في مستقبل قدرات الحواسيب. وقد قال لاحقا إن المصطلح لم يأت نتيجة تفكير علمي عميق، بل لأنهم أرادوا عنوانا مثيرا يجذب التمويل اللازم للورشة!

ومع ذلك، فإن فكرة الآلة الذكية سبقت ذلك بكثير؛ ففي عام 1939 عرضت شركة «وستنغهاوس» خلال معرض نيويورك العالمي نموذجا بشريّ الشكل يدعى «إلكترو»، قادرا على المشي والكلام والسمع.

وبمعايير اليوم، كان الروبوت بدائيا للغاية، لكنه جسّد مبكرا مفهوم الروبوت الإنساني، وكان يرافقه جهاز آخر على شكل كلب يُسمى «سباركو». وفي عام 1941، قدّم المهندس الألماني كونراد تسوزه أوّل حاسوب حديث، ثم طُوّرت أنظمة التحكم بالحركات الكهربائية عبر الحاسوب في أوائل الخمسينيات ودخلت مرحلة الإنتاج. تلك الخطوات كانت الأساس الذي قامت عليه الأنظمة الحالية، وإن كان أحد في ذلك الوقت لا يتخيّل مدى ما ستصل إليه الحواسيب اليوم.

هذه التطورات تطرح سؤالا أساسيا: هل يمكن للآلات أن تضاهي الذكاء البشري، أو حتى تتجاوزه؟ وكيف يمكن تحقيق ذلك؟ أرى أن المسألة تقوم على ثلاثة مستويات.

أولا، درج الذكاء الاصطناعي التقليدي على محاكاة قدرات معرفية بشرية معينة، ولكن ضمن نطاق ضيّق، ومع ذلك، يمكنه إنجاز المهام بسرعة وكفاءة أكبر. من ذلك التفكير الرياضي، ولعب الشطرنج، وقراءة الخرائط للملاحة. اليوم، يُعدّ من المسلّم به أن هذه مهارات بشرية يمكن نقلها إلى الآلات، لكن في عام 1956 كانت أقرب للخيال العلمي.

لقد أصبحت هذه الأحلام واقعا، لكنها لم تعد تُصنّف ضمن «الذكاء الاصطناعي» بالمعنى الشائع. وكما قال مكارثي: «عندما يعمل النظام جيدا، لا يعود أحد يسمّيه ذكاء اصطناعيا». أما الجيل الجديد من الذكاء الاصطناعي، وهو الذكاء الاصطناعي التوليدي، فقد دخل الوعي العام بقوة، ويمتاز بقدرته على إنتاج نصوص وصور وأصوات جديدة استجابة لتعليمات تُكتب بلغة طبيعية.

غير أن تدريب هذا النوع من «الذكاء الاصطناعي غير المجسّد» يعتمد على كميات ضخمة من البيانات المأخوذة من الفضاء الرقمي، ويتطلب قدرة حسابية هائلة. وهذا يعني أنه يرتبط بعالمنا الواقعي بشكل غير مباشر للغاية. ثانيا، يمكن إيجاد بيئة رقمية تحاكي قوانين الفيزياء في العالم الحقيقي بهدف إنتاج بيانات أقرب إلى الواقع لتدريب الأنظمة الذكية. في هذه البيئة، تُحاكي الأشياء الافتراضية خصائص الأشياء المادية بدقة كبيرة. فمثلا، تسقط قطرة الماء وتتحرك كما تتحرك في الطبيعة.

وفي هذا «العالم الافتراضي»، أو ما يُعرف بـ«الميتافرس» (العالم الماورائي الرقمي)، يمكن تدريب أنظمة التعلم الآلي على الاستكشاف والتجربة، وتنمية حسّ الفضول والقدرة على التعامل مع تنوّع المواقف.

غير أن هذا العالم، مهما بلغ تشابهُه مع الواقع، يظل من صنع الإنسان ويُصوّر العالم من منظور الإنسان فقط. وبالتالي، لا يمكن أن نتوقع فيه المفاجآت الحقيقية التي شكّلت مسار حياتنا وأسهمت في تطوّر الذكاء البشري.

في المستوى الثالث، يمكن تجاوز تلك القيود من خلال تمكين الحواسيب من العمل باستقلالية داخل العالم الحقيقي عبر الروبوتات التي تستشعر بيئتها باستخدام المجسّات. وبفضل أدوات الحركة المدمجة فيها ـ مثل الأيدي والأذرع والأرجل ـ تستطيع هذه الروبوتات تغيير بيئتها، ثم ملاحظة النتائج المترتبة على ذلك.

