ليتوانيا تتحدى موسكو من بوابة كالينينغراد والكرملين يصنفها دولة عدوة
تاريخ النشر: 13th, January 2025 GMT
موسكو- تسبّبت تصريحات رئيس ليتوانيا غيتاناس نوسيدا بخصوص ملكية مقاطعة كالينينغراد الروسية في عاصفة من التصريحات الحادة من جانب المسؤولين الروس، وسط حديث بأن الأمر يحمل في طياته ملامح مرحلة جديدة من التصعيد بين البلدين.
وكان نوسيدا صرح بأن كالينينغراد تاريخيا هي "مدينة ليتوانية ويجب أن تحمل اسما يتناسب مع هويتها".
وليتوانيا الصغرى التي يتحدث عنها الرئيس نوسيدا هي منطقة إثنوغرافية في بروسيا كان يعيش فيها الليتوانيون البروسيون.
وتصريحات نوسيدا رد عليها السكرتير الصحفي للكرملين، دميتري بيسكوف، قائلا إن ليتوانيا دولة غير صديقة لروسيا ومعادية لها ولديها مطالبات إقليمية، مضيفًا أن كلام الرئيس الليتواني يؤكد صحة الهواجس الروسية ويبرر بشكل كامل التدابير الأمنية التي اتخذتها موسكو.
أما المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا، فوصفت نوسيدا بأنه "أحمق من الورق المقوى"، ونصحت السياسيين الليتوانيين بدراسة التاريخ والاهتمام بمراعاة حقوق الإنسان في بلادهم، حسب تعبيرها.
إعلان خلفية تاريخيةوكان الجيش الأحمر السوفياتي حرّر كونيغسبيرغ (كالينينغراد حاليا) في أبريل/نيسان 1945، وبعد الحرب، ووفقا لقرارات مؤتمري "يالطا" و"بوتسدام" في العام نفسه، تم ضم المدينة والأراضي المجاورة لبروسيا الشرقية إلى الاتحاد السوفياتي، قبل أن يتم تغيير اسمها إلى كالينينغراد.
بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، أصبحت المنطقة جيبا (منطقة بلا سيادة منفصلة عن الإقليم الرئيس للدولة ومحاطة بدول أخرى) لكنها احتفظت بأهميتها الجيوسياسية وهي متصلة بروسيا عن طريق البحر.
وتحدها من الشمال والشرق ليتوانيا، ومن الجنوب بولندا وتطل على بحر البلطيق، وهي تاريخيا جزء من بروسيا الشرقية، الأراضي التي غزاها في القرن الـ13 فرسان النظام التوتوني عام 1255.
استعمر الألمان هذه المنطقة وأصبحت جزءا من مملكة بروسيا، التي أصبحت مركز توحيد ألمانيا في القرن الـ18.
بعد خسارة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، تم التنازل عن بروسيا الغربية لبولندا. وكان الطلب بضمان حرية العبور لمواطني الرايخ الثالث إلى كونيغسبيرج عبر ما يسمى "ممر دانزيغ" هو الذريعة الرسمية لبدء الحرب العالمية الثانية.
بعد هزيمة ألمانيا النازية في هذه الحرب، انتقلت كونيغسبيرغ والمنطقة المحيطة بها، إلى الاتحاد السوفياتي. ولكن مع انهياره وجدت روسيا نفسها منفصلة عن موقعها الغربي عبر حدود ليتوانيا وبيلاروسيا.
علاوة على ذلك، تقع هنا القاعدة الرئيسية لأسطول البلطيق الروسي. ولهذا السبب، أعلن الرئيس الروسي أن "حل القضية حول مقاطعة كالينينغراد سيحدد كيفية تطور العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي."
ويأتي التوتر الأخير بين روسيا من جهة، وليتوانيا وبقية دول البلطيق من جهة أخرى، في أكثر مرحل العلاقات السياسية تعقيدًا، فدول البلطيق هي الوحيدة التي رفضت الحزمة الأخيرة من العقوبات الأوروبية ضد روسيا باعتبارها "لينة" للغاية، مطالبة بعدم ترك ثغرة واحدة للشركات الغربية للالتفاف على القيود.
يقول محلل الشؤون الدولية دميتري كيم إن الرئيس الليتواني تسرع في إطلاق هذه التصريحات ويبدو أنه لا يدرك عواقبها.
إعلانويوضح في تعليق للجزيرة نت أن التصريحات تحمل في مضمونها دعوات لمراجعة نتائج الحرب العالمية الثانية، مضيفًا أن السير وفق هذا المنطق يعني أن منطقة البلطيق بأكملها يجب أن تعود إلى روسيا، كما كانت قبل الثورة (البلشفية)، بوصفها مناطق كانت تابعة للإمبراطورية الروسية منذ عام 1795.
