في الذكرى التاسعة لرحيل د. أحمد الحوراني
تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT
#سواليف
في #الذكرى_التاسعة لرحيل د. #أحمد_الحوراني
كتب : أحمد العنبوسي
مع أمطار الخير وفي ذكرى رحيل الأسطورة المؤسس د. أحمد الحوراني ” أبا ماهر” ، يمرّ يوم 11 كانون الثاني من كل عام حاملا معه حزناً وفخراً … حزناً لفراقه جسداً في مثل هذا اليوم ، وفخرا بما أنجز، وبما تعاظم من إنجازات في الصروح العلمية والاقتصادية من بعده بفضل خلفه الصالح الدكتور ماهر والأستاذ عمر وأخواتهما وأم ماهر… فكانوا خير من يكملون المسيرة ويبقون على السيرة العطرة للمرحوم ويعاظمون الإنجازات.
لقد أوفيت الرسالة يا “أبا ماهر”..وسلمت دفة السفينة لمن هم خيرة الربان .. وعلى نهجك وطريقك هم سائرون .
إهنأ روحاً ونم قرير العين في جنات الخلود … فها هي جامعة عمان الأهلية التي تهمس باسمك في كل جنباتها مع إشراقة كل صباح… قد تعملقت وأصبحت تنافس كبرى الجامعات في المنطقة والعالم.
فالربّان د.ماهر وأخاه عمر قادا السفينة من بعدك باقتدار وحكمة وعطاء، حيث احتلت جامعة عمان الأهلية مقعدها الذي تستحق في التصنيفات والمعايير العربية والعالمية .
كما أن حضور وتميّز وعطاء الجامعة قد وصل لكافة القطاعات الأكاديمية والطلابية والإقتصادية والثقافية والرياضية والإعلامية والإجتماعية.
لقد انطلقت الجامعة انطلاقة جديدة حداثيّة … وأصبحت ليس فقط أول جامعة خاصة في الأردن والمنطقة (كما أسستها) بل أيضا أول جامعة في الكثير من التراتيب والمراكز والتصنيفات المتقدمة محليا وعربيا وعالميا .
أيضاً مدارس الجامعة التي كانت قصتها معك منذ البداية، قد قطعت شوطاً بعيداً في التميز والإنجاز … وكذلك كافة الشركات الاقتصادية المنضوية تحت لواء الشركة الأردنية المتحدة للاستثمار (مجموعة الحوراني).
لقد قاد الدكتور الماهر وأخاه عمر المسيرة رغم الصعوبات والامواج العاتية.. ومازالا يبحران باقتدار في بحر الإنجاز والعطاء والابداع .
إنها حكايتك … وحلمك.. الذي أوجدته وأسسته … ازدادت شموخاً وعطاء.. أتعرف لماذا؟ لأنه كان لك هذا الخلف الذي عاظم الإنجازات وصنع المعجزات.
نم قرير العين، فان أبناؤك اليوم على العهد ماضون، على درب نجاحك يسيرون واثقون الخطى، محافظون على مجدك، معززون لانجازاتك.
وبالمناسبة ها هو احمد نجل الدكتور ماهر واحمد نجل الاستاذ عمر قد انهيا الدراسات العليا واصبحا مهندسين يساهمان بعطائهما في الجامعة وفي شركات المجموعة.
لا تعتب علينا أننا لم نكتب في ذكراك كل عام.. لأننا نذكرك في كل يوم وكل مناسبة وكل إنجاز..
كلّا يا “أبتاه” كلّا ….. لن ينسّينا الغياب
نابضٌ ما زلت فينا ….. عالياً دوماً مُهاب
كيف ننسى من لجيلٍ ….. كان بدراً لا يُناب
ما غاب عنا من نحس بنبضه فينا ونرى بأعيننا أثره وانجازاته..فالغائبون حقا هم من نراهم بأعيننا ( وربما كل يوم ) ولكنهم لا يتركون أي أثر فينا!!
