لماذا يريد ترامب السيطرة على قناة بنما؟
تاريخ النشر: 10th, January 2025 GMT
عام 1978، صرّح الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر بأن إعادة السيطرة على قناة بنما ستتيح فرصاً جديدة للتجارة العالمية، وتقلل من المشاعر المعادية للولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية، وتعزز مكانة بلاده الدولية، مؤكداً في خطاب متلفز أن هذا الإجراء يعكس قوة وثقة أمة "ما زالت مبدعة وعظيمة".
قد يكون كافياً أن تفتح بنما مكتباً تجارياً خاصاً مع تايوان
وقبل وفاته في 29 ديسمبر (كانون الأول) 2024، ربما استمع جيمي كارتر إلى تصريحات دونالد ترامب بشأن قناة بنما، التي حملت لهجة مغايرة تماماً تجاه حليف بلاده.
ووصف ترامب التنازل عن السيطرة على القناة بأنه "خطأ فادح"، زاعماً أن بنما "تنهب" المستهلكين الأمريكيين من خلال فرض رسوم عبور باهظة.
وفي تجمع لأنصاره في أريزونا، صعّد الرئيس القادم من تصريحاته، مدعياً وجود "جنود صينيين" يديرون الممر المائي، مشيراً إلى أنه لن يستبعد استخدام القوة لاستعادته.
وهذا يثير التساؤل: ما الذي يدفع ترامب للتفكير في الاستيلاء على القناة؟
ترامب من "أمريكا أولاً" إلى الإمبريالية - موقع 24خاض دونالد ترامب حملته الانتخابية لعام 2024، على أساس العودة إلى برنامجه للسياسة الخارجية "أمريكا أولاً"، وقال إن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على تحمل دور شرطي العالم، وتعهد أنه لن تكون هناك حروب جديدة خلال عهده. من الأمن إلى التجارةوفقاً لمجلة إيكونوميست، كان الدافع وراء مشروع قناة بنما، الذي تبناه الرئيس ثيودور روزفلت سنة 1903 بعد فشل المهندسين الفرنسيين، يتمثل في مخاوف أمنية، إذ أرادت البحرية الأمريكية تأمين وسيلة لنقل أسطولها بين المحيطين الأطلسي والهادئ دون الحاجة للالتفاف حول أمريكا اللاتينية.
وفي أوائل القرن العشرين، صممت البحرية سفنها بما يتناسب مع أبعاد أقفال القناة البالغ طولها 305 أمتار.
وبموجب معاهدتي توريخوس-كارتر لعام 1977، تم الاتفاق على أن يبقى الممر المائي محايداً ومفتوحاً أمام سفن جميع الدول، مع تعهد الولايات المتحدة بالتدخل العسكري لحماية هذا الوضع إذا لزم الأمر.
???? President Trump just confirmed he WILL retake possession of the Panama Canal if they don’t start treating America fairly ????
“The Panama Canal is considered a VITAL National Asset for the U.S., due to its critical role in America’s Economy and Security” pic.twitter.com/OMcTHuUFpi
لكن القناة لم تصبح ممراً رئيسياً للتجارة حتى القرن الحادي والعشرين، وفي عام 2016، تم افتتاح مجموعة أكبر من الأقفال المصممة لاستيعاب سفن "نيوباناماكس" الأكبر والتي يمكنها حمل المزيد من البضائع.
وخلال السنوات الأخيرة، مر نحو 5% من التجارة البحرية العالمية عبر القناة التي تديرها وكالة بنمية مستقلة عن الحكومة وتوفر 2.5 مليار دولار من الإيرادات السنوية للحكومة.
ماذا عن الخداع؟ليس ثمة الكثير مما يبرر ادعاء ترامب بأن الأمريكيين يتعرضون للخداع، فالرسوم تحدد وفق الطلب، وعادة ما تدفع السفينة أقل من 400 ألف دولار للعبور.
ووفقاً للخبير الاقتصادي البنمي إيدي تابيرو، تمثل الرسوم عادة 5% متواضعة من تكاليف الرحلة، وخلال فترات الجفاف، عندما يتمكن عدد أقل من السفن من الترانزيت، يمكن لهذه السفن أن تتنافس ضد بعضها البعض للحصول على حق المرور.
NEW: ????????Trump threatened that Panama Canal May Become US Ownership Again
Trump said Panama was charging Washington "exorbitant fees" for using the canal and was "ripping us off." He stressed that the canal was "vital" to the U.S. economy and national security. pic.twitter.com/wXLyVD9AZ8
في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، دفعت سفينة تحمل الغاز الطبيعي المسال مبلغاً قياسياً مقداره 4 ملايين دولار للعبور.
وتستطيع السفن العسكرية الأمريكية أن تتجاوز قائمة الانتظار. إذ دفعت 17 مليون دولار فقط رسوم عبور في السنوات التسع الماضية، وهو ما وصفه السفير الأمريكي السابق في بنما جون فيلي بأنه مبلغ متواضع جداً من الموازنة.