ولفت إلى أن تصريح الرئيس الليتواني بأن كالينينغراد هي مدينة ليتوانية تاريخيا يمكن اعتباره تنفيذا لـ"طلب سياسي" من الدول الغربية لفتح جبهة توتر جديدة مع روسيا.
وفي هذا السياق، أشار إلى أنه إذا تواصلت الضغوط على كالينينغراد (الواقعة بين بولندا وليتوانيا)، فستصبح المنطقة الأكثر عرضة للخطر في حرب العقوبات ضد روسيا، والتي أدت بدورها لتدمير نظام تشغيل المنطقة الاقتصادية الخاصة المعفاة من الرسوم الجمركية، بعد أن سمح منذ عام 1996 لمؤسسات المقاطعة بكسب المال عن طريق تجميع المنتجات من مكونات أجنبية وبيعها في السوق الروسية.
أما المختص في الشؤون الأوروبية أندريه كامكين، فيذهب أبعد من ذلك، ويرى أن ألمانيا وبولندا وليتوانيا تستعد لاستفزازات ضد منطقة كالينينغراد خلال العام الحالي، مشيرا إلى أن هذه الدول ستقوم بذلك عن طريق منع السفن الروسية من دخول خليج فنلندا.
وبرأيه، فإن تواتر التصريحات البولندية والليتوانية التي تعتبر مقاطعة كالينينغراد جزءا من أراضيها قد تكون مقدمة لاستفزازات لاحقة من دول حلف شمال الأطلسي (ناتو)، تتضمن كذلك محاولة منع النقل البري إلى المقاطعة.
ولفت إلى أن حلف الناتو سيجري عام 2025 سلسلة من التدريبات في هذه المنطقة، ستشمل نشر لواء كامل من الجيش الألماني في ليتوانيا، متوقعا أن يكون الوضع في منطقة البلطيق هذا العام متوترا ويهدد بصراع دبلوماسي صعب بين روسيا والاتحاد الأوروبي، خاصة مع ليتوانيا، ولربما يتطور إلى صدام عسكري.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات مقاطعة کالینینغراد الرئیس اللیتوانی إلى أن
إقرأ أيضاً:
روسيا تطالب بموقف أوكراني واضح وكييف تتهم موسكو بمحاولة «كسب الوقت»
عبدالله أبوضيف (موسكو، كييف، القاهرة)
أخبار ذات صلةقالت روسيا، أمس، إنه يتعين على أوكرانيا أن تقرر ما إذا كانت ستتعاون في وضع مذكرة تفاهم قبل اتفاق سلام مستقبلي محتمل ناقشته موسكو مع الولايات المتحدة، في وقت اتهمت أوكرانيا الجانب الروسي بالعمل على «كسب الوقت» لمواصلة الحرب. وعبّر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عن استعداد بلاده للعمل مع أوكرانيا بشأن مذكرة تفاهم للتوصل لاتفاق سلام مستقبلي، مشيراً إلى أن الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في أوكرانيا تسير على النهج الصحيح.
وتأتي تصريحات بوتين بعد الاتصال الهاتفي الذي جرى بينه وبين نظيره الأميركي دونالد ترامب، أول أمس (الاثنين)، وبعد لقاء بين مسؤولين روس وأوكرانيين في إسطنبول، الجمعة، في أول محادثات مباشرة بين الطرفين منذ اندلاع النزاع قبل أكثر من ثلاث سنوات، وإن أخفقوا في التوصل لهدنة.
وأشار بوتين في تصريحاته، أمس، إلى أن المناقشات المتعلقة بمذكرة التفاهم المطلوبة ستشمل مبادئ تسوية وتوقيت وتعريفات وقف إطلاق نار محتمل، بما في ذلك إطاره الزمني.
وعبّرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، للصحفيين، عن أملها في أن تتخذ أوكرانيا موقفاً «بناءً» فيما يتعلق بالمحادثات المحتملة حول المذكرة المقترحة من أجل «الحفاظ على مصالحها الخاصة». وقالت زاخاروفا : «حالياً.. الكرة في ملعب كييف»، مضيفة أنها «لحظة مهمة»، قبل أن تشير إلى أن حلفاء كييف الأوروبيين حاولوا عرقلة استئناف المحادثات المباشرة بعد أن اقترحها بوتين، إلا أن محاولتهم باءت بالفشل.