فهنيئاً لروحك الطاهرة في ذكراك وفي كل يوم.. ولك الرحمة يا أبا ماهر، والجنة مثواك بإذن الله.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف الذكرى التاسعة أحمد الحوراني
إقرأ أيضاً:
د. أحمد ماهر أبو رحيل يكتب: ثورة 30 يونيو وعوامل "الدولة الأمة"
تشير شواهد السنوات الماضية، التي تفككت خلالها العديد من الدول في الشرق الأوسط، بل وانهارت هذه الدول وأصبحت دويلات طبقًا للنزعة الدينية أو العرقية أو الإثنية أو الجهوية، إلى أن هناك أزمة حادة في طبيعة وتركيبة هذه الدول، كما أن هذه الدول تعاني من نقص شديد في عوامل وجود (الدولة ـــ الأمة).
وبداية يجب الإشارة إلى مفاهيم (الدولة - الأمة - الدولة الأمة):
حيث يشير مصطلح (الأمة) إلى جماعة بشرية تشترك في عناصر ثقافية أو لغوية أو دينية أو تاريخية، وقد لا تتطابق بالضرورة مع حدود الدولة، كما تشتمل على مجموعة من الخصائص منها اللغة المشتركة والانتماء الثقافي أو الديني أو العرقي، والهوية الجماعية المشتركة، أو الطموح المشترك، مثل الاستقلال أو الوحدة أو النهضة.
أما مصطلح (الدولة) فيشير إلى كيان سياسي يتمتع بالسيادة على إقليم جغرافي محدد، ويضم مجموعة من السكان الذين يخضعون لسلطة سياسية مركزية، وقد تطور مفهوم الدولة عبر العصور، من دول المدن القديمة إلى الدول المدنية الحديثة.
بينما يشير مصطلح (الدولة الأمة) إلى منطقة جغرافية تستمد شرعيتها السياسية من تمثيلها أمة أو قومية مستقلة وذات سيادة، وبينما الدولة هي كيان سياسي وجيوسياسي، والأمة هي كيان ثقافي وإثني، فإن مصطلح «الدولة الأمة» يفيد التقاء وتوافق السياسي والجيوسياسي مع الثقافي والإثني معًا، حيث تتطابق حدود الدولة مع حدود الأمة.
وبالنظر إلى واقع منطقة الشرق الأوسط، لا يزال خطر التفكك والانهيار يطال عددًا آخر من الدول التي يعد بعضها من "أقوى دول المنطقة" استنادًا لمعايير القوة المادية؛ حيث تعاني الدولة في منطقة الشرق الأوسط بوجه عام من أزمة تكامل قومي حادة نتجت عن عاملين أساسيين: أولهما، الطبيعة المصطنعة التي كرستها عمليات ترسيم الحدود عبر المنطقة منذ ثمانينيات القرن التاسع عشر؛ وثانيهما، فشل مشروع تأسيس "الدولة - الأمة" (Nation state)، في ظل الطبيعة الإقصائية التي ميزت دولة ما بعد الاستقلال عبر المنطقة.
والحقيقة أن هذين السببين هما نتيجة اتفاقية "سايكس بيكو"، حيث وقعت اتفاقية سايكس بيكو السرية بين فرنسا وبريطانيا على اقتسام تركة "الدولة العثمانية" على الأراضي العربية الواقعة شرقي المتوسط عام 1916م، ولم يعرف العرب شيئًا عن الاتفاقية إلى أن نشرت الحكومة البلشفية في روسيا نصوصها أواخر عام 1917م، حيث رسمت الاتفاقية "خطًّا في الرمال"، هذا الخط قسم الشرق الأوسط على خرائط وقسّم معه النسيج القبلي والعشائري والانتماءات الدينية.
وبالتمحيص والتدقيق في حالة (مصر)، نجد أنها كانت استثناءً من تلك الطبيعة المصطنعة للدولة في الشرق الأوسط، حيث توافر لمصر من عوامل التكامل القومي والمجتمعي ما تطور طبيعيًا عبر التاريخ، مما أتاح لها أن تكون نموذج "الدولة الأمة" الوحيد عبر هذه المنطقة.