فإذا كانت الرسوم التجارية منخفضة عادة وكانت البحرية الأمريكية تتمتع بالفعل بإمكانية وصول رخيصة ومفضلة، فلماذا يهدد ترامب بالاستيلاء على القناة؟
ذكورية جيوسياسيةحسب المجلة، ربما تكون الإجابة الأبسط هي أن الرئيس المنتخب يعبر عن ذكورية جيوسياسية، كما فعل باقتراحه الاستيلاء على غرينلاند.
وقد يرغب ترامب أيضاً بالضغط على بنما للحد من النفوذ الصيني في البلاد. وعلى عكس ادعاء ترامب، لا يدير جنود الصين القناة، لكن الدبلوماسيين ورجال الأعمال الصينيين يتمتعون بنفوذ هناك.
وخلال فترة ولاية ترامب الأولى، أنهت بنما العلاقات الدبلوماسية مع تايوان وأقامتها مع الحكومة في بكين، وأدى ذلك إلى تسريع الاستثمار الصيني في مشاريع البنية التحتية الكبيرة في البلاد.
ملفات الساخنة.. هل تقود سياسة ترامب إلى حروب جديدة؟ - موقع 24سلط مايكل روبن، زميل بارز في "معهد أمريكان إنتربرايز" وخبير في الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط، الضوء على الصراعات المحتملة التي قد تشكل فترة رئاسة دونالد ترامب الثانية، متناولاً نقاط الاشتعال الوشيكة، بما في ذلك الصراعات في الشرق الأوسط والقوقاز وإفريقيا وتايوان، والتي قد تختبر عزم ...وأفسدت الضغوط الأمريكية خطط بناء سفارة صينية ضخمة عند مصب القناة. لكن في 2021 جددت بنما لمدة 25 عاماً امتياز ميناء رئيسي لفرع شركة مقرها هونغ كونغ.
محاولات لتحسين العلاقاتحاول رئيس بنما، خوسيه راؤول مولينو، تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة بعد توليه السلطة في يوليو 2024.
وكان أحد قراراته الأولى توقيع اتفاقية تهدف إلى الحد من الهجرة غير النظامية عبر ممر داريان. كما منح العقد الأول لمشروع البنية التحتية الرائد في البلاد، وهو خط سكك حديدية عالي السرعة، لشركة أمريكية.
ومع ذلك، قد لا يكون هذا كافياً لإرضاء الرئيس الأمريكي المقبل، إذ قد يطالب بنما بتشديد ضوابط الهجرة بشكل أكبر، تحسين بيئة الاستثمار للشركات الأمريكية، أو الوقوف بوضوح إلى جانب الولايات المتحدة في مواجهة الصين.
ويشير نيهامياس سيلادا، عالم في شؤون الصين ودبلوماسي بنمي سابق، إلى أن خطوة مثل فتح بنما مكتباً تجارياً خاصاً مع تايوان قد تكون كافية لردع الاستثمارات الصينية.
وربما تدفع إدارة ترامب بنما إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع بكين تماماً.
من جانبه، رفض مولينو التعليق حتى يتولى ترامب منصبه في 20 يناير، لكنه طمأن الشعب البنمي قائلاً: "كل متر مربع من القناة هو ملك لبنما".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية ترامب قناة بنما غرينلاند بنما عودة ترامب بنما ترامب الولايات المتحدة قناة بنما غرينلاند الولایات المتحدة قناة بنما
إقرأ أيضاً:
50% .. لماذا رفع ترامب الرسوم الجمركية على الصلب والألومنيوم؟
في تصعيد جديد لسياسته الحمائية، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الجمعة، مضاعفة الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألومنيوم لتصل إلى 50%، في خطوة تهدف إلى حماية الصناعات الوطنية، لكنها أثارت موجة انتقادات داخلية وخارجية، لا سيما من الاتحاد الأوروبي الذي لوّح باتخاذ تدابير مضادة.
ويأتي القرار في ختام أسبوع سياسي صاخب شهد انتكاسات قضائية للإدارة الأمريكية، ويعيد تسليط الضوء على استراتيجية ترامب الاقتصادية المرتكزة على الضغط التجاري وتحقيق المكاسب التفاوضية من خلال التعريفات الجمركية.
مضاعفة الرسوم الجمركية لتعزيز صناعة الصلب
أعلن ترامب، خلال زيارة إلى مصنع شركة "يو إس ستيل" العملاقة في ولاية بنسيلفانيا، عن رفع الرسوم الجمركية المفروضة على واردات الصلب إلى الولايات المتحدة من 25% إلى 50%، وذلك بدءًا من الأربعاء المقبل الموافق 4 يونيو.
وقال ترامب أمام حشد من العمال: "سنرفع تعريفة واردات الصلب إلى 50%، ما سيشكل ضمانة أكبر لقطاع صناعة الصلب الأمريكي".