وهكذا تنشأ «حلقة مغلقة» تجمع بين الإدراك، والفهم الذكي، وتنفيذ الأفعال. وبذلك يصبح بإمكان الآلة المزوّدة بنظام ذكاء اصطناعي مدمج أو متصل بها خارجيا أن تخرج إلى العالم «بمفردها»، وأن تتعلم وتطوّر ذكاءها الخاص. ويُطلق على هذا النوع من الذكاء اسم «الذكاء المجسّد»، لأنه مرتبط بجسد، ومصمّم بما يتناسب مع خصائص الروبوت نفسه، من طريقة إدراكه للعالم إلى قدرته على التفاعل معه.

ماذا يمكن أن نتوقع في المستقبل؟ من الواضح أن دمج الذكاء الاصطناعي بالروبوتات ـ وليس بالضرورة الروبوتات الشبيهة بالبشر التي تمتلك سيقانا، بل بمختلف أشكالها ـ هو الطريق الذي سيُسهم في جعل الآلات الذكية قادرة على أداء مهام مفيدة.

فإذا استطاعت هذه الكيانات «المجسّدة» أن تفهم عالمنا الحقيقي مباشرة، وأن تمزج هذا الفهم بما اكتسبته من الفضاء الرقمي، فقد يؤدي ذلك إلى تآزر أو علاقة تكاملية تجعل الإنسان أكثر ذكاء وتفتح أمامه آفاقا أوسع بكثير.

ويتحمل واضعو السياسات والباحثون مسؤولية رئيسية في الاستثمار في هذا النوع من الروبوتات باعتباره جزءا أساسيا من مهمتهم في دعم تطور الإنسان. كما أن الفوائد العملية لاستخدام هذه الآلات في عمليات الإنتاج ستظهر بوضوح في المدى القصير والمتوسط.

إن البلدان التي تمتلك أعلى كثافة من الروبوتات ـ مثل الصين، وكوريا الجنوبية، وسنغافورة، وألمانيا، واليابان ـ تتمتع بأفضلية إنتاجية هائلة. ومن المتوقع أن يتّسع هذا الفارق بدرجة كبيرة مع دخول الوكلاء المجسّدين إلى خط الإنتاج.

أما الدول التي تمتلك قاعدة صناعية واسعة وموارد بيانات كبيرة، وتعرف كيف توفّق بين البرمجيات وأنظمة الحوسبة المدمجة والمجسّات والميكاترونكس والذكاء الاصطناعي، فهي الأكثر قدرة على طرح هذه الآلات في الأسواق.

وليس من قبيل المصادفة أن هذه الدول هي بالفعل في طليعة صناعة الروبوتات.

ومع الإنجازات اللافتة التي تحققها الشركات الناشئة الصينية في مجال الروبوتات الشبيهة بالبشر، ومع الهدف المعلن للصين بأن تصبح رائدة في الذكاء الاصطناعي المجسّد ـ كما ورد في توصيات الخطة الخمسية الصينية الخامسة عشرة (2026-2030) ومبادرة «الذكاء الاصطناعي بلس» ـ فإننا نتوقع إنجازات كبيرة إذا ما نُفّذت هذه الخطط بذكاء.

كما أن المنافسة الدولية تتصاعد، ما يجعل السنوات المقبلة حبلى بابتكارات لافتة في هذا المجال. وأنا شخصيا لا أطيق الانتظار لرؤية ما سيظهر.

مقالات مشابهة

  • عاجل ـ خلال لقائه اليوم برئيس الوزراء.. رئيس هيئة الدواء يكشف خطة التوسع في تطبيقات الذكاء الاصطناعي داخل المنظومة الدوائية
  • تحذير من ضعف دقة الذكاء الاصطناعي لقياس النبض عند ارتفاعه
  • هل روبوتات الذكاء الاصطناعي مجرّد ضجيج أم أمل حقيقي؟
  • صندوق الثروة السيادي النرويجي يتحوط في قطاع مراكز البيانات المتقلب
  • 140مليون دولار.. الوزراء يستعرض أبرز متطلبات النجاح في إنشاء مراكز البيانات العملاقة
  • "معلومات الوزراء" يستعرض فرص ومتطلبات النجاح لمصر في مجال إنشاء مراكز البيانات العملاقة
  • حكم الاعتماد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في طلب الفتوى.. الإفتاء توضح
  • الذكاء الاصطناعي يحقق أرباحًا قياسية في سوق الفوركس العربي: الثورة الرقمية وتحليل البيانات المتقدم
  • “سدايا” تنظم مؤتمرًا دوليًّا لبناء القدرات في البيانات والذكاء الاصطناعي
  • انطلاق أعمال جمعية الأمم المتحدة للبيئة