حيث إن المخزون التاريخي لـ("الدولة – الأمة") في مصر لا يزال قويًا وحاكمًا للأسباب الآتية:
أولًا: نموذج تنموي مشترك وواحد وهو "الزراعة تاريخيًّا":حيث نشأ المجتمع المصري، عبر هجرات بشرية متتالية ومتنوعة، مرتبطًا بنهر النيل الذي وفر مورد الحياة الرئيسي طوال قرون طويلة وممتدة، لهذه المجموعات البشرية كافة.
ثانيًا: مصلحة مشتركة:تنظيم مياه النهر وإدارتها مصلحة يشترك فيها من أقام على ضفتيه، والذين امتهن أغلبهم النشاط الزراعي تاريخًا ممتدًّا، حيث لم يكن ممكنًا لأي جماعة أن تنعزل عن مسؤوليات التنظيم والإدارة.
ثالثًا: ثقافة مشتركة:اكتسب الجميع مع الوقت قيمًا وانتماءات مشتركة تجاوزت أي تباينات، هكذا نشأ في مصر مجتمع ذو طبيعة تعددية، لكنها تعددية انتظمت في لحمة وطنية واحدة، أسستها عبر تفاعل تاريخي هو الأطول في التاريخ الإنساني، هو حتمية التعايش المشترك، بالإضافة إلى عدم وجود تعدد ديني، كما توجد لغة واحدة عربية مشتركة، بالإضافة إلى جنس بشري واحد.
وهذه العوامل السابقة التي تم الإشارة إليها تؤكد على استمرار فاعلية قيم "الدولة الأمة" وحيويتها في مصر، كما تشير إلى قدرة المجتمع المصري قبل الدولة المصرية على مواجهة الإرهاب والتطرف، ونبذ العنف، والدعوة إلى التعايش السلمي، ونشر الخير والرخاء؛ وهذا اتضح جليًّا في ثورة الثلاثين من يونيو 2013م، حيث رفض المجتمع المصري الحكم الفاشي لجماعة الإخوان، التي تستند إلى أسس دينية شكلية، والدين بريء منهم ومن أفعالهم، حيث واجه المجتمع المصري محاولات اختراق عديدة لتركيبته منذ منتصف سبعينات القرن العشرين ونهاية الثمانينيات والتسعينيات، وانتهاءً بأحداث ثورة الثلاثين من يونيو 2013م، حيث شهدت مصر خلالها موجة عنيفة من الإرهاب والتطرف، ومحاولة تقسيم المجتمع المصري على أساس ديني، حيث تُعد هذه المرحلة من أخطر المراحل التي مرت على تاريخ مصر، حيث كادت الدولة أن تتحول إلى ساحة للحرب والقتال، وشهد المجتمع محاولات للتقسيم والانتماءات الدينية والعرقية والجهوية والقبلية، وانقسم المجتمع المصري على نفسه إلى فريق مؤيد للدولة وفريق معارض، إلا أنه بفضل الله أولًا، ثم بفضل المؤسسات الوطنية للدولة، وبفضل طبيعة وتركيبة المجتمع المصري، تم تجاوز هذه المرحلة من تاريخ البلاد، وتم استرجاع الدولة المصرية إلى الأمة المصرية.
وفي النهاية، يجب الانتباه إلى أن الجزء الأكبر من عوامل وجود "الدولة الأمة" في مصر، التي أسست لوجودها وتكاملها، بدأت تتعرض للهجوم الشديد والتآكل بفعل تطورات التكنولوجيا والعولمة من جانب، وعدم وجود نموذج تنموي شامل يستفيد منه جميع الفئات في المجتمع دون تمييز من جانب آخر، وهو ما دعا القيادة السياسية إلى تبني مفهوم "الجمهورية الجديدة" لكي تكون نموذجًا تنمويًّا شاملًا يستفيد منه الجميع، ورفع شعار "مصر للجميع دون تمييز".
حفظ الله مصر. حفظ الله "الدولة الأمة".