من جهته، اتهم الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الجانب الروسي بالعمل على «كسب الوقت» لمواصلة الحرب ضد كييف، غداةَ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الطرفين سيجريان مفاوضات مباشرة عقب تواصله هاتفياً مع نظيريه الروسي والأوكراني، وقال زيلينسكي إن «أوكرانيا مستعدة لأي صيغة تفاوضية تحقق نتائج، وإذا استمرت روسيا في طرح شروط غير واقعية وتقويض التقدم، فلا بد من عواقب وخيمة».
وفي سياق الأزمة الأوكرانية والجهود الرامية لحلها، شدد محللون وخبراء على أهمية المحادثة الهاتفية التي جرت بين الرئيسين الأميركي والروسي، واعتبروها «دفعة قوية» لمفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا.
وأكد هولاء في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن المحادثة الرئاسية تعكس محاولة جادة لإعادة فتح قنوات التواصل السياسي بين الجانبين الروسي والأوكراني بعد سنوات من الجمود، مشددين على أن أي اختراق حقيقي يتطلب تنازلات صعبة من جميع الأطراف، مشيدين بالجهود التي قادها الرئيس ترامب، منذ عودته إلى البيت الأبيض، مما أسهم في كسر حالة الجمود، وفي تحقيق هدنة إنسانية صغيرة، وهي نقطة بالغة الأهمية، إذ تؤدي في النهاية إلى وقف الحرب.
وأوضح المحلل السياسي الأوكراني، إيفان أس، أن جهود ترامب يجب أن تكون في سياق واضح يشير إلى إنهاء الحرب والمعاناة الإنسانية التي تعيشها ملايين الأسر من الجانبين، إضافة إلى استعادة الأسرى بشكل أولي، ووقف استهداف المنشآت المدنية، والعمل على تشكيل لجان من الجانبين بهدف حل النقاط العالقة.
وذكر أس، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن عدم الأخذ في الاعتبار المواقف الأوكرانية الرافضة للتنازل عن أراضي واسعة لصالح موسكو، حتى ولو كانت الأخيرة قد نجحت في السيطرة عليها، سيؤدي إلى جمود المفاوضات.
من جانبه، شدد مدير عام مجلس الشؤون الدولية الروسي، أندريه كورتنوف، على أن المكالمة بين الرئيسين ترامب وبوتين تشير إلى وجود محاولة لإعادة فتح قنوات التواصل السياسي بشأن الحرب في أوكرانيا، وعقد تواصل مباشر بين الجانبين الروسي والأوكراني بعد سنوات من الجمود، وميل الجانب الأميركي لطرف على حساب الآخر.
وذكر كورتنوف، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الرئيس ترامب قد يكون مستعداً لمناقشة بعض المطالب الأساسية لروسيا، مثل حياد أوكرانيا وتثبيت الوضع الإقليمي كما هو عليه الآن، موضحاً أن أي تحرك في هذا الاتجاه سيصطدم برفض شبه مؤكد من الجانب الأوكراني، بالإضافة إلى أن الدول الأوروبية لن تقبل بصيغة تتضمن «مكافأة» لموسكو.
المحادثات الثنائية بقيادة ترامب أسهمت في كسر الجمود
ويرى فولوديمير شوماكوف، المحافظ السابق لمقاطعة خيرسون، أن أي حديث عن صفقة سياسية محتملة بين ترامب وبوتين يجب أن يقابل بالحذر، لأن كييف لن تقبل بأي تسوية تُبقي الأراضي الأوكرانية تحت السيطرة الروسية. وأكد شوماكوف، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن أوكرانيا تطالب بضمانات أمنية وتعويضات، وليس فقط انسحاباً روسياً، مشدداً على أن أي اتفاق يتم من دون التشاور مع القيادة الأوكرانية سيكون غير ذي أهمية كبيرة. ويوضح المحلل السياسي الروسي، فاديم كزلين، أنه رغم عدم الوصول إلى صيغة تفاهم واضحة تقضي بوقف الحرب الروسية الأوكرانية فإن المحادثات الثنائية التي قادها الرئيس ترامب، منذ عودته إلى البيت الأبيض، أسهمت بشكل كبير في كسر الجمود، وفي تحقيق هدنة إنسانية قصيرة، وهي نقطة بالغة الأهمية على طريق التوصل إلى وقف الحرب.
وأفاد كزلين، في تصريح لـ«الاتحاد»، بأن الطرفين غير راضيين عن الشروط الأميركية التي لا تبدو في صالح أي منهما، لكن مع الوقت قد تحدِث هذه المحادثات نوعاً من الخرق لهذا الجمود الذي تسبب فيه منذ البداية ميل الغرب إلى جانب واحد، ما أدى لتصاعد الأحداث بين روسيا وأوكرانيا، وانهيار جهود التفاوض والوصول إلى نقطة الحرب.