وأوضح لاحقًا عبر منصته "تروث سوشال" أن هذه الزيادة ستشمل أيضًا واردات الألمنيوم، مشددًا على أن "صناعاتنا للصلب والألمنيوم ستكون أقوى من أي وقت مضى"، وتشمل الرسوم الجديدة أيضًا مشتقات المعدنين، مثل العبوات المعدنية، وهو ما يشير إلى توسع في نطاق الحماية الجمركية.
أثار القرار الأمريكي استياءً واسعًا لدى الاتحاد الأوروبي، الذي أعرب عن "أسفه العميق"، معتبرًا أن هذه الإجراءات "تقوض الجهود المبذولة للتوصل إلى حل تفاوضي مع واشنطن".
وقالت متحدثة باسم المفوضية الأوروبية، السبت، إن الاتحاد الأوروبي "مستعد للرد"، وأضافت: "إذا لم يتم التوصل إلى حل مقبول للطرفين، فإن تدابير مضادة أوروبية ستدخل حيز التنفيذ تلقائيًا في 14 يوليو، أو حتى قبل ذلك إذا اقتضت الظروف".
وتأتي هذه التهديدات الأوروبية في وقت حساس يشهد فيه الاقتصاد العالمي توترات تجارية متصاعدة، وسط مخاوف من أن تؤدي السياسات الحمائية إلى تراجع حركة التجارة العالمية وزيادة التكاليف على المستهلكين.
الرسوم الجمركية ركيزة في سياسة ترامب الاقتصادية
منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير، جعل الرئيس ترامب من الرسوم الجمركية أداة رئيسية في سياسته الاقتصادية، مستخدمًا إياها وسيلة ضغط في المفاوضات التجارية لانتزاع تنازلات من الدول والشركات، وداعمًا إياها كوسيلة لحماية الصناعات الوطنية وتعزيز الإيرادات الفيدرالية.
وقال ترامب خلال كلمته في بنسيلفانيا إن "لن يفلت أحد من الرسوم الجمركية بعد زيادتها"، في إشارة إلى شمول القرار لجميع الدول المصدرة للصلب والألمنيوم.
لكن قرارته الجمركية واجهت عراقيل قضائية، حيث قضت محكمتان ابتدائيتان هذا الأسبوع بأن بعض رسوم ترامب غير قانونية، وإن كانت لا تزال سارية المفعول إلى حين صدور حكم نهائي في جوهر القضية.
في كلمته ذاتها، أشاد ترامب بصفقة الشراكة المقترحة بين شركة "يو إس ستيل" الأمريكية ومنافستها اليابانية "نيبون ستيل"، والتي أعلن عنها في أواخر عام 2023 بقيمة تصل إلى 14.9 مليار دولار.
وقال الرئيس الأمريكي: "الأهم أن يو إس ستيل ستبقى تحت سيطرة الولايات المتحدة، وإلا لما أبرمت هذا الاتفاق".
وأكد أن "نيبون ستيل" تعهدت بضخ استثمارات تبلغ 14 مليار دولار في مستقبل الشركة الأمريكية، مع وعد بالحفاظ على مقرها الرئيسي في مدينة بيتسبرغ، وتوفير ما لا يقل عن 70 ألف وظيفة جديدة.
وأثناء عودته إلى واشنطن، صرح ترامب للصحفيين بأن الاتفاق النهائي لا يزال قيد المراجعة، مشيرًا إلى أنه "يتحتم عليه المصادقة عليه رسميًا"، لكنه تلقى "التزامات ضخمة جدًا" من الجانب الياباني.
رغم الترحيب الرسمي بالاتفاق، أعربت نقابة "يونايتد ستيل ووركرز"، التي تمثل آلاف العمال في صناعة الصلب، عن قلقها من الصفقة.
وفي بيان رسمي، قالت النقابة: "من السهل إصدار بيانات صحافية والإدلاء بخطابات سياسية. لكن من الصعب الحصول على تعهدات ملزمة. الشيطان يكمن دائمًا في التفاصيل، وهذا يصحّ بشكل خاص بالنسبة لطرف سيء مثل نيبون ستيل".
وأكدت النقابة أنه لم تتم استشارتها أو إطلاعها على تفاصيل الصفقة، ما أثار شكوكًا حول مدى التزام الطرف الياباني بحماية الوظائف وضمان السيادة الأمريكية على الشركة.
مع تصعيد ترامب لسياسته الحمائية عبر مضاعفة الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم، تدخل الولايات المتحدة مرحلة جديدة من المواجهات الاقتصادية مع حلفائها التجاريين، وفي مقدمتهم الاتحاد الأوروبي. وفيما تسعى الإدارة الأمريكية إلى ترسيخ "السيادة الاقتصادية" عبر الصفقات والاستثمارات، تواجه تحديات داخلية من القضاء ومن النقابات العمالية المشككة. وتبقى بنسيلفانيا، الولاية الصناعية المحورية انتخابيًا، في قلب هذا التفاعل بين السياسات الاقتصادية والطموحات السياسية للرئيس العائد إلى البيت الأبيض.